الرئيس الأميركي وخلال لقائه مع الرئيس الأماراتي أواخر سبتمبر المُنصرم أعلن دولة الأمارات “شريك دفاعي رئيسي” للولايات المتحدة، وهو تصنيف لم تمنحه اميركا من قبل لأي من الدول الحليفة لها من خارج الناتو سوى للهند، ولم يذكر بيان البيت الأبيض أن لقائهم تطرق حتى للحرب في السودان.

أما بالنسبة لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية على القوني دقلو، فهي لا قيمة عملية لها، قد تعطل بعض التعاملات المالية هنا وهناك، وقد تحد من قدرته على السفر وحرمانه من الظهور العلني في بعض المنابر كما حدث لأخيه عبد الرحيم، لكنها تظل بدون قيمة عملية أو عملياتية.


أي عقوبات لا تستهدف كفيل المليشيا وممولها، والموانئ الليبية والكاميرونية، والمطارات التشادية واليوغندية والكينية وغيرها التي تخدم كنقطة تزود أو توصيل للإمداد العسكري للمليشيا، والأنظمة التي تُيسّر كل ذلك، يعني أن الأمر مجرد مسرح إعلامي لأجل المانشيتات وحتى يكون للمبعوث أو المسؤول الرفيع الذي سيمثل أمام الكونغرس في المرة القادمة أسطر إضافية ليقولها لأعضاء لجان العلاقات الخارجية المنتخبين عمّا تفعله الخارجية في القرن الافريقي أو منطقة السهل..الخ.

قال بيان وزارة الخزانة أن العقوبات فُرضت على القوني بسبب عمله على “إطالة أمد الحرب” وأنه “المسؤول اللوجستي” للمليشيا، ودة كلام غير دقيق إذا لم يكُن مُضحكاً، القوني لا يحمل أمواله التي يشتري بها السلاح في حقائب، بل هي موجودة في النظام المصرفي الأماراتي ويقيم على أراضي الإمارات مع أخيه الأكبر حميدتي، وتصل امدادات السلاح عن طريق طائرات شحن أماراتية من مخازن أماراتية، فالقوني هو مجرد واجهة، ولكن رغم ذلك ظل الدبلوماسيين الاميركيين يلتقون القوني حتى قبل عدة أسابيع قاد القوني وفد المليشيا لجنيف حيث أمضى أسابيع يلتقي المبعوث بيريللو!

الإدارة الأميركية ببساطة لا تهتم بحياة السودانيين ولا تكترث ببقاء أو هدم وتسييل الدولة السودانية فقد فعلوها من قبل في العراق وشاهدوها تُفعل بدول كذلك دون أن يُحرّكوا ساكناً، ولن يهتموا لو مات ١٠٠ سوداني أو مليون سوداني، فليس للولايات المتحدة مصالح استراتيجية مستعجلة أو حيوية في السودان، وهذا ليس شئ يستطيع البرهان تغييره رغم كل محاولاته، وأعتقد أنه اقتنع بذلك مؤخراً.

حال كان للولايات المتحدة استراتيجية واضحة للتعامل مع السودان لصارت أبوظبي جزء من أدواتها بما يمكنها من إجبارها على تعديل سلوكها، ولكن الآن أميركا هي جزء من أدوات أبوظبي في حربها على السودان في سياق جماعات الضغط الاسرائيلية الإماراتية الفعّالة في واشطنون وغيرهت من العواصم الغربية، وذلك أيضاً تبدُّل استراتيجي بأن أصبح السوق السياسي الغربي مفتوح للاستثمار من قوى ومصالح من خارجه، وهذا نقاش كبير. المهم، أقول كل ذلك وأنا لست من أصحاب الرأي بأن الولايات المتحدة متورطة بفعالية actively involved في الحرب ضد الدولة، بل هي كما ذكرت ببساطة لا تهتم وتمارس التورط السكوتي/السالب passively involved.

فما يستطيع تغيير المعادلة بالكامل هو ما يحدث على الميدان، وذلك يحدده تحالفات السودان الجيوسياسية الصلبة وخيارات القيادة السياسية، فثقتنا في قواتنا المسلحة/جيشنا الوطني ومختلف القوات المساندة له، وفي فدائيتهم وبطولتهم وإصرارهم على استعادة كرامة الأمة السودانية وحفظ مكتسبات الأمة ومؤسسات الدولة غير محدودة.

أحمد شموخ:

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أكاديمي يكشف للجزيرة نت أسباب هجرة عقول من أميركا بعهد ترامب

واشنطن- قرر أستاذ الفلسفة والمتخصص في دراسة الفاشية جيسون ستانلي أن يغادر جامعة ييل المرموقة إلى جامعة تورنتو الكندية، فهو يرى أن الولايات المتحدة قد تصبح "دكتاتورية فاشية"، ويخشى أن يكون للمناخ السياسي الحالي تبعات مباشرة عليه شخصيا وعلى عائلته.

ولا يعد البروفيسور ستانلي الأستاذ البارز الوحيد في جامعة ييل الذي يغادر أميركا خوفا من سياسات ترامب، حيث انضم إليه المؤرخان تيموثي سنايدر ومارسي شور، فيما يعد مؤشرا على أحد تبعات هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحريات الأكاديمية في أرقى الجامعات الأميركية.

وعلى مدار سنوات، دق البروفيسور ستانلي أجراس الإنذار بشأن ميول ترامب الاستبدادية، ويكرر وصفه له بشكل لا لُبس فيه بأنه "رئيس فاشي".

ستانلي: هناك أوجه تشابه بين المناخ في ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي وما نراه في أميركا اليوم (مواقع التواصل) عوامل طاردة

"أنا أغادر رغما عني، لأنني لا أريد مغادرة الولايات المتحدة، إنها وطني، ستظل دائما وطني" يقول جيسون ستانلي، ويضيف أن رفاهية أطفاله هي السبب الرئيسي لقراره، إذ قال "لدي ولدان أسودان، أنا خائف على سلامة أبنائي في ظل المناهضة الصريحة والعداء للسود في الوقت الحالي، والوضع بالنسبة لي أكثر رعبا مقارنة بشخص ليس لديه ولدان أسودان".

ويخشى ستانلي، الذي تزوج من طبيبة أميركية سوداء من أصول أفريقية وأنجب منها طفلين قبل أن يقع الطلاق بينهما مؤخرا، على ولديه من تاريخ ترامب الطويل في تبني وجهات النظر التي تسمو بالقومية البيضاء.

كما يرى أن إدارة ترامب الحالية تعمل على القضاء على مبادرات التنوع والإنصاف والشمول (DEI) في كل جوانب الحياة الأميركية، باعتبارها عنصرية معادية للبيض.

إعلان

ويقول ستانلي، وهو يهودي وابن ناجين من "الهولوكوست"، إن تاريخ عائلته أسهم أيضا في اختياره مغادرة الولايات المتحدة، حيث يقول إن "هناك أوجه تشابه واضحة بين المناخ في ألمانيا النازية في ثلاثينيات القرن الماضي، وما نراه في الولايات المتحدة اليوم".

كما لعب هجوم إدارة ترامب على الأوساط الأكاديمية دورا كبيرا في هذه الظاهرة، وفق ما يرى ستانلي، ويقول إنه "بعد استسلام جامعة كولومبيا، ستصبح مطالب إدارة ترامب للمؤسسات الأكاديمية أكثر جنونا بشكل مفرط".

وأشار إلى مطالب ترامب الأخيرة لجامعة هارفارد، والتي تشمل إلغاء برامج (DEI) ودعم "تنوع وجهات النظر" في القبول والتوظيف، وهو ما رفضته الجامعة، ليرد ترامب بتجميد ما يقرب من 2.3 مليار دولار من التمويل الفدرالي ردا على ذلك.

التذرع بمعادة السامية

انتقد ستانلي ترامب لتذرعه بمعاداة السامية وسط حملته القمعية للمؤسسات الأكاديمية، وجهوده لترحيل الطلاب المولودين خارج أميركا، فيما يتعلق بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات، وحذر أنه باستخدام هذا التأطير يدعم صورة نمطية خطرة مفادها أن "اليهود يسيطرون على مؤسسات قوية".

وتصور إدارة ترامب مرارا وتكرارا احتجاجات الحرم الجامعي على الحرب في غزة بأنها موالية لحركة حماس ومعادية للسامية، وأنها تحركت بدورها لإلغاء تأشيرات الطلاب في جميع أنحاء البلاد، مع تسليح الجامعات بقوة لسن إصلاحات مقابل استمرار التمويل.

وقال الأكاديمي إن تغطية وسائل الإعلام الأميركية للاحتجاجات على الحرب في غزة في حرم الجامعات العام الماضي اتبعت مسارا سيئا، موضحا "استغرق الأمر من وسائل الإعلام شهورا للاعتراف بوجود مشاركة يهودية كبيرة".

كما يتهم ستانلي وسائل الإعلام بالجهل وعدم فهم ما يسعى إليه ترامب، ويردد أن "إدارة ترامب تركز على الجامعات ليس بسبب التلقين الأيديولوجي، ولكن لأنها تحتوي على الكثير من الشباب الأذكياء من الطلاب، والطلاب كانوا دائما مصدرا للمقاومة ضد الاستبداد والحرب الظالمة".

إعلان

وفي إشارة إلى أن أعضاء إدارة ترامب "قوميون مسيحيون"، قال ستانلي إن البيت الأبيض يستغل اليهود ومعاداة السامية من أجل السيطرة على الجامعات، وعبر عن قلقه من أن اليهود سيتعرضون في النهاية للوم بسبب فاشية ترامب.

وأضاف ستانلي أن أي نقاش حول هذا "يجب أن يبدأ وينتهي بحقيقة أنه يخفي معاناة الفلسطينيين الذين يواجهون إبادة جماعية"، واعتبر أن "الضحايا الحقيقيين في كل هذا هم سكان غزة، الذين يتم التستر على محنتهم غير العادية، من خلال هذا التظاهر الزائف بحماية اليهود الأميركيين، والشعب اليهودي يقف ضد الاستبداد، هذا هو دورنا التاريخي، نحن ندافع عن الليبرالية، وهم يحاولون تماما تغيير ما نمثله".

جامعة ييل أكدت أنها تحترم قرارات أعضاء هيئة التدريس الذين اتخذوا قرارا بمغادرتها (أسوشيتد برس) "كونوا وطنيين"

بدوره، هاجم الكاتب بمجلة "الأتلانتيك" جورج بيكر ما اعتبره "فرارا من أميركا قبل التعرض للتهديد"، واعتبر أن مغادرة هؤلاء الأكاديميين المعروفين -مؤرخان وفيلسوف- لا تعد بمنزلة تغيير مقر العمل فقط، "بل إنهم يفرون من أميركا لأنهم يرونها تقع تحت نظام استبدادي".

وقال بيكر إنه عندما سمع بنبأ نزوحهم من جامعة ييل، تساءل إن كان من المفترض أن يشيد بحكمة الأساتذة وشجاعتهم في إدراك أن الوقت قد حان للمغادرة، "لكن بدلا من ذلك، شعرت بخيانتهم" حسب قوله.

وأشار بيكر إلى أن الأساتذة الثلاثة سافروا إلى أوكرانيا في زمن الحرب، ودعموا قضيتها بلا كلل، ونددوا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، وشرحوا لزملائهم الأميركيين ما يعلمونه في التاريخ عن انهيار الدول الديمقراطية إلى حضن الدكتاتورية.

واعتبر بيكر أن "أي شخص يواجه الموت أو الاعتقال أو حتى المضايقات المستمرة، فإن الفرار من البلاد هو المسار العاقل، لكن في هذه الحالة فالشرطة السرية لا تأتي للبحث عن سنايدر أو شور أو ستانلي".

إعلان

وأضاف أن "جامعة ييل -مثل الجامعات الأخرى رفيعة المستوى- ستخسر ملايين الدولارات من التمويل الفدرالي، لكن أساتذتها، وخاصة أولئك الذين لديهم جنسية أميركية، لا يزالون أحرارا بالتحدث نيابة عن مهاجر تم ترحيله ظلما، والدفاع عن طالب متحول جنسيا ضد التنمر والإذلال، والاحتجاج على ما تقوم به الحكومة الفدرالية، وحتى إدانة إيلون ماسك، لا يزال بإمكانهم كتابة كتب عن الفاشية".

وعن سؤاله عن كيفية معرفته متى يحين وقت الرحيل، رد بيكر بالقول "لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال، لكنني أعتقد أن الوقت لم يحن، ولا يبدو لي قريبا حتى"، وختم بيكر مقاله مخاطبا الأكاديميين الثلاثة بالقول "كونوا وطنيين".

مخاوف أميركية

تسبب خبر ترك ستانلي الولايات المتحدة صدمة في العديد من الدوائر الفكرية، فكتاب "كيف تعمل الفاشية: سياسة نحن وهم" والذي صدر عام 2018 يعد من أهم كتبه، لكنه اتخذ قراره بالانتقال لكندا لإدراكه لخطورة ما تمر به الولايات المتحدة خلال فترة حكم ترامب الثانية، وقال "لا أريد أن أربي أطفالي في بلد يميل نحو دكتاتورية فاشية".

وكتبت نيكول هانا جونز، الصحفية على منصة "بلوسكي" للتواصل الاجتماعي "عندما يغادر علماء الاستبداد والفاشية الجامعات الأميركية بسبب الوضع السياسي المتدهور هنا، يجب أن نقلق حقا".

بدورها، عبرت جامعة ييل عن دعمها لستانلي، وبقية أعضاء التدريس بها، وقالت في بيان لها "تفخر جامعة ييل بأعضاء هيئة التدريس فيها، والتي تضم أعضاء قد لا يعملون في المؤسسة بعد الآن، أو الذين قد تستمر مساهماتهم في الأوساط الأكاديمية في جامعات أخرى"، مؤكدة أن أعضاء هيئة التدريس يتخذون قرارات بشأن حياتهم المهنية لمجموعة متنوعة من الأسباب، وأنها تحترم كل هذه القرارات.

مقالات مشابهة

  • تعاون سوداني تركي في مجال التعليم العالي
  • أميركا: لا أولوية للصين والهند ستكون الأولى بالاتفاق حول الرسوم
  • الهند قد تكون أول من يوقع اتفاقيات الرسوم مع أميركا
  • IBM تعتزم استثمار 150 مليار دولار في أميركا على مدار 5 سنوات
  • ‎آبل تعتزم نقل تصنيع هواتف آيفون الموجهة للولايات المتحدة من الصين إلى الهند
  • تعرف على أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة
  • ذبابة حلزونية تصيب ماشية المكسيك وتمنع تصديرها للولايات المتحدة
  • آبل تخطط لنقل تصنيع هواتف آيفون الموجهة للولايات المتحدة من الصين إلى الهند بسبب الرسوم الجمركية
  • ترامب يعتبر أن أميركا سبب وجود قناة السويس ومغردون يردون
  • أكاديمي يكشف للجزيرة نت أسباب هجرة عقول من أميركا بعهد ترامب