عربي21:
2024-10-11@13:26:34 GMT

الحرب على الحواضن

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني في غزة ولبنان هي حرب على الحواضن الاجتماعية للمقاومة الفلسطينية وبيئة حزب الله، وتأخذ هذه الحرب طابع التنكيل بالحواضن بهدف جعل حاضنة المقاومة الفلسطينية وبيئة حزب الله تنشغل في ترميم جراحها لعقود طويلة، وتتحول إلى بيئات عقيمة وطاردة للمقاومة.

الحرب التي شنها النظام السوري بمساعدة إيران، وروسيا في مرحلة لاحقة، على البيئات الحاضنة للثورة كانت ضمن هذا السياق، إذ كان الهدف إضعاف هذه البيئة لعقود طويلة ونزع اي امكانية بداخلها للتمرد.



ينطوي هذا النمط من الحروب على سياسات متوحشة يتم عبرها استخدام العنف بأقصى درجاته، دون أي ضابط أخلاقي وقانوني، وغالبا ما يتم استخدام ذرائع من نوع محاربة الإرهاب والتطرف، لتعريض تلك البيئات لأشد أنواع الإرهاب والتدمير، كما هو حاصل في غزة ولبنان، وقبل ذلك في سوريا والشيشان.

ينطوي هذا النمط من الحروب على سياسات متوحشة يتم عبرها استخدام العنف بأقصى درجاته، دون أي ضابط أخلاقي وقانوني، وغالبا ما يتم استخدام ذرائع من نوع محاربة الإرهاب والتطرف، لتعريض تلك البيئات لأشد أنواع الإرهاب والتدمير، كما هو حاصل في غزة ولبنان، وقبل ذلك في سوريا والشيشان
المراد من ذلك، إجراء تحوّل قسري في ألويات البيئات الحاضنة، إذ أمام الدمار والتهجير والقتل، تصبح الثورة والمقاومة فعل ترف وغير منطقي، والتحول بدل ذلك إلى أولوية إعادة ما دمرته الحرب من مساكن يأوي لها الناس وخدمات ضرورية تؤمنها إعادة إصلاح البنى التحتية، وحاجات ضرورية تؤمنها المخابز والورش والمحلات.

يلفت الانتباه ويشاهد المرء الطائرات بأسلحتها التي تكلف ملايين الدولارات تقوم بتدمير مساكن في بيئات فقيرة، وبالطبع لا بد أن تكون فقيرة لأن الثورات والمقاومات لا تخرج من الأحياء الراقية والمناطق الغنية في أي بلد، فسكان تلك الأحياء إما مستفيدين من النظام القائم وبالتالي فإن الثورة عليه أو مقاومته ستضر بمصالحهم، أو تحولوا، بفضل ثرائهم، الى أشخاص عابرين للوطنيات، حيث تجد أنهم يتواصلون بلغة أجنبية وعملة أجنبية ويستهلكون البضائع الأجنبية، وبالتالي ليست لديهم مطالب اجتماعية أو سياسية أو وطنية بالعموم.

صحيح أن هذا النوع من الحروب يكلف أثمانا باهظة، فالحرب على غزة كلفت حتى هذه اللحظة بحسب اعترافات إسرائيلية أكثر من 65 مليار دولار، والحرب على الأرياف والضواحي الفقيرة في المدن السورية أفلست نظام الأسد وأرهقت ميزانيات إيران، لكن نتائجها خطيرة جدا تعاني منها البيئات الحاضنة على مدى أكثر من جيل، حيث يجري تدمير شبكة الاقتصاد التي تأسست على مدى عقود" جنى العمر"، والتي يتشكل أغلبها من ورش ومشاريع صغيرة تقدم الخدمات المختلفة ومحال بقالة ووسائل مواصلات، تصل إلى حد الاكتفاء الذاتي وبأسعار تتناسب مع دخل أبناء هذه المناطق، وهي مشاريع ذات طابع عائلي، صحيح أن العائد لا يكون كبيرا، لكنه في النهاية يؤمن الاحتياجات الضرورية من مأكل ومصاريف تعليم الأبناء.

تكمن الأسباب الدافعة لهذا النوع من الحروب من حقيقة التشابك الكبير بين الثوار والمقاومين وبيئاتهم، حيث يسعى القائمون على تلك الحروب إلى تفكيك هذا التشابك وعزل مكوناته، فدائما يكون المقاوم أو الثائر تجسيدا لمطالب بيئته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وفي أحيان كثيرة يكون هناك شبه إجماع وطني
الأخطر من ذلك، أن هذا النمط من الحروب يدمر النسيج الاجتماعي عبر تفكيك الشبكات الاجتماعية، حيث تتغير ملامح البيئة الاجتماعية، وأحيانا بشكل نهائي، عبر تحويل مناطقهم إلى بيئات غير قابلة للسكن نتيجة تدمير المباني بشكل كبير وتدمير البنى التحتية ما يجعل من عمليات الترميم بجهود وبإمكانيات أبناء هذه البيئات أمرا مستحيلا ما لم يحصل تدخل دولي، ما يضطر هؤلاء إلى البحث عن بدائل مثل الهجرة الخارجية أو النزوح الداخلي تحت ضغط الظروف والاضطرار إلى تغيير ليس فقط الأولويات، بل ربما منظومة القيم عبر الاضطرار للتكيف مع الشروط الجديدة للحياة.

تكمن الأسباب الدافعة لهذا النوع من الحروب من حقيقة التشابك الكبير بين الثوار والمقاومين وبيئاتهم، حيث يسعى القائمون على تلك الحروب إلى تفكيك هذا التشابك وعزل مكوناته، فدائما يكون المقاوم أو الثائر تجسيدا لمطالب بيئته في الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وفي أحيان كثيرة يكون هناك شبه إجماع وطني، كما حصل في الحالة الفلسطينية منذ انطلاق المقاومة، حيث تتطابق الوطنية مع المقاومة وتصبح الأخيرة معبرا إجباريا للوطنية.

قد تكون ظاهرة الحرب على الحواضن قديمة، فقد شهدت الحربان العالميتان الأولى والثانية تدميرا كاملا للمدن في أوروبا، واستخدام السلاح النووي من قبل أمريكا ضد مدن يابانية، كان الهدف الضغط على الأنظمة الوطنية للاستسلام، لكن الحرب بعنوانها الرئيس كانت حربا بين دول، لكنها حديثا، وبعد تجربة روسيا في الشيشان، صارت الحرب على الحواضن تعني الحرب على المجتمعات المتمردة والحاضنة لقوى التحرر والانعتاق بين ظهرانيها.

x.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة سوريا الثورة سوريا لبنان غزة الثورة المقاومة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الحروب الحرب على

إقرأ أيضاً:

تعيين سلطان جديد لدارفور لا يكون مقبولا إلا من سلالة خيرة

تعيين سلطان جديد لدارفور لا يكون مقبولا إلا من سلالة خيرة…

بالأمس قرأت خبرا في منشور لأحد الإعلاميين يفيد بأن مجموعة مقدرة من وجهاء الفور قرروا إختيار أحد المقاديم سلطانا للفور بدلا عن السلطان أحمد أيوب حسين علي دينار نظرا لتأييده لحميدتي.

بغض النظر عن السياسة والحرب الحالية في تقديري هذا القرار جانبه الصواب لعدة أسباب.
أولا السطان أحمد أيوب حسين علي دينار لم يكن سلطانا للفور بل كان سلطان دارفور.
ثانيا أعراف وقوانين السلطنة ووجدان الدارفوريين لا يقبل سلطانا من خارج سلالة خيرة (كيرا).
في 1874م هزم الزبير باشا رحمة السلطنة عسكريا وقتل السلطان إبراهيم قرض في معركة منواشي وسقطت الفاشر ولكن السلطنة لم تسقط وظلت تختار سلاطينها بنفس المعايير من داخل الأسرة الحاكمة لقيادة المقاومة ، السلطان بوش ، السلطان هارون ، وآخر سلاطين المقاومة كان السلطان يوسف الذي هادن وتعايش مع المهدية لطابعها الديني وبالرغم من ذلك دخل في معارك معها دفاعا عن حدود السلطنة.

مع بوادر نهاية دولة المهدية 1898م غادر الأمير علي دينار بن الأمير زكريا أم درمان وعاد مسرعا للفاشر وتقبله الناس وبايعوه لأنه من الأسرة الحاكمة لدرجة تنازل سلطان الأمر الواقع من خارج الأسرة وكان هناك أمير من أبناء السلطان إبراهيم قرض في طريقه للفاشر مدعوما من كتشنر ولكنه أبطأ ففاز علي دينار بالسبق والبيعة.

إحترام الناس للسلالة في دارفور كان يفرض قوانين عرفية في حالات الصراع على السلطة ومنها أن السلطان المنافس لا يقتل مهما كان بل يجب أسره حيا ولو تجرأ أحد جنود السلطان المبايع على قتل المنافس فإنه يقتل.

ونختصر بالقول بأنه لو كانت هناك تدخل من جهة رسمية فقد كان من الأنسب أن تطلب من وجهاء أحفاد السلطان محمد الفضل إختيار سلطان جديد لدارفور.

إن الكثير من جمهوريات أفريقيا الحديثة عادت لمنح نوع من الاعتراف الرسمي بالسلطنات التاريخية ومنح سلاطينها نوعا من المهام التشريفية والرسمية تحت إطار الدولة لخلق حالة من التعايش والمصالحة بين الدولة الجديدة صنيعة المستعمر الأوروبي والسلطنات القديمة.
حدث ذلك في تشاد التي أعادت سلطنات وداي وباقرمي وغيرها.

وحدث في يوغندا التي أعادت ممالك بونيورو وبوغندا وغيرها وعلى رأسها ملوك من سلالة الملوك القدامى.
وهل تعلم أن مملكة بوغندا لها مجلس وزراء وسلطات محددة خاصة على أرض المملكة التاريخية ؟

وفي دولة جنوبسودان أعادوا في 2022م مملكة الزاندي وقاموا بتعيين ملك لها هو الملك أتوروبا بني ركيتو قبودي King, Atoroba Peni Rikito Gbudue, وجده الملك قبودي Gbudue قتل في 1905م ومع ذلك وبرغم طول العهد إختارت حكومة جنوبسودان حفيده سلطانا وهذا دليل على معرفتهم لأعراف القبائل والثقافات التاريخية وإحترام الحقوق.

سيكون من المناسب جدا إعادة سلطنة دارفور التاريخية بسلطات أقوى لسلطان من سلالة خيرة وبحيث تشمل سلطاته شيوخ القبائل العربية والأفريقية مع العلم أن جميعهم أفارقة ، ويكون من سلطاته إدارة الأراضي يإعادة توزيع الحواكير أو تخصيص حواكير جديدة أو إلغاء حواكير أو تعديل حدود حواكير.

ستكون هذه ضربة البداية للسلام في دارفور ومعها باقي السودان.
#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تعيين سلطان جديد لدارفور لا يكون مقبولا إلا من سلالة خيرة
  • موقع بريطاني: الجيش اللبناني على حبل مشدود فهل يكون حلا للحرب؟
  • شلقم: الحروب تبدأ بصرخة انفعال
  • الخثعمي: يجب أن يكون طموحنا مشاركات مميزة في المونديال .. فيدير
  • الخارجية الأمريكية: الوضع في لبنان لا ينبغي أن يتحول إلى شبيه للوضع في غزة وهذا لن يكون مقبولا
  • عمره أكتر من 140 سنة.. حكاية بيت جنوب لبنان الصامد أمام الحروب
  • الحرب الإعلامية ومنظومة الحرب النفسية.. قاموس المقاومة (47)
  • رؤية أسترالية: عقدة الدرس العراقي أثر سلباً بسياسات الغرب إزاء الحروب
  • 25 عملا تستكشف البيئات المتنوعة من حياة الإنسان العماني في معرض بالبريمي