الضحايا المدنيون في الغارات الإسرائيلية على سوريا.. ماذا يقول القانون؟
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
خلال أسبوع واحد فقط قتل 12 مدنيا سوريّا جراء ضربات جوية نسبت لإسرائيل واستهدفت عدة مناطق من البلاد، ووفقا لنشطاء حقوقيين وسكان تحدثوا لموقع "الحرة" لم تكن هذه الحصيلة الأولى من نوعها على صعيد الضحايا من غير المقاتلين أو المنخرطين بأعمال عسكرية، وربما لن تكون الأخيرة أيضا بناء على مسار القصف القائم.
واستهدفت آخر الضربات بناء سكنيا في منطقة تعرف بأبنية الـ14 بحي المزة بدمشق، وأسفرت قبل يومين عن مقتل ما لا يقل عن 8 مدنيين، بينهم 4 أطفال و3 سيدات إحداهن طبيبة، كما أصيب قرابة 11 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
ولم يعرف الهدف الأساسي المراد من القصف، لكن دائما ما يسود اعتقاد تدعمه معطيات بأنه يتمثل بقيادي أو شخصية فاعلة تتبع إما لـ"الحرس الثوري" الإيراني أو لحزب الله اللبناني، وذلك استنادا للحالة التي كانت عليها ضربات سابقة شهدتها سوريا بشكل متكرر، وحي المزة على الخصوص.
المزة هو حي سكني في قلب العاصمة دمشق ويعتبر من الأحياء الفارهة فيها، وكان تحول خلال الأشهر الماضية إلى هدف متكرر لإسرائيل. وفي حين قتل إثر القصف المتكرر قادة من حزب الله وإيران كان للمشهد جانب مأساوي على الطرف الآخر، وارتبط بالأساس بالضحايا المدنيين.
ماذا يقول القانون الدولي؟ونادرا ما تعلّق إسرائيل على الضربات التي تنسب إليها وتضرب أهدافا في مناطق مأهولة بالسكان، ومن جانب النظام السوري لم يخرج الموقف الخاص به مؤخرا عن نطاق التنديد والإعلان عن مصادر الإطلاق وأعداد الجرحى والقتلى من المدنيين فقط.
لكن وفي أعقاب كل قصف تشير وسائل إعلام إسرائيلية وإيرانية إلى أن الضربات تطال أهدافا عسكرية تمثلها شخصيات، وفي أكثر من مرة أقر "الحرس الثوري" بمقتل قادة لديه، آخرهم "المستشار" ماجد ديواني، الذي قتل بضربة استهدفت منطقة المزة، في الثالث من سبتمبر الحالي.
وفي القصف ذاته ذكرت الرواية الرسمية في دمشق أنه أسفر عن مقتل 3 مدنيين، بينهم الإعلامية في التلفزيون السوري صفاء أحمد.
ويشرح الحقوقي السوري محمد العبد الله، وهو مدير مركز "العدالة والمساءلة" في واشنطن، أن القانون الدولي لا ينص على أن عدد الضحايا المدنيين في أي ضربة عسكرية "يجب أن يكون صفر".
لكنه يوضح في المقابل لموقع "الحرة" أن القانون ذاته يحدد معايير لهذه الضربات.
ومن بين تلك المعايير: يجب أن يكون الهدف عسكريا مشروعا، وأن يكون الطرف المهاجم أخذ الحيطة والحذر للتمييز بين المدنيين والمقاتلين في مكان الضربة.
ويجب أن يكون هناك جدوى عسكرية من الهدف، وأن يكون هناك نسبة وتناسب بالهدف والسلاح المستخدم، وألا يتسبب بـ"معاناة غير ضرورية".
ماذا عن وضع سوريا؟في ما يتعلق بالضربات المرتبطة بإسرائيل في سوريا يقول الحقوقي السوري إنه يجب تحليل كل ضربة وحادثة على حدة، وفقا للمعايير المذكورة سابقا والتي يحددها القانون الدولي.
وعند التحليل يجب الإجابة عن تساؤلات من قبيل: هل الهدف عسكري مشروع؟ هل الشخصية المستهدفة استخباراتية؟ هل تم نسف المبنى بأكمله لقتل الشخص أو استهداف الشقة أو المكتب الموجود فيه؟ ما حجم المتفجرات ونوعها؟ وما زاوية تسليط الصواريخ، كون هذه العملية يكون لها دور في انفجار غرفة أو طابق بأكمله؟
وبعد ذلك يضيف العبد الله أنه تبدأ عملية معاينة الحالات مع الهدف العسكري.
الحقوقي السوري يطرح مثلا تقريبيا لمعاينة الحالات واستخلاص النتائج بقوله: "عندما يقتل شخص واحد برتبة عسكرية متدنية وفي مقابله 20 مدنيا فنحن هنا أمام جريمة حرب".
وفي المقابل "إذا قتلت شخصية قيادية لها وزن استخباراتي وذات جدوى عسكرية كبيرة وراح في مقابلها 3 مدنيين فلن تجد أي محكمة في ذلك جريمة حرب"، بحسب المثال الثاني الذي طرحه العبد الله.
يؤكد الحقوقي السوري أن القانون الدولي ينص أنه على عاتق الطرف الذي قام بالضربة التحقيق بمسألة سقوط مدنيين إن استطاع ونشر اعتذار وتعويض الضحايا، ويشير إلى أن "مقتل مدنيين جراء ضربات لا يعتبر جريمة حرب في حال تم إثبات أن الطرف المهاجم كان ملتزما بالمعايير المطبقة".
في غالب الأحيان تنشر القليل من التسجيلات المصورة والصور التي توثق مكان الضربات الإسرائيلية على شقة أو بناء، وتكون في معظمها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع ذلك كانت ضربة المزة الأخيرة استهدفت تجمعا سكنيا كبيرا يعرف محليا بمباني الـ14، وأظهر بث مباشر للتلفزيون السوري آثار دمار في شقتين وأضرار مادية في السيارات المركونة هناك.
ويقول العبد الله إن الفيديوهات الشحيحة التي انتشرت لم تظهر أنه "تم استخدام عنف غير مبرر وتهديم مبانٍ عن بكرة أبيها".
لكن في المقابل لم يظهر نوع الصواريخ والأسلحة وما إذا كان متناسبا مع الأهداف.
وعلاوة على ذلك، تجدر الإشارة بحسب الحقوقي السوري إلى أنه حتى الآن لم نصل إلى طبيعة الأهداف، والتي غالبا ما تكون مجهولة، إلا إذا تم الإعلان عن تصفية شخص يتولى منصبا كملحق أمني أو قيادي في حزب الله أو إيران.
"أضرار جانبية"رغم أن منطقة المزة تركزت فيها غالبية الاستهدافات التي أسفرت عن ضحايا مدنيين وقتلى من إيران وحزب الله كانت حوادث مشابهة حصلت في مدن سورية أخرى كحمص الواقعة وسط البلاد.
وفي هذه المدينة أسفر قصف نسب لإسرائيل، في فبراير 2024، عن انهيار بناء كامل قبالة الملعب البلدي، ومقتل 4 شبان بداخل شقة وامرأة مسنة تدعى نبيلة رسلان مع ابنها الشاب محمد الحسن الموصلي.
وفقا لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان" لم تنشر القوات الإسرائيلية أي تحذيرات للمدنيين بمغادرة المباني قبل استهدافها. كما لم يتم تمييز المدنيين عن المقاتلين في هجوم المزة الأخير، ولم تنشر أيضا أي صور أو فيديوهات تثبت وجود مقاتلين أو معدات عسكرية في المنطقة المستهدفة.
ويوضح العبد الله أنه من الناحية النظرية يستطيع أهالي الضحايا المطالبة بالتعويضات.
لكن عمليا فإن الأمر يكاد يكون مستحيلا، إذ لا يستطيع أهالي الضحايا الوصول للقضاء الدولي أو الإسرائيلي، وحتى أنهم لا يستطيعون قبول تعويضات من إسرائيل بسبب وضع الحرب، ولاعتبار يتعلق بشق قانوني في سوريا.
وفي المقابل يعيد التذكير بأن "مبدأ النسبة والتناسب" يحظر عموما الضربات التي من المتوقع أن يكون فيها ضحايا مدنيون أو جرحى أو تحدث ضررا بالأعيان المدنية، وذلك بصيغة لا تكون متناسبة مع الجدوى العسكرية من الضربة.
ويكمل حديثه بالتأكيد على الشق المتعلق بماهية الهدف، قائلا: "أن تضرب مجندا إيرانيا مقيما في بناء وتقتل 20 مدنيا فهذا الأمر جريمة حرب.. أن تضرب غرفة بصاروخ نائب فيلق القدس و3 مدنيين سيتم اعتبار الضحايا أضرارا جانبية، ولن ترى أي محكمة في الحادثة بعد مراجعتها جريمة حرب".
"تحوّل بعد حرب غزة"على مدى السنوات الماضية كانت إسرائيل تنفذ سلسلة ضربات جوية وصاروخية، وتستهدف بها مواقع ينتشر فيها عناصر وقادة إيرانيون وآخرون يتبعون لميليشياتهم ولحزب الله اللبناني.
وكان الإسرائيليون يستهدفون أيضا طرق إمداد الأسلحة والذخائر التي تصل إلى حزب الله، وتبدأ خيوطها الأولى من إيران وتمر من الأراضي السورية.
لكن بعد اندلاع الحرب في غزة طرأ تحوّل كبير على شكل تلك الضربات، إذ بدأت تطال قادة كبارا في "الحرس الثوري" داخل شقق سكنية يقيمون فيها، سواء في أحياء منطقة المزة أو حيث تتركز ميليشياتهم في منطقة السيدة زينب ومواقع أخرى من البلاد.
وفي فبراير الماضي قتل 6 قادة من "الحرس الثوري" بضربة جوية نسبت لإسرائيل واستهدفت شقة في منطقة المزة فيلات، وكان أبرزهم مسؤول استخبارات "الحرس الثوري"، صادق أوميد زادة، الذي كان يتحدث العربية ولم يكن السكان في محيطه يعرفون المنصب الذي يشغله بالتحديد، وفق الصحفي في موقع "صوت العاصمة"، خليل سامح.
وقبل أسبوع أسفرت ضربة حصلت في منطقة المزة أيضا عن مقتل حسن جعفر قصير صهر الأمين العام الراحل لحزب الله، حسن نصر الله.
يضيف سامح لموقع "الحرة" أنه وفي ظل تتالي الضربات الإسرائيلية وسقوط ضحايا مدنيين بات الخوف أكثر ما يخيّم على مشهد الحياة اليومية الخاص بأهالي العاصمة السورية دمشق.
كما يوضح بالقول إن هذا الخوف "لا يرتبط من خشية وجود قيادي إيراني أو من حزب الله أو ضابط ارتباط سوري بالقرب من السكان فحسب، بل وصل خلال الأيام الماضية إلى حد الخشية من الوقوف بجانب سيارات مشبوهة يعتقد أنها تتبع لشخصيات نافذة من حزب الله".
"قد تستهدف طائرة مسيرة إسرائيلية تلك السيارات في أي لحظة"، على حد وصف الصحفي.
ويشير إلى أن وجود قادة إيرانيين أو من حزب الله داخل الشقق السكنية في العاصمة غالبا ما يكون في إطار عملية تأجير يقودها وسطاء.
وهؤلاء الوسطاء سوريون وبعد إبرام عقد التأجير باسمهم يتجهون لاحقا إلى تسليم الشقق لـ"الغرباء".
ويتابع سامح: "توجد مكاتب عقارية في دمشق تسير أمور الأشخاص الغرباء وبنفس الوقت هناك مكاتب عقارية لا تعرف من استأجر المنزل في وقت لاحق!".
كما يشير إلى أن "عقود تأجير المنازل والشقق في سوريا لا تتم مع شخص أجنبي إلا بموافقة أمنية".
من يتحمل المسؤولية؟يرى بروس فاين، المساعد السابق لنائب وزير العدل الأميركي والخبير القانوني أن إسرائيل من المحتمل أنها "قد ارتكبت جرائم حرب من خلال ضربات تعرض حياة المدنيين للخطر، وتسبب دمارا أيضا على نطاق واسع".
ومن جانبه يشير رئيس مركز الشرق الأوسط والقانون الدولي في كلية سكاليا للقانون بجامعة جورج ماسون، يوجين كونتوروفيتش إلى أن "استهداف الأفراد العسكريين مسموح به بطبيعة الحال بموجب القانون الدولي".
ويقول لموقع "الحرة" إن "الخسائر المدنية التي تحدث نتيجة لضربة قانونية على أهداف عسكرية لا تجعل الضربة غير قانونية ـ فلم تخض أي حرب دون وقوع خسائر مدنية".
كما يعتبر أنه "من الواضح تماما أن مثل هذه الضربات قانونية، خاصة بالنظر إلى أهمية الأهداف"، وبالنظر إلى أن كل من إيران وحزب الله في حالة حرب مع إسرائيل.
وفي مقابل الضربات والطرف المنفذ لها يحظر القانون الدولي بشكل واضح في النزاعات الدولية وغير الدولية استخدام المدنيين كدروع بشرية، كما يوضح الحقوقي السوري، محمد العبد الله.
المصطلح المذكور يعني "التموضع المتعمد لأهداف عسكرية بين مدنيين أو بين أشخاص عاجزين عن القتال، لتحقيق هدف واضح هو منع الطرف الآخر من ضرب هذه الأهداف العسكرية".
وبالتدقيق فيه لاستخلاص النتائج يثار تساؤل مفاده: "هل هناك نية واضحة من إسكان هؤلاء الأشخاص وإسكانهم في الشقق للحيلولة دون استهدافهم لردع الطرف الآخر بالمعركة وهي إسرائيل؟
ويستبعد الحقوقي السوري أن يكون هدف إقامة الأشخاص التابعين لإيران وحزب الله بين الأحياء السكنية لردع إسرائيل عن تنفيذ الضربات.
ويرى أنه "يتم وضعهم في الأبنية السكنية لحماية هوياتهم"، رغم أن الاختراق الاستخباراتي يبدو وأنه يكشف كل هذه العملية.
ويعتقد الباحث السوري في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، نوار شعبان أن "الهدف من إقامة قادة وعناصر حزب الله وإيران في مناطق مدنية وخاصة في المزة هو التخفي".
ويضاف إلى ذلك هدف آخر يذهب باتجاه محاولة "الانخراط في بيئة غير مكشوفة كما الحال في منطقة السيدة زينب بدمشق مثلا".
ويوضح شعبان أن "الضربات الإسرائيلية الحاصلة تركز على استهداف هدف معين وليس إنهاء التواجد الإيراني والخاص بحزب الله في المنطقة، وهو الأمر الذي يعيه الطرفان".
ويشير إلى أن "عملية تأجير الشقق السكنية أو إقامة القادة والعناصر فيها يتم إما عبر سماسرة ووسطاء أو من خلال دفع مبالغ مالية طائلة تزيد عن تلك التي يدفعها المقيمون العاديون بغرض السكن".
ماذا يقول القانون الدولي الإنساني العرفي؟وتضم المزة بدمشق سفارات عدة دول.
وغالبية الأهداف التي تضربها إسرائيل في هذا الحي لا تبعد كثيرا عن مطار المزة العسكري وفرع التحقيق الخاصة بالمخابرات الجوية والقصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وبعد اندلاع الحرب في غزة بأشهر كانت إسرائيل استهدفت مبنى القنصلية الإيرانية الواقع في منطقة المزة أوتوستراد، مما أسفر عن مقتل قادة كبار أبرزهم محمد رضا زاهدي ومدنيين كانوا بالقرب من البناء المستهدف.
وإلى جانب المعايير المذكورة سابقا التي يحددها القانون الدولي يحظر القانون الدولي الإنساني العرفي بشكل مباشر استخدام المدنيين كدروع بشرية سواء كان النزاع المسلح دوليا أو غير دولي، وتوجد مسؤولية جنائية في هذا الموضوع، وفق حديث الحقوقي العبد الله.
ويشرح من جانب آخر أن "الانتهاك لمنع استخدام المدنيين كدروع بشرية لا يخول ويسمح للطرف الآخر أيضا باستهداف الأهداف العسكرية وإلحاق ضرر بالمدنيين عن علم".
"حزب الله ارتكب جريمة قانونية بتموضعه وبناء مقر أمني تحت مباني سكنية لكن الأمر لا يبيح لإسرائيل تحويل المباني لتراب". وفي هذه الحالة يكون الطرفان قد ارتكبا انتهاكا، بحسب الحقوقي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القانون الدولی الحرس الثوری منطقة المزة من حزب الله العبد الله فی المقابل جریمة حرب فی منطقة عن مقتل أن یکون إلى أن
إقرأ أيضاً:
لطيفة الدروبي: ماذا نعرف عن سيدة سوريا الأولى؟
ظهر اسم لطيفة سمير الدروبي، زوجة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، للمرة الأولى أوائل شباط/فبراير الحالي عندما شوهدت برفقة أحمد الشرع في زيارتين رسميتين إلى السعودية وتركيا.
وأثار ظهورها اهتماماً إعلامياً، خاصة وأنها لم تكن معروفة في الأوساط العامة قبل ذلك.
وفي وقت سابق، كشف أحمد الشرع في مقابلة مع قناة “العربية” أن حياته لم تكن مستقرة؛ إذ تنقل بين أماكن إقامة متعددة، بما في ذلك العيش في الجبال مع زوجته، بسبب الظروف التي مر بها.
وقبل الظهور العلني للطيفة الدروبي، تحدّثت الطبيبة السوريّة-الأمريكيّة والناشطة السياسيّة ريم البزم في لقاء لها مع قناة “الشرق” عن اجتماع عقد مؤخرا في دمشق بين وفد من نساء سوريات مقيمات في الولايات المتحدة وأحمد الشرع قبيل تولّيه منصب الرئاسة.
وذكرت أن النساء تعرّفن يومها على زوجة الشرع، لكن الدروبي لم تشارك بالنقاش.
ونقلت البزم عن الشرع قوله إن “لطيفة زوجته الوحيدة وإنه يحبها كثيراً”.
أثار أول ظهور علني للطيفة الدروبي اهتمام وسائل الإعلام عندما كانت برفقة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في مكة المكرمة خلال زيارتهما السعودية؛ حيث أديا مناسك العمرة، وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وثّقت تلك اللحظات.
بعد ذلك، اتجه الزوجان إلى أنقرة، حيث التقت لطيفة الدروبي بأمينة أردوغان، زوجة الرئيس التركي، ونشرت الأخيرة صورة لهما على حسابها على منصة “إكس”.
وكتبت أمينة أردوغان أنهما ناقشتا قضايا تتعلق بالمساعدات الإنسانية وتمكين المرأة والتضامن الاجتماعي والتعليم.
ويُعتبر هذا اللقاء جزءاً من أول زيارتين رسميتين قام بها الشرع منذ توليه منصبه كرئيس للفترة الانتقالية في سوريا أواخر كانون الثاني/يناير من العام الحالي 2025.
ليست هناك معلومات مؤكدّة بعد عن السيدة الأولى في سوريا، لكن بعض الصحف وسائل الإعلام بدأت تنشر بعض التفاصيل عن عائلتها وحياتها.
تشير صحيفة “عكاظ” السعودية إلى أن لطيفة سمير الدروبي تنحدر من بلدة القريتين بمحافظة حمص، وهي أم لثلاثة أبناء ذكور.
ونقلت الصحيفة عن “مصادر غير رسمية” أنها تحمل شهادة ماجستير في اللغة العربية وآدابها.
وينحدر من نفس العائلة التي تنتمي لها لطيفة الدروبي، شخصيات دينية معروفة مثل الشيخ عبد الغفار الدروبي، أحد قرّاء القرآن السوريين، الذي توفي في جدة عام 2009.
صحيفة المونيتور – التي تُعد من أبرز وسائل الإعلام الأميركية المتخصصة في تحليل شؤون الشرق الأوسط – تشير إلى أن “جذور عائلة الدروبي في سوريا تمتد إلى الحقبة العثمانية، حيث شغل علاء الدين الدروبي، أحد أجدادها، منصب سفير للدولة العثمانية، كما أصبح ثاني رئيس وزراء لسوريا عام 1920، لكنه اغتيل بعد 26 يومًا فقط من توليه المنصب”.
أثار الظهور العلني الأول للسيدة لطيفة الدروبي تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث أصبح اسمها من أكثر الكلمات بحثاً على بعض المواقع.
المخرجة السورية وعد الخطيب – مخرجة فيلم “من أجل سما”- عبرت عن إعجابها بها قائلة: “حبيتها جداً.. في شي غريب.. وحلو كتير.. بتشبهنا وما بتشبهنا، بتمثلنا وما بتمثلنا، ليش في حدا بيمثل الكل؟”
وأضافت أن المرحلة المقبلة “لن تكون سهلة عليها وعلى الجميع”، داعية إلى عدم تحميلها توقعات غير واقعية قبل أن تتحدث أو تتخذ موقفاً علنياً.
أما المخرج زياد كلثوم – صاحب فيلم “الرقيب الخالد”- فقد رأى في سرعة التفاعل مع صورها ومقطع الفيديو المتداول انعكاساً لواقع المجتمع السوري، إذ قال: “صورتان فوتوغرافيتان ومقطع فيديو وحيد جعلت المجتمع الهش يسرد الحكايات عن السيدة لطيفة، يتحدث عن أخلاقها وثقافتها، رغم أنها لم تنطق بعد بحرف واحد.”
بدورها، تطرقت خولة برغوث إلى النقاش حول مظهرها، قائلة: “نحن نؤمن بحقوق النساء، ولذلك لم يكن لباسها بالنسبة لنا قضية.. حقها أن ترتدي ما يناسبها، لكن تخيلوا لو كانت ظهرت بالنقاب؟”
أما ريم أصيل فاعتبرت أن ما جعل كثيرين يرون في لطيفة الدروبي صورة “تمثل المرأة السورية” هو أنها تعكس، بحسب تعبيرها، “النساء العاديات، اللواتي يراهن السوريون في الشوارع والأسواق والمواصلات كل يوم، دون أن يجدن تمثيلًا بصريًا لهن في مواقع السلطة”.
وأضافت أن هذه الفئة غالبًا ما كانت تُصوَّر في المسلسلات ضمن أدوار النساء المضطهدات أو “المتخلفات”.
بعض الصحف التركية تحدثت عن “جذور عثمانية” لزوجة الشرع، فوفقًا لصحيفة تركيا غازيتيسي، فإن لطيفة الدروبي – التي صارت تنادى أيضاً في وسائل الإعلام بلطيفة الشرع – تنحدر من عائلة سورية و”هي حفيدة البيروقراطي العثماني علاء الدين الدروبي” كما تقول الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن لطيفة الدروبي وُلدت عام 1984، وتقول أيضا أنها تنتمي إلى عائلة الدروبي التي تقيم في بلدة القريتين بريف حمص، فيما تمتد صلات عائلتها بالعمل السياسي إلى الحقبة العثمانية.
فجدها الأكبر، علاء الدين الدروبي، شغل عدة مناصب في الإدارة العثمانية. وُلد في سبعينيات القرن التاسع عشر في حمص لعائلة ثرية، وكان والده رئيساً لبلدية المدينة لعدة دورات. أكمل تعليمه الأساسي في طرابلس وبيروت، ثم التحق بالمدرسة الملكية في إسطنبول، والتي تُعرف اليوم باسم كلية الطب في جامعة إسطنبول، حيث درس الطب والسياسة معاً، وفقا للصحيفة.
وتضيف الصحيفة – التي تُعرف بتوجهها المحافظ ودعمها للسياسات الحكومية – أن علاء الدين الدروبي أصبح أحد كبار المسؤولين في الدولة العثمانية، حيث بدأ حياته المهنية في وزارة الداخلية، ثم عمل متدرباً في ولاية سوريا. لاحقاً، تدرج في المناصب ليشغل مناصب منها والي كوسوفو والبصرة، كما خدم كسفير في البلقان واليمن.
وبعد انسحاب العثمانيين من سوريا (عقب خسارتهم في الحرب العالمية الأولى)، عاد علاء الدين الدروبي إلى دمشق، حيث أعلن ولاءه للملك فيصل الأول في عشرينيات القرن الماضي. عيّنه فيصل وزيرا للداخلية، ثم أصبح لاحقا ثاني رئيس وزراء لسوريا خلال فترة الانتداب الفرنسي، لكنه لم يمكث في منصبه سوى شهر واحد، حيث اُغتيل في 21 أغسطس 1920.
بي بي سي عربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب