لجريدة عمان:
2025-02-22@17:38:08 GMT

لو لم يزرنا الندم.. من نكون؟

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

لو لم يزرنا الندم.. من نكون؟

الحياة مليئة بالحماسات والانفعالات، رغبات جامحة وطموحات متدفقة. نحن في البداية نندفع، نركض نحو أهدافنا، نشتعل شغفا بما نرغب في تحقيقه، كأننا نسير فوق سحابة من الأحلام. ولكن، ماذا يحدث حين يزورنا الندم، ويستقر في أعماق قلوبنا كضيف ثقيل؟

إن الندم له قدرة غريبة على تهدئة الحماسة التي كانت تسكننا. ما كنا نراه سابقًا بريقًا جميلاً يصبح في لحظة، أو على مدى لحظات، عبئًا يثقلنا، يعيدنا إلى الأرض بعد أن كنا محلقين في السماء.

نبدأ في مراجعة خطواتنا، نتساءل إن كنا على الطريق الصحيح، وإن كانت كل تلك الطموحات التي أثارت فينا هذه النار الكبيرة هي فعلا ما نحتاجه في حياتنا.

في لحظات الندم، يظهر جانب من شخصيتنا لم نكن نعلم عنه الكثير، وربما لم نكن نرغب في معرفته. يتسلل الهدوء إلينا، لكنه ليس هدوءًا نابعًا من طمأنينة، بل هدوء النضج. في الندم نعيد ترتيب أفكارنا، نكف عن التهور ونعيد تقييم حماسنا. إنه لحظة من التصالح مع أنفسنا، حيث نقبل أن الحياة ليست مجرد سلسلة من الانتصارات والإنجازات، بل هي رحلة مليئة بالمنعطفات والأخطاء والتعثرات.

لو لم يزرنا الندم، من نكون؟ ربما كنا كائنات تعيش على الدوام في دوامة من الاندفاع، تسعى دون هوادة وراء ما تظنه سعادة أو نجاحًا. لكن دون وقفة الندم، دون تلك اللحظات التي تجعلنا ننظر بعمق في دواخلنا، لن نفهم حقاً قيمة ما نملك، ولن نستطيع التمييز بين ما نحتاجه فعلا وما هو مجرد وهج زائف.

الندم يهدينا درسًا ثمينًا.. أن الحياة ليست مجرد سباق، وأن الحماسة إن لم تُحكم بالعقل والتأمل قد تقودنا إلى طرق خاطئة. نتعلم منه أن نكون أكثر حكمة، أن نصبح أكثر صبرًا وأقل تعجلاً. إنه يجعلنا نعيد النظر في قراراتنا، وفي الوقت نفسه يمنحنا الفرصة للنمو الشخصي.

إذًا، من نكون لولا أن يكبح الندم اندفاعنا لنستعيد توازننا؟ نكون بشرًا غير مكتملين، نسير في الحياة بعين واحدة على الحاضر وأخرى على الماضي، ننمو من تجاربنا ونتعلم من أخطائنا. الندم ليس عدوًا، بل رفيقنا الذي يرشدنا إلى التوازن بين الحماسة والهدوء، بين السعي والحكمة، وبين الاندفاع والتأمل.

سُندس الشكيلية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الإمارات و”إسرائيل”: حفاوة استقبال تُرسّخ الشراكة

يمانيون../
في وقت تتعالى فيه الأصوات الدولية المنددة بمخططات تهجير الفلسطينيين قسرًا من أرضهم، تتفاخر الإمارات باستقبال السفير الجديد لـ”إسرائيل” في أبوظبي، وكأنها تبعث برسالة صريحة إلى العالم: “لم نعد عند مرحلة التطبيع فقط، بل انتقلنا إلى الشراكة الكاملة في الجرائم والمجازر وحرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة”. إنها لحظة فارقة تكشف كيف يتقاطع الترحيب الدبلوماسي الإماراتي مع المشهد الدموي الذي ترسمه آلة الحرب الصهيونية في غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل.

من التطبيع إلى التحالف العلني

لطالما مارست بعض الأنظمة العربية “التطبيع الصامت” تحت الطاولة، بينما ترفع شعارات دعم فلسطين في العلن. لكن اليوم، انتهت مرحلة التخفي، وأصبح التطبيع احتفاليًا وعلنيًا، وبأبشع صورة ممكنة. لم تعد هذه العلاقات مجرد لقاءات سرية أو تفاهمات خلف الكواليس، بل أصبحت ترويجًا لشراكة واضحة مع الاحتلال، حتى في أكثر لحظاته دموية.

استقبال سفير جديد لـ”إسرائيل” في أبوظبي، في الوقت الذي يعلن فيه الاحتلال عن مخططات تهجير جماعي للفلسطينيين، ليس صدفة دبلوماسية، بل هو تأكيد على أن بعض العواصم العربية لم تعد ترى في القضية الفلسطينية عائقًا، بل باتت تنظر إلى الكيان المحتل كشريك استراتيجي يستحق الدعم والتقوية.

التطبيع يتجاوز العلاقات الشكلية

لم يعد التطبيع مجرد علاقات شكلية بين الدول، بل تحول إلى احتضان سياسي واقتصادي وثقافي لكيان استعماري يمارس التطهير العرقي يوميًا. لم تعد بعض الدول تكتفي بفتح قنوات اتصال خلفية أو إقامة علاقات اقتصادية خجولة، بل انتقلت إلى مرحلة الاحتفال الرسمي، حيث تستقبل ممثلي الاحتلال بالأحضان، بينما لا تزال جثث الأطفال الفلسطينيين تُنتشل من تحت الأنقاض.

أي رسالة تصل إلى الفلسطينيين؟

السؤال الجوهري هنا: ماذا تعني هذه الخطوات بالنسبة للفلسطيني الذي يُحاصر ويُقتل ويُهجّر يوميًا؟ وأي رسالة تصل إلى الاحتلال وهو يرى أن بعض العرب لا يكتفون بالصمت، بل باتوا يقدمون الغطاء الدبلوماسي لمشاريعه الاستعمارية؟

عندما يتساءل البعض عن سر صلافة نتنياهو ووقاحته في الحديث عن تهجير الفلسطينيين، فالإجابة واضحة: هو يرى كيف تهرول بعض الأنظمة العربية نحوه، حتى في أكثر لحظاته إجرامًا. كيف له أن يشعر بأي ضغط لإنهاء الاحتلال، وهو يشاهد من كانوا يومًا أعداءً لـ”إسرائيل” يتسابقون اليوم لكسب ودها؟

التطبيع في صورته الحديثة: شراكة في الجريمة

لم يعد التطبيع في صورته الحديثة مجرد تبادل مصالح بين دول، بل تحول إلى شراكة فعلية في الجريمة، في تهويد القدس، وفي اجتثاث الضفة، وفي إبادة غزة، وفي تصفية الوجود الفلسطيني على الخارطة. إنه اصطفاف واضح مع الاحتلال ضد الحقوق الفلسطينية، واستثمار في معاناة شعب محاصر.

قد يظن البعض أنهم قادرون على خداع الشعوب، وأن الصفقات والاتفاقيات الدبلوماسية يمكن أن تنسي الأجيال القادمة من هم الأعداء ومن هم المتواطئون، لكن التاريخ لا ينسى، ولا يغفر.

ذاكرة التاريخ لن ترحم المتواطئين

في يوم من الأيام، ستُفتح دفاتر الحساب، وستُسأل العواصم التي استضافت سفراء الاحتلال عن دماء الفلسطينيين التي سالت خلال مراسم الاستقبال. سيسألهم التاريخ: أين كنتم حين كانت غزة تحترق؟ أين كانت مواقفكم عندما كان الاحتلال يسن قوانين التهجير؟

أما الشعوب، فقد تصمت لبعض الوقت، لكنها لا تغفر، فهي التي أسقطت إمبراطوريات وقلبت أنظمة، وهي التي تدرك جيدًا أن كل من يضع يده في يد الاحتلال، إنما يبيع نفسه قبل أن يبيع قضيته.

خاتمة: فلسطين باقية والمطبعون إلى زوال

إن الاحتفاء بتعيين سفير جديد لـ”إسرائيل” في أبوظبي ليس مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل هو إعلان موقف، واصطفاف واضح في صف الاحتلال. هذه ليست مجرد خطوة لتعزيز العلاقات، بل خطوة جديدة في مشروع يراد له أن يكون بديلاً عن فلسطين وحقوقها ووجودها.

لكن مهما توسعت دائرة التطبيع، ومهما اشتدت الضغوط لتصفية القضية الفلسطينية، فإن الحقيقة الثابتة هي أن فلسطين لن تمحى، وأن الشعوب الحرة لم تقل كلمتها الأخيرة بعد.

السياسية || جميل القشم

مقالات مشابهة

  • وزير الري: نهر النيل ليس مجرد مجرى مائي بل هو شريان الحياة لدول الحوض
  • هوغو بال والدادية: فن الفوضى أم فلسفة الحرية
  • مجد متجدد وعز لا يزول
  • ترامب يتراجع: العرب يسقطون مخطط تهجير فلسطينيي غزة
  • حور محب.. القائد الذي أنقذ مصر من الفوضى وأعاد مجد الفراعنة| شاهد
  • عضو الأزهر العالمي للفتوى: الجمال في الإسلام ليس مجرد مظهر
  • بن صالح: حريق مجمع المحاكم في مصراتة مجرد اشتعال النيران في الخردة و”الكنايس”
  • خالد الإعيسر يكتب: ‏انها مجرد زوبعة في فنجان!
  • ‎فتاة تحذر من عرض بسيط لسرطان عنق الرحم تجاهله الأطباء
  • الإمارات و”إسرائيل”: حفاوة استقبال تُرسّخ الشراكة