صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-17@01:37:04 GMT

هل اكتملت حرب الوكالة في السودان؟

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

هل اكتملت حرب الوكالة في السودان؟

صلاح شعيب

*إلى أي مدى يمكن القول إن صراع جيش الحركة الإسلامية والدعم السريع قد خرج من بين إرادتهما، وأصبح حرب وكالة تشارك فيها جهات إقليمية ودولية؟..

الحقيقة أنه حتى قبل الحرب كانت هناك أطراف خارجية متورطة في التدخل عند فترة ما بعد نجاح ثورة ديسمبر. شاهدنا دول مصر، وإثيوبيا، والإمارات، تحاول قدر المستطاع التأثير في الجيش، وكذلك في قادة المدنيين.

وأثناء حكومة حمدوك لاحظنا أن واشنطن دخلت على الخط بطرق متعددة، وكذلك الاتحاد الأوروبي، خصوصا دول الترويكا. وبعد الحرب حاولت أنجمينا، وجوبا، التأثير، وكذلك استمرّت محاولات التأثير من الدول التي تدخلت منذ بدايات الانتقال، ولاحقاً تركيا، وإيران، وروسيا، ودول أخرى.

هناك وجهات نظر سودانية، وخارجية، تقول إن الحرب قد فلتت من الطرفين، وبالتالي ما دامت تحتاج إلى الدعم العسكري المتواصل من الدول المالكة للمال، والسلاح، فإن الطرفين سوف يستجيبان لشروطها في الحاضر، والمستقبل.

السودان منذ استقلاله ظل محط أنظار دوله المجاورة الطامعة، وكذلك العالم الرأسمالي الإمبريالي. بل إنه هو ذاته يتدخل ليغير أنظمة في الدول المستضعفة من حوله. إنه يتدخل لتغيير حكومات تشاد، وإثيوبيا، وإريتريا، ويوغندا، وأفريقيا الوسطى. ولا ننسى أنه حاول تغيير القيادة المصرية بمحاولة لاغتيال حسني مبارك. العالم متداخل بمصالح استراتيجية في المنظور القريب، والبعيد. وبالاقتصاد، والثقافة، والمذهب الديني أحياناً، يتكتل، ويحترب.

ولذلك بخلاف أن أوضاعنا السياسية تأثرت منذ الاستقلال بالأوضاع الجيوبوليتيكية، فإن الحرب الدائرة الآن ليست بدعاً. فالسلاح، والمال، اللذان تحتاج إليهما الحرب يتطلب من الطرفين السماح باستمرار هذين التدخلين الإقليمي والدولي.

الموارد الاقتصادية الكثيفة للسودان، وتنوعه الديني والإثني، تعد من المحفزات الأساسية لأسباب التوتر الذي جعل الحروب سمة أساسية لطبيعة الدولة المركزية السودانية.

والآن مع اشتداد حاجة الأطراف الخارجية لهذه الموارد، والاستقطاب الأيديولوجي، الذي تتورط فيه بعضها بعضاً، تسير حرب السودان نحو مرحلة جديدة من التصعيد في ظل غياب الدور الوطني المجمع عليه سودانياً.

*إلى أي مدى تستطيع نخبنا توظيف الزمن لخلق معادلة جديدة في الحرب لتوقفها؟ (-) سؤال لا تستطيع النخب السودانية اعتماد الصدق التام للإجابة عنه. فمن ناحية يغرق اليمين واليسار في تفتت حزبي عقيم لا علاقة له بالقواعد المدينية، والريفية، ولا حتى بمجموع القواعد الطبقية، أو الثقافية، أو الدينية المذهبية. فالمطروح لمعالجة الحرب في وسائل الإعلام الكلاسيكية، ووسائط الميديا الحديثة، نوع من التفاف أبناء الطبقة الوسطى، ورموزها حول القضايا الملحة التي أفضت إلى الحرب. وبالتالي يحاولون دفع الرأي العام إلى الاحتماء بتقوقعاته الجغرافية، والأيدلوجية، والمذهبية.

أما الجدية المطلوبة لمقاربة قضايا الحرب وافتراض حلول نظرية موضوعية تصطدم دائماً بالاحتيال المتعالم على الرأي العام في الإنترنت.

أما القيادات الحزبية في اليمين، واليسار، والوسط، ونسبة لافتقارها إلى طرح فكري يستجيب لكل تطلعات القواعد السودانية تاريخياً، فإن طرحها لحلول الحرب يصطدم بحيثيات غير جوهرية لا تحرك ساكن الفشل الحزبي المركزي المستدام.

الجوهري لحل معضلة الحرب، واستعادة المبادرة السودانية، في مقابل المبادرات الخارجية بتدخلاتها الواضحة، والمستترة، هو توحيد الرأي العام. والحال هكذا فإن اكتمال كل متطلبات حرب الوكالة سيقسم الرأي العام. وبالتالي سوف يكون تفضيله لهذا المعسكر، أو ذاك، نمطاً جديداً من الولاء الجديد للسودانيين نحو الخارج. ذلك بعد أن أصبح الداخل لا نفع كثيراً فيه، ومكبل بانحيازاته الإثنية. على أن الحل المفتاحي للحرب سيبدأ بتوحيد الرأي العام. وللأسف لا توجد أي بوادر في هذا المنحى غير عراك معظم السودانيين في الإنترنت عند كل ثانية.

suanajok@gmail.com

الوسومصلاح شعيب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح شعيب الرأی العام

إقرأ أيضاً:

المهددات الاقليمية والدولية لسيطرة آل دقلو على السودان 2/2

(1) في الامبراطورية الفارسية جرت العادة عندما يموت الملك يترك الناس خمسة أيام في حالة من الفوضى واللاقانون والإرهاب وعند صعود الملك الجديد يستتب الأمن ويدرك المجتمع الفرق بين السلطة والنظام والفوضى.

منذ 15 ابريل 2023م وحتى اللحظة أدرك الشعب السوداني طبيعة الحكم الذي كان سيرزح في اغلاله لو سقطت الدولة السودانية في يد عصابة آل دقلو الارهابية.لقد عبر عن نموذج الأعراب التوحشي في الحكم مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون عندما ذكر في مقدمته ، إن طباعهم جافية إلى طباع الحيوانية أقرب يمدون إلى ما بأيدي الناس يسلبونهم أموالهم ومتاعهم ، وإذا تغلبوا على وطن أسرع إليه الخراب لأن طباعهم منافية للعمران لاستحكام عوائد التوحش فيهم ان أي دولة تنزع للنهوض في وسط عصبية قبلية تحتاج إلى الفضيلة والأخلاق ورمزية الدين وصيانة القيم المجتمعية ولكن عصابة آل دقلو الارهابية عراة أمام هذه القيم وحقا كما قال الافوه الأودي
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة لهم اذا جهالهم سادوا
(2)
ان مشروع عصابة آل دقلو في الحكم يحمل في جيناته ذات الافكار القومية النازية التي أججت النزعات الهوياتية في اوربا ، وأشعلت الحرب الكونية الثانية بكل مآسيها ومخازيها على الانسانية والطبيعة والاقتصاد ، لذلك فإذا تمكن آل دقلو من السيطرة على الحكم حتما سيتدحرج السودان في أتون صراع الهويات القاتلة وحرب الكل ضد الكل والتفكيك الى دويلات متناحرة.

فما هي التأثيرات الإقليمية والدولية في حال سيطرة عصابة حميدتي على السودان؟؟ سينزع النازي حميدتي الى تصدير نموذج النقاء العروبي الماهري في الحكم الى دول الجوار المتاخمة الى دارفور خاصة تشاد وإفريقيا الوسطى وستمتد نزعاته الامبراطورية الى النيجر ومالي مما سيؤدي الى تغذية الحروب الهوياتية في هذه الدول ذات الهشاشة الاثنية السياسية والاقتصادية بالتالي ستشتعل الحروب الاهلية في كل هذه الدول وستتكرر مأساة الابادة الجماعية في هذه المنطقة.
(3)
إن إشاعة حالة السيولة الأمنية والصراع الهوياتي في السودان سيغذي النزاعات الاثنية والقومية في دول جنوب السودان واثيوبيا وارتريا ، خاصة ان دولة جنوب السودان على شفا الحرب الأهلية الثانية بين الدينكا والنوير، وكذلك اثيوبيا وارتريا تتأهبان لخوض الحرب المدمرة الثانية.

كذلك ستؤدي حالة الفوضى في السودان ودول الجوار الى تكاثف موجات الهجرة غير الشرعية من الدول الافريقية الى الشرق الاوسط وأوربا وستمتد حالة الفوضى الخلاقة الى منطقة البحيرات والقرن الافريقي المتأزمة أصلا بالتالي ستضطرب حركة التجارة العالمية في المحيط الهندي حيث تعبر 20% من التجارة العالمية، ومعلوم أن الاقتصاد العالمي يعاني من متلازمة الانكماش والفجوة الغذائية بسبب الحرب الروسية الاوكرانية. وسينعكس ذلك في تفاقم الخلخلة السكانية والنزوح والمجاعات في هذه الدول الافريقية التي تعاني من متلازمة الفقر والمرض والجهل
(4)
إن السيناريو الاخطر أن تؤدي حالة الفوضى الخلاقة في السودان ودول الجوار الى انشقاقات عمودية وسط القوميات السكانية تؤدي الى انفصالات وصناعة دول فاشلة جديدة تشكل بيئة جاذبة وحاضنة للتنظيمات الارهابية مما يعني تهديد السلم والامن الاقليمي في منطقة البحر الاحمر ومضيق باب المندب ودول مصر وليبيا ودول الخليج العربي، ودول المغرب العربي. من ثم عبور نشاط التنظيمات الارهابية الى اوربا وأمريكا.

بالتالي ووفق نظرية الامن الجماعي في العلاقات الدولية فان هذه المآلات الكارثية تؤكد أن اختطاف مليشيا ال دقلو للحكم في السودان يمثل تهديد وجودي للسودان ، وايضا مهدد للسلم والامن الاقليمي والدولي.
(5)
إن إزالة هذا المهدد الوجودي والاستراتيجي يتطلب احاطة الرأي العام الرسمي والشعبي على المستويين الإقليمي والدولي وذلك بتكثيف الدبلوماسية الشعبية خاصة عبر الجاليات السودانية في أوربا وامريكا للتواصل مع الشعوب والاحزاب المؤثرة ، ومنظمات حقوق الانسان ، ومؤسسات المجتمع المدني ، ومراكز الفكر والثقافة والإعلام المؤثرة في صناعة القرار السياسي .

ايضا إزالة هذا المهدد الوجودي يتطلب تكثيف الدبلوماسية الرسمية مع كل دول العالم ومع المؤسسات الاقليمية والدولية مجلس الامن الدولي، الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الاوربي وذلك للضغط على دولة الامارات العربية المتحدة لايقاف تمويلها لمليشيا آل دقلو بالمال والسلاح والمرتزقة وتصنيف المليشيا المجرمة منظمة ارهابية، ودعم الدولة السوداني والجيش بالمال والسلاح للتمكن من دحر واستئصال المليشيا الارهابية حتى لا ينزلق السودان في أتون التفكك والانهيار ولصيانة الامن والسلم الاقليمي والدولي.
عثمان جلال الدين
عثمان جلال
الأحد: 2025/3/16

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محمد أبو العينين: الإعلام أداة فعالة لنقل المعرفة وتشكيل الرأي العام
  • النائب العام يبدأ جولة تفقدية للنيابات السودانية
  • المهددات الاقليمية والدولية لسيطرة آل دقلو على السودان 2/2
  • هل تلعب تركيا مع الطرفين في الحرب الأهلية السودانية ؟
  • مناوي يقول إنه ناقش مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي أوضاع الحرب السودانية
  • الأونروا: انهيار الوكالة يهدد بضياع جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين
  • الحكومة السودانية تسمى ملحقين إعلاميين بمصر وإثيوبيا
  • الاعيسر يبحث مع اليونسكو التعاون في استعادة وترميم الآثار السودانية
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • نصر دبلوماسي هام لوحدة السودان