الجيش... من الميدان إلى النزوح أيضا
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
منذ سنوات طويلة وحدّ اليوم لم يبخل الجيش بتقديم دمه وأغلى ما يملك ليحيا لبنان.. تاريخه المشرف أثبت دائمًا ولاءه للوطن الذي ارتفع وعاش بفضل قرابين التضحية التي قدّمتها عناصر استشهدت لاجل هذا الوطن. وعلى الرغم من إمكانات الجيش المحدودة، إلا أن العزيمة، والغيرة الوطنية، أثّرت ولعبت دورها في تاريخ الجيش القديم والمعاصر.
وعلى خطّ العدوان الإسرائيلي الإجراميّ المستمر على قرى وبلدات لبنانية، ومنها العاصمة بيروت، طالت شظايا هذا الهجوم الجيش، إذ أجبرت آلات القتل الإسرائيلية ما يقارب 45 فردًا يرتبطون بالجيش ارتباطًا مباشرا على النزوح من أماكن القصف، ليتحملوا هم أيضا تبعات حرب إجرامية، بعد أزمة اقتصادية كان الجيش من أبرز ضحاياها، ليزيد عبء النزوح تحديًا جديدًا على كاهل المؤسسة العسكرية، خاصة على صعيد العائلات المرتبطة بعناصر الجيش، التي اضطرت لترك منازلها بحثًا عن مناطق أكثر أمانا، وبعيدًا عن مناطق الصراع، التي تشهد حملة تدمير واسعة. وعلى صعيد النزوح، لا تزال الجهات المعنية تعمل بالقدرات المتوافرة لديها على تأمين مراكز إيواء لكافة النازحين، إذ حسب المعلومات، تم إيواء تقريبًا كافة من نزحوا من الجنوب وبيروت والبقاع. النزوح بطبيعة الحال أثّر على الجيش بشكل مباشر، خاصة وأن عناصر الجيش بمجملهم كانوا يعانون من أزمة اقتصادية خانقة أثّرت على قدرتهم الشرائية، على الرغم من المساعدات المتتالية والدعم الذي كانوا يتلقوه، ما وضع عددًا كبيرًا منهم في موقف صعب خلال هذه الأزمة، خاصة وان معاشهم الشهري لا يكفي قيمة الإيجارات المرتفعة التي تشهدها مناطق النزوح. مصادر تواصل معها "لبنان24" أكّدت أنّ قيادة الجيش استنفرت منذ اللحظة الاولى من خلال لجان طوارئ وُجدت لكي تنظم عملية إيواء عائلات العسكريين، وذلك من خلال مراكز خاصة تم تامينها لهم. وتؤكّد هذه المصادر أن لجانا خاصة موزعة على مختلف المناطق اللبنانية مهمتها تأمين احتياجات العسكر كافة تعمل بشكل متواصل ومن دون أي انقطاع عن الميدان. كما وتم إشغال مراكز خاصة بالجيش كمراكز للإيواء. وتشير المصادر إلى تشكيل لجان أخرى تعمل بشكل يومي على تلقي وتوزيع المساعدات لعناصر وعائلات الجيش في مختلف مراكز الإيواء، عدا عن التقديمات الأخرى التي يستلمها الجيش من قبل الجهات المانحة. وبعيدًا عن المدارس التي يتواجد في داخلها أيضا عدد كبير من عائلات أفراد الجيش، برز من جانب آخر قيام عائلات عدّة في مختلف المناطق اللبنانية باستقبال عائلات افراد الجيش بشكل مجاني داخل بيوتهم. ففي إحدى البلدات الكبرى، تواصل "لبنان24" مع أحد العناصر الذي أشار إلى أنّ عائلة فتحت منزلها بشكل مجاني أمامه وأمام عائلته المكونة من زوجته وابنتيه وأمّه، مشيرا إلى أنّه يتقاسم المنزل مع هذه العائلة التي رفضت أن يغادر لأي مركز إيواء آخر.
والأمر هذا لا يقتصر على عائلة واحدة، إذ علم "لبنان24" أن عددًا من العائلات فتحت منازلها بشكل مجاني أمام عائلات عناصر الجيش، وقرّرت مساندتهم كرد جميل لتضحياتهم التي قدّموها على مدار السنوات. وأكّدت معلومات "لبنان24" أن عددًا كبيرا من الجمعيات قرّر الدخول على خط إغاثة عائلات أفراد الجيش، إذ يتم التنسيق بشكل متواصل لناحية تأمين احتياجات هذه العائلات في ظل الظروف التي يمرون بها. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
في غزة لا تنجو حتى بعد النزوح.. قصة أبو همام
نزح أحمد صيام من شمال غزة مع أسرته المكونة من 8 أفراد، بعد أن تصاعدت الهجمات الإسرائيلية، لكنه لم يحمل معه إلا ما خفّ وزنه وثقل وجعه، ولم يكن يتخيل أن يغادر منزله في يوم من الأيام بلا رجعة، ولا أن يُضطر إلى تركه دون أن يلقي نظرة أخيرة عليه.
وحين وصلت العائلة إلى دير البلح، كان الخبر قد سبَقهم: "الدار طارت.. والدكانة احترقت"، ومع هذا الخبر لم يعد للبيت، الذي بناه أبو همام حجرا فوق حجر، وشهد أولى خطوات أولاده، أي أثر.
ما كان فقدان البيت وحده هو الألم الأكبر، بل مصدر رزقه الوحيد -محل صغير لبيع الأدوات المنزلية- احترق بالكامل بفعل القصف، وذهبت معه سنوات من التعب والسعي لستر العائلة.
ووسط هذا الانهيار، وأثناء النزوح، تعرّض الابن الأكبر همام، لإصابة مباشرة في ركبته من شظية حادة اخترقت جسده الهشّ.
وكانت المراكز الطبية غير قادرة على التعامل مع حالته كما ينبغي، بسبب نقص حاد في الأدوية، وقوائم انتظار طويلة، وتكاليف علاجية تفوق طاقة العائلة. كما جلس همام أياما دون مسكنات كافية، ولا أمل واضح في الشفاء.
يروي الأب تفاصيل العلاج بتنهيدة ثقيلة، ويصف شعوره بالعجز كمن يطفو في بحر بلا ضفة.
إعلانويعرف صيام أن كل يوم تأخير في العلاج قد يترك أثرا دائما على قدم ابنه، لكن لا قدرة له على فعل شيء.
ورغم كل ما خسره، لا يزال أبو همام متمسّكا بغزة، لا يرى في التهجير خيارا، ولا في مغادرة الأرض خلاصا، ويقول لمن حوله إن البقاء هنا، ولو وسط الدمار، هو الكرامة الأخيرة التي لا يجب التنازل عنها.
وتختصر قصة عائلة صيام واقع آلاف الأسر في قطاع غزة، التي وجدت نفسها بين نيران القصف ومرارة النزوح، في ظل ظروف إنسانية تتفاقم يوما بعد يوم بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق.