كتبت كارولين عاموم في" الشرق الاوسط":يكاد يغيب الحديث عن مبادرات جدية لوقف إطلاق النار في لبنان الذي يعيش حرباً مفتوحة على كل الاحتمالات مع التصعيد العسكري المتواصل ومحاولة إسرائيل رفع سقف شروطها وأهدافها التي وصلت إلى حد القضاء على «حزب الله».

وتعكس مواقف الأفرقاء بأن الكلمة اليوم باتت للميدان، حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، لا سيما البرية الدائرة في الجنوب التي يعوّل عليها الطرفان، أي «حزب الله» وإسرائيل، وهو ما أشارت إليه أيضاً الخارجية الأميركية أخيراً، معتبرة أن «الضغط العسكري» قد يساعد في تحقيق أهداف الدبلوماسية.



وفي حين اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن «حزب الله» أصبح الآن «منهكاً ومدمّراً»، قال نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم الثلاثاء إنه «إذا تابع العدو حربه فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلاً. اعلموا أن هذه الحرب هي حرب من يصرخ أولاً. نحن لن نصرخ...».

ورغم تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الاتصالات الديبلوماسية تكثفت قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي؛ بهدف السعي مجدداً إلى وقف إطلاق النار، يرى كل من السفير السابق لدى واشنطن رياض طبارة وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت عماد سلامة بأن الحرب ستبقى مستمرة على حساب الدبلوماسية، لا سيما في ظل «الانتصارات» التي تحققها إسرائيل وسيطرة «حزب الله» من جهة أخرى على القرار اللبناني.

وبعد أسبوع على انطلاق العمليات البرية، يعزو سلامة غياب المبادرات الجدية لوقف إطلاق النار إلى عوامل مترابطة تعطي إسرائيل الضوء الأخضر للمضي قُدُماً في حربها على لبنان، منها، «إبقاء لبنان منصةً عسكرية مكشوفة للأجندات الإيرانية».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أولاً، الظروف الإقليمية والدولية الحالية تصبّ في مصلحة إسرائيل، التي ترى أن إنجازاتها العسكرية على الأرض تجعل من الصعب إيقاف تقدمها. هذه الإنجازات تضعف (حزب الله) وتمنع إعادة بناء قدراته؛ ما يجعل إسرائيل تميل نحو استثمار هذا الزخم العسكري لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى». ويضيف: «على الصعيد الدولي، العالم منشغل بقضايا أخرى، مثل الانتخابات الأميركية والحرب في أوكرانيا؛ ما يخلق فراغاً دبلوماسياً يحُول دون تفعيل جهود الوساطة لوقف القتال في لبنان. والأهم من ذلك، انكشاف لبنان السياسي في ظل غياب دعم عربي ودولي واضح؛ بسبب سيطرة (حزب الله) على القرار اللبناني وتقديم الحكومة اللبنانية نفسها مُنفذاً للإملاءات الإيرانية، وإبقاء البلاد منصةً عسكرية مكشوفة للأجندات الإيرانية. كما أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية يعمّق هذا الانكشاف، ويزيد من عزلة لبنان على الساحة الدولية؛ ما يجعل أي مبادرة لوقف إطلاق النار غير مجدية».

والعامل الثاني، بحسب سلامة، هو أن «كل المؤشرات تدل على أن الحل العسكري سيستمر على حساب أي تسوية سياسية؛ نظراً لتشابك المسارات وتعقيداتها التي يصعب فصلها أو حلها دون توافق دولي وإقليمي شامل». ويضيف: «الأزمة اللبنانية مرتبطة بشكل وثيق بالصراع الأوسع في المنطقة؛ مما يعني أن أي وقف لإطلاق النار يتطلب توافقاً دولياً على إطار حل شامل للأزمات الإقليمية، يشمل تحديد دور إيران و(حزب الله) في المنطقة ومستقبل العلاقات اللبنانية مع محيطيها العربي والدولي. في ظل غياب هذا التوافق، ستظل الحرب هي الخيار الذي يُفضِّله الأطراف المؤثرة في المشهد، مع استمرار إسرائيل في محاولاتها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية طويلة الأمد في لبنان».

في المقابل، وعلى رغم اعتبار طبارة أن هناك جهوداً مستمرة تبذل لوقف إطلاق النار، لكنه يرى أن هذا الأمر لن يتحقق في المدى المنظور لأسباب مرتبطة بأهداف إسرائيل بالدرجة الأولى.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الكلمة اليوم للميدان رغم الضغوط التي تمارَس من قِبل بعض الدول، لا سيما أميركا وفرنسا، لكنها تقابَل بعدم تجاوب من قِبل إسرائيل، وبالتالي ستبقى الأمور معلّقة بانتظار نتائج الميدان؛ وهذا يعني أن الحرب ستكون طويلة، والدليل على ذلك ما حصل في غزة».
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لوقف إطلاق النار حزب الله

إقرأ أيضاً:

ما قصة الأسيرة بيباس التي كادت جثتها أن تهوي باتفاق وقف إطلاق النار؟

في خضم عملية تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي، برزت قصة الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس، التي أثارت عملية تسليم جثمانها جدلا واسعا وكادت أن تعصف باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وكانت شيري بيباس قد أُسرت مع زوجها ياردن وطفليها كفير وأرئيل خلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث نُقلوا جميعا إلى قطاع غزة، قبل أن يتم الإفراج عن الزوج لاحقا ضمن صفقات التبادل السابقة.

وكشفت مصادر في المقاومة الفلسطينية أن شيري كانت تعمل في مكتب قائد المنطقة الجنوبية في فرقة غزة، وأنها كانت متدربة في الوحدة 1200، مما يشير إلى ارتباطها بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

ووفقا لما ذكرته حركة حماس، فقد تم تأمين الأسيرة وطفليها في منزل محصن مع توفير الاحتياجات اللازمة لهم، لكن القوات الإسرائيلية استهدفت المنزل بصاروخ من طائرة "إف-16″، مما أدى إلى تدميره بالكامل ومقتلهم.

وأكدت الحركة حينها أنها حاولت الحفاظ على حياة الأسرى بكل الطرق، واتهمت إسرائيل بالتعامل بوحشية مع جميع أهالي القطاع ومعهم الأسرى، مشيرة إلى أنها كانت تأمل في عودة بيباس وطفليها أحياء، لكن القصف الإسرائيلي حال دون ذلك.

إعلان

وتحولت قضية بيباس إلى نقطة خلاف كادت أن تعصف باتفاق وقف إطلاق النار، بعد أن تبين أن الجثمان الذي سلمته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- الخميس الماضي كان لسيدة فلسطينية وليس للأسيرة الإسرائيلية.

وسرعان ما تداركت كتائب القسام الموقف بتسليم الجثمان الصحيح للصليب الأحمر، في خطوة أكدت من خلالها جديتها في تنفيذ الاتفاق، رغم الظروف الصعبة التي رافقت عملية البحث عن الجثامين في المناطق المدمرة بفعل القصف الإسرائيلي.

ملابسات الحدث

في هذا السياق، أشار مراسل الجزيرة تامر المسحال إلى أن المكان الذي تعرض للقصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة الأسيرة شيري بيباس وطفليها دُمّر بالكامل وتحولت الجثث إلى أشلاء.

وأوضح المسحال أنه تم الذهاب مجددا إلى المقبرة، حيث أُعيد البحث عن بقايا جثمان شيري بيباس في الموقع ذاته، ليتم العثور على الأشلاء وتسليمها إلى الصليب الأحمر ومن ثم إلى الجانب الإسرائيلي.

وأكد أن هذه الخطوة عكست جدية حماس والمقاومة الفلسطينية في تجاوز أي عثرات أو خلافات تتعلق بتنفيذ الاتفاق، وعدم إعطاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي مبرر للهروب من التزاماته بموجب الاتفاق.

وأشار المراسل إلى أن الاتفاق كان ينص على منح الجانب الإسرائيلي 48 ساعة لفحص الحمض النووي (DNA) بعد تسليم الجثامين، ومن ثم تقديم قائمة الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل الجثث.

لكن نتيجة الخلل الذي حدث، تأخر تسليم قائمة الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال الذين كان من المفترض الإفراج عنهم مقابل الجثث، ما أدى إلى عرقلة تنفيذ المرحلة التالية من الاتفاق.

كما أشار إلى أن المقاومة الفلسطينية طلبت رسميا إعادة جثمان السيدة الفلسطينية التي اختلطت أشلاؤها بجثامين الأسرة الإسرائيلية خلال عمليات البحث، وسط إصرار من حماس على استعادة الجثمان خلال الساعات القادمة.

إعلان

من جانبها، وجهت عائلة بيباس انتقادات حادة لنتنياهو، متهمة إياه بالتخلي عنهم خلال عملية "طوفان الأقصى" وفشله في إعادتهم سالمين إلى ذويهم.

وقالت عوفري بيباس، شقيقة الزوج المحرر، في بيان باسم العائلة "كان من مسؤولية إسرائيل وواجبها إعادتهم أحياء"، مضيفة "لن نسامح على التخلي عنهم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولن نسامح على التخلي عنهم في الأسر".

مقالات مشابهة

  • أمين عام "حزب الله": المقاومة موجودة وقوية عددا وعدّة والنصر الحتميّ آتٍ
  • تزامنا مع كلمة لنعيم قاسم.. غارات إسرائيلية تستهدف مناطق في الجنوب اللبناني
  • إسرائيل تقصف جنوب لبنان تزامنا مع تشييع جثماني "نصر الله وصفي الدين"
  • غارات إسرائيلية مفاجئة على جنوب لبنان رغم اتفاق وقف إطلاق النار
  • مع بداية محادثات لوقف إطلاق النار..من يربح في أوكرانيا؟
  • إسرائيل تقصف مناطق حدودية بين لبنان وسوريا
  • ما قصة الأسيرة بيباس التي كادت جثتها أن تهوي باتفاق وقف إطلاق النار؟
  • الرئيس اللبناني: إسرائيل خرقت اتفاق وقف إطلاق النار باستمرار احتلالها عدة تلال
  • ‌دعوة أميركية كينية لوقف إطلاق النار شرق الكونغو
  • شهيدة برصاص الاحتلال في رفح و350 خرقًا إسرائيليًّا لوقف إطلاق النار