لجريدة عمان:
2024-10-10@20:29:43 GMT

لو لم يزرنا الندم.. من نكون؟

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

لو لم يزرنا الندم.. من نكون؟

الحياة مليئة بالحماسات والانفعالات، رغبات جامحة وطموحات متدفقة. نحن في البداية نندفع، نركض نحو أهدافنا، نشتعل شغفا بما نرغب في تحقيقه، كأننا نسير فوق سحابة من الأحلام. ولكن، ماذا يحدث حين يزورنا الندم، ويستقر في أعماق قلوبنا كضيف ثقيل؟

إن الندم له قدرة غريبة على تهدئة الحماسة التي كانت تسكننا. ما كنا نراه سابقًا بريقًا جميلاً يصبح في لحظة، أو على مدى لحظات، عبئًا يثقلنا، يعيدنا إلى الأرض بعد أن كنا محلقين في السماء.

نبدأ في مراجعة خطواتنا، نتساءل إن كنا على الطريق الصحيح، وإن كانت كل تلك الطموحات التي أثارت فينا هذه النار الكبيرة هي فعلا ما نحتاجه في حياتنا.

في لحظات الندم، يظهر جانب من شخصيتنا لم نكن نعلم عنه الكثير، وربما لم نكن نرغب في معرفته. يتسلل الهدوء إلينا، لكنه ليس هدوءًا نابعًا من طمأنينة، بل هدوء النضج. في الندم نعيد ترتيب أفكارنا، نكف عن التهور ونعيد تقييم حماسنا. إنه لحظة من التصالح مع أنفسنا، حيث نقبل أن الحياة ليست مجرد سلسلة من الانتصارات والإنجازات، بل هي رحلة مليئة بالمنعطفات والأخطاء والتعثرات.

لو لم يزرنا الندم، من نكون؟ ربما كنا كائنات تعيش على الدوام في دوامة من الاندفاع، تسعى دون هوادة وراء ما تظنه سعادة أو نجاحًا. لكن دون وقفة الندم، دون تلك اللحظات التي تجعلنا ننظر بعمق في دواخلنا، لن نفهم حقاً قيمة ما نملك، ولن نستطيع التمييز بين ما نحتاجه فعلا وما هو مجرد وهج زائف.

الندم يهدينا درسًا ثمينًا.. أن الحياة ليست مجرد سباق، وأن الحماسة إن لم تُحكم بالعقل والتأمل قد تقودنا إلى طرق خاطئة. نتعلم منه أن نكون أكثر حكمة، أن نصبح أكثر صبرًا وأقل تعجلاً. إنه يجعلنا نعيد النظر في قراراتنا، وفي الوقت نفسه يمنحنا الفرصة للنمو الشخصي.

إذًا، من نكون لولا أن يكبح الندم اندفاعنا لنستعيد توازننا؟ نكون بشرًا غير مكتملين، نسير في الحياة بعين واحدة على الحاضر وأخرى على الماضي، ننمو من تجاربنا ونتعلم من أخطائنا. الندم ليس عدوًا، بل رفيقنا الذي يرشدنا إلى التوازن بين الحماسة والهدوء، بين السعي والحكمة، وبين الاندفاع والتأمل.

سُندس الشكيلية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لحظات من الوعي في مسار الحياة

 

رهف العولقية

تتوالى أحداث الحياة وتستمر، شاء الإنسان أم أبى، سواء تعلَّق بالماضي أو خاف من المستقبل أو عجز عن مُواجهة صعوبات الحاضر بسبب تعلقه أو خوفه، كما ذكرت سابقًا.

ما يُدمر حاضر الإنسان هو عدم استيعابه وإدراكه أنَّ الماضي قد ولَّى، وأن المُستقبل مُتغير وبيد الله. فلا يمكنه التحكم بشيء سوى حاضره. لكن مع هذا الخوف والتعلق، يصبح عاجزًا وملولًا، متشائمًا، خصوصًا بعد خوض التجارب – في الماضي- وأن استمراره في هذا المنحنى يجعله أسيرًا لأفكاره السلبية، فيظل يحوم في نفس الدائرة ويقفل على نفسه سجنًا وهميًا وضعه بسبب أفكاره ولا يُفكر بمغادرة منطقة الراحة لديه.

يتجلى الفارق الجوهري بين الخبير والمبتدئ في عنصر واحد حاسم: الزمن واستغلاله، فرغم أن كليهما قد يصلان إلى نفس النتيجة، إلا أن المسافة الزمنية التي تفصل بينهما قد تكون شاسعة. تختلف الطرق التي يسلكها كل منهما؛ فالخبير قد خاض تجارب عديدة، وتعلم كيف يتجاوز العقبات، بينما المبتدئ لا يزال في خضم اكتشاف سُبل التفادي أو المواجهة. لكن الخبرة لا تقتصر على مجالات العمل أو الدراسة فحسب، بل تمتد لتشمل جوانب الحياة المختلفة. وكل شخص يقرأ هذه السطور سيجد في ذهنه سيناريو خاصاً به، يتماشى مع تجربته الفردية، فنحن جميعًا بشر، لكن عقولنا وأفكارنا تظل متباينة.

أما عن مفهوم الصبر، فهو بعيد عن مجرد التحمل. إنَّ الصبر هو الهدية الخفية وربما المظلمة التي تحملها النظرة الإيجابية. لا يستطيع أحد أن يتحمل ظلام الليل إلا إذا كان يؤمن بأنَّ الفجر قادم. ولا يستطيع المرء أن يواجه المرض إلا بعد أن يرسخ في قلبه إيمان بالشفاء.

بناءً على هذا المبدأ، يمكن تطبيق مفهوم الصبر في شتى جوانب حياتنا، ليصبح قوة دافعة نحو الاستيعاب والفهم والتطور . وعلى هذا النحو، يجب على الإنسان ألا يحزن أو يفقد شغفه وصبره بسبب عقبة ما، فما أنت إلا مبتدئ في مجال يملؤه العديد من الخبراء وما أنت إلا خبير في  مجال آخر يملؤه المبتدئون . فقد وُلد الإنسان ليتحدى ويستمر في القتال. فالفشل ليس نهاية، بل بداية جديدة تفتح آفاقًا للنمو والتعلم. لذا، ليحافظ الإنسان على شغفه وصبره، فالحياة هي معركة مستمرة، وكل عقبة هي دعوة لمزيد من القوة والإصرار.

وتمثل الإيجابية الزائدة أحيانًا، مرضًا يُعيق رؤية الحقيقة، وهذا ما أؤمن به. ففي بعض الأحيان، تؤثر الإيجابية المفرطة على قدرتنا على إدراك الواقع، مما يمنعنا من اكتشاف جوانب خفية في تجاربنا. هنا أرى أهمية التفكير النقدي، فكيف يمكن للإنسان أن يتطور ويتعلم إذا كان محاطًا بإيجابية تعميه؟ يجب أن يُواجه الفرد تحديات وصعوبات، إذ إنَّ الهدم ضروري لعملية إعادة البناء. يمكن تشبيه الإنسان بالبيت؛ عندما يكون طابقه الأول قائمًا على آراء إيجابية بحتة، فإنَّ ذلك لا يُسهم في تطويره. لكن، قد يؤدي التعرض لأفكار وتجارب سلبية ونقدية إلى إعادة بناء هذا البيت الذي يمثل الذات. مما يتيح للفرد التقدم إلى طوابق أعلى.

إنَّ الحياة تستمر بهذه الديناميكية، وهذه مُجرد فلسفة تعكس أفكاري الشخصية في هذه اللحظة. لا يمكن اعتبارها حقيقة ثابتة، فهناك من يتفق معها ومن يُعارضها، وهناك من يتأمل لحظات الوعي. ما أكتبه هنا هو مجرد تعبير عن رؤيتي الراهنة، وما يهمني هو الإدراك، ولحظات الوعي في معركة الحياة المستمرة.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. لحظة إنتشال طفل على قيد الحياة من تحت الركام في الكرك
  • البابا فرنسيس: لنطلب من الروح القدس أن يساعدنا لكي نكون أدوات وحدة وسلام
  • أول تعليق للحكمة التركية بعد إيقافها مدى الحياة 
  • لحظات من الوعي في مسار الحياة
  • طفلة في التاسعة تفارق الحياة بعد حادث دهس
  • غزة.. بين ألم الحرب وأمل الحياة
  • بدأوا ينشطون هذه الايام مجرد ما حسوا أن الجنجويد بدأوا يفقدوا سيطرتهم على البلد
  • وزير النقل اللبناني: لا ضمانات بعدم استهداف إسرائيل مطار بيروت.. مجرد تطمينات
  • معاريف: إسرائيل مجرد مقاول للولايات المتحدة