مصر.. أحكام الإعدام في خدمة الأغراض السياسية
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام؛ مناسبة عالمية تتجدد كل عام في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر لأجل مناهضة عقوبة الإعدام على المستوى العالمي، وتكوين رأي عام لدعم الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام عالميا، وذلك منذ 22عاما، ويصادف هذا العام أيضا
الذكرى العشرين لدخول البروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع الظروف، حيز التنفيذ.
تأتي هذه المناسبة الدولية وما زالت مصر تتعمد إساءة استخدام واستعمال عقوبة الإعدام، وذلك بالإسهاب في إصدار القضاء لأحكام الإعدام بشكل عام، وبشكلٍ خاص في القضايا ذات الطابع السياسي منذ عام 2013، الأمر الذي ترتب عليه تسييس القضاء والإجراءات القضائية والقانونية المفروضة بطريقة غير منصفة ومنحازة للسلطة التنفيذية الحاكمة.
فصدرت خلال أحد عشر عاما أحكام إعدام عن القضاء المصري في قضايا ذات طابع سياسي، أُهدرت فيها حقوق الإنسان باسم حماية الدولة، فأصبحت عقوبة الإعدام في مصر تهدد حقوق الإنسان التي يتعين احترامها، أخصها الحق في الحياة.
صدرت خلال أحد عشر عاما أحكام إعدام عن القضاء المصري في قضايا ذات طابع سياسي، أُهدرت فيها حقوق الإنسان باسم حماية الدولة، فأصبحت عقوبة الإعدام في مصر تهدد حقوق الإنسان التي يتعين احترامها، أخصها الحق في الحياة
عقوبة الإعدام وتطبيقها في مصر زادا من ظاهرة عدم استقلال القضاء والقضاة، والمحاماة، بالإضافة لغياب ضمانات المحاكمة العادلة، فأحكام الإعدام في مصر غالبيتها تصدر عن قضاء استثنائي وغير طبيعي، وهو ما يعرف بدوائر الإرهاب أو القضاء العسكري، ومحاكم أمن الدولة العليا طوارئ.
والمحاكم العسكرية في مصر كان لها نصيب كبير في إصدار أحكام الإعدام، وهي محاكم استثنائيةٌ، مُكونة من عسكريين، للنظر والفصل في جرائمٍ أُحيلت لها من النيابة العامة أو من النيابة العسكرية. وقد تمت محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري، بموجب القرار بقانون رقم 136 لسنة 2014، والخاص بحماية المُنشآت العامة والحيوية، وتبعية الجرائم التي تتعلق بها إلى القضاء العسكري، وذلك بالمخالفة لنص المادة 204 من الدستور المصري 2014.
بالإضافة إلى الإخلال بحق الدفاع عن المتهمين في كثير من القضايا، مع عدم السماح للمحامين وتمكينهم من تقديم شهود نفي لكافة الاتهامات الموجهة إلى المتهمين، حيث تكتفي المحكمة بشهادة شهود الإثبات فقط، وهم غالبيتهم تابعون للسلطة التنفيذية.
واستمر القضاة في عدم الاستجابة لطلبات الدفاع، فيما يتعلق بالأدلة الفنية، وطلب ندب الخبراء المختصين، وعدم تمكين الدفاع من طلب التماس بإعادة نظر القضايا المحكوم فيها على مدنيين أمام القضاء العسكري.
ومن أسوأ ما تم أن ساحة المحكمة وقاعاتها المقدسة لم تعد تُعقد فيها جلسات القضايا السياسية، فتُعقد جلسات المحاكمة في مقرات تابعة لوزارة الداخلية (جهاز الشرطة)، إمَّا في مقر أكاديمية الشرطة أو داخل معهد أمناء الشرطة، أو داخل السجون كمجمع سجون بدر على سبيل المثال، وذلك منذ تموز/ يوليو 2013، الأمر الذي جعل الشرطة تتعامل مع المحامين بطريقةٍ مهينة في كثيرٍ من الأحيان، فضلا عن اعتقال عددٍ من المحامين تعسفا لتوليهم مهمة الدفاع عن المعتقلين السياسيين.
عقوبة الإعدام في مصر تُشكِل تهديدا لحق الإنسان في الحياة، ففي القانون المصري يوجد أكثر من 105 أفعال مُجرمة عقوبتها الإعدام، هذا التجريم فتح الباب أمام مزيد من أحكام الإعدام، وبالنظر إلى الجرائم التي يترتب عليها إنزال عقوبة الإعدام نجد أنها ليست دقيقة وقابلة للتأويل ممَّا يؤدي إلى التعسف في إصدار حكم الإعدام، وأسهب المشرّع المصري وتوسع في إنزال عقوبة الإعدام في جرائم لا تدخل في نطاق الجرائم الأشد خطورة.
وأما عن تنفيذ أحكام الإعدام، ففي الفترة من آذار/ مارس 2015 وحتى شباط/ فبراير 2019 تم تنفيذ حكم الإعدام في 52 شخصا في قضايا سياسية فقط، وذلك حسب ما وثقته مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان في تقاريرها على موقعها الرسمي، والذي وجدنا فيه إحصائية لتنفيذ أحكام الإعدام من عام 2019 إلى 2023، حسب ما أعلنت عنه مصلحة السجون المصرية من أنها نفذت الإعدام في 294 شخصا "ما بين سياسي وجنائي".
وأما عن الذين ينتظرون تنفيذ الإعدام بعد أن صدرت بحقهم أحكاما نهائية باتة واجبة النفاذ صادرة من قضاء غير طبيعي في قضايا ذات طابعٍ سياسي، فعددهم 115 مواطنا.
إن أحكام الإعدام الصادرة في القضايا السياسية التي صدرت خلال الأعوام التالية لأحداث الثالث من تموز/ يوليو 2013، تحتاج إلى نظرة إنسانية، فإذا لم يكن ما ذكرناه من مخالفات دستورية وقانونية مجديا، وما أشرنا له من غياب العدالة في المحاكمات كافيا لمراجعة تلك الأحكام، فلنحتكم إلى الضمير الإنساني، وتنحية الخصومات السياسية جانبا، وتغليب استقرار الأوطان والمجتمعات على الانتقام السياسي من الخصوم،
من قراءة أوراق القضايا الصادرة فيها أحكام بالإعدام، تجد أدلة البراءة تتجلى بوضوح لا غموض فيه، براءة لا شك فيها من كافة الجرائم وظاهرة بين سطور محاضر التحريات المكتبية غير المتسقة والتي تفوح منها رائحة الكذب البواح. براءة المحكوم عليهم بالإعدام لا تحتاج لدليل؛ لأن أدلة البراءة تفصح عن نفسها
ندعو إلى وقف تعذيب السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، حيث يتم حرمانهم من الزيارة والتواصل مع أهليهم، وحبسهم انفراديا في زنازين غير لائقة إنسانيا وقانونيا وتخالف القواعد الدنيا لمعاملة السجناء، وتعذيبهم بمنع الدواء والحرمان من الرعاية الصحية والطبية، فهناك سجناء محكوم عليهم بالإعدام ومتهمون بجرائم لم يقترفوها، تجاوزت أعمارهم الثمانين عاما ويعانون من أمراض مزمنة، هم في حاجة إلى معاملة خاصة، وهم ضحايا الأغراض السياسية.
من قراءة أوراق القضايا الصادرة فيها أحكام بالإعدام، تجد أدلة البراءة تتجلى بوضوح لا غموض فيه، براءة لا شك فيها من كافة الجرائم وظاهرة بين سطور محاضر التحريات المكتبية غير المتسقة والتي تفوح منها رائحة الكذب البواح. براءة المحكوم عليهم بالإعدام لا تحتاج لدليل؛ لأن أدلة البراءة تفصح عن نفسها من خلال شيوع الاتهام، وتناقض الدليل الفني، والخطأ الجسيم في تطبيق القانون، وفساد الاستدلال في الأحكام.
من يتحمل تلك الجريمة، جريمة إزهاق روح بريئة، والاعتداء على حق الحياة دون سند من قانون؟
إلى من لا زال لديهم علم بالقانون، ومن لديهم وعي بضرورة العدالة، لا بد من العمل على وقف وتعليق عقوبة الإعدام، تمهيدا لإلغاء تطبيقها، ووقف تنفيذ الأحكام النهائية الباتة الصادرة في القضايا السياسية بصفة خاصة، واستبدال عقوبة بديلة بها، وضرورة تفعيل حق الفرد في المثول أمام قاضيه الطبيعي، ووقف إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري أو الاستثنائي.
في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام نقول: لا للإعدام التعسفي في مصر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر القضاء حقوق الإنسان مصر حقوق الإنسان انتهاكات الاعدام القضاء مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عقوبة الإعدام فی القضاء العسکری علیهم بالإعدام الإعدام فی مصر أحکام الإعدام حقوق الإنسان الصادرة فی قضایا ذات فی قضایا
إقرأ أيضاً:
الفيلم المجري "يناير 2" يجسد الاختيارات الصعبة في الحياة ضمن "القاهرة السينمائي"
الرؤية- مدرين المكتومية
تتواصل عروض الأفلام السينمائية المختلفة ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 45.
ومن بين الأفلام التي تحمست لمشاهدتها على الرغم من عدم تشجيع الكثيرين لي لحضوره، إلا أنني قررت المجازفة وحضور الفيلم، وهو الفيلم المجري "يناير 2" الذي يشارك ضمن المسابقة الدولية في المهرجان، وهو فيلم روائي تدور أحداثه حول كلارا الفتاة التي تقرر في لحظة ترك زوجها ومنزلها والانتقال لمنزل آخر، والفتاة آجي التي تلعب دور صديقة كلارا والتي تساعدها في نقل أغراضها من منزلها بعد قرار الانفصال من زوجها.
في بداية الأمر وأنا أشاهد الفيلم شعرت بالكثير من الملل وأنا انتظر الحدث الذي يلي نقل الأغراض من المنزل للسيارة، حيث يتكرر لأكثر من أربع مرات وخمس مرات، وكذلك الحال عند إيصال الأغراض للمنزل الجديد، وكأن الفيلم متعلق فقط بتصوير مشاهد نقل الأغراض وبصورة مكررة، وبعد مرور الوقت وأنا أشاهد الفيلم تكتشف بأنك تشاهد قصة مختلفة، يكمن اختلافها في كل رحلة ما بين المنزل السابق للمنزل الجديد، ففي كل مرة وأثناء جولات التنقل التي تجاوزت السبع جولات بالسيارة ورغم أنهما يسلكان الطريق نفسه ذهابا وإيابا في كل مرة، إلا أن كل جولة تكون مختلفة؟ فكيف يكون الاختلاف؟
إن كل مرة هي قصة حول شيء معين وشكل معين وشخص بعينه وربما عن أنفسهما، كل منهما تكشف نفسها أمام الأخرى، وكل منهما لها حياتها المختلفة والتي ربما متناقضة شيئا ما، إلا أنها ملفتة ورائعة بالنسبة لهما، وفي النهاية هي تذهب لمكان لا تريد الذهاب إليه والأخرى تلحق بشخص لا تشعر أبد باهتمامه، وفي كل الأحوال، الفيلم بكل اختلافاته وتناقضاته إلا أن شيئا ما يجذبك نحوه، أو ربما هي الطبيعة البشرية التي تتقاسم مع بعضها البعض المواقف والظروف.
وتستمر فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي حتى 22 من نوفمبر الجاري بمشاركة 190 فلمآ من 72 دولة بالاضافة لحلقتين تلفزيونيتين وتشمل الفعاليات 16 عرضا للسجادة الحمراء و37 عرضا عالميا أول، و8 عروض دولية أولى و 119 عرضآ لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا