من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط... فرصة أمريكية لإعادة تشكيل التوازنات؟
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
طالما كانت كتابة التاريخ الفوري محفوفة بالمخاطر، لكن خطورة الوضع تتطلب ذلك. ونحن بحاجة إلى بعض التفسير لماذا لا تبذل الولايات المتحدة المزيد من الجهد، لتهدئة الوضع في الشرق الأوسط، والدفع نحو المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا.
لم تكن إدارة بايدن تتطلع إلى التصعيد
وكتب أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا آدم توز في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن ثمة مدرسة فكرية واحدة تقول إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتخبط في خضم الأحداث.
إذا كان الأمر كذلك، فهذه شهادة كئيبة على تراجع طموح الهيمنة الأمريكية. وليس من المستغرب أن ترتفع في الولايات المتحدة دعوات تطالب واشنطن بتطوير سياسة خارجية "مستقلة" ــ مستقلة عن أوكرانيا وإسرائيل.
Facing war in the Middle East and Ukraine, the US looks feeble. But is it just an act? | Adam Tooze https://t.co/GTvFl9lt0v
— Guardian Opinion (@guardianopinion) October 10, 2024
ولكن ماذا لو كان هذا التفسير هامشياً؟ وماذا لو كان ذلك يقلل من القصد من جانب واشنطن؟ ماذا لو رأت الشخصيات الرئيسية في الإدارة أن هذه لحظة تاريخية وفرصة لإعادة تشكيل توازن القوى العالمية؟ وماذا لو كان ما نشهده هو تحول الولايات المتحدة نحو رجعية متعمدة وشاملة من خلال استراتيجية التوتر؟.
القوى الرجعية هي تلك التي تريد قلب الوضع القائم. وعلى نطاق واسع، يمكن أن يعني هذا أيضاً الرغبة في تغيير مسار الأحداث، على سبيل المثال، لإعادة توجيه أو وقف عملية العولمة. غالباً ما ترتبط السياسة الرجعية، بالاستياء أو الحنين إلى عصر مبكر أفضل.
ما يجعلنا نتراجع عن هذا التفسير لسياسة جو بايدن الخارجية هو هجوم روسيا منذ فبراير (شباط) 2022 وحماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول). يُنظر إلى الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة عموماً، على أنه رد فعل وليس استباقياً. ولكن التركيز ليس على العملية بل على نتائج السياسة الأمريكية، ويبدو أن هناك تفسيراً مختلفاً معقولاً.
ففي عهد دونالد ترامب، كانت المطالبة بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، عبارة عن مطالبة رجعية بالمعنى الحرفي للكلمة. لم يكن لديه أي اهتمام بالقواعد الحالية للعبة. لقد رمى المعاهدات التجارية من النافذة. وفرض تعريفات جمركية على الصين. وصار الشعار "أمريكا أولا".
Facing war in the Middle East and Ukraine, the US looks feeble. But is it just an act? | Adam Tooze https://t.co/RDvlBlTV9X
— Solomon Phoenix (@SolomonTheGuide) October 10, 2024
وبالمقارنة مع ترامب، يتباهى فريق بايدن بالتزامه نظاماً قائماً على القواعد. ولكن عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد العالمي وصعود الصين، كان بايدن عدوانياً تماماً مثل سلفه، وربما أكثر من ذلك.
في عهد بايدن، التزمت واشنطن عملية ترمي إلى عكس تيار سنوات من التراجع الناجم على ما يبدو عن التفضيل المفرط للصين. لقد حاولت الولايات المتحدة وقف تطور الصين في مجال التكنولوجيا. وللقيام بذلك، لديها حلفاء أقوياء مثل الهولنديين والكوريين الجنوبيين. وعندما تجرأت منظمة التجارة العالمية على الاحتجاج ضد التعريفات الجمركية على الصلب التي فرضتها الولايات المتحدة، كان رد فعل البيت الأبيض متسماً بالازدراء.
وفي ما يسمى الآن بمنطقة المحيطين الهادئ والهندي، لا تدافع الولايات المتحدة عن الوضع القائم فحسب. بل أن تعريف المنطقة الاستراتيجية في حد ذاته، جديد. وفي إطار الحوار الأمني الرباعي، تعمل واشنطن على إنشاء شبكة جديدة من التحالفات التي تربط الهند واليابان وأوستراليا بالولايات المتحدة. إن السياسة الجيو-اقتصادية التي تنتهجها الولايات المتحدة حيال الصين في عهد بايدن، هي استمرار للسياسة الرجعية التي ظهرت إبان عهد ترامب.
أما في الشرق الأوسط، فالوضع أكثر وضوحاً. وهنا أيضاً، لم تكن إدارة بايدن تتطلع إلى التصعيد. لكن علاقات روسيا المتنامية مع إيران، وتدخل الصين في المنطقة، أدى إلى صورة قاتمة. وبمجرد أن شنت حماس هجومها في السابع من أكتوبر، وبمجرد اتضاح تصميم الحكومة الإسرائيلية على إنهاء الأمر الواقع مع حماس وحزب الله، أعطت واشنطن الضوء الأخضر.
وتدفع الولايات المتحدة ثمن ما يزيد على 25 في المئة من كلفة الحرب الإسرائيلية في الوقت الذي تدمر فيه غزة فعلياً، وتهاجم الضفة الغربية، وتشرع في اقتلاع حزب الله من جذوره. لقد جعلت حلفاء مثل ألمانيا والمملكة المتحدة ينضمون إليها. وهي تحمي نتنياهو من وصول العدالة الدولية إليه.
وبخلاف أوكرانيا، واصلت الولايات المتحدة ديبلوماسيتها. ولكن بأي أثر؟ أولاً وقبل كل شيء، إبقاء إيران محاصرة، وفي الوقت نفسه، تعمل إسرائيل على محو شبكة النفوذ الإيرانية، وتقضي على رؤية التسعينيات لحل الدولتين.
وفي الساحات الثلاث ــ الصين، وأوكرانيا، والشرق الأوسط ــ ستقول الولايات المتحدة إنها ترد على العدوان. ولكن بدلاً من العمل الحثيث من أجل العودة إلى الوضع الذي كان قائماً، فإنها في واقع الأمر، تؤجج المخاطر. وعلى رغم إصرارها على دعم النظام القائم على القواعد، فإن ما نشهده الآن هو شيء أقرب إلى إحياء طموح المحافظين الجدد المدمر في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة غزة وإسرائيل إيران وإسرائيل الانتخابات الأمريكية إسرائيل وحزب الله الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الصين: قلقون للغاية إزاء تجدد القتال في غزة
أعربت الصين عن قلقها إزاء الوضع في قطاع غزة بعدما شنت إسرائيل هجمات جوية هائلة ضد مسلحي حماس خلال الليل.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينج في بكين، إن الصين "قلقة للغاية" وتأمل أن تدعم جميع الأطراف التنفيذ الفعال لوقف إطلاق النار.
وأضافت ماو نينغ أنه ينبغي على الأطراف تجنب الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الوضع، ومنع حدوث كارثة إنسانية على نطاق أوسع.
واستأنف الجيش الإسرائيلي هجماته الهائلة ضد حماس في جميع أنحاء قطاع غزة، في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، بعد نحو شهرين من بدء وقف إطلاق النار الهش في القطاع الساحلي .
وأكد وزير الخارجية الصيني، وانج يي، أن قطاع غزة ملك للفلسطينيين.
وقال وانغ يي، في وقت سابق من مارس(آذار ) الجاري، إن أي تغيير عنيف في هذا الوضع لن يجلب سوى "فوضى جديدة".
كما دعت الصين إلى اتّخاذ خطوات لمنع وقوع "كارثة إنسانية" في غزة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ إن "الصين تشعر بقلق بالغ من الوضع الحالي بين إسرائيل وفلسطين"، داعية طرفي النزاع إلى "تجنّب أي أعمال قد تؤدي إلى تصعيد الوضع ومنع كارثة إنسانية أوسع نطاقاً".