بذلت دولة الإمارات جهوداً حثيثة لبناء قطاع زراعي مستدام يسهم في تعزيز الأمن الغذائي، عبر تبني أنماط زراعية مستدامة وذكية مناخياً تُركّز على الاستثمار الأمثل للأراضي الزراعية وجودة المنتج المحلي وتعزيز قدرته على المنافسة، وتستند في مجملها إلى التقنيات والحلول المبتكرة، وتأهيل الكوادر الوطنية من خلال إكسابهم المهارات والخبرات وأفضل الممارسات في مجال الزراعة.


وتحرص الجهات المعنية في الدولة على إطلاق العديد من المبادرات الهادفة إلى توعية وتثقيف فئات وشرائح المجتمع كافة بأهمية ممارسة الزراعة وزيادة المساحات الخضراء، ومنها المبادرات التعليمية التي تستهدف تعزيز ارتباط الطلبة والشباب بالزراعة، وتنشئة أجيال إماراتية على قدر عال من المعرفة والإلمام بالقطاع الزراعي، وتأهيلهم على إيجاد حلول خلاقة ومبتكرة للمساهمة في دفع عجلة تطور القطاع ومواجهة تحدياته.
وتنسجم هذه المبادرات مع مستهدفات البرنامج الوطني “ازرع الإمارات”، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله ويضم مبادرات عدة تدعم توجهات دولة الإمارات للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام.
ويستهدف البرنامج الوطني “ازرع الإمارات” تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المنتج المحلّي ذي القيمة الغذائية العالية ويدعم ” عام الاستدامة 2024″، ويُعزز منظومة الاستدامة البيئية عبر المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية بوصفها منتجات طازجة.
وتتعدد مبادرات وزارة التربية والتعليم لإعداد كوادر وطنية مؤهلة ومتميزة لقيادة القطاع الزراعي، وأبرزها استحداث الوزارة أكاديمية العلوم الزراعية، لتلبية احتياجات الطلبة الذين يرغبون في الالتحاق بالتخصص الزراعي والثروة الحيوانية، وذلك لتأهيلهم ليصبحوا كفاءات متخصصة من المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين وبالتالي المساهمة في تحقيق الرؤية الطموحة للدولة في القطاع الزراعي الممتدة منذ عدة عقود، بالإضافة إلى تلبية متطلبات سوق العمل وتوظيف كوادر إماراتية فنية في جميع مجالات العلوم الزراعية والأمن الغذائي.
ووضعت وزارة التربية والتعليم خطة توسعية في أعداد المدارس الحاضنة لأكاديمية العلوم الزراعية التي تعتبر إحدى الأكاديميات المطروحة ضمن “مشروع الأكاديميات” الخاص بمنظومة المدرسة الإماراتية، وتعاونت الأكاديمية مع الهيئات الزراعية الحكومية والخاصة لرفد سوق العمل بالكوادر الإماراتية.
وتتعاون وزارة التربية والتعليم مع الهيئات المتخصصة في القطاعين العام والخاص، لتطوير برامج المناهج الدراسية لأكاديمية العلوم الزراعية لتمكين الطلبة في مجالات الاستدامة الزراعية.
وتستهدف الأكاديمية طلبة المسار العام في الحلقة الثالثة (من الصف التاسع حتى الثاني عشر)، ويستكمل الطالب المواد الدراسية تماماً كأقرانه ممن يدرسون في المسار العام إضافة إلى دراسته للمادة التخصصية للأكاديمية بواقع 5-6 حصص أسبوعياً حسب المرحلة الدراسية.
ويمنح الطالب المنتسب للأكاديمية شهادة المسار العام مع اكتسابه للمعارف والمهارات في العلوم الزراعية، الأمر الذي يتيح للطالب خيارات أوسع لاستكمال مسيرته التعليمية والمهنية بعد التخرج من المدرسة ويكتسب الطالب فور تخرجه في الأكاديمية إمكانية اعتماد عدد من الساعات الدراسية أثناء الدراسة الجامعية.
وتتمحور أهم الأهداف الاستراتيجية للأكاديمية على المدى البعيد حول تعزيز مفهوم الاستدامة الزراعية والأمن الغذائي لدى الطلبة والمجتمع، وتسليط الضوء على مواضيع الصحة والسلامة المهنية في قطاع الغذاء والمحافظة على البيئة واستصلاح الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تعزيز الدور التقني في هذا المجال بشقيه الزراعي والحيواني، والمحافظة على الثروة الوطنية للنخيل والتمور، وتربية الجمال والغزلان والصقور.
وتحرص جامعات في الدولة على توفير برامج أكاديمية متطورة ومعتمدة في المجالات الزراعية لإعداد كفاءات مؤهلة تفي باحتياجات سوق العمل، وتقديم أبحاث تطبيقية وخدمات استشارية وتدريبية متميزة للمجتمع المحلي، بما يسهم في التنمية الزراعية والأمن الغذائي والبيئي.
وتشكل مبادرة “غرس الإمارات” التي أطلقتها “أم الإمارات” سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية ، نقلة نوعية للبيئة المدرسية المنتجة والمستدامة كونها تسهم في تعزيز الوعي البيئي لدى الطلبة، ومنحهم المهارات اللازمة للعمل في مجال الزراعة في المستقبل.
وتشرف وزارة التربية والتعليم على المبادرة التي تستهدف المدارس الحكومية التي تتوافر فيها مساحات كافية قابلة للاستغلال لزراعتها والمساهمة في تعزيز بيئة مدرسية مستدامة وخضراء وتستند المبادرة إلى تضمين المدارس بمساحات مخصصة لمشروعات الزراعة المائية والبيئة البحرية والبستنة ونباتات بيئة الإمارات.
وتعمل وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع الجهات المختصة على تشجيع المؤسسات التعليمية في الدولة على الزراعة المجتمعية وذلك من خلال مساعدتها على الاستفادة من المساحات غير المستغلة في المواقع التي تشغلها عن طريق زراعتها بالنباتات، والقيام بأنشطة لحث الطلبة في تلك المؤسسات على المشاركة فيها وتعزيز الثقافة الزراعية لديهم، والتعاون والتنسيق مع هذه المؤسسات بشأن تخصيص نشاط أكاديمي للطلبة للعناية بالزراعة، والإشراف على تنفيذ كافة العمليات الخاصة بها، والعناية بالمزروعات.
ومواكبةً لقرار مجلس الوزراء رقم (31) لسنة 2018 م في شأن الزراعة المجتمعية، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة مسابقة الزراعة في المدارس، التي تهدف إلى غرس وتعزيز ثقافة الزراعة وإنتاج الغذاء في وجدان طلبة المدارس والمساهمة بإنشاء جيل واع يساهم بدوره في مسيرة التنمية الزراعية المستدامة في الدولة، وذلك عن طريق مشاركة المدارس بمختلف مراحلها على مستوى الدولة في المسابقة.
وتعتمد المسابقة على تخصيص طلبة المدارس والهيئة التعليمية بعض المساحات للزراعة، ليتعرفوا خلال نشاطهم على أهم المحاصيل التي يمكن زراعتها وطرق الزراعة الحديثة والمبتكرة والمساهمة في إنتاج محصول زراعي يمكنهم الاستفادة منه.
ويتم تقييم المدارس الفائزة وفق معايير محددة وهي ترشيد استهلاك الماء في الزراعة باستخدام وسائل الري الحديثة، وقياس المساحة المزروعة من إجمالي المساحة المتاحة في المدرسة، وكمية المحاصيل المنتجة ونوعيتها، وخلو المحاصيل من الآفات، ومدى مطابقة نظام الزراعة للآليات الذكية (الزراعة العضوية)، إضافة إلى تعزيز المدارس المشاركة لثقافة الابتكار في الإنتاج الزراعي وآليات التعامل مع المحاصيل المنتجة لدى الطلبة.
وتنفذ هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية العديد من المشاريع والمبادرات لتشجيع الطلاب على الابتكار في المجال الزراعي، واطلاعهم على الأساليب التكنولوجية الحديثة والتي تتيح زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي وبمعدلات استهلاك قليلة للمياه والموارد الطبيعية حيث أطلقت الهيئة العام الجاري بالتعاون مع مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي برنامج “موهبة” الزراعي، الذي يهدف إلى الارتقاء بمهارات 60 طالباً وطالبة في المجالات الزراعية المختلفة وتعريفهم بأهم التقنيات الزراعية المبتكرة التي تساهم في الحفاظ على الثروة الزراعية وتطويرها بمختلف مكوناتها، إضافة إلى تنفيذ مسابقة في مجال الابتكار الزراعي للطلبة المشتركين في البرنامج.
ويشمل البرنامج التدريب العملي الميداني في مجالات التكنولوجيا الزراعية، والزراعة المتقدمة، ووقاية النبات، ومختبرات الغذاء، والبيوت المحمية والشبكية، والتدريب الميداني لتصميم شبكات الري، وتربية النحل، والاستزراع السمكي، والتدريب الميداني في الثروة الحيوانية.
ويتضمن البرنامج أيضاً العديد من الحقائب التدريبية التخصصية التي من شأنها الارتقاء بمهارات الطلبة في مختلف محاور البرنامج، وصولاً إلى تصميم مشروع زراعي مبتكر في نهاية البرنامج لترجمة ما اكتسبه الطلبة من معلومات ومهارات بشكل عملي ملموس.
كما أصدرت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، سلسلة قصص وكتيبات تعليمية للأطفال تهدف إلى نشر الوعي في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسلامة الغذائية، وتربية النحل وتُقدم محتوى ترفيهيا تعليميا هادفا يُساعد على تنمية وعي الأطفال بأهمية هذه المجالات الحيوية.
وتستهدف هذه الكتيبات دعم جهود الهيئة في تحقيق الأمن الغذائي، من خلال نشر الوعي حول أهمية الزراعة والسلامة الغذائية بين مختلف فئات المجتمع، وتعزيز التواصل مع الأطفال ودمجهم في الأنشطة التي تقوم بها الهيئة، وتشجيع الأطفال على اختيار مهن في مجال الزراعة والسلامة الغذائي.، بالإضافة إلى تعليم الأطفال أساسيات الزراعة وتربية الحيوانات وسلامة الغذاء، وإثراء معلوماتهم حول مختلف مواضيع الزراعة والسلامة الغذائية بطريقة ممتعة ومبسطة.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: وزارة التربیة والتعلیم والسلامة الغذائیة والسلامة الغذائی العلوم الزراعیة فی الدولة فی مجال

إقرأ أيضاً:

الخدمات الزراعية: سيناء شهدت طفرة تنموية بفضل دعم الدولة والاستثمار بها

أكد المشرف العام على مراكز الخدمات الزراعية في سيناء عماد عوض ، أن محافظة سيناء تشهد طفرة تنموية في كافة المجالات السياحية والزراعية والصناعية وجميع المحاور، بدعم الدولة والقيادة السياسية وضخ الاستثمارات الكبيرة بها حتى أصبح واقعا ملموسا.


وقال مشرف الخدمات الزراعية في لقاء مع برنامج "صباح البلد" المذاع على قناة "صدى البلد" اليوم الخميس، "إن التنمية الزراعية في مصر عملت على محورين أحدهما التوسع الأفقي بزيادة المساحة المنزرعة من الرقعة الزراعية إلى 12 مليون فدان، والآخر هو محور التوسع الرأسي بزيادة إنتاجية الأراضي المنزرعة في سيناء باستنباط أصناف ملائمة للأراضي والبيئة السيناوية واتباع الممارسات الزراعية السليم".


وأضاف أن الاهتمام بسيناء تضمن إجراء البحوث والدراسات التي تعمل على زيادة الرقعة الزراعية بها، فقد دخل نحو نصف مليون فدان في حيز الزراعة خلال الفترة الماضية، إضافة إلى دراسات الحصر والتصنيف والبنية التحتية على مليون و100 ألف فدان في سيناء من قبل خبراء مركز بحوث الصحراء ووزارة الزراعة، لاختيار أفضل المناطق الصالحة للزراعة ضمن مشروع تنمية وسط وشمال سيناء.


وأشار إلى أن الدولة المصرية كان لها رؤية في تحقيق التنمية في سيناء، حيث تم ضخ استثمارات كبيرة لمشروعات الطرق والبنية التحتية وأنفاق ومعابر وكباري ومطارات وجامعات ومدارس وتجمعات تنموية زراعية وشق طرق ونقل خطوط مياه.


وفيما يتعلق بتحدي ندرة المياه الذي تعرض له العالم أجمع، أكد أن التغير المناخي ظاهرة عالمية أثرت على كميات مياه الأمطار، لذلك تم قامت الدولة ضمن رؤيتها المستقبلية للتغلب على هذا التحدي باقتحام مجال معالجة المياه، من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي بعد معالجتها وضخها لمشروعات زراعية للتوسع في الرقعة الزراعية، فتم إنشاء محطتي "المحسمة" و"بحر البقر"، ومن المقرر تنفيذ محطة "ترعة النصر" التي ستعمل بالمنطقة الغربية بالدلتا الجديدة لتوفير من 5 إلى 6 ملايين متر مكعب.

مقالات مشابهة

  • التغير المناخي والبيئة تعقد لقاء تعريفياً ببرنامج ازرع الإمارات
  • “التغير المناخي والبيئة” تستعرض برنامج “ازرع الإمارات” مع شركات خاصة
  • الخدمات الزراعية: سيناء شهدت طفرة تنموية بفضل دعم الدولة والاستثمار بها
  • تفاصيل تنمية سيناء وزيادة الرقعة الزراعية (فيديو)
  • بالفيديو.. تفاصيل تنمية سيناء وزيادة الرقعة الزراعية
  • طفرة تنموية.. زيادة الرقعة الزراعية في سيناء لـ 456 ألف فدان| فيديو
  • الحجر الزراعي يبحث تعزيز الصادرات الزراعية المصرية مع سفيرة نيوزلاندا بالقاهرة
  • برنامج ازرع الإمارات يعزز نهج التنمية الزراعية المستدامة
  • محمد بن راشد يترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء في منطقة المرموم بدبي .. ويطلق البرنامج الوطني ازرع الإمارات