ليس صدفة أن كل بيان أو تصريح، سواء أكان على المستوى اللبناني أو على المستوى الدولي والعربي، لا يخلو من ذكر القرار 1701، ومطالبة كل من إسرائيل و"حزب الله" بتطبيقه كاملًا، وإن كان بعض الذين ساهموا في صياغة مضمونه آنذاك من اللبنانيين يعترفون بأنه يحتاج إلى بعض التعديلات الأساسية لكي يكون متطابقًا مع ما تستوجبه المرحلة الحالية بعدما بلغ التبادل الصاروخي بين طرفي النزاع أقصى درجات العنف، وذلك لضمان عدم خرقه من الجهتين، اللتين لو التزمتا بما جاء فيه قبل ثماني عشرة سنة لما كان "حزب الله" متواجدًا في المناطق، التي طالب القرار الدولي بالانسحاب منها، ولما كانت إسرائيل تخرقه كل يوم، برًّا وبحرًا وجوًّا، ولما كانت حرب الاسناد والمشاغلة التي أعلنتها "المقاومة الإسلامية" قد حصلت، ولما كنا شاهدنا ما نشاهده كل يوم منذ أن أعلنت تل أبيب حربها المفتوحة على لبنان بحجة القضاء على "حزب الله" وتدمير سلاحه.

  وقبل الحديث عن أي تعديلات يراها البعض أكثر من ضرورية على القرار 1701 فإنه من المهم جدًّا تفعيل المساعي الهادفة إلى الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها الوحشية وغير المسبوقة على المناطق اللبنانية المستهدفة بعدما أعلن "حزب الله" بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بأنه لن يفاوض قبل وقف إطلاق النار، وأنه فوضّ إلى الرئيس نبيه بري مسألة التفاوض حالياً. إلاّ أن ما شهده الميدان من تصعيد مفاجئ لـ "الحزب" أعقب كلام قاسم أثبت أنه لا يوجد أي تفاوض قائم، وأن التفاوض الوحيد هو بالنار وفي الميدان. ويُعتقد أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير خارجية إيران عباس عراقجي للبنان قد أعطت جرعة إيرانية جديدة من المعنويات للقيادة الجديدة لـ "حزب الله"، والتي قلبت بعض الشيء المشهد المعاكس لمجريات الحرب بعدما كانت المعنويات قد تراجعت قليلًا بعد اغتيال السيد حسن نصرالله، مع ما لهذا العنصر من أهمية في أي حرب تُخاض. وهذا ما شاهدناه على أثر الردّ الإيراني على إسرائيل.   واستنادًا إلى هذه الوقائع فإن الرئيس بري، الذي أسندت إليه مهمة التفاوض بما لديه من خبرة واسعة في هذا المجال، يعول، على ما يبدو على تغيرات في الميدان لمصلحة "المقاومة" مما يسمح بالقول بأن أي تقدّم في الميدان قد يعطي دفعًا متزايدًا في الميدان السياسي والتفاوضي. ولذلك فإنه من المتوقع أن يشهد الميدان المزيد من التصعيد الكمّي والنوعي من قِبل "المقاومة الإسلامية"، وبالأخص في الجبهة المباشرة، حيث تصل إلى المعنيين أخبار مطمئنة عن الاشتباكات الدائرة على أكثر من محور حدودي، حيث تحاول القوات الإسرائيلية المهاجِمة إحداث خرق ما على أكثر من محور من دون أن تستطيع إلى ذلك سبيلًا. ويُعتقد أنه تعويضًا عن الخسائر المادية والمعنوية التي تلحق بالقوى المهاجمة على أكثر من محور برّي ستلجأ القيادة العسكرية في تل أبيب إلى مضاعفة اعتداءاتها على القرى الجنوبية والبقاعية وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت. ولكن في المقابل فإن الصليات الصاروخية الموجهة من منصات ومرابض "المقاومة" في اتجاه العمق الإسرائيلي ستزداد وتيرتها التصعيدية والتصاعدية.   المشكلة الأساسية التي يواجهها الساعون إلى وقف النار هي أن إسرائيل ترفض التفاوض قبل تحقيق أهداف الحرب المباشرة، التي أعلنتها مفتوحة ضد حركة "حماس" في غزة وضد "حزب الله" في لبنان، وقبل تكبيل يدي إيران في المنطقة، وهي حرب غير مباشرة، وتخفي ما تخفيه من مخطّطات غير ظاهرة بعد للعيان تسعى تل أبيب إلى تحقيقها قبل موعد الانتخابات الأميركية، وهي التي تعوّل على ما يمكن أن تحدثه من تغييرات في السياسة الأميركية الشرق أوسطية.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی المیدان حزب الله أکثر من

إقرأ أيضاً:

ميلاد يسوع هو علامة ولادتنا الجديدة ونقطة بداية لهذه الحياة الأفضل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

صدرت منذ قليل كلمة عيد الميلاد ٢٠٢٤ التي أصدرها البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني (باللغة العربية)، وجاء نصها:

 إلى أبنائنا الروحيين الأعزاء في جميع أنحاء العالم
حفظتهم العناية الربانية

" بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ الله فِينَا: أَنَّ الله قَدْ أَرْسَلَ ابنه الوحيد إِلَى العالم لِكَيْ نَحْيَا بِهِ "
                                                                           (١ يوحنا ٤: ٩)      

 يشرق نجم الميلاد هذا العام في سماء مشرقنا المثقل بالضيقات، والمتعب من الحروب، والمليء بالتغيّرات والخوف من المجهول، مبشراً بميلاد يسوع له المجد، مذكراً بالميلاد العجيب الذي حدث قبل ما يزيد عن ألفي سنة، معلناً الخلاص لكل البشر. 

ويُظهر ميلاد يسوع رحمة الله الآب ومحبته غير المحدودة مُجدداً سبب الرجاء الذي فينا (١ بطرس ٣: ١٥)، مضيئاً مشارق الأرض ومغاربها، منيراً عتمة خوفنا، ومفعماً قلوب من عانى من العذاب والقهر وعاش الظلم والجور، بالشوق لعيش حياة جديدة وأفضل. فهذا التجسد الإلهي هو السبيل لكل من يرفض العبودية، وصوت الحق للمظلومين، ومدخل إلى الحياة الأبدية لكل من يسعى إليها، لأنه يبشر بميلاد  يسوع المسيح، الذي قال: " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ، لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (يوحنا ١٤: ٦).
 إن ميلاد السيد المسيح هو دعوة للبشرية لعيش حياة أفضل، أساسها السلام، وغايتها المسرة والفرح اللذين لا يُنزعان عنا، حياة بشَّر بها الملائكة الرعاة ليلة ميلاد الرب يسوع الذي يهبها لكل من يؤمن باسمه، كقوله: " وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يوحنا ١٠:١٠)، بالرغم من كل المخاوف التي تحيط بنا، والتحديات التي نجابهها اليوم كمسيحيين، سواء كنا في الشرق أو الغرب، حتى تملّك اليأس قلوب الكثيرين، لكن رحمة الله الآب غير المتناهية تقدم من جديد ترياق الحياة لكل إنسان، محبته وكلمته المتجسد، طفل المغارة يسوع المسيح.

 إن ميلاد  يسوع هو علامة ولادتنا الجديدة، ونقطة بداية لهذه الحياة الأفضل، التي يمنحها لنا روح الله القدوس بإيماننا بابنه الوحيد، الرب يسوع المسيح، لكن هذا الميلاد الجديد، يتطلب منا كمؤمنين، في شرق نجابه فيه مخاوف وجودنا، وغرب نحارب فيه التحديات الإيمانية، شهادةً وإعلاناً، لعمله الخلاصي في حياتنا. لذلك، ونحن نستقبل عيد الميلاد الخلاصي في خضم كل هذه التغيّرات والتحديات، نجدد دعوتنا لكم جميعاً لعيش الرجاء، والسعي للسلام، والتنعم ببشرى الخلاص، من خلال التمسك والثبات بالإيمان، والتوكل على الرب كل حين، الذي ينزع الخوف من قلوبنا، كقول القديس بطرس الرسول: " مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ" (1 بطرس 5: 7).

      أحبّائي، زمن الميلاد هو زمن الشهادة عن الحياة الأفضل التي نحياها بالمسيح يسوع، والإعلان عن محبة الله الآب لنا بواسطة عمانوئيل ابنه (الله معنا). هلموا نكرس له عالمنا، حتى تتوقف الحروب، وينتهي العنف ويزول الظلم، ويبطل القتل، ولكي يحيا الإنسان مع أخيه بسلام ومحبة، موجّهين نداءً مفعمًا بالأمل في عيد ميلاد الرب يسوع، رئيس السلام، لكلّ الدول والحكومات والمنظّمات الدولية، للعمل بجدّ لإرساء دعائم السلام واستمراريّته في أرجاء العالم كافة، وخصوصًا في مشرقنا المعذّب، ولضمان حقوق جميع أطيافه ومكوناته. فقد عانى بلدان هذا المشرق من ظلم ومعاناة، كما شهدنا في العراق ولبنان وفلسطين، وسورية الحبيبة التي تعيش اليوم مرحلة جديدة وحساسة من تاريخها، تُرسَم فيها صورٌ لمستقبلٍ غامض يواجه فيه المسيحيون تحدّيًا وجوديًّا. 

نتقدم منكم جميعاً بأسمى التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الميلاد الخلاصي وبداية العام الجديد ٢٠٢٥، سائلين المولود رئيس السلام أن ينشر سلامه في العالم أجمع، ويُفرج عن المكروبين والمظلومين، ويشفي المرضى والمتألمين، ويعزي الحزانى ومنكسري القلوب، ويوفق بين المتخاصمين ويرحم الموتى المؤمنين، بشفاعة السيدة العذراء مريم والدة الإله ومار بطرس هامة الرسل وكل الشهداء والقديسين. آمين. وكل عام وأنتم بخير.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تستدرج حزب الله وتمدّد سيطرتها
  • ميلاد يسوع هو علامة ولادتنا الجديدة ونقطة بداية لهذه الحياة الأفضل
  • إعلام إسرائيلي: وفد التفاوض ما زال بقطر ونتنياهو يجري ترتيبات لإبرام صفقة
  • نحو برلمان أكثر تمثيلا.. علي الدين هلال يقدم رؤيته لنظام انتخابي متوازن
  • المقاومة: وقف إطلاق النار بغزة أقرب من أي وقت مضى
  • الصين: الاستراتيجية العسكرية الأميركية أصبحت أكثر تصادمية وتدميراً للنظام الدولي
  • لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في اعتراض صاروخ “فلسطين2”
  • خبير عسكري: لهذه الأسباب فشلت إسرائيل في اعتراض صاروخ الحوثيين
  • اللواء أيمن عبد المحسن: إسرائيل تدعي استخدام الطائرات المسيرة لمراقبة حزب الله
  • العدو الصهيوني يواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان