سواليف:
2025-02-17@01:07:43 GMT

(لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ)

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

(لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ)

#ماجد_دودين

عندما يَطولُ الأمدُ وتَكثُرُ النّعم، تَستحكمُ الغفلةُ لدى كثيرٍ مِن النّاسِ وتَقسو القلوب، فيُعاتبُهم ربُّهم جلَّ جلالُه (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ)؛ فما أجمَله مِن عِتاب، وما أّرَقَّه مِن خطاب، فإنّه سبحانه رحيمٌ بعبادِه حليمٌ عليهم، لا يُعَجِّلُ بعقوبتِهم (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ).

وإنْ تَمادوا في غفلتِهم فإنّه يُمهلُهم، ويُرسلُ إليهم الآياتِ والنّذرَ والبلاء، في صورةِ مرضٍ أو جدبٍ أو فقرٍ أو فقدِ حبيبٍ أو ضيقِ حال، رحمةً بهم لعلهم يَتوبونَ ويَتضرّعون ويَرجعون (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فما ابتلاهم سبحانه ليُعَذّبَهم بل ليَرْحَمَهم، ولعلَّهم يَرجعونَ، فما أعذبَها مِن عِبارة! لعلهم يَرجعون، وما ألطفَه مِن تَأديب! لعلّهم يَرجعون، مهما قَصَّروا وأَذنبوا! لعلهم يَرجعون، مهما أَعرضوا وابتعدوا! فإنّه سبحانه يَدعوهم ويُناديهم ويَتَوَدّدُ إليهم! لعلهم يَرجعون، فيَتوبُ عليهم إنْ رجعوا ويَغفرُ ذنوبَهم ويَرزقُهم ويَنصرُهم، إنّ وَخْزَاتِ الأحداث، قد تَكونُ إيقاظًا للإيمانِ الغافي، ورجعةً بالإنسانِ إلى اللهِ عزَّ وجلّ، فهي رحمةٌ للمؤمنينَ، وحُجّةٌ على الكافرين.

مقالات ذات صلة غزّة مشروع تحرير أو هلاك العالم 2024/10/10

يَقولُ سلمانُ الفارسيُّ رضيَ اللهُ عنه: إنَّ المسلمَ ليُبْتلى، فيكونُ كفّارةً لمَا مَضى ومُسْتَعْتَبًا فيما بَقِي، وإنّ الكافرَ يُبتلى، فمَثَلُه كمَثَلِ البعيرِ أُطلِقَ، فلم يَدْرِ لِمَ أُطلق، وعُقِلَ فلم يَدْرِ لِمَ عُقِلَ؟ فالمؤمنُ في السّراءِ والضّراءِ يَرْدَعُه ما في قلبِه مِن إيمان، ويَرُدُّه إلى البرِّ والإحسانِ وطاعةِ الرّحمن، وأمّا غيرُ المؤمنِ فإنّه يَتَكَبّرُ ويَتَمادى في الظّلمِ والطّغيان، فيَستدرجُهم اللهُ بالنّعم (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)

قالَ بعضُ السّلف: إذا رأيتَ ربَّك يُتابعُ عليك نِعَمَه وأنت تَعْصِيه فاحْذرْه. فإنّ تَواليَ النّعمِ مع البغيِ والعصيان، إنّما هو استدراج، لتَقومَ عليهم الحُجّةُ ويَحِقَّ عليهم العذاب، قالَ تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ. قالَ: ثُمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102].).

لا ينبغي لِلعبدِ أنْ يَغتَرَّ بحِلمِ اللهِ عليه؛ فقدْ يكونُ ما عليه مِنَ الأمنِ في المعصيةِ والظُّلمِ لِنفسهِ ولغيرِه، إنَّما هو استدراجٌ مِنَ اللهِ تعالَى له، حتَّى إذا سبَقَ الكتابُ أخَذَهُ اللهُ بما قدَّمَ مِن عَملٍ، فلا يَجِدُ له مِن دُونِه وَلِيًّا ولا نَصيرًا.

وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ التَّمادِي في الظُّلمِ، ويُعْلِمُنا أنَّ اللهَ تعالى يُملِي للظَّالمِ، ويُمهِلَ له حتَّى يَتمادَى في ظُلمِه -والعياذُ باللهِ- فلا يُعالِجُه العُقوبةَ، حتَّى إذا أخذَه لم يُفِلْتْه، أي: لم يُطلِقْه، ولم يَنفَلِتْ منه، ولا يُخَلِّصه؛ لكثرةِ مَظالِمه إنْ كان مُشركًا، أو لم يُخَلِّصه مُدَّةً طويلةً إنْ كان مُؤمنًا، ثُمَّ قرَأَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]، أي: ومِثلُ ذلك الأَخْذِ أخْذُ اللهِ الأُممَ السَّالفةَ في حالِ كونِها ظالمةً، وأخْذُه سبحانه وَجيعٌ صَعبٌ على المأخوذِ، وفي هذا تَحذيرٌ عظيمٌ مِن الظُّلْمِ -بالكُفرِ أو بغَيرِه- لِنفسِه أو لِغيرِه، وتحذيرٌ لكلِّ أهلِ قريةٍ ظالمةٍ. وفي الحَديثِ: تسليةٌ للمظلومِ في الحالِ، ووعيدٌ للظَّالمِ لئلَّا يغتَرَّ بالإمهالِ.

أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ(20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (سورة السجدة)

أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ (18)

الفرق بين المؤمن والفاسق: هنا استُخدِمت كلمتا المؤمن والفاسق كمصطلحيْن متضاديْن. فالمؤمن هو من يؤمن بالله ربًا وإلهًا واحدًا، ويتّبع ويطيع الشريعة التي أنزلها الله جلّ وعلا عن طريق أنبيائه عليهم السلام. وعلى النقيض من ذلك، فإن الفاسق هو من يتبنى ويتّبع موقف الفسق أي (العصيان والتمرد والطاعة لغير الله تعالى).

لا يستوون: لا يمكن أن يكون لهما نفس التفكير والحياة في الدنيا، ولا يمكن أن يعاملهما الله على قدم المساواة في الآخرة.

(32:19) أَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّٰاتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلَۢا بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ

«إن الجنّات لن تكون لهم مجرد وسيلة للتسلية والترفيه فحسب، بل ستكون لهم مسكناً ومستقراً خالدين فيه إلى الأبد».

(32:20) وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمۡ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ (20)

(32:21) وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (21)

“العذاب الأكبر” هو عذاب الآخرة الذي سينزل بالمذنبين نتيجة الكفر والعصيان. أما “العذاب الأدنى” فيشير إلى المصائب التي تصيب الإنسان حتّى في هذا العالم، مثل الأمراض في حياة الأفراد، وموت الأقارب والأحبّاء، والحوادث الخطيرة، والخسائر، والفشل، وما إلى ذلك، والعواصف والزلازل والفيضانات والأوبئة والمجاعات والشغب والحروب والعديد من الكوارث الأخرى في الحياة الجماعية، والتي تؤثر على مئات الآلاف من الناس في وقت واحد. والسبب الذي قدم لإرسال ونزول هذه المصائب هو أن الناس يجب أن ينتبهوا حتى قبل أن يتورطوا في “العذاب الأكبر” ويتركوا الموقف وطريقة الحياة التي سيضطرون بسببها إلى تحمل العذاب الأكبر في النهاية. بعبارة أخرى، هذا يعني أن الله لم يحفظ الإنسان في أمان تام في العالم حتى يتمكن من العيش في سلام كامل، ويتورط في سوء فهم أنه لا توجد قوّة قاهرة وقادرة فوقه، والتي يمكن أن تسبب له الأذى. ولكن الله رتّب الأمور بحكمته وعلمه وقدرته بحيث يرسل الكوارث والمصائب على الأفراد والأمم والدول من وقت لآخر، مما يعطي الإنسان شعوراً بأنه عاجز وأن هناك ملكاً قديراً عظيما حكيما له كل صفات الكمال والجمال، يحكم مملكته الشاملة. هذه المصائب تذكّر كل فرد وجماعة وأمّة بأنّ هناك قوة أخرى فوقهم تتحكّم في مصائرهم. كل شيء لم يوضع تحت تصرف الإنسان. القوة الحقيقية في يد مالك الملك وملك الملوك. عندما تنزل عليه مصيبة من عنده، لا يمكنك دفعها بأيّ حيلة، ولا يمكنك الفرار منها باستدعاء جن أو روح أو إله أو إلهة مزعومة أو نبي أو ولي. في ضوء ذلك، فإنّ هذه المصائب ليست مجرد كوارث بل إنذارات من الله، تُرْسَل لجعل الإنسان مدركاً للحقيقة ولإزالة سوء الفهم لديه. فإذا اتخذ الإنسان درساً وعبرة وصحَّح اعتقاده وسلوكه هنا في الدنيا فلن يواجه عذاب الله الأكبر في الآخرة.

(32:22) وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَآۚ إِنَّا مِنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُنتَقِمُونَ

«آيات ربه» تشمل كل أنواع الآيات، وبالتأمل في كل الآيات القرآنية في هذا الشأن يتبين أن هذه الآيات هي على ستة أنواع:

(1) الآيات التي توجد في كلّ شيء من الأرض إلى السماء.

(2) الآية التي توجد في خلق الإنسان وفي تكوينه وجسمه.

(3) الآيات التي توجد في حدس الإنسان وعقله الباطن واللاواعي ومفاهيمه الأخلاقية.

(4) الآيات التي نجدها في التجربة المتواصلة للتاريخ الإنساني.

(5) الآيات التي توجد في نزول الابتلاءات الأرضية والسماوية على الإنسان.

(6) وفوق ذلك كلّه فإنّ الوحي الذي أنزله الله على أنبيائه ليعلّم الإنسان علماً عقلياً تلك الحقائق التي أشارت إليها كل الآيات المذكورة.

إن كل هذه الآيات تعلن بشكل ثابت وواضح: “أيها الإنسان، لست بدون إله خالق، ولست عبدًا لآلهة متعددة، ولكن إلهك هو إله واحد أحد فرد صمد ولا يوجد طريق آخر للحياة صحيح لك سوى طريق عبادته وخدمته وطاعته. لم يُترك لك أن تعيش حياة فوضوية وغير مسؤولة في هذا العالم، ولكن عليك أن تقف أمام الله وتقدم حسابًا عن أعمالك بعد انتهاء رحلتك في الحياة، وأن تُكافأ أو تُعاقب وفقًا لذلك. لذا، من مصلحتك أن تتّبع التوجيه الذي أرسله إلهك وخالقك ورازقك من خلال أنبيائه وكتبه لتعليمك الصراط المستقيم والنهج القويم”. الآن، من الواضح أن الرجل الذي تم تحذيره بطرق مختلفة عديدة، والذي تم تزويده بآيات وعلامات ودلالات مختلفة لا حصر لها لتحذيره، والذي تم منحه عيونًا ليرى وآذانًا ليسمع وعقلًا ليفكّر، ومع ذلك يُغلق عينيه عن كل هذه العلامات والآيات والبراهين، ويغلق أذنيه عن تحذيرات محبي الخير له، ويستخدم عقله في اختراع فلسفات غبية وعمياء لا يمكن إلاّ أن يكون شخصًا بائسًا وشريرًا. يستحق أن يصيبه العقاب الكامل على تمرّده وعصيانه عندما يقف أمام ربه بعد انقضاء فترة الاختبار في هذه الدنيا الفانية.

فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واشكروه على ما أَوْلاكم مِن النّعم، واحذروا مَغَبَّةَ الغفلةِ مِن النِّقم، فهل آنَ للقلوبِ أنْ تَخشعَ وتَلين؟ وأنْ تَتوبَ لربِّ العالمين؟ ليَتوبَ اللهُ عليها ويَغفرَ لها ويَفتحَ لها مِن بركاتِه وهباتِه، بلى واللهِ قد آن. فاللهمّ أَيقظْ قلوبَنا لاستدراكِ ما فات، وإصلاحِ ما هو آت، اللهمّ اصرفْ عنّا النِّقم، ولا تَستدرجْنا بالنِّعم، واجعلْنا لك ذاكرينَ شاكرينَ عابدينَ خاشعين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: التی توجد فی الآیات التی ی ر ج ع ون ال ع ذ اب لا یمکن لعلهم ی م ن ک ان فی هذا اب الأ ى الله

إقرأ أيضاً:

حصاد جلسات مجلس النواب 9 – 11 فبراير 2025

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استمراراً للمناقشات الدقيقة لمواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، أقر مجلس النواب خلال هذا الأسبوع المواد من 277 إلى 464 التي تضمنت مجموعة قواعد قانونية جديدة تحقق حماية لحقوق المتهمين المصابين باضطراب نفسي أو عقلي، وتضمنت المواد على تفعيل للضمانات الدستورية لحماية حقوق المرأة والطفل خلال تنفيذ العقوبة بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

كما تضمنت مواد مشروع القانون التي أقرها المجلس فلسفة جديدة للأحكام الغيابية وتنظيم متكامل للمعارضة فيها بشكل يحد من المعارضة ويضمن وصول العلم اليقيني للمتهم بموعد الجلسة المحددة له، والمجلس يؤكد أنه لا منع من التصرف في الأموال أو الممتلكات أو إدارتها إلا بحكم قضائي، وضمانات جديدة يقرها المجلس لحق الدفاع تُلزم الخزانة العامة للدولة بتحمل أتعاب المحامين المنتدبين للمتهمين غير القادرين على توكيل محام، ووافق المجلس على جواز الطعن على تقدير الأتعاب تشجيعاً للمحامين المنتدبين.

وجذباً للاستثمارات ودعماً للاقتصاد الوطني وافق المجلس على مشروعى قانونين مقدمين من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع شركات للبحث عن البترول والغاز والزيت الخام واستغلالهما.


الجلسات العامة
جلسة الأحد 9/2/2025

استأنف المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان، حيث وافق المجلس على المواد من (277) حتى (338) من مشروع القانون، مع إرجاء مناقشة المادة (311) لإعادة دراستها وفقاً لطلب السيد وزير العدل.
ومشروع القانون يمثل قانوناً متكاملاً للإجراءات الجنائية يحقق فلسفة جديدة تتسق مع دستور ٢٠١٤، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويتلافى العديد من الملاحظات والتوصيات الصادرة عن بعض الأجهزة التابعة للمنظمات الدولية الرسمية، وبما يتواكب مع التطور التكنولوجي، وذلك كُله بما يحقق المصلحة العليا للدولة في مجال حقوق الإنسان على الصعيدين الداخلي والدولي، ويحقق الاستقرار المنشود للقواعد الإجرائية، حيث تضمن مزيداً من ضمانات الحقوق والحريات للمواطن المصري بما يليق بالجمهورية الجديدة على النحو الوارد بتقرير اللجنة المشتركة بشأنه.
شهدت الجلسة مناقشات موسعة ومستفيضة من جانب النواب بمختلف انتماءاتهم السياسية ومن جانب الحكومة حول المواد المنظمة لإعلان الخصوم وحضورهم وحفظ نظام الجلسة، وما يتعلق بأحكام تنحي القضاة وردهم عن الحكم، وشهدت المادة الخاصة بنص "القسم" للشهود "جدلاً"، حيث رفض المجلس اقتراحاً من أحد النواب بتوحيد القسم لجميع الشهود أياً كان ديانتهم وأكد رئيس المجلس على أن القاضى له السلطة التقديرية فى تحليف الشاهد حسب ديانته واعتقاده فى ضوء أن الدستور فى المادتين (3)، (64) قد كفل حرية ممارسة الشعائر للديانات السماوية الثلاث كما كفل حرية الاعتقاد، وخلال الجلسة وافق المجلس على تعديل مقدم من السيد وزير العدل بإضافة الحرية الشخصية وحرمة المسكن والحياة الخاصة إلى حالات البطلان المتعلقة بالنظام العام والتي يجوز التمسك بها في أي حالة كانت عليها الدعوى تأكيداً على التزام مشروع القانون بحماية حرمة الحياة الخاصة كونها صمام الأمان للحريات العامة.

وافق المجلس "نهائياً" على مشروعى قانونين مُقدمين من الحكومة بالترخيص لوزير البترول فى التعاقد مع الهيئة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وبعض الشركات العالمية فى مجال البحث والتنقيب عن البترول والغاز والزيت الخام وتنميته واستغلاله فى بعض المناطق داخل جمهورية مصر العربية، وهما:
• الترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول، وشركة ايوك برودكشن بي في، وشركة ابكس انترناشيونال اينرجي هولدنجزII، لتعديل اتفاقية الالتزام الصادرة بالقانون رقم 171 لسنة 2005، للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة شرق الأبيض بالصحراء الغربية.
• الترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الهيئة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، وشركة أيوك برودكشن بي. في، وشركة بي بي اكسبلوريشن (دلتا) ليمتد، وشركة قطر للطاقة الدولية أي آند بي أل. أل. سي للبحث عن الغاز والزيت الخام واستغلالهما في منطقة شرق بورسعيد البحرية بالبحر المتوسط (ج.م.ع).
خلال المناقشات أكد النواب أهمية مشروعي القانونين في ضوء ما تشكله عمليات البحث عن البترول والغاز الطبيعي وتنميتهما من ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة ومساهمتها في زيادة الإنتاج المحلي مما يقلل من الاعتماد على استيراد المنتجات البترولية ويعزز أمن الطاقة ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمارات المحلية والدولية في هذا القطاع بما يحقق للدولة المصرية عائدًا جيدًا بالإضافة إلى الحصول على العديد من المنح غير المُستردة وتحقيق توازن العقود بين الأطراف بما يحقق أقصى استفادة من الموارد الطبيعية وسد احتياجات السوق المحلية.

جلسة الإثنين 10/2/2025
وافق المجلس "نهائياً" على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 605 لسنة 2024 بشأن الموافقة على "اتفاق التعديل الإطاري بشأن تخلي بنك التنمية الإفريقي عن الليبور LIBOR كسعر فائدة مرجعي واستبداله بالسوفر…SOFR  يأتى هذا التعديل استجابة من الحكومة لرغبة بنك التنمية الإفريقى فى التخلى عن استخدام الليبور كسعر فائدة مرجعى واستبدال السوفر به، وفقاً لما انتهجته سائر البنوك التمويلية الدولية وعلى رأسها البنك الدولى، وخلال المناقشات أكد النواب أهمية التعديل للحفاظ على التوازن بين تكلفتى الإقراض والاقتراض، كما أنه أكثر أماناً لخلوه من المخاطر، نظراً لعدم وجود أية تدخلات بشريه فيه، علاوة على أنه يعتمد على بيانات من المعاملات المرصودة بالفعل بدلاً من معدلات الاقتراض المفترضة.

واصل المجلس مناقشة مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وفقاً لما انتهت إليه اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة حقوق الإنسان، ووافق على المواد من (339) إلى (343)، حيث أقر المجلس المواد المنظمة لتشكيل محاكم الجنايات واستئناف الجنح وضوابط محاكمة المتهمين المصابين بأمراض نفسية وعقلية، حيث انتصر المجلس لهم ووافق على اقتراح السيد وزير العدل بأن يكون القاضى الجزئى هو المختص بإصدار أمر ايداع المتهم المصاب باضطراب نفسى أو عقلى تحت الملاحظة بدلاً من محكمة الجنح المستأنفة وذلك لتقصير الإجراءات والتسهيل على هؤلاء المتهمين، لفرض سياج من الحماية وضمان بيئة تحقيق آمنة لهم، كما وافق المجلس على اقتراح السيد وزير العدل بإدخال تعديل على المادة (357) الخاصة بتقدير الأتعاب للمحامى المنتدب بما يجيز الطعن عليها، وذلك تشجيعاً على زيادة أعداد المحامين المنتدبين لما يمثله ذلك من مصلحة للمتهم غير القادر على توكيل محامى عنه، كما وافق المجلس على المواد المنظمة لتشكيل محاكم الجنايات وتحديد أدوار انعقادها وفقاً لما ورد في مشروع قانون الإجراءات الجنائية.

جلسة الثلاثاء 11/2/2025
أحال المجلس فى بداية الجلسة العامة (23) تقريراً للجنة الاقتراحات والشكاوى عن اقتراحات برغبات مقدمة من النواب إلى الحكومة بشأن بعض المشكلات الخاصة بدوائرهم لدراستها وتنفيذ ما ورد بها من توصيات.

استكمل المجلس مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان.
وخلال المناقشات أقر المجلس عددًا من المواد التي تمثل ضمانات جديدة لحقوق المرأة والطفل بما يتفق مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان،  من بينها تأجيل تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية على المرأة الحامل في الشهر السادس من حملها، حتى وضع حملها ومرور سنتين بعد الولادة وتأجيل تنفيذ حكم الاعدام للمرأة الحامل حتى بعد عامين من الوضع تأكيدًا على حق الطفل في الحياة، كما وافق المجلس على المواد الخاصة بمراعاة الظروف الاجتماعية للأسر وحماية حقوق الأطفال في حال كانت العقوبة تؤثر على حياة الأسرة، والتى تمنح الحق في تأجيل تنفيذ العقوبة على أحد الزوجين المحكوم عليهما بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة، إذا كان لديهما طفل لم يتجاوز الخامسة عشرة سنة كاملة، ويشترط أن يكون الزوجان لم يُسجنا من قبل ولديهما محل إقامة معروف في مصر، وكان للمستشار الدكتور رئيس المجلس مداخلة توضيحية بشأن حقيقة ما تم تداوله بشكل مجتزأ حول المادة (٣٦٨) من مشروع القانون، مؤكدًا أن هذه المادة تتفق مع المادة (35) من الدستور، وأنه لا منع من التصرف في الأموال أو إدارتها إلا بناءً على حكم قضائي، والحكم القضائي الغيابي ولئن كان وقتياً إلا أنه حكم مكتمل الأركان، وأشاد رئيس المجلس بحرص السيد وزير العدل على حضور جميع جلسات مناقشة مشروع القانون ومداخلات سيادته القيمة والهامة، الهادفة إلى تحقيق المرونة والعدالة الناجزة لصالح جميع أطراف المنظومة من قضاة ومحامين ومتهمين وغيرهم، كما توجه بالشكر إلى السيد وزير الشئون النيابية على مداخلات سيادته القيمة، وللنائب إبراهيم الهنيدي رئيس اللجنة المشتركة والسادة أعضاء اللجنة ورئيس وأعضاء اللجنة الفرعية التى أعدت المشروع والسادة أعضاء المجلس على المجهود غير العادي فى مناقشة هذا المشروع الهام.

وافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم (460) لسنة 2024 بشأن الموافقة على الاتفاق الخاص بمشروع إنشاء خط سكة حديد "الروبيكي – العاشر من رمضان – بلبيس" بين حكومة جمهورية مصر العربية والوكالة الفرنسية للتنمية... خلال المناقشات أكد النواب أهمية هذا المشروع لتسريع النمو الاقتصادي والعمل على توفير المزيد من فرص العمل، وجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة حجم التصدير.

رفع رئيس المجلس الجلسة العامة، على أن يعود المجلس للانعقاد الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحـد الموافق 23 فبراير 2025.
 

مقالات مشابهة

  • ما هي المعوذات التي تقرأ قبل النوم؟.. 15 آية تحميك من أذى الجن والشياطين
  • مفتي الجمهورية لطلاب مدارس الإسكندرية: الدين ليس مجرد طقوس
  • المفتي: الأمم تنهض بالأخلاق والعلم النافع هو السبيل لقيادة ركب التطور وبناء الوعي الصحيح
  • أمين الفتوى: العفو خلق نبوي عظيم ومفتاح لنيل رحمة الله
  • العدالة الانتقالية (1/2)
  • أستاذ جراحة: يمكن إنتاج الأنسولين من لبن «الجاموس»
  • «المفتي» يرد على عدم الحاجة إلى الدين: الإنسان يحتاجه كالطعام والشراب
  • الشيخ أحمد المشد: العفو والتسامح من القيم الإسلامية العظيمة
  • المفتي قبلان: ما يجري في المطار خطير ولن نقبل بلعبة إعدام تطال وجودنا
  • حصاد جلسات مجلس النواب 9 – 11 فبراير 2025