أنهى إيلون ماسك أمس الخميس الحدث المنتظر -الذي طالما شوق له- وعبر هذا الحدث، كشفت شركة "تسلا" عن أهم مشاريعها المستقبلية، وهي سيارة ذاتية القيادة تهدف لاستبدال سائقي التاكسي المعتادين تحت اسم "سايبر كاب" (CyberCab) وحافلة ذاتية القيادة تحت اسم "روبوفان" (Robovan).

تمثل هذه المنتجات أهم ابتكارات إيلون ماسك في الآونة الأخيرة والمشروع الذي ظل يعمل عليه لفترة طويلة ومهد له عبر أنظمة القيادة الذاتية البدائية المدمجة مع سيارات "تسلا" بشكل عام، ولكن هل يمكن أن تستبدل هذه الابتكارات وسائل النقل المعتادة؟

التاكسي الآلي "سايبر كاب"

للوهلة الأولى، يبدو الشبه واضحا بين سيارة "سايبر كاب" ذاتية القيادة وبين شاحنة "تسلا" الكهربائية التي تحمل الاسم ذاته "سايبر تراك" (CyberTruck)، وربما كان هذا السبب وراء التسمية المتشابهة بين المركبتين.

من الخارج، تبدو السمات متشابهة بين المركبتين، سواء كان في اللون المعدني المستقبلي أو مصابيح الإضاءة الأمامية الممتدة، فضلا عن العجلات المغطاة بالكامل بطبقة معدنية تحاكي لون الهيكل، إضافة إلى الأبواب التي تفتح للأعلى مثل الفراشة، وهو تصميم مستقبلي للغاية يعزز من فكرة السيارة القادمة من المستقبلة الذي يحاول إيلون ماسك إيصاله للمستخدمين.

ولكن في المقصورة الداخلية تبدأ الاختلافات بالظهور، إذ تأتي سيارات "سايبر كاب" بمقصورة تسع راكبين فقط مع غياب كامل لكافة أدوات التحكم في السيارة داخل المقصورة، إذ لا يوجد أي مكابح أو عجلة قيادة أو حتى أزرار إضافية للتحكم في السيارة وإيقافها في حالة حدوث أي خطر، وهو الأمر الذي قد يتغير مع التصميم النهائي للسيارة وإضافة آليات أمان مستقبلية تحمي المستخدمين، كما أنها تعتمد على آلية شحن لاسلكي بدلا من مقابس الشحن المعتادة.

ويرى ماسك أن ابتكار سيارة التاكسي ذاتية القيادة هو أحد ابتكارات الشركة في السنوات الأخيرة، ويتباهى بأنها أكثر أمانا من سيارات التاكسي المعتادة بنسبة تصل إلى 20 ضعفا، كما أنها أوفر في الاستخدام، إذ تصل تكلفة السير لمسافة 1.6 كيلومتر إلى 0.20 سنت فقط.

كما أتيحت فرصة لتجربة السيارة الجديدة للمشاركين في الحدث الذي أقيم في منطقة أستوديوهات ومسارح "وارنر براذرز" (Warner Brothers)، إذ تضم المنطقة عددا كبيرا من الطرق غير الرسمية بداخلها التي أمضت الشركة فترة طويلة تدخلها في حواسيب السيارات استعدادا لهذه اللحظة.

بالطبع، لا تزال "سايبر كاب" مشروعا مستقبليا في أي وقت قريب، إذ تخطط الشركة لطرح نظم القيادة الذاتية أولا بولاية تكساس وكاليفورنيا في العام المقبل، ثم بدء تصنيع السيارة بحلول نهاية عام 2026 أو 2027 في حالة تأخرها، وإذا كان ما حدث مع شاحنة "سايبر تراك" مثالا لجدول الإنتاج الخاص بالشركة، فإن هذا المشروع قد يتأخر أكثر من ذلك.

حافلة المستقبل "روبو فان"

تعد حافلة "روبو فان" المفاجأة الحقيقة لحفل إيلون ماسك، إذ لم يكن أحد يتوقع ظهورها، إضافة إلى التصميم المميز والفريد الذي يجعلها تبدو كعربة قطار قادمة من المستقبل، كما أن إيلون ماسك يعلق عليها كثيرا من الآمال لحل العديد من مشاكل التنقل الجماعي.

ورغم أن ماسك من أشد المعارضين لوسائل النقل الجماعية، فإن "روبو فان" ليست نهاية الطريق لمشاركة "تسلا" في هذا القطاع، إذ تكشف خطط الشركة المستقبلية عن إمكانية طرح حافلة أكبر حجما من "روبو فان" في المستقبل القريب.

وتعد هذه الشاحنة جزءا من شبكة التنقل التي تسعى "تسلا" لتطويرها وتطبيقها في العديد من المناطق حول العالم، ومن المتوقع أن تحصل هذه الشبكة على مزيد من الإضافات على شكل مركبات مختلفة الحجم، ولكن بالطبع يمكن للمستخدمين اقتناء "روبو فان" واستخدامها بشكل شخصي.

ومن الجدير بذكره أن المنافسة في قطاع الحافلات الكهربائية بدأت تشتد مع دخول العديد من المنافسين إليه مثل "مرسيدس" و"فولكس فاجن" و"رام" و"فورد" أيضا.

منافسة شرسة

رغم أن قطاع السيارات ذاتية القيادة ما زال ناشئا دون وجود نموذج نهائي له، فإن هناك العديد من الشركات التي ساهمت في تطويره، وتقدم منافسين أكثر تفوقا وقدرة من أنظمة "تسلا" الحالية، وفي مقدمة هؤلاء تأتي شركة "وايمو" (Waymo) و"كروز" (Cruse).

استطاعت هذه الشركات على حدة تجربة آليات القيادة الذاتية لمسافات تتخطى ملايين الكيلومترات بشكل جماعي حول العالم، وهو الأمر الذي يجعل أنظمتها أكثر تفوقا ودقة من أنظمة "تسلا" بشكل عام، وتحديدا شركة "وايمو" التي تعد شركة فرعية من شركات "غوغل" وتمكنت سياراتها من السير بشكل ذاتي القيادة لمسافة تتخطى 11 مليون كيلومتر منذ ظهورها للمرة الأولى.

بالطبع تم اختبار هذه الآليات في أكثر مدن العالم ازدحاما مثل سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، فضلا عن مقارنة بيانات القيادة الذاتية للسيارة مع بيانات قيادة البشر، حيث وجدت "وايمو" أن آليات القيادة الذاتية أقل عرضة للحوادث أو حتى الظهور في تقارير الشرطة.

هل تستطيع "تسلا" التنافس في قطاع السيارات ذاتية القيادة؟

كانت "تسلا" من أوائل الشركات التي أعلنت دخولها إلى قطاع السيارات ذاتية القيادة، وهي أيضا من الشركات التي تسعى للوصول إلى المرحلة الثالثة من هذه التقنية، أي السيارات ذاتية القيادة بالكامل دون وجود أي إشراف أو تدخل بشري عليها.

ومن أجل هذا، طورت الشركة العديد من الآليات المتنوعة والمختلفة للوصول إلى أقرب نموذج من نماذج السيارات ذاتية القيادة، ورغم ذلك، فإن مشروع "تسلا" واجه العديد من التحديات التي تمثلت في أعطال عديدة أصابت الأنظمة في أوقات مختلفة.

تسببت هذه الأعطال في حوادث عديدة، سواء كانت حوادث ارتطام مع ركاب درجات أو دعس مشاة في الشوارع، وفي بعض الأحوال حوادث مرورية بين سيارات مختلفة، إضافة إلى تعطيل الطرق عند تعطل النظام، وهي جميعا تحديات تسببت في رفع عدد كبير من القضايا على الشركة.

وإلى جانب هذه القضايا، فإن الجهات التنظيمية الفدرالية المتعلقة بسلامة الطرق والحوادث أنذرت الشركة أكثر من مرة، وفحصت آليات القيادة الذاتية الخاصة بها، وأوقعت بعض الغرامات على "تسلا"، فضلا عن إيقاف هذه النظم في بعض الأحيان حتى تحديثها.

ومع وجود كل هذه التحديات مع أنظمة القيادة الذاتية الموجهة في سيارات "تسلا" المعتادة، هل يمكن أن تنجح الشركة في تطوير نظام قيادة ذاتي دون تدخل بشري كامل في "سايبر كاب"؟ وهل ترى السيارة النور؟ أم تظل في غياهب النسيان مثل "تسلا رودستر 2″؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السیارات ذاتیة القیادة القیادة الذاتیة إیلون ماسک العدید من

إقرأ أيضاً:

ما قصة ساحة فلسطين التي أصبحت أزمة وصراعا سياسيا بالدانمارك؟

يقول ناشطون دانماركيون إن تسمية الطرق والميادين في كوبنهاغن تتم عادة من دون الكثير من الضجة أو حتى جذب انتباه الجمهور، ولن يكتشف معظم المواطنين أن طريقا أو ساحة تمت إعادة تسميتها إلا عندما تظهر علامة جديدة على زاوية الشارع.

لكن ما حدث مع منطقة نوربرو (شمال غربي العاصمة كوبنهاغن) كان مختلفا تماما، وشهدت بلدية المنطقة فصولا من الجدل والإثارة التي استمرت على مدى أكثر من عام ونصف العام حتى حانت ساحة الحسم وصدر قرار بتسمية المنطقة "ساحة فلسطين".

الساحة تقع ضمن بلدية كوبنهاغن في منطقة نوربرو (الصحافة الدانماركية)

فما القصة؟

بدأت القصة في المجلس البلدي لمدينة كوبنهاغن عندما تقدمت 4 أحزاب (القائمة الموحدة، والشعب الاشتراكي، والبديل، والراديكالي اليساري) وكلها داعمة للقضية الفلسطينية بطلب، من أجل تسمية ساحة في منطقة نوربرو باسم "ساحة فلسطين"، وكان ذلك في أغسطس/آب 2023.

لكن قبل مناقشة الطلب بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فطلبت أحزاب المعارضة تأجيل البت في المقترح، بحجة أن ذلك قد يثير جدلا وأزمات سياسية في ظل "الصراع المستمر بين إسرائيل وفلسطين".

ولم يتوقف الجدل هنا، إذ تقدمت أحزاب اليسار بشكوى للهيئة العليا للمراقبة بشأن القضية، واستندت هذه الأحزاب إلى أن صراعات السياسة الخارجية لا يمكن للمجالس المحلية التعامل معها، ولذلك قررت الهيئة المضي قدما في مشروع تسمية الساحة.

إعلان

وتصاعدت القضية أكثر عندما تحول الملف إلى بلدية كوبنهاغن من أجل الاستشارة الفنية في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وتلقت البلدية 162 استفسارا حول التسمية، وكانت أغلبها (153) إيجابية، ولم تتلق إلا 9 اعتراضات فقط لتسمية المنطقة المعنية، ولذلك قررت لجنة التكنولوجيا والبيئة الموافقة على مقترح "ساحة فلسطين".

والخميس الماضي، صوتت الأغلبية في مجلس بلدية كوبنهاغن لصالح تسمية "ساحة فلسطين" بموافقة 29 صوتا من أصل 55 عضوا، وصدر القرار بالموافقة على التسمية التي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من أبريل/نيسان القادم.

خلافات سياسية

وقد يمثل الجدل المصاحب لمقترح التسمية هذا انعكاسا لطبيعة الصراع بين الأحزاب المحلية في كوبنهاغن، وكذلك الحساسية السياسية المحيطة بالقضية الفلسطينية.

لذلك يقول كاشف أحمد العضو في الحزب الراديكالي اليساري، وهو أحد الأحزاب التي قدمت مقترح التسمية، "إننا واجهنا عدة أطراف حاولت تعطيل عملية التسمية، أو تدفعنا للتراجع عن قرارنا"، متذرعة بأن التسمية تتعلق بالسياسة الخارجية وستثير الجدل ويجب رفضها.

وأضاف أحمد -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن منطقة الساحة يسكنها أفراد متعددو الثقافات والعرقيات، وبعضهم من خلفيات شرق أوسطية، و"ساحة فلسطين" ستوفر حضورا واعترافا بهذه المجتمعات وإسهاماتها في الحياة الثقافية في كوبنهاغن، كما "ستعزز الحوار ومناقشة المواضيع الشائكة بدل تجاهلها وصولا لمصالحة مجتمعية وفهم مشترك".

وأشار عضو الحزب الراديكالي إلى أن "ساحة فلسطين" ستكون رمزا للسلام والاعتراف بالفلسطينيين في كوبنهاغن، و"ستشجع على النقاشات والحوار بشأن السلام والعدالة والتعايش، حيث يمكن للهويات المختلفة أن تتفاعل معا وتحترم التاريخ المغاير لدى كل منها".

رمزية سياسية

ربما لا تشغل الساحة التي يدور الحديث عنها مساحة كبيرة من الأرض، أو قد تكون مجرد ساحة مثل غيرها من الساحات ضمن بلدية المدينة الكبيرة، لكنها لدى الناشطين في الدانمارك تمثل رمزية سياسية ذات دلالات مؤثرة، خاصة في هذا التوقيت.

إعلان

ولهذا يقول عيسى طه نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في الدانمارك إن هناك صراعا حقيقيا حول من يتصدر المشهد ويمثل الرأي العام هنا في كوبنهاغن، وذلك عبر ما تسمى "حرب السرديات"، لا سيما أن الدعم المقدم للقضية الفلسطينية بعد الإبادة الجماعية على قطاع غزة وفلسطين في ازدياد، وشمل جوانب عدة مثل العمل القضائي والحقوقي والإغاثي والنقابي والطبي والشعبي والسياسي.

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أضاف طه أن القرار في حد ذاته له دلالات رمزية سياسية، ويمثل صفعة لكل من يناصر الاحتلال ويدعي أن الدانمارك ومؤسساتها الحكومية وغير الحكومية تدعم الاحتلال الإسرائيلي، "بينما الواقع يقول عكس ذلك ولدينا 3 منظمات غير حكومية (أمنستي وأوكسفام وأكشن إيد) رفعت قضية على الحكومة الدانماركية لتصديرها السلاح لإسرائيل.

ويشرح نائب رئيس المنتدى الفلسطيني التركيبة السياسية في الدانمارك بأن الأحزاب التي تبنت مشروع "ساحة فلسطين" تمثل أغلبية في بلدية مدينة كوبنهاغن، وهي كلها داعمة للحق الفلسطيني. بينما الحكومة الدانماركية تتألف من أحزاب اليمين والوسط واليسار، وهي أحزاب مناصرة للاحتلال الإسرائيلي.

ولعل هذا ما يفسر العديد من المبادرات التي تثبت أن الشارع الدانماركي له رأي مختلف عما يقوله السياسيون، ومشروع التسمية هذا يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، ولعله جزء من الدور التراكمي الذي يصب في خدمة القضية الفلسطينية، حسب ما قاله عيسى طه.

الدعم الشعبي

والاختلاف السياسي الذي أشار إليه عيسى طه سابقا، يضرب عليه مثالا الناشط والإعلامي الدانماركي نيلز بريك بأنهم قدموا العام الماضي مقترحا شعبيًا للاعتراف بخطر الإبادة الجماعية في غزة، ولكن أقل من 7% فقط من أعضاء البرلمان صوّتوا لصالحه. مؤكدا "أن هناك دعمًا أكبر في كوبنهاغن لحقوق الإنسان والحرية والعدالة لجميع الناس، بما في ذلك الفلسطينيون، ولهذا السبب لدينا ساحة فلسطين في كوبنهاغن اليوم".

إعلان

وأضاف بريك -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الحركة المؤيدة لفلسطين في كوبنهاغن "شاركت في مظاهرات كل أسبوع تقريبا على مدى أكثر من عام في جميع أنواع الطقس". مبينا أن هذا الحراك الشعبي أسهم في تهيئة المناخ السياسي الذي وافق على أن تكون هناك ساحة في كوبنهاغن تسمى ساحة فلسطين.

وأشار بريك إلى أن الحركة المؤيدة لفلسطين بذلت جهدًا كبيرًا في انتقاد الإعلام عندما كان يحرّف الأحداث أو يعتمد فقط على الرواية الإسرائيلية ودعايتها ونشرها الأكاذيب. قائلا "إننا فعلنا ما بوسعنا لضمان وصول أكبر قدر ممكن من الحقيقة إلى عامة الناس، وبالطبع الحقيقة التي تخدم القضية الفلسطينية".

مقالات مشابهة

  • كيف يمكن لدعم إيلون ماسك لترامب أن يضر بشركة تسلا أو يساعدها؟
  • ما قصة ساحة فلسطين التي أصبحت أزمة وصراعا سياسيا بالدانمارك؟
  • الإمارات تقود الابتكارات المتطورة في مجال المركبات ذاتية القيادة
  • الإمارات تقود الابتكارات المتطورة بمجال المركبات ذاتية القيادة
  • نيسان اليابانية تختبر مركبات ذاتية القيادة في شوارع طوكيو المزدحمة
  • شاهد بالفيديو .. لحظة اعتقال الرئيس الفلبيني السابق
  • ترامب: سأشتري سيارة تسلا جديدة دعماً لإيلون ماسك
  • نيسان تختبر مركبات ذاتية القيادة في شوارع طوكيو المزدحمة
  • إيلون ماسك يصف وزيرا بولنديا بـالرجل الصغير وحملة برتغالية لمقاطعة تسلا
  • البرتغال.. دعوات لمقاطعة تسلا بسبب مواقف ماسك السياسية