الكتابة في زمن الحرب (44): الخروج من جلباب الماضي
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
"السعادة ليست هروبا من الواقع ومآسيه إنما التحرر من تأثيره فينا وسيطرته علينا …. والسعادة هي في الحياة الواقعية لأن الإفراط في التفكير بمستقبلنا يهدم لذة الاستمتاع بحاضرنا"
برتراند راسل
طاف بخاطري هذا النص وانا استمع الي أرسله الصديق د عبد الباقي احمد في احد الوسائط الاجتماعية لاشهر اغنية كنا نسمعها ايام الشباب الناضر، والأغنية ياسادتي واحدة من احد الافلام الهندية الرومانسية والتي عمّت دور السينما في السودان والفيلم هو، من اجل أبنائي ولا اخفي عليكم ان الروح حنت الي ذلك الماضي الجميل الذي كان له اثر كبير في حياتنا وهنا نطت (النوستالجيا) وحكمت على ان أتمايل طرباً مع الموسيقى اما كلمات الاغنية فقد نحتاج الي قوقل لترجمتها.
من اجل ذلك وفي كثير من الأحيان، نجد أنفسنا مغرمين بالماضي، ليس فقط تقديرًا لما أنجزته الأجيال السابقة، بل لأن الماضي يحمل جزءًا من هويتنا وتجاربنا المشتركة. قد يتساءل البعض: هل نحن مغرمون بالماضي لأننا لم نستطع أن نفعل شيئًا لحاضرنا؟ أم أن هناك دائمًا جديدًا نطوره وقديمًا ندرسه لنأخذ منه العبر؟..هذا التساؤل يعكس العلاقة المعقدة بين الماضي والحاضر والمستقبل.
لو تأملنا سنجد ان الميل إلى الماضي قد يكون نتيجة شعور بعدم الرضا عن الحاضر أو رغبة في البحث عن الأمان في فترات مضت، لكن البقاء في جلباب الماضي يعوق قدرتنا على المضي قدمًا. إن إغراق أنفسنا في الحنين يمكن أن يكون عائقًا أمام تطوير الحاضر وتوجيه نظرتنا إلى المستقبل. فالماضي، مهما كان عظيمًا، لا يجب أن يصبح سجنًا نقبع فيه، بل منصة ننطلق منها نحو الأفضل.
المثل القائل “ليس في الإمكان أبدع مما كان” يعبر عن رؤية ترى أن الماضي قد بلغ ذروته وأنه لا يمكن تجاوز ما تحقق. ولكن هذا القول يعكس نوعًا من التفاخر غير المبرر والتشبث بإنجازات الماضي دون إدراك أن المستقبل يحمل في طياته إمكانيات جديدة. “لكل زمان رجال، ولكل حال مقال”، وهذا يذكرنا بأن لكل عصر تحدياته وفرصه، ويجب على كل جيل أن يخرج من جلباب الماضي ليواجه حاضره ويبدع في مستقبله.
التمسك بفكرة أن “ليس في الإمكان أبدع مما كان” قد يكون حجر عثرة أمام التقدم، إذ يُغلق الباب أمام التفكير في طرق جديدة للتطوير. إن التاريخ مليء بالأمثلة التي اعتُبرت في وقتها قمة الإنجاز، لكنها تحولت فيما بعد إلى نقطة انطلاق نحو ما هو أعظم.
التحدي الحقيقي لا يكمن في دراسة الماضي واستخلاص العبر منه فحسب، بل في قدرتنا على الخروج من جلباب الماضي. علينا أن نؤمن بأن الابتكار والتغيير جزء من الطبيعة البشرية، وأن النظر إلى المستقبل بعيون منفتحة على الاحتمالات الجديدة هو السبيل لصنع غدٍ أفضل. الإبداع لا يقف عند حدود زمن أو جيل، بل يستمر ويتجدد مع كل حقبة جديدة. وما كان يعتبر “أفضل ما يمكن” في الماضي، قد يصبح بداية جديدة لمستقبل أكثر إشراقًا.
إذا أردنا التقدم فعلينا أن نتعلم من الماضي، لكن دون أن نقع في فخ الجمود. المستقبل ينتظر من نمتلك الجرأة على الخروج من ظلال الماضي وإعادة صياغة الحاضر بطرق جديدة وإبداعية. فالحاضر يحمل فرصًا أكبر، وكل جيل له دور في صياغة إرثه الخاص، الذي يتجاوز ما كان ويصنع ما يمكن أن يكون.
لهذا يجب علينا، كأفراد ومجتمعات، أن ننظر إلى الماضي باعتباره مصدرًا للحكمة والتعلم، لا كعائق يمنعنا من النظر إلى الأمام. علينا أن ندرك أن كل جيل يمتلك القدرة على الإبداع والتجديد، وأن الحاضر مليء بفرص لا يمكن رؤيتها إلا بالتحرر من قيود الماضي.
الخروج من جلباب الماضي لا يعني إنكار ما كان، بل يعني تقديره والانطلاق منه نحو مستقبل مليء بالإمكانيات. فكل يوم يحمل معه فرصة جديدة لإعادة النظر فيما كان وإبداع ما لم يكن. والذين يدركون هذا هم من يستطيعون تحويل تحديات الحاضر إلى إنجازات تُلهم الأجيال القادمة، وتُحقق ما كان يُعتقد في الماضي أنه “غير ممكن”.
في النهاية، علينا أن نلتزم بالتوازن بين دراسة التاريخ والاستفادة من دروسه، وبين التطلع نحو المستقبل بروح من الإبداع. فالحياة ليست مجرد استمرارية للماضي، بل هي رحلة مستمرة نحو آفاق جديدة، تتشكل فيها أحلامنا وطموحاتنا. وبذلك، نستطيع أن نصنع مستقبلًا يُشرق بالإنجازات، وينبض بالحياة.ونقول إن كل خطوة نخطوها نحو المستقبل، يجب أن تكون مدفوعةً برغبة في الإبداع، وبتصميم على تجاوز ما كان، وبتفاؤل لما يمكن أن نحققه معًا.
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخروج من علینا أن ما کان
إقرأ أيضاً:
خفف علينا ثقلا لا يعلمه إلا أنت.. رسالة مؤثرة من أرملة إبراهيم شيكا
تذكرت هبة أيمن أرملة إبراهيم شيكا لاعب الزمالك الأسبق، زوجها الراحل بالدعاء عبر حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
و كتبت هبه أيمن :{ربنا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَالًا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}
و أضافت :اللهم لا تحملنا ما لا طاقه لنا به واعفو عنا واغفر لنا وارحمنا.
و تابعت :اللهم إنك لا تحمل نفسآ فوق طاقتهآ ، فلا تحملنآ من كرب الحياة ما لا طاقة لنا به يا رب هون علينا ثقل الأيام.
و استكملت :يا رب خفف علينا ثقلا لا يعلمه الا أنت واجبر خاطرا لا يعلم كسره الا أنت ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به اللهم أمين يارب العالمين.
وكانت قد تلقت أسرة الراحل إبراهيم شيكا لاعب الزمالك السابق، واجب العزاء من داخل مسجد الحامدية الشاذلية، وسط توافد كبير من نجوم الرياضة.
حرص على الحضور عدد من مشاهير الفن والكرة المصرية، منهم الفنانة وفاء عامر، والمنتج محمد فوزي، واللاعب محمد مجدي قفشة، وأحمد سليمان عضو مجلس الزمالك، وأحمد مرتضى منصور.
الجدير بالذكر أن إبراهيم شيكا من مواليد 1997، ونشأ في أكاديمية الزمالك، حيث أطلق عليه لقب «شيكا» من زملائه لتشابه أسلوب لعبه ومهاراته مع نجم الفريق محمود «شيكابالا»، وكان يلعب في مركز الظهير الأيسر.
وبعد فترة في الزمالك رحل عن الفريق وعمره 19 سنة إلى المقاولون العرب ثم طلائع الجيش قبل أن يجبره المرض على الابتعاد عن اللعبة.