موقع النيلين:
2025-05-02@09:03:57 GMT

حميدتي محبط ويائس ومخذول

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

□□ الثور فى مستودع الخزف؛ خطاب العزلة.
□ انفض السمار وتضآلت الآمال.
□ حميدتي محبط ويائس ومخذول.
(1)
العزلة ، هذا هو العنوان الابرز والملمح الأهم فى خطاب قائد مليشيا الدعم السريع مساء أمس الاربعاء (9 اكتوبر 2024م) ، بعد 17 شهرا من الحرب ومن الدعاية الكثيفة والأحلام السراب وجد حميدتي نفسه محاصرا، ومعزولا، فالرجل الذي كان يطالب البرهان بالإستسلام والإقرار بالهزيمة فى 15 ابريل 2023م، وقواته تجوب أطراف العاصمة هو اليوم فى مكان ما، داخل غرفة معزولة الصوت فى بلد ينكر ظهوره، أو داخل مصفاة الجيلى للبترول يختبيء بين جدران موقع مدني حساس، وفى كل الأحوال فقد ضاقت به الحيل واستبد به اليأس والاحباط الخذلان.

.
هو معزول فى واقعه العسكري، وقد تلقت قواته ضربات موجعة فى بداية انفتاح وتقدم الجيش خلال الاسبوع الماضي، و فى كل المحاور، والصيف الذي اعد له حميدتي على اساس أنه مرحلة للتقدم عاد عليه بمفآجات كانت بدايتها أكثر قسوة مما تصور، وهذا هو الملمح الأهم، فالرجل الذى كان يتحدث بعنجهية سلطوية يهرف، فانه يتحدث اليوم بطنين مشتت الذهن وخال من القيمة السياسية واقرب الى (عرضحال الهزيمة) والاقرار الصعب.. فقد اصبحت كلفة الحرب اكبر من أن تحتمل، وتراجعت المساهمات المجتمعية وتدفقات مليشيا ومرتزقة الشتات، واصبح وقود الحرب هو اقرب الاقربين..
هو خطاب المعزول وعن المحيط الدولي الذى راهنت على ادواره الحاضنة السياسية والحلفاء والداعمين ولم يعد تاثيره فاعلا على دولة ذات قرار وسيادة، بل وقد احزنه استهداف اقرب المقربين له واخرهم (القوني)، وقرارات الخزانة الامريكية على افراد المليشيا مؤثرة، لأن المليشيا مرتبطة بالاشخاص والأسرة..
(2)
افتقر خطاب قائد المليشيا للقيمة السياسية ، ليس هناك رسالة واضحة، فالحرب عندهم اشعلها الإتفاق الإطاري، ثم طفق يهاجم نهر النيل والشمالية ولم تسلم منه مجتمعات وقبائل، مع ذلك الاستعطاف العبيط بمفردة الحركة الاسلامية، غابت هذه المرة تلك النرجسية السياسية والعبارات المنمقة، لم تعد قائمة ذات الاحاديث الفضفاضة والاكليشيهات عن (عنف دولة المركز على الهامش ) .. فحتى كتاب الكلمات رحلوا وتركوا الرجل يغالب اوجاعه واحزانه، تذكرت شعر المتنبي فى كافور الاخشيدى حين قال:
أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ..
وأَعجَبُ مِن ذا الهَجر والوصلُ أعجبُ..
أَما تَغلط الأَيام في بِأَن أَرى بَغيضاً تُنائي أَو حَبيبا تُقَرب..
..
وفى الجزء الاخير من ذلك اللحن الشعري الحزين قال المتنبي:
أبا المسك هل في الكأس فضل أناله ..
فإنّي أغنّي منذ حين وتشرب..
وهبت على مقدار كفي زماننا..
ونفسي على مقدار كفّيك تطلب..
إذا لم تنط بي ضيعةً أو ولايةً فجودك يكسوني وشغلك يسلب..
لقد ضاق بالرجل الحال ، وقد سبقه بالقول والتمهيد بعض (الهتيفة) سواء فى مسرح الأحداث أو فى بلاد يقتل الصقيع اسماكها.. لم يعد القتال ممكنا، وقد تعددت المحاور ، وليس جبل مويه وحده، وإنما فى كل ارجاء الوطن واصقاعه وتراجعت احاديث المنابر الاعلامية والمنصات والضجيج حوله وساد الصمت اللئيم، وفقد الرجل الصفة الدستورية ، وتحلق المنظمات وبدأت بعض القوى المدنية فى الانسحاب عنه، بدات ارهاصات التخلص من (الجيفة).. .
ولذلك فإن رجل فى خطابه هذا يحدث نفسه بهواجسه وكوابيسه..
(3)
وما يمكن الخروج منه فى هذا الخطاب انه قول يائس، ولليائسين أفعال الإنتحار، واول ذلك اتهامه مصر بمساندة الجيش واتهام روسيا، وكأنه يبحث عن طرف آخر ويظن أنه يستثير طرفا أو جمهورا ونسى ان 15 مليون سوداني غادروا بيوتهم وديارهم وممتلكاتهم بسببه وحروبه وتجاوزاته وذهبوا إلى ارض الكنانه مصر واستقروا آمنين، إن سوق الاتهامات إلى مصر فوق انها جزاف وزيف فانها ساذجة وبالية، وحميدتي حين اشعل الحرب قال بسبب قاعدة عسكرية مصرية فى مروى..
ومن اقوال اليأئس حديثه عن مناطق معينة أى نهر النيل والشمالية، وهو من الذين زاروا تلك الولايات وقال (إنها مهمشة) ، وغالب الظن سيتم استهداف مدنها بما تبقي لديه من قوة أو مسيرات..
وليس امامه الكثير فى دعوته لمزيد من الاستنفار، وقد تقلصت قدرته على جلب المرتزقة وسابلة المجموعات، وسبكون خياره البحث عن اقل المكاسب..
(4)
وبالتاكيد للخطاب ردود افعال اخرى وأتوقع خلال أيام أن يتباعد بعض السياسيين عنه، لا يمكن لأى كائن واعي أن يرهن نفسه لهذا الجنون..
وابلغ من ذلك ادارة حوارات مع مجتمعات وقبائل للإنصراف عن المليشيا، وخاصة القواعد من الجنود والمستنفرين، فى الجزيرة وسنار والنيل الأبيض وكردفان ودارفور، وحتى الخرطوم، عليهم مخارجة انفسهم طواعية وبإختيارهم، دعوا المليشيا تحترق بقادتها..
إنها لحظة مفصلية فى الحرب على بلادنا تتطلب تماسكا أكثر وعزما أكبر، ففى أسبوع واحد من التحرك حدث كل هذا التحول بفضل الله وإذا شددنا العزم ستكون النتائج باهرة خلال ايام بإذن الله..
هذه حرب وطن وليست للتمايز السياسي والعراك والمفاضلة والمكاسب الصغيرة، فليعد الوطن والأرض والامان ثم من بعد ذلك تنافسوا ما شاءالله لكم، هل تسمعوننى..
لقد بدأ العد التنازلي لتنازل المليشيا عن المنازلة..
حفظ الله البلاد والعباد..

ابراهيم الصديق على
10 اكتوبر 2024م
#من_أحاجي_الحرب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الخطاب الديني: رؤية حضارية واستراتيجية.. مشاتل التغيير (16)

لو أردنا تحديد المقصود بالخطاب الديني فنيا وإجرائيا؛ فهو كل خطاب عامّ "صدر عن مصدر ديني فيما يتعلق بالحياة العامة وإصلاحها"، أو "صَدَرَ عن مصدر غير ديني لكن في موضوعات ذات تعلّق بالدين وتصوّره وتصور دوره في الحياة العامة المعاصرة"؛ أي أن الخطاب الديني هو -بالأساس- خطاب عام يميَّز عن سائر الخطابات إما بمصدره وإما بموضوعه ومتعلقاته.

ويتعلق بالتعريف الأولي تلك المحددات النظرية للخطاب ألا وهي؛ مخاطِب، ومخاطَب، ونص الخطاب، وسياق الخطاب. وفي نص الخطاب ثمة مرجعية، ومنهج، ومضمون. والمخاطِب أو منتج الخطاب -أيّا كان شخصه أو هيئته- يتحول في الدراسة العلمية إلى "حالة فكرية" معبرّة عن توجّهٍ -يضيق أو يتسع- يهمُّنا خطابُه (مرجعيته ومضمونه ومنهجيته) وسياقُه المفسِّر، وسياقه المتأثر بخطابه والمتفاعل معه، كما يهمنا خطابُه كرسالة اتصالية توجَّه إلى مخاطَب غالبا هو بين: عام (الجمهور)، أو خاص (فئة مؤيدة/ فئة معارضة). ورأسُ الأمر عندنا في ترتيب المسألة هو "القضايا/ الموضوعات"، ومحوره الناظم هو التطور عبر القرنين، وعماده بيانُ مستقطبات الخطاب الديني مرجعية ومنهاجا وسياقا.

ومن أهم المبادئ العامة لتجديد الخطاب:

أ- ضرورة التمييز بين النص التأسيس (القرآن والسُّنة الصحيحة)، والنصوص الأخرى المتولدة عنهما أو حولهما، وتتجلَّى أهمية هذا التمييز في اختلاف آليات تجديد كل من هذين النوعين من النصوص؛ فبينما يقتصر التجديد في النص التأسيس على إعادة التذكير به، وتثبيته، ودحض الشبهات التي تثور حوله، وتقديم شروحات جديدة له؛ فإن التجديد في بقية النصوص المتولدة عنه أو حوله يتسع إلى الأخذ منها والرد، والقبول والرفض، والاقتصار على معرفة العبرة، والدروس المستفادة التي كشفت عنها الممارسة الاجتماعية عبر المراحل التاريخية المتعاقبة، دون التقيد بهذه الممارسة أو تلك، ناهيك عن السعي لإعادة إنتاجها في الواقع الراهن مرة أخرى.

ب- المحافظة على ثوابت الخطاب الديني وأصوله، مع استيعاب متغيرات الواقع ومستجداته؛ بحيث يصبح الخطاب الجديد مواكبا لروح العصر، ورافدا من روافد الإصلاح والنهضة. وهذا يقتضي التمكن من معرفة الواقع وتحدياته بقدر التمكن من النصوص التأسيسية، ومعرفة أحكامها ودلالاتها، وطرائق فهمها، وتنزيلها على الواقع المعيش.

ج- تنقية التراث من الأفكار السلبية، والممارسات التي تناقض تعاليم الدين وأحكامه ومبادئه؛ ذلك لأن القضاء على هذه الرواسب أمر ضروري لتهيئة البيئة المناسبة لعملية تجديد الخطاب الديني، وتخليصه من عوامل القصور والعجز عن ممارسة دوره بفاعلية. وضمن سياق القراءات الإيجابية للتراث؛ قراءات الاعتبار والاستثمار.

د- تحقيق التوازن بين المكونات الأساسية للخطاب الديني على النحو الذي يتسق مع أوزانها النسبية في الحياة الواقعية الراهنة، وبخاصة فيما بين الجوانب الاعتقادية والعبادية، وجوانب المعاملات والعادات. ويضرب البعض مثالا على ذلك بباب فقه الطهارة الذي احتل حيزا كبيرا في الفقه القديم، نظرا إلى اعتبارات عملية كانت خاصة بصعوبة توافر المياه، وكيفية الحصول عليها، وأولوية استخدامها، وغير ذلك من المسائل التي أصبحت جزءا من الماضي بعد أن تطورت شبكات المياه، وتيسَّرت وسائل الحصول عليها، ومن ثم فإن الأمر لم يعد يتطلب الإسهاب الفقهي في هذا الباب كما كان في السابق.

هـ- أن ينصرف التجديد إلى القول والعمل؛ بمعنى: توجيه جانب من جهود التجديد إلى النماذج والأساليب والنظم التطبيقية، وألا تنحصر هذه الجهود في مستوى التنظير والتأصيل الفكري فحسب.

أما عن آليات تجديد الخطاب الديني:

أولها: أن يصلح من شأن التعليم الديني.

ثانيها: تطوير الإعلام الديني المرئي والمسموع والمقروء، بما في ذلك الدراما الإذاعية والدراما التلفزيونية.

ثالثها: تبسيط لغة الخطاب، وهذه نقطة مهمة جدا، حتى يكون مفهوما للجميع؛ وعلى مقدمي الخطاب أن يراعوا الجمهور المستهدف وأن يقدموا خطابهم باللغة التي تناسب المقام والمقال.

رابعها: حُسن إعداد الدعاة، والاهتمام بالتدريب المستمر لهم أثناء العمل، بهدف خلق داعية عصري يفهم روح العصر، ويتعامل مع متغيراته، ويفهم ظروف المجتمع وكيف ينزل الحكم على أوضاع المجتمع وعلى الواقع، حتى لا يكون كلامه مفارقا للواقع فينصرف الناس عما يقول.

خامسها: ضرورة وضوح رؤية إسلامية (حضارية ذاتية) شاملة لعناصر التجدُّد الحضاري الذاتي ومرجعيته والسنن الحاكمة له، وضرورة الجمع بين الوعي العميق بها، والسعي سعيا غير قاصر ولا جزئيّا ولا ذا علة بما يتبدى في البنية التقويمية للخطاب الديني وأطره، لنفرق بين تجديد حقيقي قوامه الذات الحضارية ومكانة التجدد فيها، وتجديد زائف على قاعدة من استبدال الأسس الحضارية للأمة، والرضا بموقف الذيلية تجاه الآخر (الغرب).

سادسا: من الضروري أن يتضمن الخطاب الديني المجدد إبرازا لتأكيد الإسلام على دور الاجتهاد الشامل المرتبط بفقه الحكم وفقه الواقع وفقه التنزيل، واستحضار الرؤية الإسلام للعقل والعلم بصورة متضافرة، يعني أن الخطاب الإسلامي المجدد عليه أن يوضح المعاني الكامنة بالنصوص فيما يتعلق بأضلاع مثلث العقل والعلم والعمل؛ القول الثابت والعلم النافع والعمل الصالح.

سابعا: من الضروري أن يعتمد الخطاب الديني المجدد على النظر البصير والإقناع المنير، إذ كان الإسلام قد أكد على التعقل والتفكر والتدبر. ويُعد الجمع بين العقل والنقل من أهم الآليات التي يعتمدها البشر في إقامة الحجة والاتجاه إلى المستقبل.

شروط التجديد:

هناك مجموعة من الشروط التي ينبغي أن تضبط تجديد الخطاب الديني وهي:

الأول في ضرورة قراءة تراث السابقين وفرزه بالكامل لاستخراج ما هو صالح منه سواء بحكم كونه خاطئا منذ البداية، أو بحكم انتهاء صلاحيته الزمنية التي وجدت في زمانها.

ويتحدد الشرط الثاني لتجديد الخطاب الديني في ضرورة إعادة تأمل أو قراءة النصوص المرجعية للجماعة.

ويتصل الشرط الثالث لنجاح التجديد أو الإحياء بضرورة تبصر الخبرة بأوضاع المجتمعات وظروف الحياة ومتغيراتها. من الضروري أن يتضمن تجديد الخطاب الديني تصورات واقعية للتعامل مع الأوضاع المتباينة في المجتمع والفئات المختلفة في إطاره، تعاملات تعكس ألوان الطيف جميعا، ولا تختزل الوجود الإسلامي -على ما تذهب بعض الجماعات المتطرفة- في دار الحرب ودار السلام ولا التقاء بينهما، بل عداء مستحكم إلى أن تقوم الساعة.

الشرط الرابع يتضمن ضرورة أن يؤكد التجديد على إبراز قبول المضامين الدينية لمبدأ التنوع والاختلاف، وهو ما يعني أن عملية التجديد يثريها الحوار والجدل، وإذا كان الله قد خلق الحقائق كلية بطبيعتها، فإن إدراكنا البشرى لها جزئي في طبيعته.

ويتعلق الشرط الخامس بمستويات تجديد مضمون الخطاب الديني؛ إذ لا يكفي لحركة التجديد أن تطور الأفكار والمبادئ الدينية من خلال إعادة قراءتها لكي تساعد على إعادة العلاقة العضوية بين القراءات الدينية المعاصرة والأوضاع الحاضرة لواقع المجتمعات، ولا يكفي أن تؤدي حركة التجديد أو الإحياء دورها في تعميق حالة التدين العامة في المجتمع؛ عليها أن تقدم بناء معرفيا متماسكا وقابل للتحقق في الواقع.

موضوعات التجديد:

أ- موضوع الهوية: وهو من الموضوعات الكلية ذات الطابع المركزي في سياق التحدي الحضاري. ويعتبر هذا الموضوع هو الأهم من منظور البحث التاريخي في خبرة التجديد على مدى القرنين الماضيين.

ب- موضوع علاقة الديني بالسياسي.

ج- موضوع التنمية ومشكلاتها، وكيف يتناولها الخطاب الديني، وإلى أي مدى يمكن أن يسهم في إنجاز تلك التنمية المنشودة.

د- موضوع العمل الاجتماعي المدني والأهلي المؤسسي من منظور إسلامي، وضرورة توافر الحرية للعمل المدني واستقلاليته في الإدارة والتمويل.

هـ- تجديد لغة الخطاب الديني وأساليبه بما يضمن الإقناع والتأثير.

و- موضوع الأسرة والمرأة، والنموذج الأساسي لدورها وموقعها في المجتمع من منظور الرؤية الإسلامية.

قضايا التجديد:

أ- الخلفية النظرية للتجديد؛ بمعنى هل تأتي الدعوة لتجديد الخطاب الديني امتدادا لمدارس تجديدية أصيلة في المجتمع، ولمناقشات وحوارات فكرية حول إسهام الدين في عمليات التطور الاجتماعي بهدف تفعيل هذا الإسهام؟ أم تأتي على خلفية أخرى تتعلق بالجدل الدائر منذ فترة حول علاقة الدين بالدولة والمجتمع.. من منظور تحديثي ينزع إلى تحجيم دور الدين في الحياة العامة؟

ب- الخلفية العملية لدعوى التجديد: هل هذه الدعوى رد فعل -كما يرى البعض- للضغوطات الخارجية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وما أدت إليه من إملاءات على أغلب النظم الحاكمة في البلدان العربية والإسلامية ومنها مصر؟ أم أن دعوى التجديد -كما يرى البعض الآخر- تأتي كتطور تلقائي للفكر الديني وسعيه لاستيعاب تحديات الواقع ومتطلباته الراهنة والمستقبلية؟ وهناك رأى ثالث يؤكد أنصاره على أن التجديد يجب أن يكون جزءا من عملية أشمل تستهدف التجديد الحضاري العام للأمة، وليس فقط مجرد الاستجابة لضغوطات خارجية.

الخطاب الديني وخطاب الأزمة:

يتصف الخطاب الديني بمجموعة من الخصائص التي تفت في عضده وتجعله في أزمة دائمة وفيما يلي نشير إلى أبرز هذه الخصائص:

أولا: يتوجه الخطاب الديني نحو الماضي ويسرف في العودة إليه، ولا يكاد يحفل بالمستقبل.

ثانيا: إنه خطاب فيه كثير من الإفراط والتفريط، أي الإفراط في أمور العقيدة والعبادات والتفريط البيُن في أمور المعاملات، وفي شئون الدنيا.

ثالثا: إنه خطاب يحتفي بالنقول أكثر من التدبر والاجتهاد التنزيلي، ويقفون على خلافات جانبية وهامشية ويتركون تدبر الأصول فهما وتأصيلا وتنزيلا.

فالأصل هنا هو "التجدد الحضاري الذاتي النابع"، والفرع الذي وجب إلحاقه بالأصل وردّه إليه ردّا جميلا هو "تجديد الخطاب الديني"، حتى نحرر مفهومه ولا نتبع كل صيحة من هنا أو هناك، أو أي مفهوم له يُراد أن يُرسَّخ تحت مطارق المدافع، والحملات المختلفة.

إنه الخطاب الذي يحرك معاني المقاومة والممانعة، ويؤسس لنفسية "العزَّة"، في خطاب تتحرك فيه كل فعاليات الأمة، ويواجه كافة تحديات الواقع ومشكلاته. هذا هو تجديد الخطاب (الديني) الذي نعرف، وليس حالة تختزل فيها عملية الإصلاح أو التجديد في أشكال زائفة كممارسات تحسينية.

التجديد في الرؤية الإسلامية سُنَّة مستمرة؛ تستصحب الثوابت العقيدية، وتراعي التغيرات الجارية في الواقع، وأن عملية التجديد تتطلب تحقيق التوازن بين ما أطلق عليه الإمام محمد عبده "الهدايات الأربع" وهي: الوجدان، والحواس، والعقل، والدين؛ فإذا ما تحقق هذا التوازن، كان بالإمكان إنتاج خطاب ديني متجدد وفعال وإيجابي.

إن تبصر هذه الرؤى بعمق وبصيرة؛ يجعل هذه المشاتل النظرية في التصور والإدراك أولى عتبات الوعي بالتغيير والإصلاح والنهوض، وهي مقدمات وشروط لازمة لمشارف ومسالك السعي النهضوي المبصر والبصير؛ والساعي الى التدبير والتغيير والتأثير.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • بندقية البرهان اوجعت مدنيي المليشيا لأن فوهتها ابتلعت بندقية “دقلو”
  • محكمة جنايات كرري تصدر حكما بالسجن (19) عاماً لمتعاون مع المليشيا
  • هاريس تهاجم ترامب في خطاب بارز .. تخلى عن مبادئ أميركا
  • والي شمال دارفور وقائد الفرقة السادسة يهنئان البرهان بالإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة على المليشيا بالفاشر
  • السلطات بالخرطوم تشرع في إزالة ونظافة أكبر البؤر التي كانت تستخدمها المليشيا للمسروقات والظواهر السالبة
  • الجيش السوداني لرويترز: السودان كشف تورُّط الإمارات الإجرامي وضلوعها في قتل السودانيين بدعمها ورعاية المليشيا.. والآن تحاول ذر الرماد في العيون وتختلق التهم الباطلة
  • تصريحات البرهان حول «اللساتك» تثير غضب ثوار ديسمبر في السودان
  • أبرز ما ورد في خطاب رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الخدمة المدنية
  • الخطاب الديني: رؤية حضارية واستراتيجية.. مشاتل التغيير (16)
  • وزير الداخلية يدعو قيادات وزارة الداخلية الى رفع مستوى الجاهزية واليقظة واحباط تصعيد المليشيا