(لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ)
#ماجد_دودين
عندما يَطولُ الأمدُ وتَكثُرُ النّعم، تَستحكمُ الغفلةُ لدى كثيرٍ مِن النّاسِ وتَقسو القلوب، فيُعاتبُهم ربُّهم جلَّ جلالُه (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ)؛ فما أجمَله مِن عِتاب، وما أّرَقَّه مِن خطاب، فإنّه سبحانه رحيمٌ بعبادِه حليمٌ عليهم، لا يُعَجِّلُ بعقوبتِهم (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ).
وإنْ تَمادوا في غفلتِهم فإنّه يُمهلُهم، ويُرسلُ إليهم الآياتِ والنّذرَ والبلاء، في صورةِ مرضٍ أو جدبٍ أو فقرٍ أو فقدِ حبيبٍ أو ضيقِ حال، رحمةً بهم لعلهم يَتوبونَ ويَتضرّعون ويَرجعون (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فما ابتلاهم سبحانه ليُعَذّبَهم بل ليَرْحَمَهم، ولعلَّهم يَرجعونَ، فما أعذبَها مِن عِبارة! لعلهم يَرجعون، وما ألطفَه مِن تَأديب! لعلّهم يَرجعون، مهما قَصَّروا وأَذنبوا! لعلهم يَرجعون، مهما أَعرضوا وابتعدوا! فإنّه سبحانه يَدعوهم ويُناديهم ويَتَوَدّدُ إليهم! لعلهم يَرجعون، فيَتوبُ عليهم إنْ رجعوا ويَغفرُ ذنوبَهم ويَرزقُهم ويَنصرُهم، إنّ وَخْزَاتِ الأحداث، قد تَكونُ إيقاظًا للإيمانِ الغافي، ورجعةً بالإنسانِ إلى اللهِ عزَّ وجلّ، فهي رحمةٌ للمؤمنينَ، وحُجّةٌ على الكافرين.
مقالات ذات صلةيَقولُ سلمانُ الفارسيُّ رضيَ اللهُ عنه: إنَّ المسلمَ ليُبْتلى، فيكونُ كفّارةً لمَا مَضى ومُسْتَعْتَبًا فيما بَقِي، وإنّ الكافرَ يُبتلى، فمَثَلُه كمَثَلِ البعيرِ أُطلِقَ، فلم يَدْرِ لِمَ أُطلق، وعُقِلَ فلم يَدْرِ لِمَ عُقِلَ؟ فالمؤمنُ في السّراءِ والضّراءِ يَرْدَعُه ما في قلبِه مِن إيمان، ويَرُدُّه إلى البرِّ والإحسانِ وطاعةِ الرّحمن، وأمّا غيرُ المؤمنِ فإنّه يَتَكَبّرُ ويَتَمادى في الظّلمِ والطّغيان، فيَستدرجُهم اللهُ بالنّعم (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)
قالَ بعضُ السّلف: إذا رأيتَ ربَّك يُتابعُ عليك نِعَمَه وأنت تَعْصِيه فاحْذرْه. فإنّ تَواليَ النّعمِ مع البغيِ والعصيان، إنّما هو استدراج، لتَقومَ عليهم الحُجّةُ ويَحِقَّ عليهم العذاب، قالَ تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ. قالَ: ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102].).
لا ينبغي لِلعبدِ أنْ يَغتَرَّ بحِلمِ اللهِ عليه؛ فقدْ يكونُ ما عليه مِنَ الأمنِ في المعصيةِ والظُّلمِ لِنفسهِ ولغيرِه، إنَّما هو استدراجٌ مِنَ اللهِ تعالَى له، حتَّى إذا سبَقَ الكتابُ أخَذَهُ اللهُ بما قدَّمَ مِن عَملٍ، فلا يَجِدُ له مِن دُونِه وَلِيًّا ولا نَصيرًا.
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ التَّمادِي في الظُّلمِ، ويُعْلِمُنا أنَّ اللهَ تعالى يُملِي للظَّالمِ، ويُمهِلَ له حتَّى يَتمادَى في ظُلمِه -والعياذُ باللهِ- فلا يُعالِجُه العُقوبةَ، حتَّى إذا أخذَه لم يُفِلْتْه، أي: لم يُطلِقْه، ولم يَنفَلِتْ منه، ولا يُخَلِّصه؛ لكثرةِ مَظالِمه إنْ كان مُشركًا، أو لم يُخَلِّصه مُدَّةً طويلةً إنْ كان مُؤمنًا، ثُمَّ قرَأَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]، أي: ومِثلُ ذلك الأَخْذِ أخْذُ اللهِ الأُممَ السَّالفةَ في حالِ كونِها ظالمةً، وأخْذُه سبحانه وَجيعٌ صَعبٌ على المأخوذِ، وفي هذا تَحذيرٌ عظيمٌ مِن الظُّلْمِ -بالكُفرِ أو بغَيرِه- لِنفسِه أو لِغيرِه، وتحذيرٌ لكلِّ أهلِ قريةٍ ظالمةٍ. وفي الحَديثِ: تسليةٌ للمظلومِ في الحالِ، ووعيدٌ للظَّالمِ لئلَّا يغتَرَّ بالإمهالِ.
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ(20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (سورة السجدة)
أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ (18)
الفرق بين المؤمن والفاسق: هنا استُخدِمت كلمتا المؤمن والفاسق كمصطلحيْن متضاديْن. فالمؤمن هو من يؤمن بالله ربًا وإلهًا واحدًا، ويتّبع ويطيع الشريعة التي أنزلها الله جلّ وعلا عن طريق أنبيائه عليهم السلام. وعلى النقيض من ذلك، فإن الفاسق هو من يتبنى ويتّبع موقف الفسق أي (العصيان والتمرد والطاعة لغير الله تعالى).
لا يستوون: لا يمكن أن يكون لهما نفس التفكير والحياة في الدنيا، ولا يمكن أن يعاملهما الله على قدم المساواة في الآخرة.
(32:19) أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّٰاتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلَۢا بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ
«إن الجنّات لن تكون لهم مجرد وسيلة للتسلية والترفيه فحسب، بل ستكون لهم مسكناً ومستقراً خالدين فيه إلى الأبد».
(32:20) وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ (20)
(32:21) وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (21)
“العذاب الأكبر” هو عذاب الآخرة الذي سينزل بالمذنبين نتيجة الكفر والعصيان. أما “العذاب الأدنى” فيشير إلى المصائب التي تصيب الإنسان حتّى في هذا العالم، مثل الأمراض في حياة الأفراد، وموت الأقارب والأحبّاء، والحوادث الخطيرة، والخسائر، والفشل، وما إلى ذلك، والعواصف والزلازل والفيضانات والأوبئة والمجاعات والشغب والحروب والعديد من الكوارث الأخرى في الحياة الجماعية، والتي تؤثر على مئات الآلاف من الناس في وقت واحد. والسبب الذي قدم لإرسال ونزول هذه المصائب هو أن الناس يجب أن ينتبهوا حتى قبل أن يتورطوا في “العذاب الأكبر” ويتركوا الموقف وطريقة الحياة التي سيضطرون بسببها إلى تحمل العذاب الأكبر في النهاية. بعبارة أخرى، هذا يعني أن الله لم يحفظ الإنسان في أمان تام في العالم حتى يتمكن من العيش في سلام كامل، ويتورط في سوء فهم أنه لا توجد قوّة قاهرة وقادرة فوقه، والتي يمكن أن تسبب له الأذى. ولكن الله رتّب الأمور بحكمته وعلمه وقدرته بحيث يرسل الكوارث والمصائب على الأفراد والأمم والدول من وقت لآخر، مما يعطي الإنسان شعوراً بأنه عاجز وأن هناك ملكاً قديراً عظيما حكيما له كل صفات الكمال والجمال، يحكم مملكته الشاملة. هذه المصائب تذكّر كل فرد وجماعة وأمّة بأنّ هناك قوة أخرى فوقهم تتحكّم في مصائرهم. كل شيء لم يوضع تحت تصرف الإنسان. القوة الحقيقية في يد مالك الملك وملك الملوك. عندما تنزل عليه مصيبة من عنده، لا يمكنك دفعها بأيّ حيلة، ولا يمكنك الفرار منها باستدعاء جن أو روح أو إله أو إلهة مزعومة أو نبي أو ولي. في ضوء ذلك، فإنّ هذه المصائب ليست مجرد كوارث بل إنذارات من الله، تُرْسَل لجعل الإنسان مدركاً للحقيقة ولإزالة سوء الفهم لديه. فإذا اتخذ الإنسان درساً وعبرة وصحَّح اعتقاده وسلوكه هنا في الدنيا فلن يواجه عذاب الله الأكبر في الآخرة.
(32:22) وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ
«آيات ربه» تشمل كل أنواع الآيات، وبالتأمل في كل الآيات القرآنية في هذا الشأن يتبين أن هذه الآيات هي على ستة أنواع:
(1) الآيات التي توجد في كلّ شيء من الأرض إلى السماء.
(2) الآية التي توجد في خلق الإنسان وفي تكوينه وجسمه.
(3) الآيات التي توجد في حدس الإنسان وعقله الباطن واللاواعي ومفاهيمه الأخلاقية.
(4) الآيات التي نجدها في التجربة المتواصلة للتاريخ الإنساني.
(5) الآيات التي توجد في نزول الابتلاءات الأرضية والسماوية على الإنسان.
(6) وفوق ذلك كلّه فإنّ الوحي الذي أنزله الله على أنبيائه ليعلّم الإنسان علماً عقلياً تلك الحقائق التي أشارت إليها كل الآيات المذكورة.
إن كل هذه الآيات تعلن بشكل ثابت وواضح: “أيها الإنسان، لست بدون إله خالق، ولست عبدًا لآلهة متعددة، ولكن إلهك هو إله واحد أحد فرد صمد ولا يوجد طريق آخر للحياة صحيح لك سوى طريق عبادته وخدمته وطاعته. لم يُترك لك أن تعيش حياة فوضوية وغير مسؤولة في هذا العالم، ولكن عليك أن تقف أمام الله وتقدم حسابًا عن أعمالك بعد انتهاء رحلتك في الحياة، وأن تُكافأ أو تُعاقب وفقًا لذلك. لذا، من مصلحتك أن تتّبع التوجيه الذي أرسله إلهك وخالقك ورازقك من خلال أنبيائه وكتبه لتعليمك الصراط المستقيم والنهج القويم”. الآن، من الواضح أن الرجل الذي تم تحذيره بطرق مختلفة عديدة، والذي تم تزويده بآيات وعلامات ودلالات مختلفة لا حصر لها لتحذيره، والذي تم منحه عيونًا ليرى وآذانًا ليسمع وعقلًا ليفكّر، ومع ذلك يُغلق عينيه عن كل هذه العلامات والآيات والبراهين، ويغلق أذنيه عن تحذيرات محبي الخير له، ويستخدم عقله في اختراع فلسفات غبية وعمياء لا يمكن إلاّ أن يكون شخصًا بائسًا وشريرًا. يستحق أن يصيبه العقاب الكامل على تمرّده وعصيانه عندما يقف أمام ربه بعد انقضاء فترة الاختبار في هذه الدنيا الفانية.
فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واشكروه على ما أَوْلاكم مِن النّعم، واحذروا مَغَبَّةَ الغفلةِ مِن النِّقم، فهل آنَ للقلوبِ أنْ تَخشعَ وتَلين؟ وأنْ تَتوبَ لربِّ العالمين؟ ليَتوبَ اللهُ عليها ويَغفرَ لها ويَفتحَ لها مِن بركاتِه وهباتِه، بلى واللهِ قد آن. فاللهمّ أَيقظْ قلوبَنا لاستدراكِ ما فات، وإصلاحِ ما هو آت، اللهمّ اصرفْ عنّا النِّقم، ولا تَستدرجْنا بالنِّعم، واجعلْنا لك ذاكرينَ شاكرينَ عابدينَ خاشعين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: التی توجد فی الآیات التی ی ر ج ع ون ال ع ذ اب لا یمکن لعلهم ی م ن ک ان فی هذا اب الأ ى الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي إسماعيل المسلماني أن استعانة إسرائيل بدول أوروبية لإطفاء الحريق الضخم الذي اندلع غربي القدس دليل على فشلها في التعامل مع هذه الأزمات.
وتقف إسرائيل عاجزة عن التعامل مع الحريق الثاني الآخذ في الاتساع، والذي تتحدث وسائل إعلام محلية عن أنه ربما يكون بفعل فاعل وليس بسبب الأحوال الجوية.
وعلى الرغم من محاولة 120 فريق إطفاء الحريق من البر والجو فإنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليه، مما دفع تل أبيب إلى طلب الدعم من دول أوروبية.
وأكد المسلماني -في مقابلة مع الجزيرة- أن هذا الحريق يعكس فشل إسرائيل في التعامل مع هذا الحوادث الكبرى رغم ما تمتلكه من تكنولوجيا متطورة، وقال إن استعانتها بدول أوروبية دليل على عدم امتلاكها البنية التحتية اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات.
مشاهد من الحرائق المندلعة في أحراش غرب القدس المحتلة. pic.twitter.com/VEXoG6M48i
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 30, 2025
وهذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها إسرائيل إلى إخلاء هذا العدد من السكان في منطقة غربي القدس، فضلا عن إغلاق كافة الطوارئ بالمنطقة، وهو ما يؤكد عجزها عن التعامل مع الحريق، برأي المسلماني.
إعلانويضع هذا الفشل الحكومة في مواجهة انتقادات كثيرة بالنظر إلى زعمها المستمر امتلاك الخبرة اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات، وهو ما أثبت الواقع كذبه، وفق المسلماني.
ولا يمكن للحكومة القول إنه الفشل الأول لها في التعامل مع هذه الحرائق، لأنها فشلت في التعامل مع حريق مماثل الأسبوع الماضي، كما فشلت في التعامل مع الحرائق التي كانت تندلع في مئات الدونمات خلال المعارك بينها وبين حزب الله اللبناني، كما يقول المسلماني.
وهذا هو الحريق الثاني الذي تتعرض له غربي القدس خلال هذا الأسبوع، وقد أعلنت الحكومة حالة الطوارئ وألغت كافة احتفالات يوم الاستقلال، والتي كانت مقررة مساء اليوم الأربعاء.
واندلع الحريق في منطقتي القدس وتل أبيب، وقال قائد فريق الإطفاء إنه الأكبر في تاريخ إسرائيل، وإنه ربما ينتشر إلى جبال القدس الغربية، ومن المحتمل أن تبدأ الحكومة إخلاء مدينة إلعاد من السكان.
ووفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية، فقد تم إجلاء سكان 8 بلدات غربي القدس بسبب هذه الحرائق المدفوعة بالسرعة الكبيرة للرياح، وصدرت أوامر بإخلاء مزيد من البلدات.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتقال 3 شبان فلسطينيين من القدس بسبب الاشتباه في تورطهم بإشعال الحريق كما قال مراسل الجزيرة في القدس إلياس كرام، في حين نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر أمني أن هناك شبهة عمل إرهابي في هذا الحريق.
امتداد الحرائق إلى مستوطنة "بيتاح تكفا" شرقي "تل أبيب" وسط فلسطين المحتلة. pic.twitter.com/jfhn90HFPG
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 30, 2025
غموض بشأن الأسبابولا يزال الغموض مسيطرا على الأسباب الحقيقية لهذا الحريق، لكن دخول جهاز الشاباك على خط التحقيقات يشي بوجود شبهة جنائية فيه رغم غياب التأكيد الرسمي حتى الآن، كما يقول كرام.
ويدير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأزمة بنفسه، في حين يتساءل الإعلام الإسرائيلي عن كيفية عجز إسرائيل عن التعامل مع هذه الأحداث رغم ما تمتلكه من إمكانيات.
إعلانوتمتلك إسرائيل 24 طائرة لإطفاء الحرائق إضافة إلى 3 طائرات تابعة للشرطة، كما يقول كرام الذي أشار إلى أن تل أبيب تمتلك مئات الطائرات لإشعال الحرائق في قطاع غزة وسوريا ولبنان، لكنها لا تمتلك ما يكفي لإطفاء حرائقها.
وحتى هذه اللحظة تمنع الرياح القوية الطائرات من التدخل لإطفاء النيران، ومن المقرر أن تصل غدا الخميس 3 طائرات من كرواتيا وإيطاليا للتعامل مع الحريق.
وقالت قناة "كان" الرسمية إنه تم إخلاء أكثر من مستوطنات وإجلاء 10 آلاف شخص من منازلهم بسبب هذه الحرائق، في حين طالب قائد فرق الإطفاء في القدس بعدم الاقتراب من شارعي 1 و3 ومنطقة القدس، مؤكدا أن السيطرة على الحريق لا تزال بعيدة.