السودان يرفض تمديد مهمة البعثة الأممية لتقصي الحقائق
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
رفضت الخرطوم قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي يقضي بتمديد ولاية بعثة "تقصي الحقائق في السودان" حتى أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وأمس الأربعاء صوت مجلس حقوق الإنسان لصالح تمديد ولاية البعثة، بواقع 23 من أصل 47، بينما عارض القرار 12 دولة، وامتنعت 12 أخرى عن التصويت.
وأوضحت الخارجية السودانية -في بيان- أن رفضها للقرار قاطع، وأنه جانب الصواب في توصيفه لما يجري في البلاد، بالإضافة لتحامله ضد القوات المسلحة السودانية.
وأضافت أن القرار لم يراع الأولويات الحقيقية للسودان في هذه المرحلة التي تتلخص في "إنهاء التمرد وإيقاف الفظائع المستمرة، وإخلاء مساكن المدنيين، وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية لهم".
وعكست نتيجة التصويت الانقسام الحاد داخل مجلس حقوق الإنسان "مما يؤكد على عدالة موقف السودان" بحسب الوزارة التي أكدت الحرص على حقوق الإنسان، والتزام القوات المسلحة وجميع القوات النظامية بالقانون الإنساني الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأعلنت الخرطوم منذ البداية رفضها قرار إنشاء البعثة الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات مجلس حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
مبادرة البعثة الأممية في ليبيا.. كيف تنجح في ظل التناحر والانقسام والمراوغة؟
يمر المشهد السياسي في ليبيا بحالة من الجمود جراء تعنت الأطراف المتنفذة ورفضها تقديم أية تنازلات من أجل الدفع نحو عملية انتخابية تجدد الشرعية والدماء في مؤسسات الدولة.
ورغم تشدق الجميع بالانتخابات إلا أنهم جميعا ضدها ويقاومون من أجل ألا تحدث لتأكدهم أنها لو تمت بشفافية ونزاهة ستزيحهم عنوة عن كراسييهم، لذا لن يوافقوا عليها أو يسمحوا بها إلا إذا ضمنوا البقاء والاستمرار.
وفي محاولة لكسر هذا الجمود طرحت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري مبادرة جديدة خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي رأت خلالها ضرورة حل أزمة القوانين الانتخابية الخلافية وتشكيل حكومة توافقية على أن تلتزم أي حكومة جديدة قد تنبثق عن مفاوضات ليبية- ليبية التزاما صارما بالمبادئ والضمانات والأهداف والآجال الزمنية للوصول إلى الانتخابات كشرط لشرعيتها والاعتراف بها دوليا.
ولاقت المبادرة الأممية ترحيبا دوليا ودعما من الدول الكبرى ومن الفاعليين الدوليين والإقليميين في الملف الليبي لكن في المقابل لاقت صمتا ومراوغة وتشكيكا من الأطراف المحلية خاصة مجلسي النواب والدولة كونهما اعتبرا الخطوة محاولة لإزاحتهما من المشهد القابعين عليه منذ سنوات، لذا حاولا معا اتخاذ خطوات استباقية للتشويش على مبادرة خوري أو إرباكها.
لكن البعثة الأممية، التي رفضت المشاركة في اجتماع ليبي ضم أعضاء من مجلسي النواب والدولة في دولة المغرب، أصرت على الاستمرار في مبادرتها وأعلنت رسميا عن عناصرها الستة المتمثلة في: تشكيل لجنة استشارية، وتوحيد الحكومة، وإطلاق حوار شامل، والإصلاحات الاقتصادية، وتوحيد المؤسسات الأمنية، والمصالحة الوطنية، مؤكدة أن اللجنة الاستشارية سيوكل إليها معالجة كل القضايا التي تعيق إجراء الانتخابات، وفي مقدمتها القضايا المختلف بشأنها سياسيا في القوانين الانتخابية.
وفي محاولة للكشف عن طبيعة وآليات عمل اللجنة أوضحت البعثة أن اللجنة الفنية ستكون من مهامها وضع معايير وضمانات تؤطر عمل الحكومة القادمة، مشددة أن اللجنة لن تكون بديلا عن المؤسسات الحالية، كما أنها ستكون استشارية، وليست جسما لاتخاذ القرار، ما يمنحها مساحة كبيرة في وضع المقترحات والتصورات والخيارات الممكنة لحل الإشكاليات القائمة، وفق بيان البعثة الأممية.
ومن المؤكد أن هذه المبادرة الجديدة ستصطدم بحالة الجمود السياسي من ناحية وتعنت الأطراف المحلية الرافضة لإزاحتها من ناحية أخرى، لذا حتى تنجح هذه المبادرة وتدفع نحو تسوية سياسية مستدامة لابد لها من استراتيجيات قوية يحميها موقف دولي داعم سلاحه العقوبات في وجه أي معرقل.
ورغم أن المبادرة لازال ينقصها الكثير من التوضيحات خاصة ما يتعلق بمعايير اختيار اللجنة والمدد الزمنية لإنجاز مهامها وعلاقة مجلسي النواب والدولة بهذه اللجنة ومن يملك ترشيح عناصر الحكومة القادمة وآلية اختيارها وضمان المجتمع الدولي ممثلا في البعثة للقبول بهذه الحكومة وإجبار الحكومتين على تسليم السلطة دون تعنت أو رفض.
لكن في المجمل هي خطوة جيدة لتحريك مياة راكدة أزكمت رائحتها أنوف المواطن ومحاولة لكسر حالة الجمود السياسي التي طالت، ويتوقف نجاح وجدية هذه الخطى على عدة أمور منها ما هو محلي ومنها ما هو دولي وأممي.
محليا: تحتاج هذه المبادرة إلى حاضنة قوية من مؤسسات لها قبول ومصداقية وتأثير وفاعلية، وكذلك قبول من أطراف الصراع ومؤسسات الأمر الواقع وأخيرا ضغطا شعبيا وتحشيدا من قبل البعثة للشارع الليبي للضغط على هذه الأطراف من أجل تقديم التناولان وإبداء مرونة للمضي قدما في تنفيذ المبادرة.
دوليا: تحتاج الخطوة دعما حقيقيا على الأرض وليس مجرد بيانات، دعما يترجم على هيئة تهديد بعقوبات وتنفيذ عقوبات بالفعل على الأطراف المحلية المتعنتة وإجبارها على المضي قدما نحو تسوية سياسية مستدامة وتعديل القوانين الانتخابية وإنهاء حالة الانقسام والصراع ثم الانتقال إلى مرحلة التجهيز لعملية انتخابية شفافة وليست انتخابات مخطط لها ومضمونة نتائجها، ووجود القوى الدولية الفاعلة كمراقب لكل هذه الخطوات.
وإن لم تتوافر الأدوات الدولية وسياسة “العصا والجزرة” عبر يد مجلس الأمن والأمم المتحدة ستنجح الأطراف المحلية في المراوغة والتنصل من أي توافقات أو حلول تدفع نحو تسوية سياسية مستدامة وعملية انتخابية قريبا ستكتب فيها نهاية هذه الوجوه، لكن مع تفعيل الدور الدولي في ردع هذه الأطراف المتعنتة ستنجح المبادرة وتتبعها خطوات انتخابية تنعش المشهد الليبي وينجح المواطن في اختيار من يمثله مستفيدا من التجارب المريرة التي مر بها طيلة العشر سنوات الأخيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“*” باحث سياسي في العلاقات الدولية وشؤون المغرب العربي.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.