بعد الضربة الصاروخية الإيرانية على تل أبيب، كان من المتوقع أن يحدث رد إسرائيلي سريع لكنه أُلغي في اللحظات الأخيرة، ربما لتدخل البنتاجون لمنع توسع الحرب.
غير أن نتنياهو بدلاً من التهدئة لجأ إلى التصريحات المنذرة بتصعيد لا يعلم أحد مداه؛ حينما أعلن أنه بصدد شن حرب أسماها: "حرب القيامة". 

فهل كشف نتنياهو عن وجهه الحقيقي أخيراً، وبدأ يتحدث بلغة توراتية تستعيد مفهوم النبوءة، وتريد جمع حلفاء لإسرائيل من هذا المدخل الشائك؟! 
لقد مر الآن عام كامل على هجوم السابع من أكتوبر الذي أرق إسرائيل وأرهقها.

فهل من مصلحة أحد في المنطقة أن تستمر الحرب هكذا بلا نهاية؟ وهل باستطاعة جهة في إسرائيل أو خارجها كبح جماح نتنياهو؟ وهل ينفذ تهديده فيقيم قيامة حربه الخاصة ضد لبنان وإيران؟ وإذا أشعل تلك الحرب ووسَّعها، فعلى رأس مَن ستقوم القيامة التي يزعمها؟
كأنه الأمس
الأمر كان يسير مع نتنياهو من حسن لأحسن. فها هو قد طوي بايدن في جيبه الأصغر، وها هي خطة التطبيع تسير كما أرادها، وها هي غزة محاصَرة منذ أعوام ولا بواكي لها. وها هو المسجد الأقصى ينتظر الاقتحام الأخير، وها هي العجول الحمراء في انتظار الذبح لتلاوة طقوس توراتية يتم على إثرها هدم الأقصى وبناء الهيكل. ثم فجأة حدث ما لم يتوقعه أحد..
هجوم مفاجئ ثلاثي من البحر والجو والبر، فإذا غلاف غزة مُخترق، وإذا برجال في ثياب عسكرية يقتحمون مركز قيادة المنطقة الجنوبية ويأسرون قائدها وعدداً من جنودها ويقتادونهم، وآخرين في ثياب مدنية يصطحبون عدداً آخر من الإسرائيليين السكاري من حفل حاشد ساهر تحول إلى مأتم. وآخرون في طائرات شراعية مبتكرة يلتفون خلف خطوط العدو. لتبدأ الملحمة.
تصحو إسرائيل من سباتها، والموساد من غفوته فيكتشفان أن مئات الأسري باتوا في يد المقاومة الفلسطينية، وأن أسراراً خطيرة تم كشفها من أقراص صلبة تم الاستيلاء عليها من مواقع عسكرية، وأن آليات باهظة الثمن تم تدميرها وإحراقها على الأرض. كل هذا حدث دون أن يرصد أحد شيئاً أو يتنبأ بشيء! فجُن جنون إسرائيل وقررت إعلان حرب برية ضروس على قطاع غزة تريد محوه محو إبادة.
تبدأ الحرب وتستعد الفرق العسكرية التي بلغ قوامها أكثر من ربع مليون مقاتل للاقتحام من جهة الشمال، وتتسلل فرقة تلو فرقة لتفاجئهم الصواريخ والقنابل تنهال عليهم من كل حدب وصوب، ويتساقط الجنود أو يحترقون داخل آلياتهم، وتتحول دبابات الميركافا الأكثر تطوراً إلى خردة تحت قصف صواريخ الياسين. شهور قليلة ويعدّ العدو خسائره فإذا هي بالمليارات ويعد قتلاه فإذا هم بالألوف. فيقرر عقد هدنة مع المقاومة، ينجح على إثرها فى استرداد القليل من أسراه. وتعود الحرب تدخل في أطوار جديدة. تنفتح فيها الجبهات على مصاريعها؛ فيغلق الحوثي المضيق، ويستولي على السفن، ويطلق حزب الله صواريخه ليضغط على إسرائيل لوقف الحرب، فيفر المستوطنون من الشمال، وتنهال صواريخ العراق على رأس القواعد الأمريكية. وإسرائيل رغم هذا سادرة في غيها وجبروتها؛ تدمر أحياء كاملة على رؤوس مَن فيها من أطفال ونساء وشيوخ كلهم مدنيون. ويهب الشارع الأوروبي والغربي نصرةً لفلسطين، وتستمر المظاهرات الحاشدة لعدة شهور تندد بما ترتكبه إسرائيل من مجازر. وتجمع جنوب إفريقيا ملفات المجازر الإسرائيلية لتذهب بها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وبدلاً من أن توقف إسرائيل عدوانها الدموي، تعلن مرحلة ثانية وثالثة للحرب الغشوم.
تسحب إسرائيل ألوية وفرق من الشمال الغزاوي، وتتمركز في الوسط، فلا تلقي من المقاومة الفلسطينية إلا صموداً أشد، ويستمر سقوط مزيد من الضباط والجنود في الجيش الإسرائيلي، ويستمر الدعم الأمريكي غير المحدود. ويدعو الجميع لهدنة جديدة، فيصم نتنياهو آذانه عن الاستماع، ويقرر اقتحام جنوب غزة فيستولي على محور فيلادلفيا ويقتل في طريقه عدداً من أسراه بنيرانه العمياء. كل هذا والولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع كبحه أو منعه، ومحكمة العدل التي أدانته لا تستطيع تفعيل هذه الإدانة، لتسقط هيبتها في عيون العالم.
ويختفي بايدن من المشهد بعد أن مدَّ إسرائيل بأكثر مما تحتاجه، وتظهر كامالا هاريس ومعها ترامب في الصورة، وتختلف الحسابات الأمريكية، ويحاول البيت الأبيض ومعه البنتاجون الضغط على نتنياهو الذي بات بعد خطاب الكونجرس لا يكترث لأحد. بل يعود من أمريكا وقد قام بتفجير الوضع في جنوب لبنان؛ وتحدث واقعة تفجيرات البيجر يتلوها القضاء على حسن نصر الله، ويعلن نتيناهو أنه بصدد اقتحام لبنان برياً.
تصمت إيران وتبتلع كل الضربات القاسية المتتابعة ضربة بعد الأخرى؛ موت إبراهيم رئيسي، ثم قتل إسماعيل هنية، ثم اغتيال نصر الله. وهي صامتة اعتماداً على وعود أمريكية كاذبة بتحجيم الحرب وصد نتنياهو، وعندما يفيض بها الكيل تقرر ضرب تل أبيب بمئات الصواريخ الباليستية، وهنا تنفتح جبهات الحرب من جديد. ويتوقع الجميع رداً رادعاً من إسرائيل فإذا بها تتقهقر قليلاً، ثم ينعقد مجلس الأمن المصغر، ويقرر نتنياهو شن حرب أسماها: "حرب القيامة". فهل يتجاهل كل الضغوط من أمريكا ومن الداخل الإسرائيلي ومن وزرائه ليشن حرباً يعلم الجميع أنها حرب اليمين المتطرف التي يقودها رأس حربة مكون من الثلاثي: نتيناهو وسموتريتش وبن غفير؟!
معادلة جديدة
الواقع أنه بعد سنة من الحرب باتت المنطقة كلها محكومة بقواعد ومعادلات مختلفة عن سنة مضت. فحلم التطبيع الذي تحلم به إسرائيل يبدو الآن بعيداً بعد السماء عن أيدي الأقزام؛ إذ أن الشعوب العربية والغربية باتت تطوي صدورها على كراهية وغضب عظيمين على طغاة الحرب الإسرائيليين الذين لا يكترثون لكل هذه الدماء التي تسيل. وأما الإسرائيليون أنفسهم فهم بين قتيل وجريح ومُهجَّر أو مغادر لإسرائيل على غير رجعة. ولا أمان في أي منطقة داخل إسرائيل حتى في تل أبيب نفسها. وأما الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بلا حساب فقد بات مرهوناً بشروط، وربما توقف هذا الدعم عندما تصبح مصالح حلفاء إسرائيل على المحك.
وأما إيران التي كانت في السابق مأمونة الجانب، فهي الآن كالذئب الجريح. وبعد قتل هاشم صفي الدين أمين حزب الله بعد حسن نصر الله، فقد باتت أوراق اللعب مكشوفة، وباتت الحرب الموسعة مسألة وقت ليس إلا..
لم يعد هناك أي دور للمنظمات الدولية: فلا مجلس الأمن ولا منظمة الأمم المتحدة ولا محكمة العدل الدولية لهم أي دور يُذكر في منع الحرب أو إجبار نتنياهو على الخضوع للنظام الدولي. وإذا كان بوتين يهدد نتيناهو وينذره بعدم توسيع الحرب، فإن هذا معناه أن لاعبين جدد قد ينضمون للميدان، ويصبح الأمن العالمي والإقليمي على المحك.
وأما غزة فما زالت صامدة مقاوِمة، وما زلنا نسمع كل يوم عن سقوط قتلي وتدمير دبابات وآليات في نتساريم وخان يونس ورفح، كأن عاماً لم يمر، وكأن المعدن الفلسطيني قُدَّ من صًلبٍ قاسٍ متين. 
إنها معادلة جديدة، يفر فيها مَن يفر، وتخلو المستوطنات من ساكنيها هرباً للخارج أو للداخل، وينفرد اليمين المتطرف بالقرار طارداً كل عقل حكيم يدعو لهدنة، والنار التي تحت رماد الضفة الغربية تكاد تفور فوران البركان، وجبهة إيران تستعد، ومعها كل أذرعها في العراق ولبنان واليمن. والمنطقة كلها تبدو على صفيح ساخن، يكاد نتنياهو يشعلها لو لم يجد أحداً يوقفه. ولا أحد يعلم ما حجم القيامة التي يريد لها نتنياهو أن تقوم، ولا على رأس مَن تسقط. وإن كانت الحكمة تقول: "على نفسها جنت براقش". وعلى الجميع أن يستعد لما هو قادم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائیل من

إقرأ أيضاً:

عاجل.. الرعب يسود إسرائيل وزنزانة تنتظر نتنياهو وانفجارات تهز حيفا وبيروت وكوريا الشمالية تشعل الحرب

شهدت الساعات القليلة الماضية العديد من الأحداث الهامة، منها إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان على شمال إسرائيل وانفجارات تهز حيفا، 40 دقيقة من الرعب في إسرائيل كما تعيش دولة الاحتلال كابوسا وتترقب زنزانة لرئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وكوريا الشمالية تحشد قواتها إلى الحدود مع أوكرانيا، وانفجارات مدوية تهز بيروت.

انفجارات تهز شمال الاحتلال الإسرائيلي

أفادت تقارير بوقوع انفجارات في مدينة حيفا شمال الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم السبت، بالتزامن مع دوي صافرات الإنذار، حسبما ذكرت قناة «روسيا اليوم».

هزّ إطلاق صواريخ من لبنان مدينة حيفا والكريوت، حيث دوّت صافرات الإنذار، فيما أفادت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أنه بعد دوي صفارات الإنذار في حيفا، رصدت وسائل الإعلام عمليات اعتراض للصواريخ في أجواء المدينة والمناطق المحيطة؟، كما عُثر على شظايا اعتراضية في أماكن مختلفة في منطقة الكريوت، بينما تضررت عدة مركبات.


♦️الفيديو : حيفا قبل قليل.

♦️سقوط صاروخ في كريات اتا قرب #حيفا المحتله وشظايا على مصنع.#طوفان_الأقصى #خبر_نيوز #حزب_الله pic.twitter.com/EGpeujlu8t

— خبر نيوز (@Khabrnews1) November 23, 2024 انفجارات مروعة في بيروت

أفادت قناة «القاهرة الإخبارية» بأن انفجارات عنيفة وقعت في بيروت فجر اليوم السبت، بسبب غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطة.

وشن الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية فجر اليوم السبت، استهدفت مبنى سكنيًا في منطقة البسطة الفوقا في بيروت، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وشملت العملية إطلاق أربعة صواريخ.

وتسبب الهجوم في عملية نزوح كبيرة من موقع الغارة الإسرائيلية في بيروت، حيث توافدت سيارات الإسعاف إلى المنطقة.

وأشارت قناة «القاهرة الإخبارية» إلى أن المبنى المستهدف مكون من ثمانية طوابق، كما أنه سوّي بالأرض جراء الغارة الإسرائيلية، مشيرةً إلى دمار واسع النطاق في المباني المجاورة وبدء عمليات انتشال الضحايا ورفع الأنقاض.

الرعب يسود علي دولة الاحتلال

وعلي جانب آخر، يعيش سكان شمال فلسطين المحتلة تحت وطأة القلق المستمر، فقد أحدثت طائرة مسيرة طارت لمدة ساعة فوق المنطقة حالة من الذعر والخوف لدى عشرات الآلاف من المدنيين، حسبما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت».

وشهد شمال فلسطين المحتلة يومًا آخر من القتال المكثف، حيث أجبرت الهجمات الصاروخية المكثفة من لبنان عشرات الآلاف من الإسرائيليين على الاحتماء في الملاجئ، بما في ذلك العديد من سكان المستوطنات التي لم يتم إخلاؤها، فيما امتدت الهجمات من الجليل الغربي ونهاريا وعكا إلى كريات ‌هاكارمل، بينما ردت إسرائيل بضربات جوية على جنوب لبنان، مستهدفةً مواقع في الضاحية الجنوبية وصور وغيرها.

وقبل أن تُنهي طائرة مسيرة رحلتها التي استمرت 40 دقيقة فوق شمال إسرائيل ليلة السبت، مُظلمة حياة العديد من العائلات بانفجارها في الجليل الغربي، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مسؤولين أمريكيين أشاروا إلى «حماس إسرائيلي» للتوصل إلى اتفاق مع لبنان، فيما تشير التقييمات الإسرائيلية إلى اقتراب التوصل لاتفاق، بالرغم من بقاء بعض الخلافات بين الطرفين.

وأثار إطلاق صواريخ جديد من لبنان قلق سكان شمال الاحتلال الإسرائيلي، من الحدود وحتى كريات آتا، إذ أجبروا على اللجوء للملاجئ لمرة أخرى لساعة تقريبًا، بعد وقت قصير من تناول العشاء.

كوريا الشمالية تحشد قواتها

أعلنت كوريا الشمالية أنها أعدت نشر جزء من قواتها إلى الحدود مع أوكرانيا في بيلجورود أوبلاست بالاتحاد الروسي، حسبما ذكرت صحيفة «برافدا» الروسية.

في وقت سابق، زودت روسيا كوريا الشمالية بأكثر من مليون برميل (56 ألف طن) من النفط منذ مارس 2024، مقابل دعم عسكري على الأرجح.

مقالات مشابهة

  • كيف سيخرج لبنان من الحرب مع إسرائيل؟
  • هوكشتاين إلى واشنطن...نتنياهو لا يريد وقف الحرب إلا بشروطه
  • عاجل.. الرعب يسود إسرائيل وزنزانة تنتظر نتنياهو وانفجارات تهز حيفا وبيروت وكوريا الشمالية تشعل الحرب
  • مجموعة السلام العربي تدعم قرار «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وجالانت وتطالب بتوسيع الاتهامات ضدهما
  • فرصة لمقاطعة إسرائيل.. هكذا علّق حزب مغربي على مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
  • وقت صلاة قيام الليل وعدد ركعاتها ودعائها
  • مبعوث بايدن يلتقي نتنياهو اليوم لبحث وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله
  • أمريكا: إسرائيل تحقق أهدافها واقتراب نهاية حربها مع حزب الله
  • من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين