سودانايل:
2024-11-22@11:07:02 GMT

توتي الوادعة في قبضة الوحوش

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

قرأت سمعت وشاهدت في الفيديوهات كيف استباح الجنجويد توتي التي كانت رمز التكافل الترابط الاحترام والسلم . لم يكن في توتي في زمننا جرائم لدرجة انه لم يكن في كل توتي رجل بوليس واحد . وقعت في غرام توتي وانا طفل . في بداية شبابي ارتبطت بتوتي وتعلمت الكثير من اهل توتي . لقد صرت تواتيا بالانتساب.
ما جعلني احترم توتي واهلها اسباب كثيرة منها لجنة الزواج في توتي .

لمحاربة العزوبية في توتي. تقرر ان يدفع من يريد الزواج 30 جنيها الى اللجنة التي تنظم الزواج بغض النظر عن ثروة العريس منصبه او وضعه الاجتماعي . وكان ممنوعا اقامة الحفلات الصاخبة ولمدة عدة شهور يحق للعريس فقط استقبال عدد محدد من الزوار اظن انه خمسة اشخاص . اظن انه كان مسوحا للعريس ان يقيم الحفلات بعد 6 اشهر . وطبلعا لا يتوفع ان تقام الحفلات بعد ستة اشهروعودة الحياة الزوجية الى الروتين العادي . الغرض كان تسهيل الزواج بدلا عن الفشخرة مما يجعل الزواج صعبا او مستحيلا لمن لا يمتلك المال.
تأثرت كثيرا باهل توتي لدرجة انني لم اقم حفلا اواشتري شيلة او ذهبا عند الارتباط . شرطي كان ارتباط بدون دلاقين دهب وهيلمانات . يكذب من يقول انه قد شاهد حفل زواج لشوقي .لم يخرج الحفل عن حفنة من اقرب الاقربين . تعلمت كذلك من الرجل العظيم الدكتور عبد الحليم محمد الذي لا يحتاج لتقديم فهو اديب ن كاتب احد اساطين الرياضة الادارة والسياسة .الدكتور عبد الحليم تبرع بكل ميزانية زواجه لغرض نبيل واكتفى بحفل صغير . كتبت عدة مواضيع عن توتي واهل توتي . قبل اكثر من عشرين سنة .احدها جامعة توتي .
________________________________________

شوقي بدري
21 February, 2012

في كتاب حكاوي امدرمان خصصت فصلاً ، تحت عنوان جامعة توتي . لأنني تعلمت الكثير من أهل توتي . و أحببت توتي و أهلها . و صرت لا اطيق ان ابتعد عنها لفترة تزيد عن السنتين . و هي الفترة بين السابعة عشر من عمري و التاسعة عشر . قبل ذهابي الى أوربا . لأنني بدأت الدراسة و انا في الخامسة من عمري و لقد انتهيت من المدرسة الثانوية وقد تعديت السابعة عشر . و أدين لتوتي بتعلمي الكثير . و بسبب توتي صرت نواتيا و حواتياً و تربالاً . و تلك اسعد فترة في حياتي .
بعد حضورنا من جنوب السودان سكنّا في حيّ الملازمين . و كنّا جيراناً للمربي الكبير محمد احمد عبد القادر . احد اعلام توتي . و هو من اعلام التعليم في السودان . و كان مثل المربي النصري حمزة ، أول من ورثوا النظار البريطانيين ، الذين اداروا مدارس السودان الثانوية الثلاثة . براون في حنتوب ، هانق في وادي سيدنا ،و جاض في خور طقت خارج الأبيض . و العم محمد احمد عبد القادر كان قد استلم خور طقت من البريطاني فيما بعد . و بعد تقاعده لم يرضى بالجلوس ساكناً . و أدار مكتبة في الخرطوم .
عابدين محمد احمد عبد القادر ، رحمة الله على الجميع ، كان يكبرني قليلاً . و كان جارنا . و كان ممتلئاً حيوية . و كان شقيقه النور هادئاً مؤدباً . لا يتحدث إلّا قليلاً . و حتى عندما قابلته بعد عشرين سنة من تلك الايام ، في جامعة روستوك في شرق المانيا ، كان لا يزال هادئاً مؤدباً لطيفاً . منزل العم عبد القادر محمد احمد عبد القادر في حي الملازمين كان يتكون من جزئين و هو في شكل ( L ) و كان المنزل مفتوحاً و له حديقة و مسطبة عالية . و برندة كبيرة بأعمدة بيضاء ، و اشجار عالية . و كان مكاناً رائعاً للهو الاطفال . و على عكس بعض منازل حي الملازمين التي كان أهلها لا يسمحون بلعب الأطفال ، كانت الخالة نفيسة ترحب بنا . و نقضي ساعات طويلة للعب و تسلق الاشجار و نحس ان المنزل منزلنا . و كثيراً ما كان يمتلئ المنزل بالضيوف من توتي . و بما اننا كنا نستأجر منزل الياس دفع الله ، لقد طلب العم محمد احمد عبد القادر من والدي استئجار داره للمحافظة عليها . صارت الدار دارنا و ولد فيها اثنين من اشقائي . هما عبد السلام و بابكر بدري . و آخر مرة اشاهد بابكر بدري الكبير كان قبل موته بفترة قصيرة ، و هذا لكي يؤذن في اذن حفيده بابكر بدري . و كان يعرف الدار و صاحبها .
في ايام العطلة المدرسية ، كان يتواجد مع عابدين و النور بعض الاطفال من أقربائهم من توتي و تعرفنا بهم . و أذكر اننا قد كوّنا فريقاً لكرة القدم . و كان رئيسة زين العابدين ، الذي كانت له روح قيادية خلّاقة . كما كان يقوم ببعض الحركات البهلوانية بالدراجة . و كان لا يخاف السقوط . و كان شقيقي الشنقيطي يشاركة في تلك الحركات البهلوانية و هما على ظهر الدراجة . إلّا انه يتراجع في بعض الحركات الصعبة و يقول لعابدين : ( انا اهلي ما قنعانين مني ) . و يضحك عابدين و يقول : ( يعني انا اهلي قنعانين مني ؟؟ ) و يواصل حركاته .
كعادة امدرمان قديماً ان يهب النساء لمساعدة البعض . و أذكر انه عندما تزوج الاستاذ عثمان بالاخت اسماء محمد احمد عبد القادر . ذهبت والدتي و خالاتي للمساعدة و الخدمة . و في الثمانينات حضرت زواج ابنة عثمان في الخرطوم . و عندما قابلتها في لندن في منزل احمد قاسم مخير ، قبلتها على رأسها و قلت لها : ( انتي أول سيدة احضر زواجها و زواج امها ) . فلقد فرقت الظروف و السياسة بيننا و بين زين العابدين . و لكن عندما اتذكر الآن اقول ان تلك العائلة صاروا بمثابة الأهل بالنسبة لنا . و قديماً كان الجوار يعني الكثير . و كانت حكاوي عابدين والنور عن توتي منذ الطفولة الباكرة تحببني إلى توتي و تجعلني مشتاقاً لمشاهدتها . وعندما صرنا صبية كان يندر ان يمر العيد بدون ان نزور جزيرة توتي . و كان لتوتي و لأهل توتي سحر غريب يشد الانسان .
عرفت فيما بعد من الكبار الذين عاشروا الاستاذ محمد احمد عبد القادر ، أنه كان عالماً . كما كان لطيف المعشر على عكس الصورة الصارمة التي كنّا نراها. و كان ساخراً و يجيد النكتة . و من القصص التي تتداول في السودان أن احد المسئولين سلم على الاستاذ محمد احمد عبد القادر بحرارة قائلاً : ( انت درستني يا استاذ ) . ثم قدم زميله للاستاذ قائلا: ( دا استاذنا محمد احمد عبد القادر ) . فقال المسئول الاخر بدون اهتمام : ( دا ابو زين العابدين ). فقال الاستاذ محمد احمد عبد القادر ساخراً : ( مؤكد يا ابني انا درستك . لكن دا انا ما درستو).
من الشخصيات التي تركت انطباعاً عظيماً على تصرفات و وجدان طلابها كان الاستاذ غاندي . و هو استاذنا في مدارس الاحفاد سيد احمد عبد الرحمن . لم يحدث ابداً ابداً ان عاقب استاذنا غاندي ايّاً من تلاميذه . و كان له اسلوب مميز و كان رجلاً من نسيج خاص . و كنّا نستغرب أن يوسف بدري كان يحتد في بعض الاحيان مع الاساتذة . و منهم بيليفوكس الاسكتلندي الذي درسنا الجغرافيا . و هال مدرس الادب الانجليزي و هنوينق المستشرق و مجموعة من الفلسطينيين و اللبنانيين و اساتذه عظام مثل موسى المبارك و عبد الله البشير و الطيب ميرغني شكاك و حسن التاج وأمين الزين . و لكن لم يكن ابداً يقابل الاستاذ سيد احمد الا بالبشاشة و الاحترام .
و كان الاستاذ غاندي فوق القانون و يحترمه كل الطلبة و المدرسون . و لا يجرؤ اي انسان ان يحاسبه . غاندي كان مدرس فنون . و كان فنانا بحق و حقيقة . و كان له ملكات كثيرة . و منها ملكة المسرح . و عندما ألف الاستاذ خالد ابو الروس ابو المسرح السوداني مسرحيته خراب سوبا ، كان يبحث عن دعم او طريقة لأخراجها . فعرضها على العميد بابكر بدري . و ساعد بابكر بدري في تقديم المسرحية . و شارك غاندي في الجزء الفني و أعداد المسرح و رفع الستار و الاخراج . و عرضت المسرحية في عدة اماكن في السودان . كنت استغرب من الاحترام الذي يلقاه الاستاذ غاندي . و عرفت أن بابكر بدري يكن له حباً شديداً . و لا يسأله حتى اذا تأخر .
عرفت فيما بعد أن غاندي كان كل الوقت البرنجي في المدرسة. و هذه كلمة تركية تعني الأول . و لهذا سميّ السجائر بالبرنجي . و كان في فصل العميد يوسف بدري في مدرسة امدرمان الاميرية . و من تلك الدفعة الامام الصديق المهدي . الذي درس في رفاعة . قبل الانتقال مع يوسف بدري الى الخرطوم . الشباب في فترة الثلاثينات تأثر بفكرة التحرر الوطني و الانعتاق من السيطرة البريطانية . و كما تأثر الكثير منهم بالزعيم الهندي غاندي . و كان اكثرهم وعياً سياسياً و تأثراً ، الاستاذ سيد احمد و كان يدعو الى تلك الافكار . و لهذا عرف بغاندي . و كان من مجموعتهم الامير نقد الله ، فارس حزب الامة . الذي تأثر كذلك بأفكار حزب المؤتمر الهندي والهادي كان زميل موسى بدري الطيار في مدرسة رفاعة . الامير نقد الله كان يقاطع المنتجات البريطانية كما دعى غاندي الزعيم الهندي . و كان يلبسون البسيط من الملابس . و يلبسون الدمور و المراكيب السودانية . و بعضهم مثل الامير نقد الله كان لا يشرب السكر . لأن على السكر ضرائب تذهب الى خزينة الدولة . ولقد حكم على البطل على عبد اللطيف بالسجن سنة لانه كتب موضوعاً بخصوص احتكار الحكومة للسكر .
و كان هنالك الاضراب الشهير في كلية غردون . عندما توقف الطلاب عن الدراسة . و أتى السيد عبد الرحمن المهدي يطلب من التلاميذ الرجوع الى مقاعد الدراسة . و كما أورد الاستاذ محمد خير البدوي في رثائه ليوسف بدري ، و أورد يوسف بدري في كتابه( قدر جيل ) . بانه قد قفز في الطاولة العريضة التي وضع فيها الكرسي للسيد عبد الرحمن و قال له : ( الانجليز جابوك عشان نفك الاضراب . و أي كلام حا تقولو لينا حا يخش بهنا و يطلع بهنا . انحن عاوزين ندرس حاجات تنفعنا و تنفع البلد . و ما حا نقبل بسياسة الانجليز ) .
ذهب يوسف بدري للدراسة في الجامعة الامريكية في بيروت . لأن والده بابكر بدري رهن ذهب زوجته و أرسله الى الجامعة الامريكية في بيروت . و ذهب معه زميلهم و من نفس مجموعتهم البروفيسور ابراهيم قاسم مخير . صديقهم المشترك الذي سمى يوسف بدري عليه ابنه عميد جامعة الاحفاد الحالي قاسم بدري . و صار ابراهيم قاسم مخير أول عميد لكلية الصيدلة في جامعة الخرطوم . كثيراً ما كنت افكر ماذا سيكون مصير استاذنا غاندي اذا كان قد توفر لوالديه في الثلاثينات المال الذي يسمح له بأن يتبع صديقه الى الجامعة الامريكية . و هو الذي كان اميزهم في التعليم . و لكن كنت اعزي نفسي و اقول لو حدث هذا ، لم يمكن ان نسعد بوجوده معنا في مدارس الاحفاد .
ابن عمتي حمزة محمد مالك الذي يتواجد في السويد . ذكر لي انه في احد اجازاته ذهب مدفوعاً بحبه الى استاذه غاندي في توتي . و بحث عن منزله في توتي الى ان وجده . و حمزة كان يحكي لي عن فرحة الاستاذ بلقاء تلميذه بعد السنين الطويلة من الغياب . و قدمه لبنته و اسرته . عندما يبحث التلميذ عن الاستاذ بعد سنين طويلة هذا يؤكد ان الاستاذ من نوع خاص . و هكذا كان استاذنا سيد احمد عبد الرحمن .
من الاشياء اللطيفة التي يذكرها حمزة مالك عن استاذه انه عندما تعب من مشاكسة حمزة ، قام الاستاذ بنزع حمالات البنطلون و وضع الكلبسات بحقة الصعود . قبض على حمزة مالك و وضع الكلبسات في انفه . و صار حمزة مالك يعطس و يهتز و الفصل يضحك . و لم يجرؤ حمزة بعدها بازعاج الفصل مرة اخرى . و الاستاذ غاندي كان يتصرف كان حمزة ابنه او ابن اخيه . فلقد كان الاستاذ فناناً حتى في العقاب .
في كتاب الاستاذ الطيب ميرغني شكاك (الاحفاد ) كتب كثيراً عن استاذه غاندي . الذي درسه في الاربعينات ، و صار زميله في الخمسينات بعد رجوعه من الجامعة الامريكية . و من قصصه أن احد اساتذة الدين و اللغة العربية كان متشدداً و صعباُ في التعامل . و لم يكن راضياً من الوضع الخاص الذي كان يحظى به الاستاذ سيد احمد في مدرسة الاحفاد و بابكر بدري له . و عندما كثر كلام الرجل و تتطاول على استاذنا ، قام استاذنا غاندي بضربه روسية و طرحه ارضاً . و واصل الرجل تقعره واصراره الحديث باللغة العربية الفصحى : ( اتطأطئ راسك يا استاذ سيد احمد و تنطحني ؟ ) . فقال له الاستاذ غاندي : ( و انطح .... زاتو ) . استغرب الاستاذ لأن بابكر بدري لم ينصره . و لم يكن يعرف ان الاستاذ غاندي كان فوق القانون . و بعدها بمدة قصيرة طلب الارتريون مدرسين من السودان . فقام بابكر بدري بأرسال استاذ اللغة العربية و الاستاذ غاندي الى ارتريا سوياً . و عندما عادا من ارتريا كان الاستاذ قد تغير و صار مفرفشاً بشوشاً لا يطيق فراق سيد احمد . فرسالة الاستاذ سيد احمد رسالة فن و بهجة و تواصل مع الآخرين . بابكر بدري كان مربياً موهوباً . و لهذا ارسلهم سوياً . و لكم ان تتصوروا سبب التغير الذي حدث للاستاذ المتشدد .
في الخمسينات ألف الاستاذ الطيب ميرغني شكاك مسرحية حصار الخرطوم . و كان يطوفون بها كل السودان . و كان زميلنا فاروق حاج الامين شقيق الشاعر عبد المجيد حاج الامين يمثل شخصية غردون لأنه كان فاتح اللون و يجيد التمثيل . و كان يسافر معهم لكل انحاء السودان الاستاذ غاندي . و كان يتواصل مع الطلاب بطريقة تجعلهم يحبونه و يستمتعون برحلاتهم الطويلة بالقطار، مثل رحلتهم الى الابيض . و كان يشرف على التمثيل و الأخراج . و كانت لوحاته تزين خلفية المسرح و تتغير حسب المشهد .
عندما ارادوا تقديم المسرحية في قبة المهدي ، رفض الانصار ان يقوم اي انسان بتمثيل شخصية المهدي لأن هذا حرام . فغضب الاستاذ الطيب ميرغني و ذهب الى السيد عبد الرحمن الذي قال له : ( انا فاهم يا ابني ، لكن الانصار ديل ما بقتنعوا ) . رجع الطيب ميرغني غاضباً . و طلب تفكيك المسرح . و لكن الاستاذ غاندي توصل لحل و هو أن يقرأ الطالب الذي يمثل دور المهدي من خلف الستارة و حلت المشكلة .
عندما التصقت بتوتي كنت اتواجد بشكل يومي في توتي . و امكث مع استاذي رحمة الله عليه مبارك بسطاوي الذي كان يزرع الرأس الطيني في الجزيرة الهلالية التي تمتد بمسافة كيلومتيرين و تفصل توتي من أمدرمان . و تعرفت بشرف الذي كان مزارعاً كذلك في تلك الجزيرة . و عرفت انه شقيق زوجة الاستاذ غاندي . و توطدت صداقتنا بسرعة . و كان فاتح اللون . و كان قوياً بصورة ظاهرة ، إلا انه حقاني و دمث الاخلاق . و في احد الايام سألني : ( غاندي دا في مدارسكم دي بتدوه ماهية كم ؟ قبل الاجازة مشينا استلم قروش كتيرة خلاص . شئ ما بتحسب . وزع لأهلنا ديل كلهم النسوان و الصغار و الكبار ) . هكذا كان غاندي . كريماً بشوشاً مساعداً . و هكذا كان اغلب اهل توتي متكافلين متواضعين لا يفرق بينهم علم أو ثروة . الجميع سواسية و الكل اخوة . كم اتمنى ان تلك الروح لم تختفتي .
رحم الله استاذنا غاندي . لقد ترك بصماته و أثر في حياة و وجدان آلاف مؤلفة من التلاميذ و الطلاب الذين حملوا روح غاندي معهم الى كل اصقاع السودان . كم اتمنى ان شباب توتي يذكرونه و كم اتمنى ان يطلق اسمه على أي مؤسسة أو مدرسة أو فصلاً في مدرسة . الآلاف من الطلاب الذين صاروا من مشاهير السودان و الذين لم تطأ اقدامهم جزيرة توتي ، عرفوها لانها كان بلد استاذنا سيد احمد عبد الرحمن ( غاندي ) . كان فناناً عميقاً و سياسياً . و لو حكم امثال الاستاذ غاندي السودان لكنّا في نعيم .
في اثناء تواجدي في توتي كنت اشاهد استاذ غاندي و هو يصطاد سمك في الصباح الباكر و كان يأتي الى الجزيرة . و في بعض الاحيان ياتي بشبكة ( طراحة ) . و كنت اكتفي بتحيته . لأنني كنت الاحظ انه يكون في حالة تأمل و اقرب الى الشرود . فهو رجل فيلسوف . يغرق في حالات تفكير . مثلما كان يحب الناس كان يحب الاختلاء بنفسه في بعض الاحيان .
سمعت من الأبن الرائع عمر بسطاوي الذي ترافقه الملائكة هذه الايام فهو عريس ، عندما كان يحضر دراسات عليا في السويد ، أن احد الائمة في توتي تحدث في خطبة الجمعة عن الذين لم يكن يأتون الى الجامع من قبل ، و الذين هداهم الله ، و الذين و الذين ... و عندما طال الكلام قال استاذنا الحبيب ( طيب ما تقول ليهم غاندي عديل ) .
لتوتي ايقاع و طريقة حياة تمتاز بها . لها قوانينها و اعرافها . بعض أهل امدرمان الذين احبوا توتي كان الاخ عبد القادر الجزولي . و هو احد ظرفاء امدرمان . و هو عم عازف الكمان و المخرج التلفزيوني في براغ و الخليج ابراهيم الجزولي . كان صاحب مزاج و كان له مركب صغير من الحراز ( سرتق ) . و للمركب الوان زاهية و شراع نظيف . كان يأتي في المساء قبل الغروب و له منقد صغير و يقوم بشراء الحليب من اهل ( الضمي ) و هم البدو الذين يأتون بقطعانهم لشرب من النيل . و الكلمة تأتي من الظمأ . عبد القادر الجزولي كان يحضر مع صديقة اللصيق ( الكي ) . و كانا يصنعون شاياً بدون ماء فقط باللبن . و كانا يعزمان علينا بالشاي . و بأنني لم اكن اشرب الشاي قديماً و الى الآن ، فكان مبارك بسطاوي رحمة الله عليه يشاركهم شرب الشاي و نجلس للتسامر . خاصة بعد ان نكون خلصنا من قطف البامية او السلج او البازنجان و العجور و الكوسة . فمبارك بسطاوي كان يزرع ما يقارب الثلاثين حبلاً من الخضروات في منطقة ام كيعان ، و هذا اسم احد السواقي القديمة . و الحبال هي سباعية او ثمانية بمعنى سبعة اذرع ( الضراع يساوي 58 سنتمتر ) . و لهذا يقول العبقري خليل فرح في قصيدتة ( قدلة يا موالاي حافي حالق ) يقول فيها شمبات حبال و يقصد هذه الحبال .
عبد القادر الجزولي كان يقوم عادة بعد العمل كترزي في سوق الموردة ، يسترخي بالحضور الى توتي في المساء ، و يشرب كوب او كوبين من الشاي . ثم يرجع بعد الاسترخاء . و كان يتحدث كثيراً عن حبة لتوتي و الراحة النفسية التي يحس بها عندما يكون متواجداً هناك . في احد الايام حضرت مبكراً في الصباح شاهدت مركب عبد القادر الجزولي عند المشرع و استغربت . لأنه عادة يربط المركب بكتلة ضخمة من الاسمنت و بطبلة يغطيها بالشحم حتى لا تصدأ . و لكن تلك الكتلة كانت على صدر المركب . و بما انني عندما كنت اساعد الريس ميرغني في ادارة المعدية في الايام التي يكون فيها مبارك في السوق صباحا لبيع الخضار . و كنا نقطف الخضار كل يومين . و عندما رجعت مع المركب كان (الكي) في انتظارنا في الموردة . و أخبرتهم بأن مركبهم في توتي . و لم يكن غاضباً . و عرفت انه لم تكن المرة الأولى التي يستعير بعض شباب توتي مركبهم . فأرجعته الى توتي و قطرنا المركب الى الموردة بواسطة المعدية . و عندما قابلت عبد القادر فيما بعد لم يكن غاضباً . بل كان يقول لي : ( الحمد لله الاولاد ديل ما غرقوا او جاتهم مصيبة ) و واصل ضاحكاً . ( انا ما عارف ليه ما بشيلوا مراكب النقادة ؟؟؟ و لا عشان المركب الملونة دي فاكرينها رفاس ) .
قديماً لم يكن هنالك سوى البنطون الذي يتوقف في حوالي الساعة التاسعة مساء . و معدية امدرمان تتوقف مع المغرب . و بعض شباب توتي تتقطع بهم السبل في امدرمان أو الخرطوم . و لقد غرق البعض عندما اراد ان يأتي عائماً في الليل. و كنت انا في بعض الاحيان عندما افوت المعدية . كنت اذهب عائماً الى امدرمان .
كانت هنالك سيدة تأتي في العصر . و هي تحمل على رأسها قفة ثقيلة مغطية . و كانت تجلس في مؤخرة المركب كالعادة . و لا تتحدث مع أي شخص . حسب اوامر الريس ميرغني لا أطلب منها نقوداً . و كانت تنتظر الى ان يذهب الجميع و كان هنالك رجل طويل القامة يقف في القيف . ثم يأتي بحمار ابرق الى الساري و يأخذ القفة و يذهب لحاله . و عرفت أن الجميع يغمضون أعينهم لأن البعض كان يحب ان يشرب العرقي من الشباب . و بدلاً من تعريض حياتهم للموت فليتوفر العرقي بمقدار معقول في توتي . أنها كنوع من فقة الضرورة و الحفاظ على أرواح الشباب . فلتوتي ايقاعها الخاص . و تلك القفة كانت تحمل اربعة جوالين . و السيدة كانت قصيرة القامة قوية .
نحن في طريقنا من امدرمان الى توتي هبت ريح عاتية و كانت تمضغ الشراع بشراسة . و عندما يرتفع المركب و يهبط ، تدخل المياه الى داخل المركب . و كما يقول النواتة ( الموج فات الدير ) و الدير هو حافة المركب . كان الريس ميرغني يقبض على حبل الراجع بيدية الاثنين و الدفة تحت ابطه . و عندما ينتر الريح الشراع كان الريس يرخي الراجع ، ثم يسحبه من جديد . و الراجع هو الحبل الذي يشد الجزء الاسفل من الشراع حيث يشكل زاوية قائمة . و بجانب العيايير و التي هي الحبال التي تشد القرية او السارية و هذه ثابتة و دائمة لا تتحرك . و هنالك حبل المقدمة و هو قصير يشد نهاية حامل الشراع . و هذا يحول حسب اتجاه المركب ذاهباً او راجعاً . و هنالك اطول حبل في المركب و هو الذي يشد على الشراع و يربط في عود الكونية . و هي العواميد التي تمتد بطريقة افقية و تقسم المركب الى كونيات او عنابر . و هذا الحبل الطويل يعرف بالمرسيم .
في كل مرة كان الريح ينتر الشراع ، نحس و كأنه سينقطع . فقال لي الريس ميرغني ( موت يا شوقي على المرسيم ). فلففت ساقي حول عمود الكونية و قبضت على المرسيم بيدي الاثنين . أرخي و أشد الحبل مع حركة الموج . حتى لا ينقطع المرسيم فجأة و يؤدي هذا لانكفاء المركب . تحدث أحد الشيوخ قائلاً بثبات و طلب من بعض الشباب ان يكون قريباً من بعض النساء لمساعدتهن . و كثير من نساء توتي يعرفن السباحة . و كان يقول ( ما تقعوا الموية مرة واحدة . الحمير ممكن تتطلع الزول . ما تحملوا عليها بس ختوا ايدكم ساكت بتطلعكم . ادو الموج ضهركم عشان ما يشرقكم ) . و كان يبدو كجنرال . و لم تبدي نساء توتي اي جزع او خوف . و وصلنا بسلام . و كنت افكر في معاناة اهل توتي . و أقول لنفسي ان هذه المصائب و المشاق هي التي كانت تؤلف بين الناس .
أذكر و انا في تسلفاكيا انني قد سمعت بأن مركب قد غرق بين توتي و حلة حمد ، منطقة قصر الصداقة الحالي . فأهل توتي يدفنون موتاهم في بحري . و المركب كان يحمل جنازة و بعض المعزين . و غرقت الجنازة و غرق بعض المعزين . و تلك احد مصائب أهل توتي . و كم سعدت عندما شاهدت الكبري الجديد. طوبى لأهل توتي . و لهم عظيم الشكر. فقد أثروا حياتي . و كانت توتي جامعة دخلتها لأكثر من سنتين . و كما اوردت من قبل ان اكثر ما افتخرت به في حياتي هو ان الرئيس ميرغني كان يترك لي المركب لاديره وحدي . و كان هذا شرف لا يعادله اي شرف اخر في حياتي . فلقد كنت وقتها في الثامن عشر من عمري . التحية لأهل توتي و توتي .
ع. س. شوقي بدري

 

shawgibadri@hotmail.com

//////////////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: محمد احمد عبد القادر الجامعة الامریکیة استاذ سید احمد فی بعض الاحیان الاستاذ محمد کان الاستاذ عبد الرحمن فی مدرسة الذی کان فیما بعد فی توتی لم یکن ما کان

إقرأ أيضاً:

عندما تفقد المرأة قيمتها!!

من خلال سياحتنا الواسعة فى مجال العمل العام وحرصى الشديد على لقاء سيدات «معدمات» يقطن على حافة الحياة، أتنقل وسط «الناس الشقيانة»... التقى سيدات عفى عليهن الزمن، تاهت مشاعرهن وسط زحام الدنيا، غرقوا فى بحور الحياة، لم يجدن من ينقذهن، حكايات مأساوية تكشف عن الانهيار الأخلاقى والإنسانى ووهن المشاعر، واستباحة العلاقات المقدسة، لينتهى مصيرهن إلى آخر النفق المظلم إما مطلقات أو أرامل أو معيلات، وأخريات اخترن العيش فى مقابر أزواجهن بلا روح، فى بيوتهن أموات يتمردن على ظروفهن من أجل أطفالهن، يمررن بظروف معيشية سيئة، فقراء الأهل، اللهم أو أنهم فقدن «السند» فى كل شىء، يصعب عليهن إيواؤهن، ولم يجدن حلا إلا العودة إلى مقبرة الزواج.. وهكذا ينتهى مصيرهن.
وفى مجال الاستشارات الأسرية والتربوية وجدنا أنه للأسف واقع عجيب يفوق كل الجهود التى تبذلها الدولة لمواجهة كافة أنواع الظلم والاضطهاد والفقر المجتمعى والأسرى، ومن الواقع الحياتى لهؤلاء السيدات والفتيات وحالة الضعف والهوان والذل اللاتى يعشن فى بيئتهن، أننا صرنا نجد بعض الرجال إن لم يكن المعظم، يتحولون فجأة وجميعًا من مجرد رجالٍ مصلحين أو صالحين.. إلى رجال أطباء بشهادات متفوقة وتخصصات بارعة، يستغلون ضعفهعن. 
ليجتهدوا فى كتابة وصفات العلاج ببراعة فائقة وذلك مجرد أن يروا امرأة قد جرحت فى قلبها، أو عانت من قصور سواء معنويا أو ماديا أو جرح غائر فى قلوبهن من جانب زوجها أول أهلها أو ظلم رجل آخر، أو فقدت أبسط حياة الرفاهية والرخاء أو أراد الله لها أن تفقد شيئًا ما من الملذات فى بيت الزوجية فتذبذبت أو تغيّرت أو لشىء ما قد اضطربت فى عواطفها فيظهر لها هذا بمظهر الملهم أو الناجى من المهالك أو الملاذ الآمن وهو ليس بآمن أبدا... حذار حذار أن تقعى فى فخ أحد الرجال المحترمين، ويظهر الآخر بمنطق الناصح الموهوب ويصف لها الدواء وما ذاك الدواء وذاك الدواء فى حقيقته إلا داء وداء، الحياه لا تحترم الضعفاء، فى وظيفتك ومجال عملك احذرى وانتبهى، فعلى شبكة النت والتواصل الاجتماعى كثر مدمنو «الشات».... إدمان إلى حد التوهان أقوى بكثير من متعاطى المخدرات.. احذرى وانتبهى سيدة كنت أم فتاة أن تنجرفى فى علاقات مشبوهة الخاسر فيها الأكبر أنت فقط لتصبحى بذلك أكثر إدمانا من الطرف الآخر تعيشين فى مستنقع الملذات والشهوات عالم واسع من الإغراءات لكلا الطرفين، كلاهما يكذب على الآخر، للأسف هى مريضه نفسيا أكثر من هذا الرجل تعانى من نقص شديد فى الحياء والأخلاق أو رغبة فى حصد بعض المال لتمردها على حياتها المعيشية.. انتبهى أكثر بين أقاربك الرجال والشباب احذرى وانتبهى.. أمام جيرانك الرجال والشباب احذرى وانتبهى أن تعيشى غارقة فى عالم خيالى واهم على منصات التواصل الاجتماعى بأنواعها، فى برامج متنوعة أسهل ما تكون أن تنزلق قدماك فى غرف نوم مغلقة تستحل فيها الأعراض وحرمة الجسد وهتك ما ستره الله فى البيوت، جرائم بشعة حدثت بسبب ضعف سيدات وفتيات فقدن الحياء أو الوازع الدينى أو البيئة الطيبة لأسر عريقة، ليفاجأن بأنهن وقعن فى أياد لا ترحم ليقعن فى دائرة الابتزاز والشبهة وسوء السمعة... انتبهى فقد كثر الذئاب كثيرًا فى هذا الزمان. 
تأكدى أيتها «الملكة» جميلة الخلق والأخلاق، أن الرجولة عمل بطولى لا يصنع فى النوادى الرياضية ولا يقاس بأرقام كشوف الحسابات البنكية، ‏الرجولة تجليات فى أبهى صورة لها من النخوة والشهامة والمروءة، والإيثار، والصبر على هموم ومتاعب الحياة والكفاح من أجل تكوين المنزل وحماية أسرته، بدءا من الأم والاب، والبر لهما، اللهم ثم وإنكار الذات بنفسك حكمة واحترامك للآخرين مصدر القوة، لكن احترامك لنفسك هو القوة الحقيقية، فقيمتك ليست فى عيون الاخرين.. ابدا والله.. قيمتك بداخلك أنت فالثقة بالذات تحييك ملكة، وكرامتك هى أولى أولوياتك فمن ﻻ يقدرها ليس له مكان فى حياتك نصيحة أكثر من رائعة للكاتب الروحى الفيلسوف الجميل الدكتور مصطفى محمود الذى خطف القلوب قبل العقول الاسم الذى يأخذك تلقائيا إلى «العلم والإيمان» وقبل كل ذلك ثلاثون عاما قضاها فى البحث عن الله قال العبقرى الذى أعشقه رحمة الله عليه فى كلمات له من ذهب «لكل امرأة، أيام زمان.. لم تكن المرأة فى حاجة إلى أى مجهود لاجتذاب الرجل، فهو دائما مجذوب من تلقاء نفسه كان مجذوبا، لأنه لم يكن يعثر لها على أثر، كان يعيش فى عالم كله من الرجال ويعمل فى عالم كله من الرجال.. وكانت المرأة شيئا شحيح نادرا لا يظهر فى الطرقات ولا يظهر فى المدارس، ولا فى المكاتب، وإنما يختبئ فى البيوت داخل عباءات وملاءات وجلاليب طويلة، ولم يكن هناك طريق للوصول إليها سوى أن يتزوجها على سنة الله ورسوله بدون معاينة وبدون كلام كثير، ولم تكن المرأة فى حاجة إلى ترويج بضاعتها لأنها كانت رائجة تتزاحم عليها المناكب ويأتيها الزواج حتى الباب، ولكن الظروف الآن تغيرت تماما، خرجت المرأة من البيت إلى الشارع، نتيجة ظروف وعوامل كثيرة فاصبح الرجل يتمتع برؤيتها بكم قصير وصدر عريان وأخيرا بالمايوه، كل هذا ببلاش، بدون زواج.. ونتيجة هذا التطور كانت نتيجة خطرة.. لقد بدأنا نشبع من رؤية النساء بالروج والشورت والمايوه، ولم تحمل لنا الحياة الجديدة متعة الرؤية فقط، وإنما حملت لنا أيضاً متعة أخرى هى الهزار، والمزاح بحكم الزمالة فى العمل ورفع الكلفة، والجرى واللعب، وتناول الغداء معا والعشاء معا، والذهاب إلى السينما والمشارب والمطاعم.. وهكذا فقدت المرأة هيبتها وأصبحت قريبة وسهلة، وهذه السهولة أبعدت فكرة الزواج من ذهن الشباب أكثر وأكثر، وعندما أصبحت المرأة تشارك الرجل فى عمله وكفاحه وعرق جبينه، أصبح لها مثله الحق فى أن تروح عن نفسها وتستمتع وتقضى وقتا طيباً لذيذا، تنسى فيه العمل ومشاكله ولكن كيف تستمتع، والرجل لا يريد الزواج ويهرب منه، لا مفر إذن من أن تتنازل عن تمنعها التقليدى وتسمح بقبلة أو حضن أو غير ذلك.. أعطت المرأة نفسها للرجل وهى تبكى فى حرقة.. وتقول: إنها تفعل ذلك بسبب الحب والغرام له وحده، تقول إنها لحظة ضعف، ولن تعود، إلا إذا كانت هناك وعود وعهود، ولكن الرجل غالبا ما يسمع هذا الكلام من أذن ويخرجه من أذن أخرى، وينام على هذه اللذة المجانية وينسى حكاية الزواج أكثر وأكثر، اصبح الرجل يتردد فى الزواج اكثر فاكثر، اصبح يرى الزواج مجازفة تقتضى منه كل شجاعته، اصبح الرجل يرى الزواج تضحية، تضحية بحريته وراحة باله فى سبيل اقامة بيت لا يعرف مصيره وبانه سوف يصبح ربا وسيدا وقواما على اسرة وسيصبح عبدا لالف حاجة وحاجة والف طلب وطلب، وخادما لأصغر فرد فى هذه الأسرة، ثم إن لذة المرأة الكبرى هى أن تحبل وتلد وتكون أما وملكة على بيت وأسرة، وصانعة لجيل جديد تربيه وترعاه، وزوجة لحبيب تؤنسه، ويؤنسها. وتتمنع بعشرته وحنانه وحبه واحترامه، وكيف تصل المرأة إلى هذه الغاية، فى هذه الظروف الجديدة التى قلبت المقاييس، وقلبت المرأة رجلا والرجل امرأة؟... إن الحل الوحيد، هو أن تكف عن اعتبار جسدها وجمالها وأنوثتها وسيلة كافية وحدها لاجتذاب زوج، إن الرجل الجديد طماع، إنه يطلب أكثر والأكثر هو أن تكون للمرأة قيمة فى ذاتها، أن تكون على قدر من الذكاء، على قدر من التعليم»..
كلمات من ذهب تعبر عن واقع أليم نعيشه كان ذلك منذ أكثر من عشرين عاما لم يكن هناك وسائل التواصل الاجتماعى أو الشات، حيث كانت البساطة والتلقائية، الفيلسوف تنبأ بأسوأ ما أفرزت عنه العلاقة بين الرجل والمرأة فى زمن «الشيطان المحمول» ومواقع التواصل الاجتماعى والمنصات الاعلامية، التى تسبح فى فضاء عار تماما من كل «ساتر»، أباحت الأعراض واللحم الرخيص، فإياك والخضوع لضعف عواطفك، كونى قاسية وصلبة وعودى ذاتك على الوحدة والصدمات، حتى لا تشعرى بانكسار مرة أخرى، فلا شىء يستحق تحطمك، ضعي كرامتك فوق رأسك وقلبك تحت قدميك، ليبق من يبقى ويرحل من يرحل.. لا تلتفتى للوراء أبدا إن كان حضورهم شيئا فكرامتك كل شىء.... وللحديث بقية.

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
‏[email protected]

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد: عندما تستيقظ ابدأ بالركض.. لا تبطئ أبدا
  • عندما تفقد المرأة قيمتها!!
  • السيد عبدالملك الحوثي: الغرب أكثر توحشا من الوحوش في الغابات ورصيده الإجرامي هو القتل للملايين من البشر
  • «استدراج وتفاوض».. كيف سقط مستريح القاهرة الجديدة في قبضة الأمن؟
  • أوهمهم بتوفير فرص عمل بالخارج.. سقوط مالك شركة متهم بالنصب في قبضة الداخلية
  • 8 أشخاص في قبضة الجيش.. هذه التهم موجّه إليهم
  • مجرمون وجناة في قبضة رجال الأمن .. فيديو
  • بيعُ الأرواح لمالكها.. بـ حياةٍ أبدية
  • 23 بلطجيا في قبضة الشرطة خلال يوم
  • بنك بوبيان يطلق إصداره الخاص “مجموعة الدراسات والبحوث الفقهية في المعاملات المالية الإسلامية” للشيخ الاستاذ الدكتور عبدالعزيز القصار