دعوات بإيران لإعادة النظر في عقيدتها النووية
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
تصاعدت أصوات في إيران مؤخرا لمطالبة الجمهورية الإسلامية بمراجعة عقيدتها النووية لحيازة قنبلة ذرية بهدف التصدي لتهديدات إسرائيل التي توعدت بالرد على الضربات الإيرانية.
ودعا أكثر من 30 نائبا في البرلمان الإيراني أول أمس الأربعاء إلى إعادة النظر في العقيدة النووية للجمهورية الإسلامية، وذلك في رسالة بعثوها إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، وفقا لوسائل إعلام محلية.
وطالب هؤلاء النواب المرشد الأعلى علي خامنئي بإعادة النظر في فتواه التي تحظر "استخدام" الأسلحة النووية.
وقال النائب حسن علي خلقي أميري "لا المنظمات الدولية ولا (…) الدول الأوروبية ولا أميركا تستطيع السيطرة على النظام الصهيوني الذي يرتكب الجرائم كما يحلو له"، في حين رأى زميله محمد رضا صباغيان أن "امتلاك إيران السلاح الذري هو السبيل لتحقيق ردع نووي".
ووفقا لوسائل إعلام محلية، عُرض على البرلمان مشروع قانون يهدف إلى "توسيع الصناعة النووية"، دون مزيد من التفاصيل.
وكان جدل مماثل بدأ في الربيع إثر القصف الإيراني غير المسبوق على إسرائيل التي يقول خبراء إنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وفي أبريل/نيسان الماضي شنت إيران للمرة الأولى في تاريخها هجوما عسكريا مباشرا على إسرائيل ردا على غارة جوية دمرت القنصلية الإيرانية في دمشق، وحمّلت طهران مسؤوليتها لتل أبيب.
وبعدها أطلقت إيران في الأول من أكتوبر/تشرين الأول نحو 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، في هجوم وضعته طهران بخانة الثأر لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران نهاية يوليو/تموز الماضي، وكذلك اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله وجنرال في الحرس الثوري الإيراني في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وإثر هذا القصف الصاروخي الإيراني -وهو الثاني من نوعه في أقل من 6 أشهر- توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بشن هجوم "فتاك ودقيق ومفاجئ" ضد إيران.
وقال كمال خرازي مستشار خامنئي إن الجمهورية الإسلامية "يمكن أن تعيد النظر في عقيدتها النووية إذا تجرأت إسرائيل على تهديدها بسلاح نووي".
وبعد التهديدات الإسرائيلية الأخيرة حذر الرئيس الأميركي جو بايدن حليفته من أي محاولة لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، مؤكدا رفضه أي ضربات على المنشآت النفطية.
وشددت طهران على أن مهاجمة بنيتها التحتية ستثير "ردا أقوى"، وحذر جنرال في الحرس الثوري الإيراني من أن أي ضربة على مواقع نووية أو منشآت للطاقة ستشكل تجاوزا لـ"خط أحمر".
ووفقا للمعلق السياسي الإيراني مازيار خسروي، فإن رسالة النواب هي "بالأحرى رسالة قوية موجهة إلى داعمي إسرائيل الغربيين" لـ"محاولة التأثير" عليها.
ويبقى قرار تعديل العقيدة النووية في يد المرشد الأعلى وليس النواب، وفقا لخسروي الذي يعتبر أن أي تغيير مستبعد على المدى القصير.
لكنه يرى أنه "إذا هاجمت إسرائيل المنشآت النووية فإن من المحتمل أن تنسحب إيران" من معاهدة الأمم المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية، وصرحت طهران مرارا بأنها لا تريد امتلاك قنبلة ذرية.
ودعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي إلى "عالم خالٍ من الأسلحة النووية وشرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل".
كما أكد بزشكيان في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية أن "إيران لا تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية".
ويسعى بزشكيان -الذي تولى السلطة منذ يوليو/تموز الماضي- إلى إحياء الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015، وذلك بهدف تخفيف العقوبات الأميركية التي تثقل كاهل الاقتصاد الإيراني.
وكان مفترضا أن يوفر هذا الاتفاق إطارا لأنشطة إيران الذرية في مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، لكنه انهار بعد الانسحاب الأميركي الأحادي منه بقرار من الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في 2018.
ومنذ فشل الاتفاق شهد البرنامج النووي الإيراني تقدما كبيرا، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظر فی
إقرأ أيضاً:
اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته
طهران- مثلت قضية اعتقال السلطة القضائية الإيرانية مواطنين بريطانيين -في ديسمبر/كانون الأول الماضي- بتهمة التجسس وجمع المعلومات تحت غطاء السياحة خطوة جديدة في سياق التوتر بين طهران ولندن، أثارت ردود فعل دولية وتساؤلات حول تداعياتها على العلاقات بين البلدين.
وأوضح المتحدث باسم السلطة القضائية أن المعتقلين كانوا ينشطون في عدة محافظات، وأنهم تعاونوا مع مؤسسات تعمل كواجهة لأجهزة استخبارات غربية، ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوتر بين طهران ولندن، لا سيما بعد فرض بريطانيا عقوبات جديدة على مسؤولين إيرانيين بسبب ما وصفتها بانتهاكات حقوق الإنسان.
كما أنه يتزامن مع تحركات دبلوماسية، أبرزها لقاء السفير البريطاني في طهران هوغو شورت مواطنين بريطانيين محتجزين في سجن كرمان الإيراني، وهو لقاء نادر أثار تكهنات حول إذا ما كان جزءا من جهود لحل قضايا المعتقلين عبر قنوات خلفية.
وتاريخيا، شهدت العلاقات الإيرانية البريطانية أزمات متكررة تتعلق بمزدوجي الجنسية، إذ سبق أن اتُهمت طهران باستخدامهم كورقة ضغط سياسية، وهو ما تنفيه السلطات الإيرانية، مؤكدة أن القضايا الأمنية تُنظر وفق القوانين المحلية من دون اعتبارات خارجية.
رأى الدبلوماسي الإيراني السابق أبو القاسم دلفي أن التطورات الأخيرة تعكس مرحلة إعادة ضبط في العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن القنوات الدبلوماسية لا تزال مفتوحة رغم التصعيد الأمني.
إعلانوقال دلفي للجزيرة نت إن ما نشهده ليس مجرد أزمة أمنية، بل إنه جزء من مشهد أكبر يتضمن إعادة تقييم العلاقة بين طهران ولندن، حيث لا يبدو أن الطرفين يسعيان إلى القطيعة الكاملة.
وأشار إلى أن السماح بلقاء القنصليين البريطانيين مع المعتقلين يعكس توجها أكثر توازنا في إدارة الملف، مقارنة بفترات سابقة شهدت قيودا أكبر على مثل هذه اللقاءات.
وأضاف أن تعيين سفير جديد لإيران في لندن بعد فترة من إدارة السفارة على مستوى قائم بالأعمال فقط قد يكون إشارة على رغبة في إعادة ترتيب العلاقات، لكنه شدد على أن ذلك لا يعني غياب المشكلات العالقة.
وقال دلفي إن علينا أن ننتظر لنرى إذا ما كانت هذه التطورات ستؤدي إلى تغييرات جوهرية في العلاقة بين البلدين، أم أنها مجرد إجراءات شكلية في سياق التعامل مع الضغوط الدولية.
كما أشار إلى أن وصول حزب العمال وتولي رئيس الوزراء كير ستارمر الحكم قد يؤدي إلى تغييرات في السياسة البريطانية تجاه إيران، إذ قد تتبنى الحكومة الجديدة نهجا أكثر براغماتية مقارنة بالإدارات السابقة.
جدل قانونييثير اعتقال مزدوجي الجنسية تساؤلات من الناحية القانونية حول مدى التزام الدول بمعايير المحاكمة العادلة والإخطار القنصلي ويشير أستاذ القانون الدولي محسن عبد اللهي إلى أن إيران لا تعترف بالجنسية الثانية لمواطنيها، مما يعني أن مزدوجي الجنسية الذين يتم احتجازهم يُعاملون حصريا كمواطنين إيرانيين.
وأوضح عبد اللهي، في حديثه مع الجزيرة نت، أن نهج إيران يستند إلى مبدأ مفاده أن الجنسية الأساسية هي التي تُطبق داخل حدودها، ولذلك لا تعتبر نفسها ملزمة بتنفيذ أحكام الإخطار القنصلي المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1963 بشأن المواطنين الإيرانيين الذين يحملون جنسية أخرى.
وأضاف أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وكل من إيران والمملكة المتحدة طرف فيه، يكفل حقوق المحاكمة العادلة لأي شخص محتجز، بغض النظر عن جنسيته.
إعلانكما أشار عبد اللهي إلى أن حالات سابقة شهدت توترات مماثلة، مثل قضية المواطنة نازنين زاغاري راتكليف، التي اعتقلتها السلطات الإيرانية عام 2016 ورفضت الاعتراف بجنسيتها البريطانية، رغم مطالبة لندن بتوفير الحماية الدبلوماسية لها.
وتطرق أيضا إلى اتفاقية لاهاي لعام 1930، التي تنص على أن الدول لا يمكنها تقديم الحماية الدبلوماسية لمواطنيها مزدوجي الجنسية في مواجهة الدولة التي يحملون جنسيتها الأساسية، ومع ذلك، أوضح أن القانون الدولي المعاصر يتجه نحو السماح بمنح هذه الحماية إذا كانت جنسية الشخص الغالبة هي جنسية الدولة التي تسعى لتقديم الدعم، شريطة أن تكون هذه الجنسية هي المهيمنة وقت وقوع الضرر والمطالبة بالحماية.
وأكد عبد اللهي أن معظم التدخلات الحكومية في قضايا مزدوجي الجنسية على الساحة الدولية تتعلق بالمطالبات بالتعويضات المالية أكثر من القضايا الأمنية، وأضاف أنه لم يُعرض أي ملف أمني من هذا النوع حتى الآن أمام محكمة دولية، إذ تُحل هذه القضايا عادة عبر القنوات الدبلوماسية.
وفيما يتعلق بالموقف الإيراني، أوضح عبد اللهي أن السلطات تنظر إلى قضايا مزدوجي الجنسية ضمن إطار أوسع من المخاوف الأمنية، كما أشار إلى بعض التقارير تزعم تورط مزدوجي الجنسية في أنشطة استخباراتية ضد المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية.
وأضاف أنه في ظل هذه الظروف، ترى إيران أن التعامل مع المحتجزين مزدوجي الجنسية يخضع لاعتبارات أمنية، وليس فقط للمعايير المعتادة للحماية الدبلوماسية، وشدد على أن النهج الأكثر فاعلية بالنسبة لإيران في هذه القضايا هو تعزيز الشفافية في الإجراءات القضائية والالتزام بشكل أكبر بمعايير المحاكمة العادلة، الأمر الذي من شأنه أن يخفف الضغوط الدولية.
إعلانوقال "عندما تصبح القضايا الأمنية محور العلاقات الدولية، فإن الحلول القانونية البحتة لا تكفي، ويتعين على الدول إيجاد توازن بين الاعتبارات الأمنية والالتزامات الدولية".