رام الله– تسارع الفلسطينية أماني مشهور، عصر كل يوم ومنذ نحو أسبوعين، لإغلاق نوافذ منزلها وبوابته الرئيسية، وتتحصن بداخله لتحمي نفسها ووالدها العجوز من اقتحامات أو اعتداءات جنود الاحتلال الذين ينتشرون بمحيطه.

ويتزامن هذا الانتشار مع عمليات تجريف واسعة ينفذها الاحتلال في المكان تمهيدا لبناء جدار حديدي عازل حول منازل وأراضي المواطنين في بلدة سنجل شمالي مدينة رام الله بالضفة الغربية.

وقبل أيام، شرع الاحتلال، وتنفيذا لقرار إسرائيلي سابق "بوضع اليد" على أراضي المواطنين بالمنطقة الشمالية الشرقية من البلدة، بتشييد الجدار العازل بحجة منع رشق مركبات المستوطنين المارة عبر شارع رام الله- نابلس، بينما يقول المواطنون إنه جاء لمصادرة أرضهم وعزلهم عنها وحبسهم داخل بلدتهم.

ويقول مسؤولون فلسطينيون إن إسرائيل تعمل عبر هذه الجدران على تطويق القرى الفلسطينية ومحاصرتها وقطع تواصلها، خاصة تلك القريبة من شوارع يستخدمها المستوطنون، وفي ذلك تعزيز أكثر للاستيطان وربط المستوطنات ببعضها.

جرافات الاحتلال تقتلع أشجار الزيتون والحمضيات من أرض أماني مشهور في سنجل (الجزيرة) تهديد بالتهجير

تعيش أماني رفقة والدها الثمانيني في منزلهم المبني قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967. وكغيرها من أهالي بلدتها، واجهت اعتداءات الاحتلال وانتهاكاته، لكنها عانت أكثر مع بدء الاحتلال بتجريف أرضها قبل نحو 10 أيام، واقتلاع أشجار زيتونها المعمرة لبناء الجدار الذي سيقتطع منزلها أيضا.

ومع بدء التجريف انتشر الجنود حول المنزل وقيدوا تحركاتها وقضاء أبسط احتياجاتها بالتسوق أو حتى لنقل والدها للطبيب أو التوجه للصلاة في المسجد، وحدَّ ذلك أيضا من تواصل أهالي البلدة وأقاربها معها وزيارتها أو حتى تمكنهم من قطف زيتونهم الذي تزامن موسمه وأعمال التجريف وتشييد الجدار.

وتقول أماني للجزيرة نت إنه بينما يحشد الجنود على بُعد أمتار من منزلها "اقتلع الاحتلال أشجار الزيتون ودمروا أرضي ليس لبناء الجدار الذي يتقاطع مساره أصلا مع منزلنا، وإنما لتسهيل دخول الجرافات والعمال وشق الطريق لتشييد الجدار".

وتدرك أماني أن منزلهم يعيق الجدار بشكل أو بآخر، وأن الاحتلال يريد إخلاءهم منه، ولهذا تعرضت لتهديد مبطن بالتهجير على لسان أحد ضباط الجيش الإسرائيلي، وساومها على ذلك بعد أن عرف أنها تحمل الجنسية الأميركية أيضا، وأخبرها أنه لولا وجودها مع والدها بالمنزل لتم هدمه ليمر الجدار عبره.

وتتحدى أماني ووالدها الاحتلال بكل إجراءاته العسكرية والتدميرية للأرض وتصر على الصمود بمنزلها وأرضها، وتحاول أن تعيش حياتها بشكل طبيعي رغم التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية.

وتقول "اقتحم الجنود المنزل مرات عديدة وطردوني من المنزل لتناول طعامهم بداخله، أو تفتيشه بحجة مطاردة الشبان، وهدد الاحتلال باعتقالي كوسيلة للضغط على الشبان لمنعهم من رشق الحجارة".

ورغم رسائل التهديد والوعيد، ترفض أماني مغادرة المنزل، وتخشى تحت أي ظرف قاهر، كالسفر لعلاج والدها، من سيطرة الاحتلال على المنزل وتحويله لثكنة عسكرية.

وتؤكد أن "الجدار ضاعف خطر المستوطنين وجيش الاحتلال علينا وقيَّد حريتنا أكثر بعد أن عزلنا عن محيطنا وبلدتنا، وهذا هدف الاحتلال وليس وقف رشق الحجارة على شارع يمر به أصلا الفلسطينيون قبل المستوطنين".

إجراءات تمهيدية

وعلى مساحة 30 دونما قابلة للزيادة، وبطول يصل إلى 1500 متر، يقيم الاحتلال الجدار العازل الشائك، وبارتفاع 4 أمتار، لتصبح بلدة سنجل محاصرة بالكامل، فالاحتلال أغلق من قبل مداخلها الأربعة بالسواتر الترابية والأسلاك الشائكة، وأغلق الخامس ببوابة حديدية وحاجز عسكري يرهق المواطنين ويتحكم بحركتهم.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي جاهدا منذ سنوات لعزل حوالي 8 آلاف دونم من أراضي المنطقة الشمالية، تشكل نصف مساحة القرية المقدرة بـ16 ألف دونم، تمهيدا لمصادرتها. ومنذ الحرب على غزة، بات يمنع أصحابها من الوصول إليها نهائيا.

وتزرع الأراضي المهددة بأكثر من 2400 شجرة زيتون، إضافة لأشجار التين واللوزيات، وتشكل سهولها بزراعتها الموسمية سلة غذاء البلدة وعمود اقتصادها.

ويقول رئيس المجلس البلدي في سنجل الدكتور معتز طوافشة، إن الاحتلال إضافة لإغلاقه مداخل البلدة ومحاصرتها وتهديد أرضها بالمصادرة استبق قراره ببناء الجدار بجملة من الإجراءات العقابية ضد السكان، فاعتقل العشرات من الشبان، وشن جنوده والمستوطنون اعتداءات كثيرة كانت أكثر وحشية بعد الحرب على غزة.

ويخطر الاحتلال بلدة سنجل حسب طوافشة بـ50 قرارا بالهدم منها 10 حديثة، لكنه يستهدف 40 منزلا تقع في مسار الجدار الجديد بالمنطقة الشمالية الشرقية، وتم فعلا تهجير سكان 17 منزلا، بينما يفكر مواطنون آخرون مليا بهجر منازلهم بعد أن فقدوا كل مقومات صمودهم وأصبحوا هدفا لجنود الاحتلال ومستوطنيه.

عزل البلدات

وسنجل واحدة من قرى فلسطينية كثيرة شيَّد الاحتلال حولها جدرانا عازلة، ففي بلدة عزون شرقي مدينة قلقيلية بشمال الضفة الغربية، شرع ببناء جدار عازل عام 1995، ثم أخذ بتوسعته على فترات مختلفة، كان آخرها بعد الحرب على غزة ولا يزال العمل به قائما، حيث وضع يده على عشرات الدونمات لبناء جدار يمتد لنحو 4 كيلومترات وبعمق يصل إلى 150 مترا، وشق طرقا أمنية أيضا.

ورفضت سلطات الاحتلال، حسب طوافشة، اعتراض الأهالي على مصادرة أراضيهم وإقامة الجدار، متذرعة بأن قرارات "وضع اليد" أمنية وعسكرية وغير قابلة للتفاوض أو النقاش أو الاعتراض.

وتجثم فوق أراضي سنجل 4 مستوطنات ضخمة أبرزها "شيلو" و"معاليه ليفونه"، ومعسكر للجيش. وتصنّف 8 آلاف دونم من أراضيها كمناطق "ج" وفق اتفاق أوسلو، وتخضع بذلك لسيطرة الاحتلال الأمنية والإدارية، وبالمقابل يمنع أي توسع للمخطط الهيكلي للبلدة.

وشيَّد المستوطنون أيضا عددا من البؤر الزراعية والرعوية الاستيطانية في المنطقة المستهدفة شمالي سنجل، وأصبحت بدورها تتوسع وتتطور ما يعني تهويد الأرض بالكامل.

والجدران العازلة التي يقيمها الاحتلال بمحاذاة القرى الفلسطينية أو تلتف حولها بحجة حماية المستوطنين أو تشكل مناطق أمنية لهم ولجنود الاحتلال، يرى بها طوافشة سياسة استيطانية جديدة تهدف لعزل البلدات عن بعضها بعضا وتحويلها لسجون كبيرة.

وحسب بيان صحفي نشرته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (جهة رسمية) على صفحتها، فإن الاحتلال والمستوطنين شنوا 16 ألفا و663 اعتداء منذ الحرب على غزة قبل عام طالت الفلسطينيين وممتلكاتهم، كما صادرت 52 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين تحت مسميات وحجج مختلفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات الحرب على غزة

إقرأ أيضاً:

هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا

أعلنت هولندا أنها ستلتزم بقرارات المحكمة الجنائية الدولية بشأن مذكرتي اعتقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزيره السابق، يؤاف غالانت.

وقال كاسبر فيلدكامب وزير الخارجية الهولندي، إن بلاده تحترم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، متعهدا باعتقاله إذا وصل للأراضي الهولندية.

من جهتها، أعلنت مدينة ديربورن الأمريكية أنها ستعتقل نتنياهو وغالانت إذا دخلا إلى حدود مدينة ديربورن بولاية ميشيغان.


ودعا عبدالله حمود، عضو مجلس نواب مدينة ميشيغان في تصريح له، "المدن الأخرى أن تعلن نفس الشيء". مضيفا عبر أكس: "قد لا يتخذ رئيسنا أي إجراء، لكن قادة المدن يمكنها ضمان عدم السماح لنتنياهو وغيره من مجرمي الحرب بالسفر بحرية عبر هذه الولايات المتحدة".

Dearborn will arrest Netanyahu & Gallant if they step within Dearborn city limits.

Others cities should declare the same. Our president may not take action, but city leaders can ensure Netanyahu & other war criminals are not welcome to travel freely across these United States. pic.twitter.com/eHS8oSMuqt — Abdullah H. Hammoud (@AHammoudMI) November 21, 2024
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو ووزير الحرب المقال يوآف غالانت بخصوص جرائم حرب مزعومة في غزة.

ونتنياهو وغالانت متهمان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على الأقل حتى 20 آيار/ مايو 2024 على الأقل، وهو اليوم الذي قدمت فيه النيابة العامة طلبات إصدار مذكرات الاعتقال.

وذكر بيان المحكمة الجنائية الدولية أن "هناك أسبابا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم حرب وأشرفا على هجمات على السكان المدنيين".

وأوضح: "جرائم الحرب المزعومة تشمل القتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية"، وأضاف: "قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري. الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصب في مصلحة الضحايا".

مقالات مشابهة

  • ترسيم الحدود البريّة هدفٌ للوساطة الأميركية أيضاً: فماذا عن الملفّ؟
  • هذا ما تفعله السجائر بجسمك بشكل صادم!
  • هولندا تؤكد استعدادها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • بيان لحزب الله يفند رواية الاحتلال حول كمين قتل فيه جنود وباحث توراتي متطرف (صور)
  • هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • 3 شهداء في قصف للاحتلال استهدف منطقة ميراج في رفح الفلسطينية
  • غرفة الأقصر تدشن المجلس الإقتصادي لسيدات الأعمال برئاسة النائبة أماني الشعولي
  • الصحة الفلسطينية: استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في نابلس
  • الرئاسة الفلسطينية: الفيتو الأمريكي للمرة الرابعة يشجع الاحتلال على جرائمه
  • بالفيديو.. جنود الاحتلال يفرّون أمام مقاتلي المقاومة الفلسطينية في شمال غزة