واشنطن"أ.ف.ب": رفض المرشح الجمهوري دونالد ترامب بشكل نهائي المشاركة في مناظرة تلفزيونية ثانية مع منافسته الديموقراطية كامالا هاريس، وضاعف هجماته ضدها في ولاية بنسلفانيا قبل شهر من الانتخابات الرئاسية.

وكتب الرئيس السابق على منصّته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" أنّه "لن تكون هناك مباراة إياب"، وذلك رغم اقتراح شبكتي "سي إن إن" و"فوكس نيوز" تنظيم منازلة تلفزيونية ثانية بين المرشّحين.

وقد تفوقت نائبة الرئيس خلال المبارزة المتلفزة الوحيدة في 10 سبتمبر، وفق معظم المراقبين، حين هاجمته هاريس في العديد من المواضيع مثل مستوى المشاركة في اجتماعاته، وسخط حلفائه السياسيين السابقين، وسمعته الدولية.

لكن ترامب كرر مرارا أنه فاز في هذه المناظرة، قبل أن يضع حدا للترقب الشعبي لجولة ثانية.

وفضّل الرئيس السابق امس مهاجمة هاريس أمام حشود مؤيديه في ولاية بنسلفانيا الواقعة في الشمال الشرقي والتي من المتوقع أن تشهد منافسة شديدة في الانتخابات الرئاسية.

وقال خلال لقاء في سكرانتون، مسقط رأس خليفته في البيت الأبيض جو بايدن، "إنها غير كفؤة، ولا يمكننا أن نثق بها، وهي غير قادرة على الإطلاق على أن تكون رئيسة".

كما وصف منافسه السابق بأنه رجل "مثير للشفقة" و"حزين".

وتابع "لقد عانت بلادنا للتو من أربع سنوات من فيلم رعب مطلق، ولا يمكننا تحمل أربع سنوات أخرى"، مكررا رؤيته القاتمة لأميركا على حافة الهاوية.

في ريدينغ في ولاية بنسلفانيا أيضا، عاود انتقاد هاريس، واستأنف خطابه العنيف المناهض للمهاجرين.

وقال "أمضت كامالا (...) السنوات الأربع الماضية في جلب مجرمين ولاجئين وإرهابيين إلى بلادنا"، متعهدا "سأحرر بنسلفانيا وبلدنا بأكمله من هذا الغزو الواسع".

كان الغضب المرتبط بالتراجع الصناعي في ولاية بنسلفانيا أحد مفاتيح فوز ترامب عام 2016. لكن جو بايدن فاز في هذه الولاية عام 2020.

ولاستعادة أصوات العمال المحليين، تعتمد كامالا هاريس على مشاريع البنية التحتية الكبرى التي أطلقها جو بايدن والوظائف التي أحدثتها، وكذلك دعم النقابات.

كما غيّرت موقفها من التصديع المائي (التكسير الهيدروليكي)، وهي طريقة مثيرة للجدل لاستخراج الغاز الصخري تستخدم على نطاق واسع في الولاية، وقد صارت تدعمها.

وهو موضوع حاول ترامب استغلاله، قائلا إنه إذا تم انتخاب منافسته "فلن يكون هناك تكسير هيدروليكي وستكون نهاية ولاية بنسلفانيا".

ستعود المرشحة الديموقراطية الاثنين إلى ولاية بنسلفانيا التي زارها أيضا اليوم الخميس أحد أفضل مبعوثي الحزب الديموقراطي: الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وفي نهاية الأسبوع، من المقرر أن تنظم تجمعات في أريزونا ونيفادا، وهما ولايتان أخريان ستكونان حاسمتين في الانتخابات التي يتم تنظيمها عن طريق الاقتراع العام غير المباشر.

ووصفت نائبة الرئيس امس الاتهامات التي وجهها المعسكر الجمهوري، وفي المقام الأول دونالد ترامب، بشأن إدارة الحكومة الفدرالية للإعصارين هيلين وميلتون، بأنها "خطيرة" و"غير مقبولة".

ويظل المرشحان متقاربين في استطلاعات الرأي في الولايات الرئيسية، رغم سلسلة التقلبات غير المسبوقة في الحملة: الإدانة الجنائية لدونالد ترامب، ومحاولتي اغتياله، وانسحاب الرئيس جو بايدن من السباق.

بعيدا عن الولايات الرئيسية، يسعى دونالد ترامب أيضا إلى منافسة الديموقراطيين في معاقلهم: إذ سينظم اجتماعا السبت في ولاية كاليفورنيا، وأعلن امس أنه يخطط لفعالية في قاعة ماديسون سكوير غاردن الشهيرة في نيويورك.

وبحسب موقع "يو إس إليكشن بروجكت" المتخصص في الانتخابات، فقد حسم حوالى 2.5 مليون ناخب اختيارهم وأرسلوا بطاقات اقتراعهم خلال عمليات التصويت المبكر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی ولایة بنسلفانیا جو بایدن

إقرأ أيضاً:

تهديد ترامب للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة

هل ستبقى ديمقراطية الولايات المتحدة بعد انقضاء رئاسة ترامب؟ هذا ليس سؤالا نظريا، من الواضح أن ترامب يتبع نهجًا معروفًا لتحويل الديمقراطية الليبرالية إلى ديمقراطية «غير ليبرالية»، وهذه الأخيرة اسم للديكتاتورية.

في كتابه «روح الديمقراطية» يرى لاري دياموند الأستاذ بجامعة ستانفورد أن الديمقراطية الليبرالية تتكون من الانتخابات الحرة والنزيهة وحماية الحقوق المدنية والإنسانية لكل المواطنين دون فرز وحكم القانون الذي يُلزم كل المواطنين بالقدر نفسها. هذه إذن هي «قواعد اللعبة»، لكن فعالية هذه القواعد تعتمد على القيود المفروضة على أولئك الذين يسيطرون على الدولة مؤقتا. أهم هذه القيود القضاء والأحزاب السياسية والأجهزة البيروقراطية للدولة ووسائل الإعلام. هل ستصمد هذه القيود أولا أثناء رئاسة ترامب ثم لاحقا في الأجل الطويل؟

في حوار دار مؤخرا بمجلة «نيو ريبَبلك» أشار ستيفن ليفيتسكي ودانيال زيبلات الأستاذان بجامعة هارفارد ومؤلفا كتاب «كيف تموت الأنظمة الديمقراطية» إلى أن العملية الكلاسيكية المتمثلة في «التنازل الجماعي» أو «الانتحار المؤسسي» أمام الاستيلاء الاستبدادي على السلطة قطعت شوطا بعيدا. لقد استولى ترامب على الحزب الجمهوري، وأقنعت سيطرتُه على قاعدة الجمهوريين الانتخابية الحزبَ بقبول «الكذبة الكبيرة» عن فوزه بالانتخابات الرئاسية في عام 2020.

إلى ذلك، قررت المحكمة العليا أن الرئيس محصَّن من الملاحقة الجنائية عن أفعاله الرسمية، وهذا مبدأ يصر الفقيه القانوني البريطاني اللورد جوناثان سومشون على أنه يضع الرئيس فوق القانون وبالتالي يجعله عمليًا أشبه بالملك منه إلى المواطن. ونحن نشهد على الأقل أفرادًا أقوياء من أمثال مارك زوكربيرج وهم يركعون أمام حاكمهم الجديد.

ممَّ يخاف هؤلاء؟ إنهم يخشون من استخدام الرئيس جهاز الدولة ضدهم، وهذا ما ينوي عمله هو والناس الذين يحيطون به. فترشيحاته (لمن سيشغلون مناصب إدارته) تشير بقوة إلى ذلك. وأيضا خططُ إحلال البيروقراطيين (كبار موظفي الدولة) بأناس موالين لترامب والتي وُضِعت خطوطها العريضة في «مشروع 2025» لمؤسسة هيرتدج فاونديشن. مثل هذا الولاء سيكون سلاحًا قويًا للأوتوقراطية (الاستبداد)، فهو سيجعل الجهاز البيروقراطي للدولة مطيعًا للرئيس بدلا عن القوانين التي يلزمه تطبيقها.

تيموثي سنايدر، الأستاذ بجامعة ييل والخبير في الأنظمة الشمولية الأوروبية في القرن العشرين يصف الأسماء التي رشحها ترامب لتولي وزارات الصحة والعدل والدفاع وأيضًا أجهزة الاستخبارات بضربة «قطع الرأس» جزئيًا لأن عدم كفاءتهم وسوء طويَّتهم سيلحقان أذى جسيمًا بأداء الدولة. وأيضا سيتسبب التهديد بتسييس الحكومة الفيدرالية بما في ذلك القانون «ضد الأعداء في الداخل» بضرر بالغ للديمقراطية. (يقصد سنايدر بضربة قطع الرأس أن ترامب يهدف بترشيحاته إلى إضعاف وشل هذه المؤسسات الحكومية وجعلها بلا فعالية من خلال إحلال قادتها أو رؤوسها بقادة غير مؤهلين ومعارضين لرسالتها - المترجم).

كل هذه، يضيف ليفيتسكي وزميله زيبلات، تصرفات كلاسيكية لمن سيتحولون إلى مستبدين. ويمكن تصنيفها تحت عنوانين عريضين هما «السيطرة على الحكام وتهميش اللاعبين».

تحت عنوان السيطرة على الحكام تندرج التغييراتُ في الجهاز القضائي على كل المستويات، أما التصرفات المتعلقة بتهميش اللاعبين فتشمل مختلف أنواع الهجمات ضد المنظمات الإعلامية المستقلة والصحفيين والمؤسسات الأكاديمية والناشرين.

إلى جانب ذلك ينبغي تذكر المشروع المركزي الذي يستهدف إبعاد المهاجرين غير الشرعيين. ويبدو أنه في الغالب يوحِّد عناصر عديدة للمقاربة الجديدة التي يعتمدها ترامب في إطار شامل. فترحيل ملايين عديدة من البشر سيتطلب عملية عسكرية ضخمة وتدخلات واسعة النطاق في الاختصاصات الولائية والمحلية وإقامة مراكز احتجاز كبيرة وقمع الاحتجاجات وليس أقله إيجاد بلدان يُلقَى فيها بالمهاجرين المرحَّلين..

هل يمكن أن يحدث كل هذا حقا؟ ربما. لكن اقتران مثل هذه الزعزعة بما يمكن أن يكون في الغالب اضطرابًا اقتصاديًا كبيرًا قد يحوِّل الرأي العام بقوة ضد ترامب الذي فاز بهامش في الأصوات يساوي فقط 1.5% ولم يحظ أبدا بشعبية واسعة. (حصل ترامب في الانتخابات الأخيرة على 49.8% من الأصوات الشعبية وهاريس على 48.3%- المترجم).

لدى ترامب أنصار متعصبون، لكن لديه أيضا خصوما متعصبين. إلى ذلك، إذا ظل الدستور قائما سيقضي ترامب في الحكم فترة رئاسية واحدة (4 سنوات)، في الإجمال، من المرجَّح أن تضعف قبضته على الرأي العام وعلى الحزب بداية من الآن.

قدرات ترامب كمهرِّج شعبوي استثنائية، وغالبا ما سيجد الحزب الجمهوري استحالة في اكتشاف بديل كاريزمي بقدرٍ كافٍ لترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2028. كما يكشف تحالفه أيضا عن دلائل على تداعيه. فالوطنيون المسيحيون والقوميون المتشددون ليسوا رفاقَ دربٍ طبيعيين «لبلوتوقراط» التقنية الأقوياء من أمثال ايلون ماسك. وإذا نجحوا في تقويض الانتخابات الوطنية الأمريكية قد تكون تلك «نهاية اللعبة»، وحينها ستكون العواقب وخيمة على العالم. فمن دون الوجود النشط للولايات المتحدة التي تحتكم إلى الديمقراطية ستتعرض عافية الديمقراطية الليبرالية في العالم إلى خطر عظيم.

في عام 1787 عندما سأل مواطنون أمريكيون بنيامين فرانكلين عن نوع الحكم الذي تبنّاه المؤتمر الدستوري قال لهم «الولايات المتحدة لديها جمهورية، إذا أمكنكم الحفاظ عليها»، ربما سنعرف قريبًا إذا كان ذلك ممكنا.

مقالات مشابهة

  • مقترح أمريكي يسمح لترامب بفترة ولاية ثالثة
  • وكيل «صحة الشرقية» يتابع أعمال التطوير بمستشفى منيا القمح
  • ترامب يهاجم الاتحاد الأوروبي في دافوس
  • ترامب: نخطط لتعويض الخسائر الاقتصادية التي سببتها إدارة بايدن الفاشلة
  • ترامب: نعمل بكل سرعة لإصلاح الكوارث التي ورثناها من بايدن
  • الرئيس السيسي: اتفقنا على أهمية عقد قمة مصرية إريترية صومالية ثانية لتعزيز الشراكة
  • ترمب يكشف عن رسالة بايدن التي تركها في إدراج المكتب الرئاسي في البيت الأبيض
  • تهديد ترامب للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة
  • سر رسالة تركها الرئيس السابق بايدن لترامب في درج مكتبه.. ماذا قال؟
  • استطلاع: 40% من الأمريكيين قلقون بشأن ولاية دونالد ترامب الثانية