أدى أئمة وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 11 أكتوبر 2024م بعنوان : رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا .. السماحة في البيع والشراء وسائر المعاملات».

رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا

وقال الشيخ محمد وحيد خطيب الجمعة بالأوقاف اليوم، من مسجد مجمع الشهداء بمحافظة الإسماعيلية، تحت عنوان : «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا .

. السماحة في البيع والشراء وسائر المعاملات»، إن الطائع لله عزيز ولو كان فقيرًا معدمًا، والعاصي لله ذليل ولو كان ملكًا متوجا، يقول الحق جل وعلا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)» سورة آل عمران.

وتابع خطيب الجمعة بالأوقاف، إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا الأخلاق وقال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وديننا دين الأخلاق.

وأشار خطيب الجمعة بالأوقاف إلى سماحة في البيع والشراء أخبر المولى عزوجل فأمر المؤمنين بما أمر بها المرسلين فقال: «يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ» ، موضحًا قول الحق جل وعلا في الربا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280)».

خطيب الجمعة بالأوقاف: دعوة البائع للتسامح تستهدف نشر الود والتراحم بين الناس خطيب الجمعة: هنيئا للتاجر المؤمن المتصل بربه هذا الدعاء النبوي السماحة في البيع والشراء

كما قال الشيخ محمد وحيد، إن التاجر المؤمن المتصل بربه أفضل من غيره ممن لا يعرف شرائع دينه؛ موضحًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثنا على محمل الخبر أو الدعاء من حديث جابر بن عبدالله: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى».

وتابع خطيب الجمعة بالأوقاف: هنيء عيش لمن أدركته رحمة الله بدعاء رسول الله صلى الله عليه، سماحة الدين في لينه وعدم الغضاضة أو التشدد، بهذا أخبر الحبيب المصطفى.

وأضاف خطيب الأوقاف: كان لسيدنا جابر أروع المثل وقدوة حينما كان في غزوة ذات الرقاع يقول: «خَرَجْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في غَزَاةٍ، فأبْطَأَ بي جَمَلِي، فأتَى عَلَيَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لِي: يا جَابِرُ، قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: ما شَأْنُكَ؟ قُلتُ: أَبْطَأَ بي جَمَلِي، وَأَعْيَا فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ فَحَجَنَهُ بمِحْجَنِهِ، ثُمَّ قالَ: ارْكَبْ، فَرَكِبْتُ، فَلقَدْ رَأَيْتُنِي أَكُفُّهُ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَتَزَوَّجْتَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فَقالَ: أَبِكْرًا، أَمْ ثَيِّبًا؟ فَقُلتُ: بَلْ ثَيِّبٌ، قالَ: فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ قُلتُ: إنَّ لي أَخَوَاتٍ، فأحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ، وَتَمْشُطُهُنَّ، وَتَقُومُ عليهنَّ، قالَ: أَما إنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الكَيْسَ، ثُمَّ قالَ: أَتَبِيعُ جَمَلَكَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَقَدِمْتُ بالغَدَاةِ، فَجِئْتُ المَسْجِدَ، فَوَجَدْتُهُ علَى بَابِ المَسْجِدِ، فَقالَ: الآنَ حِينَ قَدِمْتَ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فَدَعْ جَمَلَكَ، وَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، قالَ: فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فأمَرَ بلَالًا أَنْ يَزِنَ لي أُوقِيَّةً، فَوَزَنَ لي بلَالٌ، فأرْجَحَ في المِيزَانِ، قالَ: فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ، قالَ: ادْعُ لي جَابِرًا، فَدُعِيتُ، فَقُلتُ: الآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شيءٌ أَبْغَضَ إلَيَّ منه، فَقالَ: خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ».

دعوة البائع للتسامح هي دعوة للود وصلة الرحم

كما قال الشيخ محمد وحيد إمام وخطيب بمديرية أوقاف الإسماعيلية من أئمة قادة فكر، وفيها أكد أن مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَرْحَمَه اللهُ، وأَنْ يُظِلَّه اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، ومَنْ تَتُوقُ نَفْسُه إِلَى أَنْ يُدْخِلَه اللَّهُ الجَنَّةَ؛ فليكُنْ سَمْحًا فِي بَيْعِه، سَمْحًا فِي شِرَائه، سَمْحًا حِينَ اقْتضَائِه، لَيِّنًا، هَيِّنًا، رَفِيقًا، رَقِيقًا، لَا تُنَازِعْ، لَا تُشَاقِقْ، لَا تَغُشَّ، وَلَا تُخَادِعْ.

وأضاف: أَيُّهَا البَائِعُ، أَيُّهَا المُشْتَرِي، كُنْ سَمْحًا؛ فَإِنَّ المُتَأَمِّلَ فِي مَقَاصِدِ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي دِيننَا الـمُنِيرِ يَجِدُ أَنَّهُ دَعْوَةٌ لِلوُدِّ وَالصِّلَةِ والتَّرَاحُمِ، مَدْخَلٌ لِلمَحَبَّةِ وَالأُلْفَةِ وَالتَّعَارُفِ الجَمِيلِ بَيْنَ النَّاسِ، حِينَ يَتَسَامَحُونَ، وَيَتَبَاذَلُونَ، وتَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ وَتَرْضَى قُلُوبُهُمْ بَائِعِينَ وَمُشْتَرِينَ، لَا يَتَعَنَّتُونَ، وَلَا يَتَشَاحَحُونَ؛ فَتَتَأَصَّلُ بِذَلِكَ الأُخُوَّةُ الصَّادِقَةُ، وَتَتَكَوَّنُ الأُمَّةُ المُتَمَاسِكَةُ المتَرَابِطَةُ الَّتِي يَحْنُو فِيهَا الكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَالغَنِيُّ عَلَى الفَقِيرِ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطبة الجمعة اليوم وزارة الأوقاف السماحة في البيع والشراء الشيخ محمد وحيد مسجد مجمع الشهداء فی البیع علیه وسل

إقرأ أيضاً:

6 مواقف بكى فيها النبي محمد .. وسبب بكائه على أُمَّتِهِ

سجلت السُنة النبوية والسيرة الشريفة، مواقف بكى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزن ويفرح ويبكي، وبكى -صلى الله عليه وسلم- في حياته في أكثر من مناسبة، فقد بكى رحمة لأمته، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وقول عيسى عليه السلام: إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ». 

فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك، فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.

بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند موت عثمان بن مظعون، فعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّل عثمان بن مظعون وهو ميِّتٌ حتى رأيت الدموع تسيل. ولفظ الترمذي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبّل عثمانَ بن مظعون، وهو ميِّتٌ وهو يبكي، أو قال: عيناه تذرفان»

مواقف بكى فيها النبي

بكاؤه في الصلاة: عن عبدالله بن الشخير قال: «رأيت رسول الله يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء»، وفي رواية: «وفي صدره أزيز كأزيز المرجل»، وعن علي -رضي الله عنه- قال: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح».

عن عطاء بن أبي رباح رحمه الله قال: «دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزور، فقال: أقول يا أمَّه كما قال الأول: زُرْ غِبًّا تزددْ حبًّا، قال: فقالت: دعونا من رطانتكم هذه، قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله، قال: فسكتت، ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي، قال: «يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي»، قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرُّك، قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حجره، قالت: وكان جالسًا، فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، ثم بكى حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذِنُه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ» (آل عمران: 190).

دعاء المطر والرعد المستجاب.. «اللهم صيبا نافعا»أمين الفتوى: دعاء المظلوم لا يرد والأفضل يدعو للظالم بالهداية

بكاء النبي عند سماع القرآن:

عن عبدالله بن مسعود قال: «قال لي رسول الله: اقرأ عليَّ القرآن، قال: فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أُنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، رفعتُ رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي - فرأيتُ دموعه تسيل»، وفي رواية البخاري: حتى أتيتُ إلى هذه الآية: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، قال: حسبك الآن، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان».

وعن عمرو بن حريث قال: «قال النبي لعبدالله بن مسعود: اقرأ، قال: أقرأ وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، فاستعبر رسول الله، وكفَّ عبدالله، فقال له رسول الله: تكلم، فحمِد الله في أول كلامه، وأثنى على الله وصلى على النبي، وشهد شهادة الحق، وقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله، فقال رسول الله: رضيتُ لكم ما رضي لكم ابن أم عبد».

قال ابن بطال: "وإنما بكى عند هذا؛ لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن».

بكاؤ النبي على القبر:

عن أبي هريرة قال: زار النبي قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: «استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذِن لي، فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت»، وعن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: «يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا» هذا لفظ ابن ماجة.

وفي رواية أحمد: «بينما نحن مع رسول الله إذ بصر بجماعة، فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: أي إخواني، لمثل اليوم فأعدوا».

بكاء النبي لأجل أمته:

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «أن النبي تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: «رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسى عليه السلام: «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» [المائدة: 118]، فرفع يديه، وقال: اللهم أُمتي أمتي، وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسلْهُ: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله، فأخبره رسول الله بما قال، وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنُرضيك في أمتك ولا نسوؤك».

عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «ترد عليَّ أمتي الحوضَ، وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجلُ إبلَ الرجلِ عن إبله، قالوا: يا نبي الله، أتعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليَّ غُرًّا محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا رب، هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ وفي رواية: فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا».

بكاء النبي رقة وحمة:

عن أنس بن مالك قال: دخلنا مع رسول الله على أبي سيف القين، وكان ظِئرًا لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله إبراهيم، فقبَّله وشمَّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة»، ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخذ النبي بنتًا له تقضي، فاحتضنها، فوضعها بين ثدييه، فماتت وهي بين ثدييه، فصاحت أم أيمن، فقيل: أتبكي عند رسول الله؟ قالت: ألستُ أراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لستُ أبكي، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل».

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كان ابن لبعض بنات النبي يقضي، فأرسلت إليه أن يأتيها، فأرسل: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل إلى أجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب»، فأرسلت إليه فأقسمت عليه، فقام رسول الله، وقمت معه، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، فلما دخلنا ناولوا رسول الله الصبي، ونفسه تقعقع، فبكى رسول الله، فقال سعد بن عبادة: أتبكي؟ فقال: «إنما يرحم الله من عباده الرحماء».

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله يعوده مع عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشية، فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا، يا رسول الله، فبكى رسول الله، فلما رأى القوم بكاء رسول الله، بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم».

وعن أنس بن مالك قال: خطب النبي فقال: «أخذ الراية زيد فأُصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبدالله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففُتح له، وقال: ما يسرنا أنهم عندنا - أو قال: ما يسرهم أنهم عندنا - وعيناه تذرفان».

مواقف أخرى بكى فيها النبي:

عن ابن عباس رضي الله عنه عن عمر بن الخطاب: «.. فلما أسروا الأسارى - يعني في غزوة بدر - قال رسول الله لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكِّنَّا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان - نسيبًا لعمر - فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهَوِيَ رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدتُ بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله: أبكي للذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرِض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله - وأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67] إلى قوله: «فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا» [الأنفال: 69]، فأحل الله الغنيمة لهم».

مقالات مشابهة

  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • أذكار بعد العشاء يوم الجمعة.. 13 دعاء أوصى به النبي ردده الآن
  • 6 مواقف بكى فيها النبي محمد .. وسبب بكائه على أُمَّتِهِ
  • خطيب الجمعة بالأزهر: أعداء الأمة يعملون على محو هويتها العربية وطمس ملامحها
  • خطيب الجامع الأزهر: أكرم الله أمة العرب وجعل معجزة النبي بلسانها
  • خطيب البعوث الإسلامية: الأمة تمر بأحداث صعبة ستخرج منها أشد قوة
  • هدي النبوة.. خطيب المسجد النبوي: يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرا
  • مهمة الرسل.. خطيب المسجد الحرام: دعاة إلى الخير وهداة للبشر
  • الوطنية للصحافة تستضيف وزير الأوقاف.. الأزهري: صحافة مصر القومية قلاع وعي وحصون فكر عريقة.. وتغييرات بخطبة الجمعة الموحدة
  • إمام الحرم: حرص النبي على أمته بلغ الغاية في بيان الشريعة