على وقع استمرار الاشتباكات في مدن العاصمة، يرتقب عقد اجتماع للقوى السياسية في العاصمة الإثيوبية، لبحث سبل وقف الحرب بالسودان.

سياسيا، كشف القيادي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي طه عثمان أنهم يحتاجون لعملية سياسية تضم كل القوى السياسية والمدنية والحركات المسلحة  للوصول لحل يضمن بناء جيش مهني وقومي بقيادة موحدة من القوات المسلحة والدعم السريع وحركات الكفاح المسلح.

وحول مصير التفاوض بين الجيش والدعم السريع أعلن المستشار السياسي لقوات الدعم السريع يوسف عزت في تصريحات صحفية بأنهم مستعدون للحوار الذي يقود إلى تغيير قيادة الجيش بهدف تكوين جيش جديد تدمج فيه جميع الجيوش بما فيها الدعم السريع شريطة عدم السيطرة عليه من قبل جهة أو أيدلوجيا بعينها.

إلى ذلك، تعقد القوى السياسية المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري غدا الاثنين اجتماعا في العاصمة أديس أبابا لبحث سبل إنهاء الحرب والحث على ضرورة الاستجابة الإنسانية.

ميدانيا، هاجم طيران الجيش السوداني أهدافا عسكرية تابعة لعناصر قوات الدعم السريع السريع بمنطقة الباقير وبعض المناطق القريبة من منطقة سوبا الواقعة جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم حيث تنتشر مجموعات من الدعم السريع ناحية مدخل العاصمة الشرقي للخرطوم منذ اندلاع الحرب، وشهدت بعض أحياء مدينة أم درمان حركة متقطعة للطيران الحربي المقاتل التابع لسلاح الجو السوداني وتعاملت معه المضادات الجوية التابعة للدعم السريع بالتصدي لحركته.

أما في أم درمان فقدت دوت انفجارات عنيفة ناجمة عن عمليات القصف المدفعي في المناطق الوسطى المحيطة بأحياء أم درمان القديمة.

وبنيالا عاصمة جنوب دارفور، تجددت الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع  بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وتبادل القصف بالمدافع لليوم الثالث علي التوالي ومصادر طبية مستقلة تفيد بارتفاع القتلى إلى 12 من المدنيين بأحياء متفرقة من المدينة .

المصدر: وكالة تقدم الاخبارية

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

رؤية النخب السودانية حول الحراك الثوري والتحولات السياسية

يتسم التحليل التاريخي لمسارات الثورة السودانية بجدلية معقدة بين النخب السودانية حول طبيعة الحراك الثوري وما حققه من تغييرات. منصور خالد، في كتابه "حوار مع الصفوة", يعد من أبرز من شخصوا طبيعة الصراع الذي شق طريقه عبر تاريخ السودان الحديث، خاصة في أعقاب ثورة أكتوبر 1964. يرى خالد أن هناك صراعاً دائماً بين القوى الثورية ذات الفكر الأيديولوجي، التي تحمل رؤية حداثية تسعى لتجاوز الأنماط التقليدية، وبين القوى التقليدية المتماسكة بالقيم القديمة، التي تعتمد على قواعدها الاجتماعية في الأرياف وتتشبث بهياكلها المحافظة.
هذا الصراع بين قوى التغيير الحداثي وقوى المحافظة الاجتماعية يتجسد في طبيعة العلاقة مع التحولات الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت دائماً محل تنازع. القوى الثورية، التي تستمد شرعيتها من مشاريعها الفكرية المتأثرة بالإيديولوجيات العالمية مثل الاشتراكية والقومية العربية أو الإسلام السياسي لاحقاً، تجد نفسها في مواجهة القوى التقليدية التي ترتكز على إرث عميق من السلطة الاجتماعية، مستندة إلى الهياكل القبلية والطائفية التي طالما سادت في السودان.
القوى التقليدية لم تكن مجرد بقايا من الماضي، بل استطاعت تطوير نفسها لتتماشى مع متغيرات الحداثة، حيث أدركت أهمية الحفاظ على السلطة من خلال التكيف مع أدوات الدولة الحديثة مثل الأحزاب السياسية والديمقراطية الشكلية. محمد أبو القاسم حاج حمد، في كتاباته الفكرية، أكد أن القوى التقليدية في السودان طورت خطاباً مرناً يخدم مصالحها، مما مكنها من امتصاص ضربات القوى الثورية دون أن تفقد هيمنتها الكاملة على المشهد.
ثورة أكتوبر 1964 وانتفاضة أبريل 1985 تجسدان هذا التوتر الحاد بين المشروع الثوري والرؤية التقليدية. ثورة أكتوبر جاءت كنتيجة لتحالف بين القوى الثورية في المدن، خاصة النقابات والطلاب، وبين القوى التقليدية التي استغلت الحراك الشعبي لإعادة إنتاج النظام السياسي وفقاً لرؤيتها. القوى التقليدية لم تتوانَ عن تقديم وعود بالإصلاح، لكنها عملياً عملت على استعادة السيطرة من خلال أطرها السياسية والاجتماعية التقليدية.
فشل القوى الثورية: خطاب خشبي وإقصاء الشارع الثوري
إحدى الإشكاليات الكبرى التي عانت منها القوى الثورية في السودان كانت جمود خطابها الفكري واللغة الخشبية التي سيطرت على طرحها السياسي. بالرغم من الطموح الكبير الذي حملته هذه القوى لإحداث تغيير جذري، إلا أن خطابها غالباً ما كان أسيرًا للتصورات الأيديولوجية الجامدة التي تسعى إلى فرض رؤية الجماعة الفكرية بدلاً من استلهام روح الشارع الثوري.
هذا الخطاب الخشبي، الذي يتسم بالإصرار على عمل الفكر الجماعي الخاص بالنخبة الثورية، أدى إلى عزل القوى الثورية عن الجماهير. في وقت كانت فيه الجماهير تبحث عن خطاب يعبر عن تطلعاتها اليومية واحتياجاتها المباشرة، ظل الخطاب الثوري محصورًا في نقاشات أيديولوجية مجردة لا تجد طريقها إلى الترجمة العملية.
عبد الله علي إبراهيم تناول هذا التناقض، مشيراً إلى أن الثورة ليست مجرد مشروع فكري للنخبة، بل يجب أن تكون فعلًا شعبيًا شاملاً يعبر عن طموحات الجماهير، وليس فقط عن الأطر النظرية للنخبة الثورية. إصرار القوى الثورية على فرض رؤيتها الفكرية الخاصة أدى إلى تجاهل المطالب الحقيقية للشارع، ما أضعف قدرتها على بناء قاعدة جماهيرية واسعة ومستدامة.
إضافة إلى ذلك، فإن هذا الإصرار على الطرح الأيديولوجي أدى إلى أزمة ثقة بين القوى الثورية والجماهير، حيث أصبحت الحركة الثورية في كثير من الأحيان تعبر عن مصالح النخبة فقط، بعيدًا عن واقع الشعب. هذا الخلل في التواصل والتفاعل مع الشارع الثوري مكن القوى التقليدية من استغلال الثغرات لصالحها، حيث استطاعت تقديم نفسها كبديل عملي وأكثر ارتباطًا بواقع الناس.
الانعكاسات المستقبلية
اليوم، تواجه القوى الثورية تحديًا حقيقيًا يتمثل في إعادة صياغة خطابها ليكون أكثر تماسكًا مع تطلعات الشارع السوداني. يجب أن يتجاوز الخطاب الأيديولوجي الجامد ليصبح خطابًا شموليًا يعبر عن حاجات الشعب، ويطرح مشاريع نهضوية ملموسة تسهم في تحسين حياة الناس على الأرض.
النجاح في تحقيق هذا التحول يعتمد على قدرة القوى الثورية على التخلص من لغة الخطاب الخشبي، والانتقال إلى خطاب يجمع بين الفكر والعمل، ويعيد ربط الحراك الثوري بجذوره الشعبية. السودان، بتعقيداته الاجتماعية والسياسية، يحتاج إلى قوى ثورية تمتلك رؤية تستند إلى الشارع الثوري، وتتجاوز الانقسامات الفكرية نحو مشروع وطني جامع وشامل.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة السوداني: الاشتباكات أدت إلى انهيار النظام الصحي
  • رؤية النخب السودانية حول الحراك الثوري والتحولات السياسية
  • محكمة جنايات كرري تصدر حكما بالإعدام شنقا لمتعاونة مع الدعم السريع وإثارة الحرب ضد الدولة
  • الدعم السريع في دارفور يفقد حاضنته السياسية والاجتماعية ويتفكك إلى عناصره الأولية
  • ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟
  • القوة المشتركة تكشف تفاصيل عملية عسكرية والسيطرة على قواعد عسكرية ودك مطار حربي لقوات الدعم السريع وأسلحة دخلت الى الخرطوم قبل الحرب وتتحدث عن الإتحاد الأوروبي
  • بعد سقوطها على يد الجيش والقوات المشتركة.. أهمية الزُرق عند المليشيا توازي أهمية وادي سيدنا عند الجيش والسيطرة عليها تعني بداية النهاية لانهيار الدعم السريع
  • علي الحاج: قادة الجيش والدعم السريع من أشعلوا الحرب ورئيس المؤتمر الوطني ونائبه ممن كانوا معي في السجن قالا ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
  • السودان...إصابات بقصف مدفعي للدعم السريع على أم درمان
  • أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع هاجمت مستشفى بالعاصمة السودانية