مسؤولون وخبراء: الابتكار والالتزام الأخلاقي أساس استدامة المشاريع الناشئة
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
الشارقة: «الخليج»
أكد مسؤولون وخبراء في مجال الأعمال، أنّ وجود قاعدة بيانات شاملة ومدروسة، إلى جانب الالتزام بالإبداع المستمر والإصرار على الابتكار، يمثل حجر الزاوية في نجاح المشاريع والشركات الناشئة، خاصة في ظل التطور السريع لمشهد الأعمال العالمي. كما شددوا على أهمية الالتزام الأخلاقي تجاه المجتمع، وتقديم خدمات ومنتجات تُسهم في تحسين حياة الأفراد، كعوامل رئيسية لتحقيق النجاح والاستدامة.
جاءت هذه الأفكار خلال جلسة رئيسية بعنوان «لماذا تفشل المشاريع التجارية؟» ضمن فعاليات اليوم الثاني للدورة الأولى من المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية، الذي نظمته دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية يومي 9 و10 أكتوبر 2024، وجمعت كلاً من آندريه كيسكا، رئيس جمهورية سلوفاكيا السابق، والدكتورة هالة السعيد، مستشار رئيس جمهورية مصر العربية للتنمية الاقتصادية، وكريس بارتون، مؤسس تطبيق شازام، وجيمس هاردلي، الرئيس السابق لعلي بابا أوروبا.
تحقيق الريادة وتغيير المجتمعات
وأشار آندريه كيسكا، إلى أن تجربته في عالم الأعمال، قبل دخوله عالم السياسة، علمته أهمية رد الجميل للمجتمع الذي أسهم في نجاحه. وأوضح قائلاً: «يتمثل هذا الالتزام في تقديم خدمات ضرورية والمساهمة في الأعمال الخيرية، ما يضفي قيمة مضافة للمجتمع. لذا فعندما دخلت عالم السياسة، حرصت على دعم رواد الأعمال لتحفيزهم على تحقيق الريادة وتغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل من خلال التركيز على الخدمات والمنتجات الأهم».
وأضاف: «النجاح في عالم الأعمال يعتمد على عدة عوامل محورية، من بينها البيانات. فالشركة التي لا تملك قاعدة بيانات متكاملة حول عملائها ومنتجاتها لا يمكنها مواكبة التغيرات وتحقيق النمو المستدام. كذلك فإنّ الإبداع والابتكار المستمر، إلى جانب الإصرار على التغلب على التحديات، هي مفاتيح التوسع والنجاح».
ضمان جودة البيانات ودقتها
من جهتها، لفتت الدكتورة هالة السعيد، إلى أهمية ضمان جودة البيانات ودقتها لدى المشاريع الناشئة، مؤكدة ضرورة تطوير البنية التحتية التقنية واستثمارها لضمان استخدام البيانات بشكل صحيح ومنهجي. وأضافت: «يجب أن تتاح للشركات الناشئة فرص الوصول إلى مصادر التمويل، سواء عبر البنوك أو رؤوس الأموال الوطنية. كما أن البيئة الحاضنة والداعمة، من خلال القوانين والتشريعات المناسبة، تلعب دوراً حاسماً في تعزيز حضورها في السوق».
وأضافت: «تشير الإحصائيات إلى أن ربع المشاريع الناشئة فقط ينجح، بينما تواجه البقية تحديات كبيرة. لذا، يجب تدريب الشباب على استراتيجيات المخاطرة المالية والإبداع لتشكيل جيل قادر على مواجهة التحديات في عالم الأعمال الديناميكي. وفي مصر، ركزنا على تطوير البنية التحتية لدعم الشركات الناشئة التي تمثل 46% من القوى العاملة».
رؤية واضحة
بدوره، أكد جيمس هاردلي أهمية البيانات في تشكيل رؤية واضحة للمشاريع الجديدة، مشيراً إلى أن الفكرة الإبداعية والقدرة على التكيف تعدّ من أهم التحديات التي تواجه الشركات الناشئة. وأضاف: «من الضروري التركيز على شريحة صغيرة من الخدمات أو المنتجات في البداية، ثم التوسع تدريجياً، كما أنّ الاستماع إلى مطالب العملاء وتقييماتهم يعتبر أمراً أساسياً لضمان التطوير المستمر».
وأوضح أن البيانات والإحصاءات تلعب دوراً حاسماً في التجارة الإلكترونية، خاصة عند جمع البيانات حول زيارات الموقع والتفاعل مع الخدمات، الأمر الذي يتيح للمشروع تطوير نفسه باستمرار بناء على حقائق ومعلومات واقعية.
التطوير المستمر للبيانات
أمّا كريس بارتون فأكّد أن البيانات كانت التحدي الأكبر عند إطلاق تطبيق «شازام»، الذي تجاوز اليوم حاجز ملياري مستخدم. وأضاف: «لا نزال نعمل على تطوير قاعدة بياناتنا بشكل مستمر؛ لأننا ندرك الدور الذي تلعبه البيانات في الحفاظ على استمرارية النجاح».
وأضاف: «رسالتي لرواد الأعمال والشركات الناشئة تتمثل في ضرورة وجود خوارزميات واضحة وبيانات دقيقة ترسم مسار العمل؛ لأنّه بدون ذلك لا يمكن للمشروع الاستمرار بشكل صحي ومستدام».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات
إقرأ أيضاً:
الابتكار في الطاقة والتنمية: نماذج رائدة لحلول اقتصادية واجتماعية ناجحة
عمر سيد احمد
O.sidahmed00@gmail.com
مارس 2025
مقدمة
يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من نقص الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، خاصة في الدول ذات البنية التحتية الضعيفة أو الخارجة من أزمات وحروب. في مثل هذه الحالات، تصبح الحلول اللامركزية والمستدامة ضرورية لتوفير الخدمات الأساسية بطريقة ميسورة التكلفة وفعالة.
في السودان، الذي يمر حاليًا بحرب مدمرة أدت إلى انهيار أجزاء كبيرة من بنيته التحتية، ستكون الطاقة الشمسية بنظام الدفع بالأقساط إحدى الحلول القابلة للتطبيق لمواجهة العجز الكبير في إمدادات الكهرباء. مع خروج البلاد من الحرب، ستواجه الحكومة تحديات في إعادة بناء الشبكة الكهربائية، مما يجعل النماذج المبتكرة مثل M-KOPA ضرورية لسد الفجوة في توفير الكهرباء، خاصة في المناطق الريفية التي عانت من التهميش لعقود.
تثبت تجارب دول مثل كينيا، الهند، ونيجيريا أن استخدام التكنولوجيا المالية، مثل الدفع عبر الهاتف المحمول، ونظام التقسيط الميسر، والطاقة المتجددة، يمكن أن يكون حلاً ناجحًا. يمكن للسودان الاستفادة من هذه التجارب، خاصة أن نسبة كبيرة من السكان تعتمد بالفعل على الخدمات المالية عبر الهواتف المحمولة، مما يسهل تنفيذ نموذج “ادفع لتملك” للطاقة الشمسية.
نموذج M-KOPA في كينيا: الطاقة الشمسية للجميع
من هي M-KOPA؟
M-KOPA هي شركة تأسست عام 2011 لتوفير حلول الطاقة الشمسية للأسر منخفضة الدخل في كينيا، حيث لا تتوفر الكهرباء لنحو 75% من سكان المناطق الريفية. تعتمد الشركة على نظام الدفع بالأقساط عبر الهاتف المحمول، مما يتيح للأسر شراء أنظمة طاقة شمسية بمدفوعات صغيرة بدلاً من الاستثمار في نظام مكلف مقدمًا.
كيفية عمل النظام
• يحصل العميل على لوح شمسي، بطارية، مصابيح LED، وأحيانًا راديو أو تلفزيون.
• يدفع المستخدم دفعة مقدمة منخفضة (حوالي 35 دولارًا أمريكيًا).
• يتم السداد اليومي أو الأسبوعي عبر خدمة الدفع عبر الهاتف المحمول مثل “M-Pesa”، بتكلفة تقارب 0.5 دولار يوميًا.
• بعد 12 إلى 36 شهرًا من السداد، يصبح النظام ملكًا للمستخدم دون التزامات إضافية.
التأثير في المجتمع
• توفير الكهرباء لأكثر من 2 مليون أسرة، يستفيد منها أكثر من 10 ملايين شخص.
• تخفيض الاعتماد على الكيروسين، مما يقلل من التلوث البيئي والمخاطر الصحية.
• دعم الاقتصاد المحلي عبر توفير وظائف في بيع وصيانة أنظمة الطاقة الشمسية.
نماذج أخرى مشابهة حول العالم
1. شركة d.light (أفريقيا وآسيا)
• تعمل في كينيا، الهند، نيجيريا، وتنزانيا، وتوفر أنظمة طاقة شمسية بأسعار ميسورة.
• استفاد منها أكثر من 125 مليون شخص منذ إطلاقها عام 2006.
2. شركة BBOXX (أفريقيا وآسيا)
• تقدم أنظمة طاقة شمسية مزودة بتقنيات إنترنت الأشياء (IoT) لمراقبة الاستهلاك وضمان استدامة الخدمة.
• توسعت في رواندا، نيجيريا، والكونغو الديمقراطية، بدعم من حكومات ومستثمرين.
3. شركة Zola Electric (تنزانيا وغانا)
• تعتمد على نموذج التقسيط وتستهدف الأسر والمشاريع الصغيرة.
• تقدم أنظمة تخزين طاقة متطورة للمناطق التي تعاني من انقطاع الكهرباء.
4. شركة SolarNow (أوغندا وشرق أفريقيا)
• تركز على توفير الطاقة للمدارس والعيادات، إضافة إلى المنازل.
• توفر خطط تقسيط مرنة للأسر الريفية.
5. شركة Greenlight Planet (Sun King) – الهند وأفريقيا
• تعمل في أكثر من 40 دولة، وقدمت حلول طاقة نظيفة لأكثر من 100 مليون شخص.
• تعتمد على الدفع عبر الهاتف المحمول وتمكين العملاء من امتلاك الأنظمة بعد فترة سداد مرنة.
6. شركة Simpa Networks (الهند)
• تقدم أنظمة طاقة شمسية بأسعار ميسورة مع نظام الدفع التدريجي.
• ساعدت في كهربة آلاف القرى الهندية التي لا تصلها شبكة الكهرباء التقليدية.
فرص نجاح هذا النموذج في السودان
لماذا يمكن أن ينجح نظام الطاقة الشمسية بالتقسيط في السودان؟
1. تدهور البنية التحتية للكهرباء: حتى قبل الحرب، كان السودان يعاني من انقطاعات متكررة للكهرباء، والآن زادت المشكلة سوءًا بسبب الدمار الواسع.
2. انتشار الهواتف المحمولة والخدمات المالية الرقمية: يمكن أن يسهل ذلك تنفيذ نموذج الدفع عبر الهاتف المحمول كما هو الحال في كينيا.
3. الكثافة السكانية في المناطق الريفية: يمكن أن تستفيد القرى والمجتمعات النائية من أنظمة الطاقة الشمسية المستقلة دون الحاجة لانتظار إعادة بناء شبكة الكهرباء الوطنية.
4. توافر الموارد الطبيعية: يتمتع السودان بمعدلات إشعاع شمسي عالية، مما يجعله بيئة مثالية لحلول الطاقة الشمسية.
5. الفرص الاقتصادية: يمكن أن يوفر المشروع فرص عمل محلية في بيع وصيانة وتركيب الأنظمة الشمسية، مما يساعد في تحريك الاقتصاد بعد الحرب.
كيف يمكن تطبيق التجربة في السودان؟
• إشراك الشركات المحلية والشراكات الدولية لتوفير أنظمة الطاقة الشمسية بأسعار ميسورة.
• تبني نموذج الدفع عبر الهاتف المحمول، مثل الخدمات المصرفية عبر الهاتف المنتشرة حاليًا.
• تركيز الجهود على المناطق الريفية والنازحين الذين يعانون من انعدام الخدمات الأساسية.
• الحصول على دعم منظمات الإغاثة والتنمية لتقديم التمويل الأولي وتوسيع نطاق المبادرة.
التحديات التي قد تواجه المشروع في السودان
• الوضع الاقتصادي المتدهور: قد يكون من الصعب على الأسر دفع الأقساط بشكل منتظم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
• ضعف البنية التحتية للاتصالات في بعض المناطق: قد يؤثر ذلك على قدرة الناس على استخدام الدفع عبر الهاتف المحمول.
• الحاجة إلى دعم حكومي أو دولي: لضمان نجاح المشروع واستمراريته.
الخاتمة: حلول مبتكرة لعالم أكثر استدامة
نجحت M-KOPA والشركات المشابهة في تحويل الطاقة الشمسية من رفاهية إلى ضرورة ميسورة التكلفة للمجتمعات غير المتصلة بالكهرباء. بالنسبة للسودان، الذي يواجه تحديات ضخمة بعد الحرب، يمكن لهذه النماذج أن توفر حلاً سريعًا وفعالًا لإعادة توفير الكهرباء وتحسين مستوى المعيشة. إن التفكير الإبداعي واستخدام التكنولوجيا المالية يمكن أن يساهما في خلق نموذج تنموي جديد يساعد في إعادة بناء البلاد وتحقيق التنمية المستدامة
عمر سيد احمد
خبير مصرفي ومالي وتمويل مستقل
Freelance Banking, Financial, and Finance Expert
O.sidahmed00@gmail.com