محللون: خطاب حميدتي إعلان هزيمة وفشل لمشروعه السياسي
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
الخرطوم– فجر خطاب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" بشأن الأوضاع السياسية والعسكرية جدلا في المشهد السوداني وغضبا مصريا لاتهامها بقصف قواته ودعم الجيش السوداني بالمقاتلات، في حين يعتقد محللون أن الخطاب عكس إحباطه من التراجع العسكري والمواقف الخارجية المناهضة له.
واتهم حميدتي مصر بالمشاركة في الضربات الجوية على قواته في منطقة جبل موية بولاية سنار في جنوب شرق البلاد.
من جانبها، نفت مصر اتهامات حميدتي بالمشاركة في الضربات الجوية على قواته في منطقة جبل موية بولاية سنار، وقالت الخارجية المصرية في بيان "إن الجيش المصري لا يشارك في المعارك الدائرة بالسودان"، ودعت المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره حميدتي.
إعلان هزيمة
ويرى المحلل ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني أن خطاب حميدتي أعد على عجل، ويبدو أنه جاء رد فعل لموقف ما، متوقعا أن يكون متعلقا بمستقبله السياسي.
وفي حديث للجزيرة نت، عد المحلل الخطاب إعلان فشل للمشروع السياسي الذي اندلعت بسببه الحرب، وحمل المسؤولية لقوى الحرية والتغيير بما يعني فك الارتباط السياسي مع تحالف "تقدم".
كما أن الخطاب يعد عمليا، بحسب ميرغني، إعلان هزيمة عسكرية في الميدان رغم الهجوم بمليون مقاتل الذي توعد به، ويكشف أيضا عن انحسار القوى البشرية والإمداد التسليحي وربما المالي أيضا وفقا للمتحدث.
ويوضح أن هجوم حميدتي على بعض الدول ناتج من صدمة الأزمة التي يواجهها، حيث يعاني من ارتباك وانهيار، وأن الاتفاق الإطاري كان ذريعة انقلاب فاشل أدى لإشعال الحرب، وأصبح "وصمة" يهرب منها الجميع.
أما الباحث والمحلل السياسي، خالد سعد، فتوقع بأن قائد الدعم السريع تلقى رسائل مؤثرة من الخارج ومن داعميه بأن "اللعبة انتهت" وللولايات المتحدة ومصر دور مهم في هذا الجانب.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن التفاوض قادم لإنهاء الحرب وفق خارطة طريق تنتهي بتعزيز قيادة الجيش للعملية السياسية في البلاد لسنوات تزيد وتنقص حسب مستجدات البيئة السياسية وقدرة القيادة على إدارة المرحلة التي تلي وقف إطلاق النار، وإعادة هندسة المشهد الأمني والسياسي، وهما عنصران يتقاطعان ولا يقل أحدهما أهمية عن الآخر.
وبرأيه، فإن هذه المسألة لن تتم من دون مقاومة، وتتطلب الخطوة المدعومة أميركيا، أن يحقق الجيش انتصارات معتبرة وسريعة في الميدان الحربي، لاستعادة رمزيته التي تعرضت لهزات مؤثرة في مشروعيته الوطنية والمهنية، وبالتالي توسيع حاضنته الاجتماعية والسياسية للمرحلة التي تلي الاتفاق.
الخطة "ب"
ووفقا للباحث نفسه، فإن الجيش يحتاج إلى رديف سياسي من القوى التي أسهمت في الإطاحة بالنظام السابق أو التي كانت رديفا له، وتجرى جهود موازية لتوحيد هذه القوى في هذا الصدد عبر القاهرة وأديس أبابا، بعيدا عن أي تفاهم سابق مع الدعم السريع مثل "إعلان أديس أبابا" الموقع بين تنسيقية تحالف "تقدم" والدعم السريع.
غير أن الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف يعتقد أن خطاب قائد الدعم السريع هو الأخطر منذ بداية الحرب، وعده "حالة طوارئ" و"إعلان حرب" حيث لم يشر للمفاوضات أو السلام وإنهاء الحرب، كما وجه انتقادات مباشرة وغير مباشرة للمجتمع الدولي بدلا عن دوره في السلام.
وفسر الكاتب في منشور الخطة "ب" التي توعد بها حميدتي بأنها تعني الحرب الأهلية بعدما اتهم الجيش باستهداف الحواضن الاجتماعية للدعم السريع في دارفور عبر القصف الجوي، بينما لا يقصف هو قوات الجيش في مناطق وجودها بمناطق حجر العسل وقري بولاية نهر النيل في شمال البلاد التي يعتبرها مناطق حواضن للجيش.
وفي المقابل، أفاد الصحفي حافظ كبير، تعليقا على خطاب حميدتي، بأن أثر هذه الكلمات سيترجم من صباح الغد بقية الخطاب محاولة لعقلنة المعركة المقبلة. وقال في صفحته على موقع التواصل فيسبوك، إن "المعارك المقبلة مختلفة تماما، وفي ظل الموجهات التي صدرت بصورة مباشرة، الرمال الساكنة ستتحرك نحو وجهات جديدة".
ردود سياسيةوسارع مسؤولون في إقليم دارفور بالتعليق على خطاب قائد الدعم السريع، إذ قال حاكم الإقليم، مني أركو مناوي، إن حميدتي "اعترف أن الاتفاق الإطاري وراء اندلاع الحرب.. وما قاله حذرنا منه ونصحناه هو وقوى الحرية والتغيير قبل أكثر من عامين لكنهم لم يستبينوا نصحنا".
وأضاف مناوي في تغريدة على منصة "إكس"، "الآن بدأت تظهر مفاصل المؤامرة على السودان"، وتابع، أن الحل الوحيد هو الاعتراف بالأخطاء من أجل أبناء السودان.
كما كتب وزير المالية وزعيم "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم معلقا بالقول "قد لا يدري قائد المليشيا دقلو أنه بخطابه الحزين قد نعى عمليا -من حيث يدري أو لا يدري- مغامرته لحكم السودان (…) وأعلن هزيمة أوغاده، وتبرأ من جرائمهم النكراء التي أفقدته كل شيء، ولكن بعد أن تلبسته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه".
وعلى صعيد القوى السياسية، وصف خالد عمر يوسف عضو المكتب القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية خطاب قائد الدعم السريع بأنه تصعيد خطير في لغته ضد عدد من القوى الخارجية في منحى يعقد الأزمة ولا ينتج لها حلولا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قائد الدعم السریع خطاب قائد
إقرأ أيضاً:
ما أهمية إعلان الجيش السوداني تحرير الخرطوم بحري؟
الخرطوم– بعد معارك دامية في شمال مدينة الخرطوم بحري -ثالث مدن العاصمة السودانية- انطلقت قبل نحو 4 أشهر، استعاد الجيش السوداني بمواجهات محدودة مع قوات الدعم السريع وسط وجنوب المدينة ومدخلها إلى الخرطوم، واقترب من مقر القصر الجمهوري، وهذا يعجل بتمدده لتحرير مقار رمزية ووزارات والمطار الدولي حسب مراقبين.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من استعادة الجيش السيطرة على مصفاة الجيلي لتكرير النفط (70 كيلومترا شمال الخرطوم)، وفك الحصار على سلاح الإشارة في أقصى جنوب الخرطوم بحري ومقر القيادة العامة في العاصمة، ليبدأ الجيش في تنفيذ المرحلة الثالثة من العملية العسكرية التي أطلقها في 26 سبتمبر/أيلول الماضي.
وأكد عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا في تصريح له الأربعاء أن "الخرطوم بحري صارت نظيفة وخالية من التمرد، من مصفاة الجيلي شمالا وحتى جسر المك نمر جنوبا".
وأوضح العطا خلال زيارته الخرطوم بحري أن المدينة باتت آمنة، "وتبقت جيوب محدودة تعمل القوات المسلحة لتطهيرها، وسنعمل بجد لتحرير كل البلاد من التمرد" حسب قوله.
ويقدم هذا التقرير شرحا لموقع الخرطوم بحري وأهميتها الاقتصادية والعسكرية، وتداعيات تحريرها من قوات الدعم السريع على مجريات العمليات العسكرية في العاصمة وعلى سكان المنطقة.
إعلان أين تقع الخرطوم بحري وما حدودها الجغرافية؟تمتد حدود المدينة من شاطئ النيل الأزرق جنوبا وحتى منطقة قري على حدود ولاية نهر النيل من ناحية الشمال، وتعد البوابة الشمالية للعاصمة، وتحدها من جهة الشرق محلية شرق النيل، ومن الغرب مجرى نهر النيل بعد التقاء رافديه في المقرن، وتبلغ مساحتها 5 آلاف و60 كيلومترا مربعا، وهي بذلك تغطي ربع مساحة ولاية الخرطوم.
وترتبط الخرطوم بحري بالعاصمة الخرطوم بـ4 جسور: هي المنشية، والنيل الأزرق، والقوات المسلحة (كوبر)، وجسر المك نمر، كما ترتبط مع أم درمان عبر جسري شمبات والحلفاية.
وتعرف الخرطوم بحري اختصارا لدى سكانها باسم "بحري"، وتقع ضمن المثلث الحضري الذي تتكون منه العاصمة المثلثة، إلى جانب الخرطوم التي تقع جنوبها، وأم درمان التي تقع من الناحية الغربية لها.
وتعتبر "بحري" أصغر من الخرطوم وأم درمان من ناحية المساحة والسكان، وأحدثهما تاريخيا، لكنها لا تقل عنهما أهمية، فهي واحدة من أكبر المناطق الصناعية في السودان، ونقطة وصل مهمة تربط العاصمة بشمال السودان عبر السكك الحديدية، وجنوبه حتى منطقة كوستي ودولة جنوب السودان بالبواخر النيلية، كما أنها تمثل الوجه السياحي الهادئ للعاصمة.
الخرطوم بحري تعد الضلع الثالث للعاصمة مع الخرطوم وأم درمان (الجزيرة) ما الأهمية الاقتصادية والسياسية للمدينة؟تعد الخرطوم بحري الأكبر بين ضلعي العاصمة من الناحية الصناعية، حيث توجد بها أكبر منطقة صناعية بالولاية، تضم منشآت للصناعات الخفيفة الغذائية ومطاحن الغلال والأدوات المنزلية والملابس، إلى جانب الصناعات الكيميائية والمعدات والآليات.
وظلت المدينة بعيدة إلى حد ما عن الأجواء السياسية في العاصمة المثلثة، باستثناء سجن كوبر المركزي الذي يضم أكبر معتقل سياسي في البلاد، لكنها برزت سياسيا عندما أطلقت عليها الولايات المتحدة صواريخ كروز في عام 1998، لتصيب مصنع الشفاء للأدوية بالمنطقة الصناعية وتدمره، كرد من واشنطن على التفجيرات التي تعرضت لها سفارتاها في دار السلام ونيروبي.
إعلانوكان الرئيس الأميركي بيل كلينتون قال في تفسيره لاستهداف المصنع إن له علاقة بالشبكة التي يديرها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وإن المصنع كان ينتج مواد تدخل في صناعة أسلحة كيميائية.
ومن جهة أخرى، تتخذ طائفة الطريقة الختمية الصوفية التي يستند عليها الحزب الاتحادي الديمقراطي، من بحري مقرا رئيسا لها.
ماذا يعني استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم بحري؟يوضح الخبير الأمني والعسكري أبو بكر عبد الرحيم للجزيرة نت أن إعادة السيطرة على بحري يؤمن ولاية نهر النيل المتاخمة لها، بعد انتشار قوات الدعم السريع في قرى بمنطقة حجر العسل في البلدات المتاخمة لمصفاة الجيلي.
وأضاف أن سيطرة الجيش على المدينة تقلل المخاطر على أم درمان، حيث كانت قوات الدعم السريع تقصف من مواقع سيطرتها أحياء في محلية كرري شمال أم درمان، مما أوقع مئات الضحايا من القتلى والجرحى خلال الشهور الماضية.
كما تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في شمال بحري مقر سلاح الأسلحة في منطقة الكدرو، وسلاح الإشارة على النيل الأزرق في جنوب المدينة، حيث باتت الطرق الآن سالكة للارتباط مع قواعد الجيش في منطقتي حطاب والعليفون في شرق النيل، وهذا يسرّع تحرير محلية شرق النيل، التي لا تزال تنتشر فيها الدعم السريع حسب الخبير.
البنك الزراعي بالخرطوم بحري تمت سرقته وتخريبه (الجزيرة) ما تداعيات تحرير بحري المحتملة على الأوضاع العسكرية في الخرطوم؟يعتقد الخبير العسكري أن سيطرة الجيش على جسر المك نمر (550 مترا)، الذي يبعد أقل من كيلومتر من القصر الجمهوري سيجعل تحريره مسألة وقت، بعدما بات محاصرا بتمدد الجيش غربا من مقر قيادته العامة بعد فك الحصار عنها، وزحف القوة المتحركة من منطقة المقرن شرقا.
ويعني ذلك أيضا أن كلا من وزارات الدفاع والخارجية والمال والداخلية والحكم الاتحادي والصحة وكل المؤسسات بشارع النيل، باتت تحت مرمى نيران الجيش.
وحسب الخبير فإن تحرك الجيش في أحياء بحري، وفي منطقتي امتداد ناصر والرياض في شرق الخرطوم، بعد فك الحصار عن مقر القيادة، وانفتاح قوات سلاح المدرعات نحو وسط الخرطوم، سيؤدي إلى محاصرة قوات الدعم السريع وتحرير مطار الخرطوم وأحياء الخرطوم القريبة من وسط العاصمة وشرقها.
إعلانكما أن قوات الجيش في شرق بحري يمكنها عبور جسر كوبر بعد إخراجها قوات الدعم السريع إلى أحياء شرق الخرطوم، وهذا يضغط على القوات خصوصا بعد تحرير جسر المنشية، ويدفعها إلى الهرب أو الموت، لعدم وجود خيارات لمواصلة القتال في مساحات محدودة محاصرة.
ما أثر عودة الأمن على سكان بحري؟يقول الضابط الإداري عمر البادرابي الذي عمل لسنوات طويلة في المدينة، إن تحرير بحري سيمكن أكثر من مليون مواطن من العودة إلى ديارهم، بعد أن لجؤوا إلى دول مجاورة أو نزحوا داخليا.
ووفقا لحديثه للجزيرة نت فإن غالبية منازل المواطنين في شمال وجنوب ووسط المدينة في حالة جيدة، لعدم وقوع اشتباكات مسلحة قريبة منها، لكن ممتلكات المواطنين وأثاث منازلهم تعرضت للنهب من قبل قوات الدعم السريع واللصوص.
وأضاف أن الأضرار في محطة المياه يمكن معالجتها في وقت وجيز حال توفر قطع الغيار، لكن أكثر المناطق تضررا هي شمبات والصافية وكافوري.
يُذكر أن أعدادا مقدرة من المواطنين ومنذ تحرير الأجزاء الشمالية من بحري، في الكدرو والحلفايا والدروشاب، قد عادوا إليها من مصر ومحلية كرري بأم درمان، ومدن الشمال والشرق، وعادت الحياة إلى المنطقة خلال الشهرين الأخيرين.