غزة - خاص صفا "قتل ودمار وتجويع وحصار شامل، وتهديد بإخلاء المستشفيات، وأوضاع إنسانية مأساوية".. هكذا يبدو المشهد في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، مع استمرار توغل الاحتلال الإسرائيلي لليوم السادس على التوالي، تواصل قوات الاحتلال توغلها في مخيم جباليا، وسط قصف مدفعي وجوي عنيف يستهدف منازل المواطنين وكل من يتحرك أو يستطيع الخروج من المخيم.

ويعيش أهالي شمالي القطاع، وخاصة مخيم جباليا حالة رعب وخوف شديدة، في ظل استمرار القصف المدفعي والجوي على المخيم، وإطباق الحصار عليه، في محاولة لتهجيرهم قسريًا. ومن يستطيع الخروج من المخيم، يُشاهد عشرات جثامين الشهداء ملقاة في الشوارع والمناطق التي يتواجد بها الاحتلال، ولا تتمكن طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم وانتشالهم، نظرًا لخطورة الوضع في المخيم. جرائم إبادة ولم يتوقف جيش الاحتلال عن ارتكاب جرائم الإبادة ضد المدنيين في شوارع وأزقة المخيم، وحتى المنازل ومراكز الإيواء، فضلًا عن نسف المنازل في منطقة التوام شمالي القطاع، مخلفًا عشرات الشهداء ومئات المصابين جراء غاراته المكثفة والقصف المدفعي المتواصل على غربي المخيم والصفطاوي وبيت لاهيا. ولليوم السادس، يتعرض أهالي المخيم لعملية "إبادة جماعية وتطهير عرقي"، وحصار من جميع الجهات دون ماء ولا دواء ولا غذاء، وسط صمت عربي ودولي تجاه هذه الجرائم. ويتلقى الدفاع المدني مناشدات كثيرة من مواطنين مصابين ومحاصرين داخل منازلهم في المناطق التي يمنع جيش الاحتلال دخول طواقمه إليها لإنقاذهم وانتشال الشهداء منها. وأوضح الدفاع المدني أن طواقمه في محافظة الشمال متواجدة فقط في منطقة مدرسة الفاخورة في جباليا تحت أجواء خطرة جدً ولا تستطيع التحرك لأماكن الأحداث إلا في بعض مناطق مشروع بيت لاهيا ومنطقة كمال عدوان. وأشار إلى أن جيش الاحتلال يفرض حصارًا مطبقًا على شمال قطاع غزة ويعزله عن مدينة غزة بشكل كامل. ومنذ صباح الأحد الماضي، يمنع جيش الاحتلال دخول الإمدادات الأساسية لمحافظة الشمال، ما يهدد حياة المواطنين المتواجدين هناك. ويتعمد الاحتلال كما في توغلاته السابقة، تدمير البنية التحتية في المحافظة، واستهداف المنظومة الصحية، عبر التهديد بإخلاء المستشفيات، وهذا ما ينذر بانهيار كامل للنظام الصحي في شمالي القطاع. وهذا مؤشر خطير يهدف إلى سعي الاحتلال لإخراج مستشفيات كمال عدوان والعودة والإندونيسي عن العمل كليًا، لحرمان مئات آلاف المواطنين من أي خدمات صحية، علمًا أن هذه المستشفيات سبق أن خرجت كليًا عن العمل في نوفمبر/تشرين الثاني وكانون الأول/ديسمبر الماضي، خلال التوغل البري الإسرائيلي الواسع في المنطقة حينها. ولم يسلم المخبز الوحيد في شمال القطاع من استهداف الاحتلال، الذي تعمد قصفه وحرقه بهدف تدمير المنشآت الحيوية، والتي تشكل مصدرًا للصمود والبقاء في المحافظة. ورغم تهديدات الاحتلال، رفضت الطواقم والخدمات الطبية والدفاع المدني مغادرة المخيم، وما زالوا حتى اللحظة يؤدون واجبهم تجاه أبناء شعبهم في ظل الاستهدافات المتواصلة. ويشير شهود عيان ومؤسسات حقوقية إلى وجود عشرات آلاف العائلات المحاصرة في جباليا وبيت لاهيا، عاجزون عن التحرك بسبب إطلاق قوات الاحتلال النار، حيث باتوا غير قادرين على الحصول على المواد الغذائية والمياه، وبالتالي يواجه الكثير منهم شبح خطر الموت جوعًا أو عطشًا. صمود وثبات وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة فإن الاحتلال قتل أكثر من 125 مواطنًا في محافظة الشمال، وخاصة في مخيم جباليا على مدار خمسة أيام متواصلة من القتل الممنهج والحصار ضد المدنيين والأطفال والنساء خصوصًا. وأشار إلى أن جيش الاحتلال ارتكب جريمة ضد الإنسانية، إذ أجبر المدنيين والنازحين على إخلاء بعض مراكز النزوح والإيواء الذين زاد عددهم عن 17,000 نازح، بسبب قصفها واستهدافها بشكل مباشر، واقتراب آليات الاحتلال منها، تمهيدًا لاقتحامها وممارسة الجرائم فيها، على غرار ما ارتكبه جيش الاحتلال سابقًا من مجازر وإراقة الدماء بكل وحشية. وأطلق المكتب نداء استغاثة عاجل للمجتمع الدولي ولجميع المنظمات الدولية والأممية بوقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي شمالي القطاع، والعمل على إيصال مساعدات لعشرات آلاف النازحين الذين يمنع الاحتلال عنهم الغذاء. وهذه العملية البرية في مخيم جباليا تعد الثالثة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ونظرًا لما يتعرض له مخيم جباليا من إبادة جماعية، أطلق ناشطون وسم على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "#مخيم_جباليا_يباد"، بهدف تسليط الضوء على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق المواطنين هناك. وغرد أحد النشطاء عبر صفحته على موقع "إكس"، إن "الوضع في شمال غزة كارثي، والأهالي يعيشون في حالة رعب وخوف كبير. الجميع محاصر، فمن لا يموت بالقذائف والصواريخ، تستهدفه الطائرات المسيرة إذا حاول الدخول أو الخروج من مخيم جباليا". وكتب آخر "منذ بداية الحرب ومحاولات تهجير سكان الشمال لا تتوقف، إلا أن ما يحدث اليوم من حصار خانق على مخيم جباليا وتعطيل كامل للمنظومة الطبية بفعل القصف المكثف على المنازل والمستشفيات ومراكز الإيواء يمثل المرحلة الأخطر. ورغم القتل والدمار والجوع، يُصر أهالي الشمال على عدم النزوح إلى جنوب القطاع، والبقاء والصمود في منازلهم، وفي محافظتي غزة والشمال.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حرب غزة مخيم جباليا جرائم إبادة عدوان إسرائيلي فی مخیم جبالیا جیش الاحتلال شمالی القطاع

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي: يبدو أن الدولة الفلسطينية أصبحت حلما بعيد المنال

يجادل كاتب العمود بصحيفة بلومبيرغ الأميركية ماكس هاستينغز بأن حلم الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة آخذ في التلاشي، مع استمرار إسرائيل في تدمير غزة وتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية.

يبدأ المقال بحادثة انتشرت على الإنترنت تُظهر اعتقال طالبة تركية في الولايات المتحدة بسبب تعبيرها عن دعمها للفلسطينيين، وهو ما اعتبرته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعما لـ"الإرهاب".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتبة بريطانية: لا تدعوا ترامب يحولنا إلى كارهين للأجانبlist 2 of 2كاتب إسرائيلي: خفض التمويل يهدف لتفكيك المجتمع العربي بإسرائيلend of list

يرى هاستينغز أن المناخ السياسي في أميركا بات معاديا لأي تعاطف مع القضية الفلسطينية، وحكي عن حضوره فعالية خيرية في لندن لجمع التبرعات لغزة، ويصف شعور الحاضرين بأنهم جزء من قضايا نبيلة لكنها مهمشة.

الدعم للفلسطينيين لا يُترجم سياسيا

ويقول إنه ورغم تزايد التعاطف مع الفلسطينيين داخل أميركا، حيث تُظهر استطلاعات "غالوب" انخفاض الدعم لإسرائيل إلى 40% وارتفاع التأييد للفلسطينيين إلى 33%، إلا أن هذا لا يُترجم إلى دعم فعلي مؤثر على الساحة الدولية.

ويضيف هاستينغز أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  يبرر ممارسات حكومته الفظيعة في غزة كرد على "إرهاب" حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويقول إن هذا الرد ليس متناسبا أبدا، إذ تشير الأرقام إلى مقتل أكثر من 40 فلسطينيا مقابل كل إسرائيلي قُتل في هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

ويشير هاستينغز أيضا إلى جذور الدولة الإسرائيلية في الحركات الصهيونية المسلحة، مثل "الإرغون" و"عصابة شتيرن"، التي نفذت تفجيرات وقتلت بريطانيين خلال فترة الانتداب. ويذكّر بأن رئيسين سابقين لإسرائيل –مناحيم بيغن وإسحق شامير– كانا من أعضاء هذه الجماعات التي كانت تُصنف حينها كـ"إرهابية".

جرأة المستوطنين

وينتقد ازدواجية الخطاب الإسرائيلي الذي يدين "الإرهاب" بينما لا يمنح الفلسطينيين أي أفق سياسي. ومع صعود ترامب، ازدادت جرأة المستوطنين في الضفة الغربية، مذكرا بحادثة اعتداء مستوطنين على منزل المخرج الفلسطيني حمدان بلال، الفائز بجائزة أوسكار لعام 2025، والذي انتهى الأمر باعتقاله هو وليس المعتدين.

ويستحضر الكاتب تجربته في زيارة غزة والضفة قبل 20 عاما، حيث لمس حجم المعاناة رغم الخطاب المتطرف الذي سمعه هناك. لكنه يقر بأن الوضع مأساوي، ورغم التعاطف الدولي، فلا أحد يتدخل بجدية، حتى الدول العربية.

وفي خاتمة مقاله، يقارن هاستينغز الفلسطينيين بالسكّان الأصليين لأمريكا في القرن 19، أناس متمسكون بتراث ضائع. ويعتقد أن مشروع الدولة الفلسطينية بات مستحيلا، وأن إسرائيل تتجه نحو ضم كامل للضفة وغزة، دون منح الفلسطينيين أي حقوق سياسية حقيقية. ويرى أن مصير الفلسطينيين في العقود القادمة سيكون الشتات، تماما كما حدث لليهود عبر قرون، في مفارقة حزينة.

مقالات مشابهة

  • كاتب أميركي: يبدو أن الدولة الفلسطينية أصبحت حلما بعيد المنال
  • طائرات الاحتلال تقصف منزلاً في حي السلام شرقي جباليا
  • إصابات ودمار بقصف للمقاومة على عسقلان وأسدود / شاهد
  • استشهاد 4 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لشمال جباليا
  • “دقلو” يبدو أن الزهللة التي يعيشها أنسته أنه هاجم من داخل العاصمة ولم يتمكن من الاحتفاظ بها
  • شهيدان ومصابون في قصف الاحتلال الإسرائيلي لبلدة جباليا شمال قطاع غزة
  • شهيدان ومصابون في قصف الاحتلال جباليا
  • أمل الحناوي: مصر تواصل مشاوراتها والاتصالات الدولية لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات
  • قوات الاحتلال تشن حملة مداهمات واعتقالات في مخيم عسكر الجديد شرق نابلس
  • فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم عسكر الجديد شرق مدينة نابلس