علي جمعة: لم نر قلة الأدب وسوءه إلا في عصر نكدٍ كهذا
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضة هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أن رسول الله قد ووصانا عليه الصلاة والسلام ألا نخاف إلا من رب الناس وألا نخاف من أحدٍ في العالمين وأن نبلغ دينه كما ارتضاه لنا.
وتابع جُمعة : أخرجنا الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة وذهبنا شرقًا وغربا حتى وصلنا في أقل من مائة عام إلى الأندلس ففتحناها وأزلنا ما بها من ظلمٍ وجبروت وإلى الهند فدخل الناس فيها في دين الله أفواجا من غير إكراه، ومن غير حملٍ لأحد على أن يترك هويته ولا لغته ولا ملبسه ولا مأكله ولا ثقافته، غزونا العالم بالخير بالمعروف.
وأضاف: وبذل علماء المسلمين الجهد الكبير فرأيناهم قد وضعوا المنهج للتوثيق لتوثيق القرآن الكريم ولتوثيق السنة المشرفة ورأيناهم قد وضعوا الأدوات لفهم هذا الدين بلغةٍ عربيةٍ صحيحة فصيحة ورأيناهم قد استنبطوا الأحكام وناقشوا الأدلة بتنوعٍ وحرية وانطلاق ذهن ملأوا العالم خيرا، لم نسمع منهم أنهم يستبطنون السخرية من الأئمة الأعلام ولا من مصادر الشريعة الغراء، لم نسمع منهم إلا أنهم احترموا العلم والعلماء واحترموا صحابة رسول الله ﷺ وكان أحدهم في حرية ذهنه وفي استنباطه واجتهاده من المصادر الشرعية المرعية كان إذا خالف واحدًا من أكابر الصحابة قال: ذلك مبلغ علم عمر رضي الله تعالى عنه، ذلك مبلغ علم عائشة رضوان الله عليها، ذلك مبلغ علم عبد الله بن مسعود إلا أن عبد الله بن عباس قد خالفه يحتمي به.
وأشار جمعة إلى أنه لم نر قلة الأدب وسوءه وقلة الحياء إلا في عصر نكدٍ كهذا العصر الذي نعيش فيه، يشوشون على العقل كيفية التفكير المستقيم، ثم بعد ذلك رمتني بدائها وانسلت.
واستطرد جُمعة أن هؤلاء العلماء الذين عاشوا يدافعون عن العقلية العلمية وعن المنطق في أجلى صوره ، يُتهمون بعد ذلك بأنهم لا يعرفون العقل ، ولذلك كلمناهم وناقشناهم أتعرفون العقل أنتم؟ وما العقل؟ العقل عرفوه بأنه نور إلهي يلقيه الله - سبحانه وتعالى - في قلب الإنسان، ونتساءل هل تشعرون أيها الفسقة الفجرة بنورٍ في قلوبكم؟ يضحكون ويسخرون ويسألون: وما هذا النور؟ إذا كان الله - سبحانه وتعالى - قد حرمك من نور العقل، ولم تشعر بحلاوة الإيمان فعلاما تجادل ومن تجادل؟ إن الله - سبحانه وتعالى - قد حجبك عن الحق وحجبك عن الأنوار ولم يكشف لك الأسرار فمن أنت؟ أنت تحولت إلى ما لا يزيد عن اثنين من الجنيهات نشتري به موادك التي سيؤول إليها جسدك بعد أن خيبت نفسك بهذا الهراء، أما الذي ألقى الله في قلبه نورا فهو الإنسان المكرم الذي قد خرج من أسفل سافلين بالإيمان والعمل الصالح.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة علي جمعة عليه الصلاة والسلام رسول الله ج معة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الكذب حرام والتلبيس أشد منه لانه من الكبائر
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الكذب حرام، والكذب من الأفعال البشرية الشائعة التي حرمها الله في كل دين، ولذلك كانت من الوضوح بمكان؛ بحيث إن التذكير بها، هو تذكير بالمتفق عليه، لكن النفس تحتاج إلى الذكرى من حين إلى آخر.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن التلبيس هو صفة تعد كبيرة من الكبائر؛ لأنها تمنع أساسا من أسس الاجتماع البشري، وهو التفاهم المبني أساسا على الفهم، والفهم حتى يكون صحيحا يجب أن يكون صورة صحيحة للواقع، فإذا قام أحدهم بموجب ظاهرة صوتية يتكلم كلاما يخلط فيه الحق بالباطل، فإن هذا هو التلبيس بعينه، الذي يعطل الفهم، فيعطل التفاهم، فيعطل بعد ذلك البحث عن مشترك بين البشر، فيعطل مع هذا الاتفاق والائتلاف، ويدعو إلى النفاق والاختلاف، قال تعالى : ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران :71].
وأشار إلى أن من مظاهر تلبيس الحق بالباطل ذكر بعض الحقائق، وحذف بعضها الآخر بما يوجب أن يصل المعنى إلى السامع أو المتلقي على غير مراد المتكلم أو الكاتب، واجتزاء قبيح، له صور مختلفة، وضربوا له أمثالا منها اقتصار بعضهم وهو يتلو القرآن على وقف قبيح، كما لو قال : قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ﴾ [النساء :43] والحقيقة أن النسبة لم تتم؛ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء :43]. أو يقول : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون :4]
والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. ففي الآية الأولى اكتفى بالنسبة الظاهرية، فحول الكلام إلى نهي عن الصلاة ولم ينظر إلى النسبة الحقيقية التي تنهى المصلي أن يصلي مع غياب عقله، والتي عللت لذلك بوجود علمه بما يقول حتى تحقق الصلاة غاياتها من كونها صلة بين العبد وربه، وفي الثانية حذف الصفة التي هي قيد في المسألة، ومع كثرة القيود يقل الموجود، فالويل إنما هو لمصل خاص يستهين بالصلاة ويتركها، ويجعلها في هامش حياته، لا في أساسها ولا في برنامجه اليومي كما هو شأن المسلمين الملتزمين بالإسلام.
ومنسوب إلى أبي نواس بيت من الشعر قد يكون قد حاول فيه أن يبرر لنفسه معصيته بما اشتهر عنه من مجون وحب لشرب الخمر : ما قال ربك ويل للأولى سكروا ** ولكن قال ويل للمصلين.
وهذا نوع من أنواع تداعي التلبيس الذي نهينا عنه.