حديث المصطبة إلى الحوار الوطنى
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
حديث المصطبة حديث ذو شجون، حيث يجتمع الاهل والجيران بعد يوم طويل من العناء والكدح والعمل فى الحقل، على المصطبة ليتبادلوا أطراف الحديث عن حياتهم ومشكلاتهم فى أجواء من الألفة والمحبة والمشاركة فى السراء والضراء والتعاون المثمر والحميمية المتبادلة وجلسات المصطبة، تتناول الاحداث الجارية والمشكلات اليومية، وهى تمثل نبض الناس ومشاعرهم وآراءهم فى الواقع الحياتى فهى أصدق تعبير وابلغ رسالة عن حياة الناس فى المجتمع وفى هذه الأيام لا تخلو أحاديث المصطبة من الشكوى من ارتفاع الأسعار، فطلبت من احد رواد المصطبة الحديث عن مطالبهم وامانيهم، فاشترط عدم ذكر اسمه فوافقت فقال بلاش نقول حيلنا اتكسر أحنا أحسن من غيرنا، ومصر محروسة لكن الأيام صعبة، وكل يوم صدمة فى الأسعار، تخيل السولار لوحده حكايته حكاية فى نقل الانفار والرى والحصد ونقل المحصول وكل المحاصيل أسعارها بتزيد بسبب النقل والكهرباء أسعارها مرتفعة وحتى مياه الشرب زادت علينا وربنا يبعد عنا المرض الدواء عايز ميزانية لوحده، الزراعة والإنتاج الحيوانى عايز مال قارون، الأسمدة سعرها خيال والمبيدات الزراعية بالجرام، الكلام كتير صعب نكمله يا ريت الحكومة تقعد معانا يوم على المصطبة فليس من رأى كمن سمع لكن لازم وحتما تبلغهم أن الغلاء أصبح وحش كاسر وأن كنا غاليين عليكم ارحمونا واحمونا من غول الأسعار وبلاش نقدى وخليها مستورة وسألته عن سبب عدم ذكر اسمه فقال علشان الناس ماتقولش الحاج فتوح عايز يبقى ترند فتبسمت وشكرته ووعدته بالكتابة ولمست فى حديثه الصدق فهو كلام من القلب يصل إلى القلب.
وخلاصة القول إن مسألة التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى فى الوقت الحالى موضوع يحمل تخوفات عديدة ومشروعة لعل منها ما أثاره الكافة حتى مؤيدو الاتجاه إلى الدعم النقدى من ارتباط الدعم النقدى بموجة تضخمية فى الأسعار ويرى المنادون بالتحول إلى الدعم النقدى أن التضخم سيكون مؤقتا ويمكن الحد منه ببرامج حماية لضبط السوق والعمل على فاعلية شبكة الضمان الاجتماعى للمواطنين، ويرى البعض الآخر أنه لا يمكن السيطرة على الأسواق ومن ثم فإن التضخم أحد لوازم الدعم النقدى على أية حال وفى جميع الأحوال بعد عدة تعويمات متلاحقه لا يمكن للمواطن أن يتحمل هذا العبء الثقيل من ارتفاع الأسعار فستكون فوق طاقته وقدرته ولن يستطيع أن يمارس حياته ويلبى احتياجاته الضرورية والأساسية من غذاء وعلاج وتعليم، هذا فضلا عن أن هناك نمطا سلوكيا يتعايش به المواطن مع الدعم العينى طوال حياته لا يمكن أن يتجاوزه فقد ارتبط به وخلاف ذلك سيحدث لديه حالة من الارتباك قد تؤدى إلى عواقب أسرية، فحالة الاعتياد والتعايش لا يمكن اغفالها ويبقى دعم المحروقات لاغنى عنه ولا يمكن تحويله لنقدى وعلى وجه الخصوص السولار لأنه متعدى الأثر ويتسبب فى ارتفاع كافة السلع ويجب على الحكومة أن تضعه فى قائمة لا مساس وأسطوانة الغاز التى يستهلكها القطاع الريفى الفقير يجب أن توضع فى قائمة لا مساس وفى الحقيقة أن التحول إلى الدعم النقدى لا يمثل اصلاحا اقتصاديا ولا ماليا ولا نقديا ولكنه قد يترتب عليه خطورة مجتمعية فهو لا يمثل حلا، فعين العقل أن نبقى على الدعم بصورته الحالية مع تفعيل شبكة الضمان الاجتماعى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحقل المجتمع إلى الدعم النقدى لا یمکن
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيـل الجـاوي .. حـديث الـقلب وكـلام العقل
كتب / علوي شملان
في ذكـرى رحـيل الإمام الأكبر لمـذهب الصـدق والإخــلاص لـقيم النضال والـعمل الوطني في اليمن ، الحبـيب عـمر بن عبدالله السقاف (عمر الجاوي ) اقـتبس واضـع هنا كـلمات قليلة مما قاله ــ نثراً ــ رائي اليمن ومُـبـصرها وشاعـرها وفيلسوفها (البردوني) عـن صـديقه ورفـيق دربه الجاوي ، كـمُـفـتـتح ومكـون أساسي من سـطور هــذه المقالة :
(كان عمر في رئاسة اتحاد الأدباء أعلى من وزير، وأشمخ جاهًا من رئيس ، ولهذا ظل دمه منذورًا، وكان ناذرًا عن طيبة نفس، وكان بينه وبين الموت حلفًا بأن لا يقطع حبله منه إلا وقد امتصت الأعمال الوطنية كل عظامه؛ فلاقى ربه في شهر ديسمبر 97..
ولأن الجاوي ليس مجرد قلم، وإنما كان سيفًا، وقلمًا، وإزميلاً، فهو في كل ظواهر الوطنية الثقافية أو الثقافية الوطنية الرائد السابق الذي يحث القوافل فيسبقها؛ ولهذا ترك أعطر الذكريات، وأشمخ الأعمال الصامتة والصائتة)….
وكـمواطـن يمني اولاً ، وادعـي الاهتمام بالشأن الوطني العام عـلى مـذهب الجاوي ، فـإني احــمـدُ للظـروف جميل صُنعها معي حين يـسرت لي في مرحلة شبابي نجاح السعي للـتعـرُف ومعرفـة شمس اليمن وضميرها (الجاوي )… واشـكُـر لها إن اكرمتـني في مـرحلة مُبكـرة من العمربالإطـلاع عـلى بياناته وبيناته مـن خـلال مـنبرة الكبير الشهير لاكثر من عـشرين عـاماً (مجلة الحكمة )..واعـتزايما اعـتـزاز بإيماني الثابت، مـثلي مـثـل افـواج مـن اليمانـيـين اللذين امنت قـلوبهم وعـقولهم بما كان عليه الجاوي مـن الهـدي الوطني والإنساني ..
صحـيح ان الايمان في القلب وللقلب حُججه على قول (بلزاك) لكـن الجاوي وما جـاء به وصـل واستـقـر في الـقلب عن طريق الـعـقـل .. والعـقـل ميزان صحيح، وأحكامه يقـينية لا كذب فيها بحسب الـنظـرية الـخـلدونية ورأي اخـوان الصفاء في احكام الـعـقل ..
اعـترف انني كنت وما زلت ـــ خـوفاً ،لاعـقوق ــ اتهـيب الكتابة عـن الجاوي إلا في ماندر مـن إشارات او اسـتـشهادات في مــواضيع متباعـدة ، خـوفاً مـن عـدم أيـفاء هــذا الرمز الوطني اليمني الكبير حقه مـن خـلال مقال او حتى مجموعة من المقالات .. لـكـن كوامـن اسى وحسرة في النفـس حـركها واثارهـا مانـشره الصديق العزيز الأستاذ (أزال الجاوي ) قبل أيام في هــذه الصحيفة من براءة للذمة حسب ماعنون به إعـترافه الصريح الجـريء المؤلم بخصوص تـعـثُر جـهـوده وعـدم قـدرته حتى اللحظة عـلى عـمل أي شيء لجمع ونـشر تراث والده الراحل عمر الجاوي ، ولأسباب مُـقـدرة ومـؤلمة لم يتحرج أزال من ذكرها ، ومنها الـظروف المادية والهجرة الى الخارج ، وظـروف أخـرى منها إبلاغه بعد وفاة والده ان تراث والده ملك للدولة لا لاسـرته ، وان الدولة هي الوحيدة المخولة بنشر تراثه ــ وهــذا مالم تفعله الدولة ــ وتمنُع وزارتي الاعـلام والثقافة في صنعاء من تزويده بما لديهم من وثائق تخص والده ، بما في ذلك محتوى موقع الجاوي الإلكتروني، الذي تم إغلاقه بعد 21 سبتمبر 2024.م
حـرب الـسلطات عـلى الجـاوي حياً وميتاً وما مَـثَله ويمثله من قـيم النبل والطهارة والشرف ، تسبب في ضياع وتـلـف وإختفاء الكثير جـداً مـن الاعـمال الفكرية للجاوي والكثير مـن الوثائق الهامة جـداً التي تتعلق باحداث ووقائع تاريخية كـان مشاركاً في صناعـتها وصاغها وكتبها الجاوي بقلمه ، ومنها عـلى سبيل المثال ،كما ذكر أزال في بيانه : مشاريع كُتب وما يتعلق يها من وثائق الية وتسجيلات سمعية كان الجاوي قـبل رحيله يعمل عليها حول تاريخ الحركة الوطنية اليمنية .. وكتاب مذكرات الجلسات الخاصة مع رؤساء اليمن (شهادات حية) تناول فيه جلساته الخاصة مع رؤساء اليمن المتعاقبين، شمالاً وجنوباً، منذ نهاية الستينيات حتى وفاته.. ووثائق كـان وقتها يدون فيها ما يُقال في الجلسات المغلقة ولم يُعلن، حول الوحدة والصراعات الداخلية وأماني وطموحات وأهداف الرؤساء، إضافة إلى الجوانب السلبية ..وكثيراً غير ذلك ..
بحكم مهنـته كـان الجاوي قـريباً من دوائر السلطة بعيداً عـن منافعها ومكاسبها وشهواتها وانحرافات أهلها ونزواتها .. لذلك فالكثير من مراكز سلطات اليمن الشطرية والوحدوية حـاربته حياً وميتاً ،لانـه كـان الجــلاد الأول لإنحـرافات مراكزهــذه السلطات لابقلمه فقط ، وإنما بعصاته الشهيرة عـلى الواقع لامجاز او رمزية كما ذكر لي أزال واقعة جـلد الجاوي بعصاته لاحـد البلاطجة التابعين لمركز سلطوي ، ومـعروف جـداً عـن الجاوي كشخص وانسان جسارته وشجاعته الشخصية ، وعـدم اكتراثه بمواجهة أي موقـف ..
عـمـر الجاوي امة في رجل ، ومناقبه الوطنية والإنسانية لاتُـعد ولا تحصى خلال العقود الزمنية الأربعة التى عـاشـها مُـتبتلاً في محـراب العمل الوطني في حـالة نادرة مـن الـتـفرد والزهـــد والطهارة النضالية المتواصلة حتى رحيله .. وإنقاذ وجمع ونشر ماتبقى من تراثه مسؤولية وطنية ،وتلاميذ وأصدقاء الجاوي ومحبيه لاشك ان لدى البعض منهم عـلى الاقـل فعل أي شيء بهذا الخصوص