بوابة الوفد:
2025-01-27@19:41:05 GMT

المقامات العليا

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

فى اصطلاحات أهل المعرفة أن المقام ثابت راسخ يكتسب ببذل المجهود. وأن الحال متغير يأتى من عين الجود، من الفضل الإلهى، وهو وارد وهب من عطاءات الله. والمقامات والأحوال سلسلة من النظام العملى ضمن علوم التذكية لا تكاد تخلو منها فروع الدين والأخلاق.

وكل ما يقام على المقام أو على الحال يؤسس فى طريق الله معرفةً إنْ على مستوى النظر أو على مستوى العمل، بمقدار ما يُعطى صورة وافية للموضوع الذى يندرج تحته، فإنْ قلت التوبة أو الورع أو الزهد أو قلت المحبّة أو الخوف أو الرجاء أو اليقين، فأنت أمام أبواب وميادين من المقامات والأحوال عالية المقاصد فى الدين والخُلق سواء.

وجميعها موضع اهتمام العارفين ممّن تحدّثوا فيها أو نقلت عنهم خلفاً عن سلف. والتعامل مع المقامات العليا مقصدٌ يسمو بالنفس ويرقّيها لتكون مع الله دوماً لا مع سواه، حيث لا سوى غيره، ولا حاجة للنفس إلى السِّوى وهى فى معيّة الله.

هنالك تقترن المحبّة بالتوبة مع الرضا فى المشابهة بمقاصد التوظيف الإلهى تخريجاً للدلالة والإشارة وتسليماً للمعطيات الذوقيّة فى كل دلالة وفى كل إشارة حسب درجات القادرين عليها حتى إذا ما طرحنا السؤال المباشر: مَنْ ذا الذى تتقدَّم لديه المحبّة فتسبقه: الخالق أم المخلوق؟ العبد أم الرب؟ فالظاهر بالمباشرة أنّ العبد هو الذى يُحبُّ الله أولاً، حتى يُحبُّه الله تالياً، ولكن التأمل فى المقاصد الإلهيّة يعكس هذا الظاهر جملة وتفصيلاً ويحيله إلى النقيض، وذلك حين تقرأ قول الله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، إذ يعلم أنّ الذى يُحبُّ أولاً هو الله. ولا طاقة لمحب من تلقاء نفسه دون سابقة محبة إلهيّة، وفى تخريج الدلالة توظيفٌ للمقصد الإلهى فى سياقاته العلويّة.

وبالمثل، ربما يعتقد العبد ركوناً إلى نفسه أنه هو نفسه الذى يتوب أولاً حتى يتوب الله عليه تباعاً، لكنه إذ يقرأ قوله تعالى: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) علم من فوره أنّ الله هو الذى يُلهمه التوبة تحقيقاً حتى يتوب.

أكثر أدعية الأولياء والعارفين تبدأ بالتوبة وتنتهى إليها، ولا مناصّ منها فى البدء والمنتهى. (فاللهم إنّا نسألك توبة سابقة منك إلينا لتكون توبتنا تابعة إليك منّا) كما فى الحزب الكبير لسيدى أبى الحسن الشاذلى رضوان الله عليه. فالتوبة سابقة من الله إلى خلقه، وتوبة الخلق تابعة لما سبق فى علمه من تقدير.

ولا مزيد على التحقيق فى غير هذا ولا فيما سواه.

وربما يعتقد العبد أنّه هو الذى يُرضى الله أولاً، ثم يرضى الله عنه، حتى إذا قرأ قوله تعالى: (رَّضِى اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)

عَلِم إذ ذاك أن الله هو الذى يرضى عن العبد أولاً. ولا بدّ من رضاه السابق، ليتم لعباده الرضوان كما تمّت لهم المحبّة والتوبة من المقامات العليا، ليغفر وليعفو، وهو وحده سبحانه ولى ذلك والقادر عليه.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هو الذى ی المحب ة

إقرأ أيضاً:

بن غفير: ليس هذا ما يبدو عليه النصر المطلق بل هو الاستسلام التام

التفاصيل بعد قليل..

مقالات مشابهة

  • هل يتعارض شعار "أمريكا أولاً" مع المصالح الإسرائيلية؟
  • خلاف عائلي ينتهي باشتباكات دامية: تخلف قتلى وجرحى
  • بن غفير: ليس هذا ما يبدو عليه النصر المطلق بل هو الاستسلام التام
  • مستشار الموارد البشرية : التشريعات الجديدة بالمملكة تصب في مصلحة العامل أولاً . . فيديو
  • العثور على سفينة قديمة عمرها 2500 عام قبالة ساحل صقلية
  • المواعيد الجديدة على خطي (القنطرة شرق/ بئر العبد) و(بشتيل/ كفر داود/ السادات)
  • ترامب يتبنى شعار "أمريكا أولا" وعينه على النظام العالمي
  • مواعيد القطارات على خطى القنطرة شرق - بئر العبد والعكس وبشتيل - كفر داوود - السادات
  • الجيش الإسرائيلي: حماس لم تلتزم بإطلاق سراح المدنيين أولاً
  • د. يسرى عبد الله يكتب:  «الكتاب».. الحقيقة والاحتفاء