بيتي تحول إلى حقيبة.. هذه معاناة النازحين في غزة منذ بدء العدوان
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
سلط مقال لصحفي فلسطيني من قطاع غزة، الضوء على تجربة النزوح في غزة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وما تحمله من معاناة وآلام لا تختلف عما عاشه الفلسطينيون في ظل الاحتلال منذ عقود.
وأشار المقال الذي نشره موقع "موندويس" وترجمته "عربي21"، إلى أن الفلسطينيين في غزة أمضوا سنوات وهم يبتكرون طرقا جديدة للبقاء على قيد الحياة في ظل حصار إسرائيلي استمر جيلا كاملا تقريبا، ولطالما كان هناك شعور بأنه بعد سنوات طويلة من التضحية والنضال المتواصل لنيل الحرية، سيكون هناك ضوء في نهاية النفق.
ولكن بعد مرور 76 سنة على النكبة الأولى التي عاشها الفلسطينيون، وتدمير عشرات المدن والقرى سنة 1948، يعيش سكان غزة المصير ذاته، بل يشهدون مجازر أكثر دموية من التي شهدها أجدادهم، وسيظل هناك دائمًا من يعيش نكبة جديدة طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
يقول طارق حجاج، كاتب المقال، إنه وُلد في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، وعاش والده في غزة وهدفه مثل كل الآباء تأمين مستقبل أبنائه، لكنه توفي تاركا عائلته خلفه.
الكاتب هو الأصغر بين إخوته؛ وقد أسّس أسرته الخاصة، ورُزق بطفل ملأ دنياه فرحا، وكان ينظر بأمل للمستقبل، ويعيش في منزل محاط بأشجار الزيتون والليمون، مع إخوته وعائلاتهم الذين يعيشون بالجوار.
لكن منزله تحوّل إلى "حقيبة يحملها على ظهره" بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي الحي الذي ولد ونشأ فيه، ومحى المدينة التي حفظ شوارعها وأشجارها. وبعد أن نجا من كل الحروب التي عاشها في غزة، فإنه لم ينجُ من هذه الحرب، وأدرك أن الحقيبة التي يحمل فيها أغراضه، أصبحت تمثل كل ما يمتلكه في وطنه.
النزوح ثم النفي
يروي الكاتب، أنه لم يستطع المخاطرة بالبقاء في غزة هو وعائلته التي تضم طفله الذي يبلغ من العمر سنة واحدة وزوجته وأمه المسنة، وفي كل مرة يأمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء هذا المكان أو ذاك، كانوا ينفذون الأوامر على الفور، ومرت شهور وهم يتنقلون تحت النيران.
في الأسبوع الأول من الحرب، تنقلوا في أنحاء مختلفة من مدينة غزة، وبسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت، كان يذهب كل يوم إلى مقهى بجوار مستشفى الشفاء للعمل والعودة إلى المنزل، لكنه عندما كنت يعود إلى المنزل، كان يجد الطريق الذي سلكه في الصباح قد تغير بسبب القصف العنيف.
لم يستطع العودة إلى منزله سوى مرة واحدة لجلب بعض الملابس والأغراض، وعندما وصل إلى المنزل سقطت عدة قذائف بالقرب منه وامتلأ بالدخان، فغادره دون أن يغلق الأبواب، وظلّت الأبواب مفتوحة حتى قصفه الجيش الإسرائيلي وسوّاه بالأرض.
وعندما صدر الإنذار الأول لإخلاء مدينة غزة، نزح الكاتب مع عائلته إلى خانيونس في جنوب قطاع غزة، وأمضوا أكثر من شهرين في المدينة، إلى أن صدر أمر بإخلاء خان يونس أيضًا، فنزحوا مرة أخرى نحو رفح، وفي نهاية المطاف، تمكن من مغادرة قطاع غزة.
اختبر الكاتب التهجير الداخلي والنفي القسري إلى الخارج، لكنه يقول إن النزوح داخل وطنه أهون بكثير من المغادرة، رغم القصف المستمر والمجازر والجوع وغياب مقومات الحياة الأساسية.
الصحافة زمن الحرب
يضيف الكاتب أن معنى أن تكون صحفيا في فلسطين يشبه العمل وفوهة البندقية موجهة دائمًا نحو رأسك، لكنه برغم الإبادة الجماعية التي عايشها لمدة ستة أشهر في القطاع بعد طوفان الأقصى، وتعمد إسرائيل استهداف الصحفيين، اختار مواصلة عمله معتبرا أن حياته ليست أغلى عنده من الحقيقة، وبقي هاجسه الأكبر ألا يعود يوما ما لمعانقة طفله الذي ينتظر عودته عند الباب.
كان الخروج في تغطية صحفية أشبه بالخروج إلى المجهول؛ حيث يجب عليه أن يختبئ ليتجنب رصد الطائرات الإسرائيلية المسيرة التي تطلق النار عشوائيا على المدنيين؛ كما حدث مع الصحفي إسماعيل الغول الذي فُصل رأسه عن جسده بصاروخ إسرائيلي.
الطريق إلى الشتات
أشار الكاتب، إلى أنه يتفهم الآن الأسباب التي دفعت آلاف الفلسطينيين إلى الفرار من أرضهم سنة 1948؛ فقد ترك وطنه لإنقاذ حياة عائلته. بعد أن شاهد أمه تعاني من الحرب يومًا بعد يوم، ثم توفيت في النهاية بسبب نقص العلاج، وبعد أن بحث في الأسواق لأيام عن حليب لطفله، اتخذ أصعب قرار في حياته.
وحتى عندما قرر مغادرة غزة، لم يكن الخروج من سهلاً أو ميسور التكلفة؛ حيث كان على الفلسطينيين دفع مبالغ طائلة من المال للمرور عبر معبر رفح الذي تديره حماس في غزة والسلطات المصرية من الجانب الآخر، وبمساعدة الأصدقاء تمكن من جمع المبلغ المطلوب للمغادرة.
يضيف الكاتب "في الشتات، لا يمكنك امتلاك أي شيء، لا منزل ولا أرض، ولا صورة تعلقها على الجدار، ولا يوجد بحر كبحر غزة".
هل يمكن لوم المقاومة؟
يتساءل الكاتب، إذا ما كان من المنطقي لوم المقاومة الفلسطينية على هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، -وهو ما تفعله العديد من وسائل الإعلام العالمية التي ترى أن المقاومة هي السبب في الإبادة الجماعية-، متناسين تمامًا تاريخ إسرائيل الطويل في القتل والتهجير منذ سنة 1948، في تحدٍ لكل القوانين والأعراف الدولية، وهي القوانين ذاتها التي تبيح لأي شعب يتعرض للاحتلال أن يمارس كافة أشكال المقاومة لتحرير أرضه.
وهي -حسب قوله- المؤسسات الإعلامية والدول ذاتها التي تقدم مساعدات غير مشروطة لأوكرانيا ولا تنكر على الأوكرانيين حقهم في الدفاع عن أنفسهم.
واختتم الكاتب بأنه رغم كل ما تعرض له لا يلوم المقاومة، لأنه من دون مقاومة الاحتلال سيستمر الإسرائيليون في سفك دماء الفلسطينيين وتنفيذ عمليات الإبادة الجماعية دون رادع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فلسطيني غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة بعد أن
إقرأ أيضاً:
تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
بعد مرور 85 يوما على اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة في 17 يناير/كانون الثاني 2025، نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عددا من قادة العمل الحكومي في القطاع، إثر استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في 18 مارس/آذار 2025، وهم رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، ووكيل وزارة العدل في قطاع غزة المستشار أحمد الحتة، ووكيل وزارة الداخلية اللواء محمود أبو وطفة، والمدير العام لجهاز الأمن الداخلي اللواء بهجت أبو سلطان.
واستأنفت إسرائيل حربها على أنحاء عدة من قطاع غزة بعملية عسكرية سمتها "العزة والسيف" مدعيا أنها تستهدف حركة حماس، وتسبب باستشهاد 356 غزيا فضلا عن مئات الجرحى، فيما حملت حركة حماس رئيس الوزراء اللإسرائيلي بنيامين نتنياهو المسؤولية كاملة عن تداعيات العدوان على غزة.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن القوات الجوية شنّت موجة من الهجمات في جميع أنحاء قطاع غزة، وقالت إن نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أصدرا تعليمات للجيش الإسرائيلي بالتحرك بقوة ضد حركة حماس في غزة.
كما نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مكتب نتنياهو تأكيده أن إسرائيل استأنفت عملياتها العسكرية في غزة "بعد رفض حماس مرة تلو الأخرى إعادة مخطوفينا ورفض عروض الوسطاء".
ولد عصام الدعليس عام 1966 في مخيم جباليا الواقع شمال شرق قطاع غزة، وينحدر من عائلة هُجرت من مدينة أسدود المحتلة.
إعلاننشأ في مخيم النصيرات وسط القطاع، وهو متزوج وله 6 أبناء.
عمل الدعليس مديرا مساعدا في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكان عضوا في اتحاد الموظفين للوكالة، ورئيسا لقطاع المعلمين فيها.
شغل منصب المستشار السياسي لرئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية في الفترة بين عامي 2012 و2014.
كما كان عضوا في الهيئة التنفيذية لحركة حماس بين عامي 2009 و2013، وترأس الدائرة المالية والاقتصادية فيها. وتولى منصب نائب رئيس الدائرة السياسية للحركة من عام 2012 حتى 2020.
في مارس/آذار 2020، انتُخب الدعليس عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وتسلّم رئاسة الدائرة الإعلامية، إلا أنه غادرها لاحقا بعد مصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني على قرار تعيينه رئيسا للجنة متابعة العمل الحكومي بالقطاع في يونيو/حزيران 2021.
أحد أبرز قيادات حركة حماس، والشخصية الرئيسية خلف العديد من القرارات الأمنية والسياسية فيها، وكان يشغل منصب وكيل وزارة الداخلية في غزة.
أدى أبو وطفة دورا محوريا في إدارة الشؤون الأمنية للقطاع، خاصة في فترات التصعيد العسكري الإسرائيلي، وأشرف على حفظ الأمن والنظام في غزة، وأسهم في تنسيق العمليات الأمنية بين الأجنحة المختلفة التابعة للحركة، كما كان له دور بارز في ضمان استمرارية الحياة اليومية لسكان القطاع، ما جعله هدفا رئيسيا لإسرائيل.
في يناير/كانون الثاني 2025، وقبيل استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية، جال أبو وطفة في شوارع غزة، متفقدا انتشار قوات الأمن الداخلي وفق الخطة التي وضعتها وزارة الداخلية لتعزيز الأمن بعد حرب استمرت 471 يوما.
وأكد أثناءها التزام الوزارة بمواصلة خدمة المواطنين وتعزيز صمودهم، مع إصدار توجيهات لضمان استقرار الحياة اليومية في غزة.
أحمد عمر الحتة، الملقب بـ"أبو عمر"، حصل على درجة الماجستير في القانون، ثم شغل منصب عميد كلية الرباط الجامعية الشرطية في قطاع غزة. وقد عُين وكيلا لوزارة العدل بغزة في ديسمبر/كانون الأول 2021، خلفا للمستشار محمد النحال.
إعلانوأعلنت حركة حماس استشهاد الحتة إلى جانب عدد من قيادات العمل الحكومي جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي للقطاع في مارس/آذار 2025، وأوضحت مصادر أن الحتة استشهد مع زوجته فاطمة وأبنائه يسرى وعمر وهدى وهاجر وجنان وبنان.