نابلس – في عملية ليست الأولى بين استهدافات كثيرة نفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد المقاومين الفلسطينيين بالضفة الغربية، اغتالت قواته الخاصة 4 مقاومين ينحدرون من مخيمات مدينة نابلس الثلاثة (بلاطة والعين وعسكر) شمالي الضفة، بعد أن استهدفت بالرصاص الحي مركبة كانوا بداخلها في منطقة السوق الشرقي بالمدينة.

وأظهرت مقاطع فيديو التقطها فلسطينيون اغتيالا نفذه عناصر من وحدة إسرائيلية خاصة، واستهدف الشبان الأربعة، وأبرزهم عصام الصلاج قائد "كتائب شهداء الأقصى-شباب الثأر والتحرير" المحسوبة على حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والذي نجا من أربع محاولات اغتيال واعتقال، وأصيب في إحداها بجروح صعبة قبل نحو عامين.

وتشير المعطيات إلى أن الاحتلال يعمل -وبكل طاقاته- لإنهاء ظاهرة المقاومة بالضفة، وصعَّد مؤخرا من سياسة اغتيال المقاومين التي كانت ولا تزال "أنجح وسائله"، حسب مراقبين، ولكنها لن تنهيها في الوقت نفسه.

فشل إسرائيلي

وأعاد الاحتلال بعمليته هذه مشهدا مماثلا للفلسطينيين عامة والنابلسيين خاصة حينما نفذ أول عملية اغتيال بعد انقطاعها لسنوات بحق 3 مقاومين في 8 فبراير/شباط 2022 بحي المخفية بنابلس، ومشهدا آخرا قبل أسبوع حين اغتيال 14 مقاوما ومواطنا في مخيم طولكرم بعد قصفهم بصاروخ جوي.

وتأتي عملية نابلس لتؤكد أن الاحتلال يستمر في انتقامه من المقاومين فرادى وجماعات، وبطرقه المختلفة جوا وبرا، مسابقا الزمن في محاولته "إنهاء" ظاهرة المقاومة بالضفة. ويؤكد خبراء وسياسيون -تحدثوا للجزيرة نت- عجزه وفشله في مسعاه، وشددوا على أن محاولته لن توقف سيل المقاومة.

ويرى عضو لجنة التنسيق الفصائلي بنابلس محمد دويكات أن رسائل الاحتلال من هذه الاغتيالات واضحة، وهي إنهاء المقاومة أو حتى إخمادها وردع الحالة النضالية عامة، لكن الفلسطينيين يردون عليه بمزيد من الثبات، و"بالتالي هو واهم إن ظن أنه سيركع المقاومة أو يجرد الشعب من حقوقه الوطنية والسياسية ويجبره على الاستسلام".

ويقول للجزيرة نت إن الاغتيالات وغيرها من وسائل الاحتلال في قتل الفلسطينيين لن توقف المقاومة كونها الخيار الأول والأوحد لهم، ونتيجة لحالة الوعي التي تشكلت عند الفلسطينيين على مدى 76 عاما من الاحتلال بضرورة التصدي لمخططاته وسياساته الدموية التي تهدف لإخضاع الشعب وتشريده لفرض واقع جديد عليه.

ورغم حالة التطور التقني والاستخباراتي التي يملكها الاحتلال، يؤكد دويكات أن ما ينفذه من اغتيالات "جماعية وعشوائية" دليل فشله حتى الآن في اجتثاث المقاومة ومنع استمرارها، وهذا يتطلب مزيدا من الحيطة والحذر والتدابير الأمنية لدى المقاومين لمنعه من الوصول إليهم.

من مكان اغتيال المقاومين الأربعة قرب السوق الشرقي بنابلس (الجزيرة) محاولة انتقام

أما الباحث بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع فيرى أن هذه الاغتيالات تعكس فشلا إسرائيليا في تحييد الضفة الغربية وجعلها ساحة مواجهة ثانوية كما أراد منذ بداية الحرب، لكنها لا تزال ساحة مواجهة وقتال رئيسية.

ويقول للجزيرة نت إن إسرائيل ومنذ عام 2021 تعمل بالضفة عبر سياسة الاغتيال بهدف الحد من المقاومة ووأد المجموعات المسلحة، ولكنها فشلت في ذلك.

ويضيف مناع "يقودنا ذلك للتأكيد أنها فشلت في الفصل بين الساحات؛ أي فصل جبهة غزة عن الضفة، ولبنان عن غزة، والضفة عن جبهة الداخل، رغم أن هذا الترابط غير منظم أصلا بين تلك الساحات".

وفي تبيانه لهذا الفشل، يوضح أن الاغتيال بنابلس سبقته عملية فدائية نفذها فلسطيني في مدينة الخضيرة وطعن عددا من المستوطنين، بعضهم إصابته حرجة، إضافة لاشتعال بؤر المواجهة بكل مدن الضفة.

ولا يجد الباحث مناع تفسيرا لما تمارسه إسرائيل من "عنف" في الاغتيال غير أنه محاولة للانتقام وإظهار صورة للنصر يبحث عنها الاحتلال لإقناع الشارع والمجتمع الإسرائيلي بأنه "قادر ويفعل ويخاطر من أجل الأمن المفقود". ويقول إن "الإسرائيلي اليوم يشعر بفقدان الأمن على المستوى الشخصي، ولذا يحاول ترميم الصورة عبر عمليات الاغتيال سواء بالقصف أو الوحدات الخاصة".

ورغم ذلك، فإن إسرائيل وعبر تجربتها الطويلة مع الفلسطينيين تدرك أن العنف يؤدي إلى نتائج عكسية، وبهذا تدفع -حسب مناع- جيلا جديدا من الشباب الفلسطيني للدخول في مواجهته.

وسيلة أساسية

من جهته، لا يرى المحلل السياسي والخبير في حركات المقاومة الفلسطينية ساري عرابي أن الاغتيالات وتعدد طرقها سلوك جديد للاحتلال، بل إنها وسيلته الأساسية "لتفكيك" فصائل المقاومة، وأنه لن يتوانى عن هذه السياسة مهما كانت التحديات التي يواجهها في ساحات المقاومة الأخرى والحرب في لبنان وغزة.

وعلى العكس، يقول عرابي للجزيرة نت إن الحرب المشتعلة ستدفع الاحتلال لتركيز جهوده على ساحة الضفة الغربية "لإنهاء التشكيلات المسلحة المنتشرة ومنع تطورها"، وهو يسابق الزمن حتى لا تتنامى وتتعاظم ولا تنتقل إلى أماكن أخرى ولا تورث تجربتها.

ويراهن الاحتلال -حسب عرابي- على الاغتيال والاعتقال كأهم الوسائل الناجعة لوقف ظاهرة المقاومة والمجموعات المسلحة بالضفة، معتمدا في ذلك على 3 مرتكزات أساسية:

أولها الظروف الأمنية الخاصة المفروضة بالضفة. وقدراته الاستخبارية العالية. وقوته العسكرية في التنفيذ.

ووفقا له، فإن الاحتلال يرى أن المقاوم الذي يُعتقل أو يتم اغتياله ليس من السهولة تعويضه وبسرعة، وما يقوم به من اغتيال فهو "متوقع" كونه يأتي في سياق جهده الأمني. كما أنه غير متسامح أو متغافل عن حالة المقاومة بالضفة، ويعمل على تقليصها وإضعاف قدرتها على الانتشار والتوسع، "فهو يدرك أنه لا يمكن إنهاءها بشكل كامل".

يُشار إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أصدر أمرا عسكريا يقضي -حسبما نقله الإعلام العبري أمس الأربعاء- باستهداف المقاومين الفلسطينيين الذين يقيمون عروضا عسكرية أو يشاركون في تشييع الجنازات، وكأنه يوسع بذلك دائرة الاغتيالات والمستهدفين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

أنصار الله تتوعد “إسرائيل” بعمليات لم تكن في حساباتها بعد اغتيال قادة المقاومة

الجديد برس:

أكد عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله، حزام الأسد، موقفهم المساند للمقاومة في فلسطين ولبنان، مشيراً إلى أن اغتيال “إسرائيل” لأمين عام حزب الله اللبناني سيزيد المقاومة قوة وصلابة، وهو ما “سيعجل بزوال الكيان الإسرائيلي”.

وبشأن تكرار “إسرائيل” سيناريو الاغتيالات واستهداف قائد حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي، أكد الأسد أنهم لا يخشون إقدام “إسرائيل” على اغتيال قادتهم، واعتبر أن “الشهادة في سبيل الله انتصار”.

وتوعد الأسد، في حوار مع “الجزيرة نت” بمناسبة مرور عام على طوفان الأقصى، أن توجه اليمن “ضربات منكّلة بالعدو” وبعمليات لم يكن يتوقعها أو يحسب لها حسابا.

وشدد على المضي في مواجهة “إسرائيل”، وقال “لن ندخر أي جهد في إسناد ودعم المقاومة اللبنانية حتى ينكسر العدوان” مؤكداً أن هذا هو موقفهم تجاه غزة. وأكد أنهم يرون ارتباطهم بالقضية الفلسطينية وبحركات المقاومة في غزة، ولا سيما حماس والجهاد “مبدئياً ومصيرياً، ولا يمكن أن نحيد عنه قيد أنملة”.

مقالات مشابهة

  • أنصار الله تتوعد “إسرائيل” بعمليات لم تكن في حساباتها بعد اغتيال قادة المقاومة
  • إعلام فلسطيني: اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة
  • "الأحرار" تدين عملية الاغتيال في نابلس وتؤكد أنها لن تثني عزيمة شعبنا
  • حماس: اغتيال المقاومين في نابلس جريمة بشعة تضاف لسجل إسرائيل الإرهابي
  • قيادي حوثي: لا نخشى الاغتيالات ونحضر لمعركة برية مع إسرائيل
  • "حماس": عملية الاغتيال في نابلس جريمة بشعة تضاف لسجل الاحتلال الإرهابي
  • أول رد من العراق بعد نشر إسرائيل صورة للسيستاني علي قائمة الاغتيالات
  • سر نجاح إسرائيل في اغتيال قيادات حزب الله.. خبير إستراتيجي يوضح
  • خبير استراتيجي: أغلب الاغتيالات الإسرائيلية كانت من نصيب حزب الله