الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني في غزة ولبنان هي حرب على الحواضن الاجتماعية للمقاومة الفلسطينية وبيئة حزب الله، وتأخذ هذه الحرب طابع التنكيل بالحواضن بهدف جعل حاضنة المقاومة الفلسطينية وبيئة حزب الله تنشغل في ترميم جراحها لعقود طويلة، وتتحول إلى بيئات عقيمة وطاردة للمقاومة.
الحرب التي شنها النظام السوري بمساعدة إيران، وروسيا في مرحلة لاحقة، على البيئات الحاضنة للثورة كانت ضمن هذا السياق، إذ كان الهدف إضعاف هذه البيئة لعقود طويلة ونزع اي امكانية بداخلها للتمرد.
ينطوي هذا النمط من الحروب على سياسات متوحشة يتم عبرها استخدام العنف بأقصى درجاته، دون أي ضابط أخلاقي وقانوني، وغالبا ما يتم استخدام ذرائع من نوع محاربة الإرهاب والتطرف، لتعريض تلك البيئات لأشد أنواع الإرهاب والتدمير، كما هو حاصل في غزة ولبنان، وقبل ذلك في سوريا والشيشان.
ينطوي هذا النمط من الحروب على سياسات متوحشة يتم عبرها استخدام العنف بأقصى درجاته، دون أي ضابط أخلاقي وقانوني، وغالبا ما يتم استخدام ذرائع من نوع محاربة الإرهاب والتطرف، لتعريض تلك البيئات لأشد أنواع الإرهاب والتدمير، كما هو حاصل في غزة ولبنان، وقبل ذلك في سوريا والشيشان
المراد من ذلك، إجراء تحوّل قسري في ألويات البيئات الحاضنة، إذ أمام الدمار والتهجير والقتل، تصبح الثورة والمقاومة فعل ترف وغير منطقي، والتحول بدل ذلك إلى أولوية إعادة ما دمرته الحرب من مساكن يأوي لها الناس وخدمات ضرورية تؤمنها إعادة إصلاح البنى التحتية، وحاجات ضرورية تؤمنها المخابز والورش والمحلات.
يلفت الانتباه ويشاهد المرء الطائرات بأسلحتها التي تكلف ملايين الدولارات تقوم بتدمير مساكن في بيئات فقيرة، وبالطبع لا بد أن تكون فقيرة لأن الثورات والمقاومات لا تخرج من الأحياء الراقية والمناطق الغنية في أي بلد، فسكان تلك الأحياء إما مستفيدين من النظام القائم وبالتالي فإن الثورة عليه أو مقاومته ستضر بمصالحهم، أو تحولوا، بفضل ثرائهم، الى أشخاص عابرين للوطنيات، حيث تجد أنهم يتواصلون بلغة أجنبية وعملة أجنبية ويستهلكون البضائع الأجنبية، وبالتالي ليست لديهم مطالب اجتماعية أو سياسية أو وطنية بالعموم.
صحيح أن هذا النوع من الحروب يكلف أثمانا باهظة، فالحرب على غزة كلفت حتى هذه اللحظة بحسب اعترافات إسرائيلية أكثر من 65 مليار دولار، والحرب على الأرياف والضواحي الفقيرة في المدن السورية أفلست نظام الأسد وأرهقت ميزانيات إيران، لكن نتائجها خطيرة جدا تعاني منها البيئات الحاضنة على مدى أكثر من جيل، حيث يجري تدمير شبكة الاقتصاد التي تأسست على مدى عقود" جنى العمر"، والتي يتشكل أغلبها من ورش ومشاريع صغيرة تقدم الخدمات المختلفة ومحال بقالة ووسائل مواصلات، تصل إلى حد الاكتفاء الذاتي وبأسعار تتناسب مع دخل أبناء هذه المناطق، وهي مشاريع ذات طابع عائلي، صحيح أن العائد لا يكون كبيرا، لكنه في النهاية يؤمن الاحتياجات الضرورية من مأكل ومصاريف تعليم الأبناء.
تكمن الأسباب الدافعة لهذا النوع من الحروب من حقيقة التشابك الكبير بين الثوار والمقاومين وبيئاتهم، حيث يسعى القائمون على تلك الحروب إلى تفكيك هذا التشابك وعزل مكوناته، فدائما يكون المقاوم أو الثائر تجسيدا لمطالب بيئته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وفي أحيان كثيرة يكون هناك شبه إجماع وطني
الأخطر من ذلك، أن هذا النمط من الحروب يدمر النسيج الاجتماعي عبر تفكيك الشبكات الاجتماعية، حيث تتغير ملامح البيئة الاجتماعية، وأحيانا بشكل نهائي، عبر تحويل مناطقهم إلى بيئات غير قابلة للسكن نتيجة تدمير المباني بشكل كبير وتدمير البنى التحتية ما يجعل من عمليات الترميم بجهود وبإمكانيات أبناء هذه البيئات أمرا مستحيلا ما لم يحصل تدخل دولي، ما يضطر هؤلاء إلى البحث عن بدائل مثل الهجرة الخارجية أو النزوح الداخلي تحت ضغط الظروف والاضطرار إلى تغيير ليس فقط الأولويات، بل ربما منظومة القيم عبر الاضطرار للتكيف مع الشروط الجديدة للحياة.
تكمن الأسباب الدافعة لهذا النوع من الحروب من حقيقة التشابك الكبير بين الثوار والمقاومين وبيئاتهم، حيث يسعى القائمون على تلك الحروب إلى تفكيك هذا التشابك وعزل مكوناته، فدائما يكون المقاوم أو الثائر تجسيدا لمطالب بيئته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وفي أحيان كثيرة يكون هناك شبه إجماع وطني، كما حصل في الحالة الفلسطينية منذ انطلاق المقاومة، حيث تتطابق الوطنية مع المقاومة وتصبح الأخيرة معبرا إجباريا للوطنية.
قد تكون ظاهرة الحرب على الحواضن قديمة، فقد شهدت الحربان العالميتان الأولى والثانية تدميرا كاملا للمدن في أوروبا، واستخدام السلاح النووي من قبل أمريكا ضد مدن يابانية، كان الهدف الضغط على الأنظمة الوطنية للاستسلام، لكن الحرب بعنوانها الرئيس كانت حربا بين دول، لكنها حديثا، وبعد تجربة روسيا في الشيشان، صارت الحرب على الحواضن تعني الحرب على المجتمعات المتمردة والحاضنة لقوى التحرر والانعتاق بين ظهرانيها.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة سوريا الثورة سوريا لبنان غزة الثورة المقاومة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الحروب الحرب على
إقرأ أيضاً:
دراسة: المشي البطيء قد يكون علامة على القلق والاكتئاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت دراسة طبية حديثة أجراها فريق من الباحثين في الطب النفسي أن طريقة مشي الإنسان قد تعكس حالته النفسية والعاطفية، حيث يمكن أن تكون المشية مؤشرًا للاكتئاب أو القلق، وفقًا لما نشرته مجلة Riamo.ru.
وأوضحت الدكتورة إيرينا كراشكينا، أخصائية الطب النفسي، أن المشي يعد شكلًا من أشكال التواصل غير اللفظي، فهو لا يعبر فقط عن الحالة الجسدية للفرد، بل يعكس أيضًا صحته النفسية. وأشارت إلى أن خصائص المشي مثل السرعة، تباعد الخطوات، والوضعية ترتبط بالحالة العاطفية، فمثلًا، قد تكون المشية البطيئة دلالة على الاكتئاب أو القلق.
وأضافت أن الثقة بالنفس تنعكس أيضًا على المشي، حيث يمشي الأشخاص ذوو الثقة العالية بوضعية مستقيمة وخطوات ثابتة، بينما يسير من يعانون من القلق الاجتماعي أو انخفاض تقدير الذات بخطوات مترددة وغير مستقرة. كما أن المصابين بالاكتئاب غالبًا ما يتميزون بمشية بطيئة وغير ديناميكية، تعكس حالتهم المزاجية المنخفضة.
وأكدت الدراسة أن مراقبة الشخص لمشيته قد تساعده على إدراك التغيرات العاطفية التي يمر بها، مما يسهم في تعزيز الوعي الذاتي وتحسين الصحة النفسية. لذلك، ينصح الخبراء بضرورة الانتباه إلى التغيرات في المشي، وإذا لزم الأمر، طلب المساعدة من المختصين للحفاظ على الصحة النفسية وتحسين جودة الحياة.