يشهد العراق ارتفاعا ملحوظا في أسعار العقارات، مما يشكل تحديا كبيرا أمام العراقيين، خاصة بعد سنوات من الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

ويُعزى هذا الارتفاع -وفق مراقبين- إلى عوامل عدة، أبرزها غسل الأموال وسوء التخطيط، وهي عوامل تتفاعل مع بعضها البعض لتفرز سوقا عقارية غير مستقرة وغير متوقعة.

العقارات وغسل الأموال

أكد قاضي محكمة تحقيق النزاهة وغسل الأموال إياد محسن ضمد في تصريحات صحفية سابقة أن العقارات أكثر القطاعات استهدافا بجرائم غسل الأموال.

وبيّن ضمد أنه "بسبب الرقابة الشديدة التي تفرضها الأنظمة المالية على المستويين المحلي والدولي على حركة الأموال وضرورة معرفة مصادرها قبل قبول إيداعها في المصارف أو إجراء الحوالات البنكية بخصوصها يلجأ مرتكبو الجرائم الأصلية إلى إتباع أساليب كثيرة تهدف إلى قطع صلة الأموال بالجريمة التي أنتجتها وإظهار الأموال القذرة وكأنها أموال مشروعة وناتجة عن مشاريع وأعمال قانونية".

ووصلت أسعار العقارات في بعض المناطق بالعاصمة بغداد إلى 20 ألف دولار للمتر الواحد، وفي مناطق أخرى تتراوح بين 3500 و14 ألف دولار للمتر الواحد كحد أدنى، بحسب إحصائية معلنة على صفحة شركة اليقين للعقارات والاستثمارات العامة على موقع فيسبوك.

وفي 18 أبريل/نيسان 2023 أعلن البنك المركزي العراقي قراره الإشراف على بيع العقارات عبر المصارف بالتنسيق مع دوائر التسجيل العقاري لمنع غسل الأموال.

وذكر البنك المركزي في بيان أن عملية بيع أي عقار تتجاوز قيمته 500 مليون دينار عراقي (378 ألف دولار) ستكون مشروطة بوضع الأموال في المصارف وإعطاء إشعار لدائرة التسجيل العقاري قبل البدء بمعاملة نقل الملكية.

ويقول الخبير المالي صفوان قصي في حديث للجزيرة نت إن هناك عددا كبيرا من المستثمرين في سوق العقارات قد دخلوا في إنشاء مدن متكاملة، بهدف تقليل حجم الطلب على هذه العقارات ونقل سوقها إلى سوق نظامي.

ومع ذلك، يشير قصي إلى أن الفترة السابقة شهدت وجود أموال كبيرة لدى تجار غير نظاميين، خاصة تجار المخدرات والمتهربين من الضرائب الذين يحاولون تغيير هذه الأموال إلى أموال رسمية من خلال الدخول في سوق العقارات.

ولوحظ وجود العديد من العقارات التي تم شراؤها لكنها لم تُستغل، حسب المتحدث ذاته.

ويعتقد قصي أن البنك المركزي العراقي ووزارة المالية هما الطرفان المعنيان بضبط حركة التداول في سوق العقارات، داعيا إلى دعم قطاع الإنشاءات لضبط الطلب وحوكمة إجراءات البيع والشراء في هذا القطاع.

وتشير الهيئة الوطنية للاستثمار إلى عدد الوحدات السكنية اعتمادا على البيانات المتوفرة من وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي في كل محافظة، والتي تصل بمجملها إلى 988 ألف وحدة سكنية.

ويشكل قطاع البناء والتشييد ما نسبته 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي العراقي سنويا، بحسب آخر إحصائيات لوزارة المالية العام الماضي.

البنك المركزي العراقي قرر الإشراف على بيع العقارات عبر المصارف بالتنسيق مع دوائر التسجيل العقاري لمنع غسل الأموال (الجزيرة) تحديات قطاع السكن بالعراق

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع السكن في العراق هو إهمال الخطط الإستراتيجية السابقة للإسكان في العراق "فئتي منخفضي الدخل ومتوسطي الدخل"، مما أدى إلى وجود نحو 25 مليون عراقي لا يمتلكون وحدات سكنية.

وقال العنزي في حديث للجزيرة نت إن هذا الإهمال يعكس عدم اهتمام السلطات بتلبية احتياجات هاتين الفئتين الهشتين في المجتمع.

وأضاف العنزي أن عملية إنشاء الوحدات السكنية أصبحت تمييزا طبقيا، إذ تم تخصيص الوحدات السكنية الفاخرة لذوي الدخل العالي، في حين تم تجاهل الفئات الأخرى.

وهذا الوضع -وفق المتحدث ذاته- يعكس انعدام العدالة في توزيع الموارد السكنية، داعيا إلى تحديد سعر المتر المربع لمحاربة حالات التلاعب بالأسعار ودعم الاستقرار السكني لفائدة فئات منخفضي الدخل.

وقال "لا توجد مساحات أراض كافية لبناء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود، خاصة بعد استغلال كل المساحات المتاحة حتى وصل الأمر إلى استقطاع أجزاء من المدارس والمساجد لإنشاء مجمعات سكنية".

واعتبر العنزي أن زيادة ضريبة العقار بنسبة 40% كانت سببا في تعطيل القطاع، وزادت صعوبة تحقيق الاستقرار السكني للمواطنين.

ويرى العنزي ضرورة تطوير الصناعة المحلية للمواد الإنشائية لخفض تكلفة البناء بدلا من الاعتماد على مصانع المواد الإنشائية في دول الجوار.

ويضيف أنه "يجب توفير دعم مالي لفئات منخفضي الدخل ومتوسطي الدخل عن طريق تقديم قروض طويلة الأجل وبشروط ميسرة، إضافة إلى تحديد مناطق مناسبة لبناء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود".

25 مليون عراقي لا يمتلكون وحدات سكنية (رويترز) توفير السكن أولوية حكومية

في 28 يوليو/تموز 2024 أكدت الحكومة العراقية على لسان المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح أن مشاريع المدن السكنية التي يشهدها العراق معدة وفق خطوات متكاملة في الاتجاه التنموي، مشيرا إلى أن نشاط التشييد في قطاع العمران السكني يأتي في مقدمة بناء الثروة الرأسمالية المادية القائمة في العراق.

وقال صالح خلال حديثه للوكالة الرسمية العراقية (واع) إن "رؤية الحكومة ومنهجها الاقتصادي يقومان على تحفيز مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، إذ أخذت الشراكة المنتجة أولوياتها بمنح الكفالات السيادية للمشاريع الصناعة المرتبطة بالبنية التحتية والإعمار في البلاد"، مشيرا إلى أن جميع المشاريع معدة وفق خطوات مهمة ومتكاملة لتوفير السكن الملائم للأسر والتمويل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البنک المرکزی غسل الأموال فی العراق

إقرأ أيضاً:

أثرياء إسرائيل يدفعون تكلفة الإنفاق على حرب قطاع غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "جلوبس" الإسرائيلية أن الخطوات تتضمن زيادة الضريبة الإضافية من معدلها الحالي البالغ 3% إلى 5%، ما سيؤثر بشكل أساسي على أعلى 10% من ذوي الدخل، ما يعيق أيضًا استثمارات رأس المال من قبل الإسرائيليين بشكل عام.

ويُفرض حاليا ضريبة إضافية على الدخل السلبي، أي "الدخل الذي يتم تحقيقه دون الحاجة إلى العمل النشط أو الجهد المستمر"، والذي يتجاوز 721 ألفا و560 شيكل سنويا، ويشمل مكاسب رأس المال والفوائد والأرباح، ولكنه لا يشمل دخل العمل أو الأعمال.

وأكدت وزارة المالية الإسرائيلية أنها لا تتحدث عن إضافة تراكمية على ضريبة الدخل العادية، بل عن ضريبة تُفرض على الأشخاص الذين يتجاوز دخلهم السلبي المبلغ المحدد، لافتة إلى أنه إذا كان لدى الفرد دخل من مصادر رأسمالية يبلغ 500 ألف شيكل (الدولار يساوى 3.7 شيكل) ودخل خاضع للضريبة من العمل أو الأعمال بمقدار 500 ألف شيكل إضافية، فلن تُطبق الضريبة الإضافية المقترحة نظرا لأن الدخل الخاضع للضريبة من المصادر الرأسمالية أقل من الحد المحدد.

ووفقًا للوزارة، فإن الإجراء المقترح يعد تصحيحا لجوانب غير عادلة في النظام الضريبي الحالي، حيث أن معظم ضرائب الدخل السلبي في إسرائيل أقل من أعلى فئات ضريبة الدخل، مما يؤدي إلى وضع إشكالي، مشيرة إلى أن جزءًا كبيرًا من دخل هؤلاء الأفراد يُفرض عليه ضرائب بمعدلات أقل بكثير من تلك المفروضة على الأشخاص ذوي الدخل المنخفض الذين يحصلون على دخل من العمل أو المهنة، ويهدف الاقتراح إلى رفع الضريبة فعليا على الأغنياء.

وتشكل زيادة الضريبة الإضافية جزءا من سياسة وزارة المالية الإسرائيلية الشاملة التي تستهدف أعلى فئات الدخل، والتي تشمل إلغاء الزيادة المقررة في مقدار دخل المعاشات المعفى من الضريبة، وتجميد شرائح ضريبة الدخل، على الرغم من ارتفاع معدل التضخم ما يعكس زيادة ضريبية حقيقية.

وأوضحت المالية الإسرائيلية أن زيادة الضريبة الإضافية ستجلب نحو مليار شيكل للدولة في عام 2025، ونحو 1.5 مليار شيكل سنويا بعدها، بالإضافة إلى ذلك، ستضيف توسيع نطاق تطبيق الضريبة على الاستثمارات العقارية نحو 420 مليون شيكل في 2025 و510 ملايين شيكل عند نضوج الإجراء بالكامل في 2029.

ونوهت إلى أنه من المتوقع أن تضيف التغييرات على الضريبة الإضافية أكثر من ملياري شيكل إلى الإيرادات الحكومية سنويا على المدى الطويل، كما أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية الشهر الماضي أن عجز الميزانية ارتفع خلال 12 شهرا حتى أغسطس الماضي إلى 8.3% من 8% في يوليو السابق عليه، ومقارنة بهدف يبلغ 6.6% لعام 2024 بأكمله.

مقالات مشابهة

  • أخنوش يترأس لقاء مع مهنيي قطاع الفلاحة لتدارس الحد من ارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية
  • انخفاض معدل الفائدة ينعش القطاع العقاري في الإمارات
  • أسعار العقارات في الاتحاد الأوروبي ترتفع بنسبة 2.9% وبولندا تتصدر القائمة
  • بعد عودة السودانيين إلى بلادهم.. هل تنخفض أسعار إيجار العقارات في مصر؟
  • رئيس لجنة الإسكان يوضح أسباب ارتفاع أسعار الوحدات السكنية
  • أثرياء إسرائيل يدفعون تكلفة الإنفاق على حرب قطاع غزة
  • تأخر السلة الغذائية يقلق ذوي الدخل المحدود ومناشدات للحكومة بالتدخل
  • رئيس الوزراء العراقي طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»
  • تقرير بيوت: نمو قوي في السوق العقارية في دبي في الربع الثالث 2024