محمود الجارحي يكتب: جريمة العقار رقم 541 في الشيخ زايد.. جثمان وبقايا طعام
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
مساء يوم الجمعة الموافق السادس من شهر الماضى.. كان المقدم عمرو مصطفى رئيس مباحث قسم شرطة أول الشيخ زايد، داخل مكتبه.. يحقق فى واقعة سرقة هاتف محمول.. ويقف أمامه الشاب المشتبه فيه بارتكاب الواقعة.. شاب متوسط الطول.. قمحى اللون.. يبدو عليه علامات الاضطراب.. ملابسه غير منظمة.. وأثناء استجوابه.. ورد بلاغا عن طريق شرطة النجدة.
كانت العاشرة والنصف مساءا عند وصول المقدم عمرو مصطفى رئيس المباحث الى مسرح الجريمة.. دقائق معدودة وامتلأ المكان بالضباط والأدلة الجنائية والطب الشرعى، وانتشر فريق البحث فى المكان للفحص والمعاينة.. دقائق معدودة وحضر اللواء محمد الشرقاوى مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة، وسأل رئيس المباحث عن تفاصيل الواقعة وعما حدث.. ليخبره الأخير:"ورد لينا بلاغا من شرطة النجدة أفاد بان عدد من سكان العقار أكدوا أن هناك انبعاث رائحة كريهة من داخل الشقة التى تقع فى الطابق الرابع وهى شقة مملوكة لشخص يعمل فى احدى الدول العربية ويقيم فيها عند عودته الى مصر فى فترة الاجازة.. انتقلت مع ٣ ضباط من معاوني المباحث للبلاغ.. العقار فى كمبوند له افراد أمن خاصة.. ايضا العقار يحط بيه بعض الاشجار ومكون من ٤ طوابق.. والجريمة وقعت فى الطابق الاخير - شقة المجنى عليه".
واستكمل المقدم عمرو حديثه للواء الشرقاوى قائلا:"طلعنا وفتحنا باب الشقة.. كانت جثة مالك الشقة ملقاه فى الصالة والجثمان فى حالة تعفن مما يشير الى الجريمة وقعت قبل قرابة ٣٦ ساعة من اكتشافها.. الشاب يدعى عمرو ٣٨ سنة يعمل محاسب فى احدى الدول العربية.. وحضر منذ قرابة ٣ أشهر او اقل لقضاء اجازته.. هو مقيم بمفرد.. والده والدته مقيمين فى منطقة التجمع الخامس.. هناك اثار عنف وبعثرة فى الشقة وايضا اختفاء حافظة نقود وهاتف ومفاتيح سيارة الضحية.. مما تشير الى الجريمة بدوافع السرقة".
الجناة اكثر من شخص وتم استخدام اكثر سلاح فى الجريمةسأل اللواء الشرقاوى عن التقرير الطبى المبدئى ومناظرة الجثمان.. رد رئيس المباحث قائلا:"التقرير المبدئى أن الضحية قتل قبل العثور على جثمانه بقرابة ٣٦ ساعة.. وأن الجناة اكثر من شخص وان تعرض للصعق بالكهرباء والطعن باسلحة بيضاء - سكينا - خنجر - وان التقرير جاى مطابقا لتصور الجريمة.. ان الجناة استغلوا استغراق الضحية فى النوم وحاولوا قتله فى غرفة النوم صعقا وطعنا الا انه قاوم.. ووحاول الاستغاثة والهرب من الشقة الا انهم اجهزوا عليه وانهوا حياته فى الصالة.. وتركوا الجثمان ينزف حتى تاكدوا من وفاته.. ايضا هناك بقايا طعام وبصمات لاكثر من شخص غير بصمات الضحية".
سأل اللواء الشرقاوى: ماذا عن والده واسرته؟.. رد رئيس المباحث قائلا:"وصل بمجرد ما عرف بالواقعة.. وسألنه قال إنه يقيم وزوجته في منطقة التجمع الخامس.. وابنه عاد قبل نحو 3 أشهر إلى القاهرة ويقيم بمفرده بالكمبوند محل الجريمة في مدينة الشيخ زايد.. ولم يتهم احدا بارتكاب الواقعة".
الجناة تسلقوا من منور الشقة وقتلوا الضحيةعقب انتهاء اللواء الشرقاوى من الاستماع لاقوال رئيس المباحث حول ملابسات الواقعة.. تجول اللواء الشرقاوى فى مسرح الجريمة - شقة تقع عل مساحة لا تقل عن ١٦٥ مترا.. مكونة من ٣ غرف وصالة وحمامين.. وبدأ فى تدوين بعض الملاحظات لوضع خطة البحث عن الجناة.. وبعد فحص ومعاينة مسرح الجريمة.. اجتمع اللواء الشرقاوى مع اللواء هانى شعراوى مدير المباحث الجنائية ورئيس مباحث أول زايد وعدد من ضباط مباحث القسم والمديرية.. واستعرض الخطة امام فريق بحث وجاءت كالتالي:" قبل البدء فى البحث عن الجناة.. عرض عليهم بعض المعلومات التى دونها من خلال المعاينة عن ان الجناة نفذوا جريمتهم بعد ان صعدوا الى سطح العقار وتسلقوا الى سطح عقار مجاور للعقار الذى يقيمه فى الضحية .. وقفزوا لشرفة شقة المجنى عليه.. باستخدام حبل ودلوفوا الى غرفة النوم .. ونفذوا جريمتهم وحاول الضحية مقاومتهم الى انهم قتلوه فى الصالة.. واستعرض محاور الخطة التى منها فحص علاقات الضحية - مناقشة افراد امن الكمبوند.. فحص الكاميرات المحيطة بالعقار .. الاستعلام عن اخر مكالمات للمجنى عليه.. والتتبع الجغرافى لهاتف الضحية - والبحث عن سيارته وتتبع خط السير لها من خلال فحص الكاميرات الموجودة على الطرق فى المنطقة والطرق السريعة..
الصديق الخاين وراء الجريمةعقب انتهاء اللواء الشرقاوى من استعراض محاور.. بدا فى فريق البحث فى تنفيذ كل بنودها.. وخلال قرابة ٤٨ ساعة توصلت القوات الى تحديد هوية المشتبه فيهما وتبين شابين احدهما صديق المجنى عليه ويدعى "يوسف" ١٩ سنة طالب ومقيم بالعقار ٥٥٣ كمبوند.. نفذ الجريمة بمساعدة شاب اخر يدعى "ماركو" ١٨ سنة طالب ومقيم العقار ٢١١ كمبوند.. واعترفا بتفاصيل جريمتهما.
وجاء فى محضر الشرطة انهما كشفا عن ملابسات الواقعة بالكامل :"بمواجهتهما أقرا بارتكاب الواقعة.. واضافا أنهما تربطهما علاقة صداقة منذ عدة سنوات وعقدا العزم على سرقة أحدي الشقق السكنية بالكمبوند محل سكنهم وذلك لمرورهما بضائقة مالية واقترح الاول سرقة المجني عليه لمعرفته أنه ميسور الحال ومقيم بمفرده حيث قاما بتجهيز الادوات المستخدمه سكين - صاعق - كمامات - غطاء رأس - عدد ٤ قفيز بلاستيك .. وصعودهما اعلي سطح العقار محل إقامة الاول والقفز لشرفة شقه المجني عليه باستخدام حبل والدلوف لغرفة المجني عليه وقام الثاني بصعق المجني عليه كهربائيا لشل حركته ولدي استيقاظه ومحاولته مقاومتهم قام الاول بطعنه بطعنه بالظهر باستخدام سلاح أبيض سكين واستمرت مقاومته حتي خرجوا لصالة الشقة .. وقام الاول بسحب خنجر ملك المجني عليه وأجهزة عليه محدثا إصابته عدة طعنات نافذة بالصدر والتي أودت بحياته".
واضافا المتهمان فى محضر الشرطة :"انهما عقب قتل الضحية جلسا سويا بشقة المجني عليه.. وقاما باحتساء مشروبات كحولية متواجدة بالشقة ثم قاما بالاستيلاء على كارت فيزا - مفتاح الشقة - وكذا هاتف المجني عليه ومفاتيح سيارتين خاصين بالمجني عليه رقمي .. مرسيدس gla 200 بلوحة ق ج ٤٨١٩ تويوتا بيك اب بلوحة ع س ٣١٦٨ وخرجا من الشقة محل البلاغ واستوليا علي السيارة الاولي وفي اليوم التالي قاما بالدلوف للشقة محل البلاغ مرة أخري واحضرا بعض المنظفات لاخفاء معالم جريمتهما ولم يتمكنا من ذلك نظرا لتعفن الجثمان فقاما بجمع الأدوات المستخدمة وغادرا الشقة وتخلصا من الأسلحة المستخدمة ( سكين - خنجر ) بالقاءهما بجوار أحد صناديق القمامة بمنطقة الحي السابع دائرة القسم.. بارشادهما امكن ضبط الأسلحة.. و أضاف الاول بتصريف الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليه لشخص يدعي ابراهيم ٢٢ سنة منادي سيارات أمام مول تجارى بالمنطقة".
المتهمان أمام الجناياتعقب الانتهاء من تسجيل اعترافات المتهمين امام فريق البحث.. تمكنت القوات من اعادة المسروقات وتمت احالتهما للنيابة العامة.. واجرت النيابة محاكاة بالصوت والصورة أثناء تمثيلهما الجريمة.. وسجلت الاعترافات كاملة.. وقررت حبسهما على ذمة القضية، وعقب تسلم النيابة تحريات المباحث النهائية وتقرير الطب الشرعى الخاص بالضحية.. أمرت النيابة بإحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية أمام الجنايات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشيخ زايد جريمة قتل جثمان الجنايات النيابة العامة رئیس المباحث المقدم عمرو المجنی علیه
إقرأ أيضاً:
محمود حامد يكتب: سلامٌ على سوريا الماضى والحاضر والأمل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سوريا الجريحة ليست مجرد بلد ظهر فجأة على خريطة العالم.. إننا إزاء دولة تضرب جذورها فى أعماق التاريخ، تعاقبت عليها حضارات عديدة، وكانت من أكثر المناطق حيوية في التاريخ القديم، مما جعلها تتميز بتنوع عرقي وديني كبير، حتى أن بضعة آلاف من السوريين ما زالوا يتحدثون اللغة الآرامية.. كما أن الصلات بين الحضارتين المصرية والسورية معروفة من قديم الزمان وتسجلها العديد من النقوش الأثرية.
فى هذا العدد ومن خلال المساحة المحدودة، حاولنا تقديم لمحة عن سوريا الحضارة والأصالة والفكر والثقافة والإبداع وكل ما يتميز به هذا البلد الجريح، الذى يمثل مهما أراد له الأعداء، ركنًا مهمًا وأساسيًا فى عناصر قوتنا العربية.
حاولنا أن نرسم صورة لا تغيب عن أذهان الذين عايشوا كل ما مرت به سوريا «وأمتنا العربية بالتبعية» من انكسارات وانتصارات، كما لا بد أن تكون الصورة حاضرة أمام شبابنا الذى تتلاعب به الأمواج وتحاول أن تصرفه عن معرفة الحقيقة مهما كانت مؤلمة.. ويستكمل هذا العدد الجهد المتميز الذى قدمه زملاؤنا فى العدد الأسبوعى من «البوابة» الصادر يوم الثلاثاء ١٠ ديسمبر.. فالعددان يكملان توضيح الصورة إذ يركز هذا العدد على تقديم المعرفة من عدة أوجه، فيما ركز عدد ١٠ ديسمبر على رصد الواقع الحالى وتقديم الرؤية المستقبلية فى عدة تحليلات عميقة ومهمة للقارىء.
والقضية التى تستحق وقفة هى ما يحدث الآن فى دمشق بعد أن استولى على الحكم تنظيم هيئة تحرير الشام المصنف كتنظيم إرهابى رفع السلاح فى وجه السوريين وأسال من الدماء الكثير، ويريد أن يمسح عاره بتصريحات معسولة وخادعة لكن من يتعمق فيها يستطيع أن يصل إلى الحقيقة التى تعمل أطراف عديدة على إخفائها فى محاولة لتطهير هذا التنظيم مما علق به من آثام ودنس.
المتابع لتصريحات أبو محمد الجولانى، يستكشف الكثير، فقد أعلن أول أمس الخميس، أن «علاقتنا بتنظيم القاعدة أصبحت من الماضي» وأن هيئة تحرير الشام التي يتزعمها قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة.. إننا إزاء اعتراف صريح وكما يقولون «الاعتراف سيد الأدلة»، فمن يحاسبه عن جرائمه فترة إنتمائه للقاعدة؟.. وهل إذا اشترك شخص ما مع آخرين فى قتل إنسان، يصبح بريئًا بمجرد أن يقول «لقد قطعت علاقتى بهم؟»!.. هل يمكن أن نسمع ردًا من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة، أو تركيا وجميعهم يصنفون هيئة الجولانى منظمة إرهابية، لكنهم يهرولون الآن للقائه تحت مزاعم الخوف على سوريا!.
وقبل ذلك بأيام، أعلن الجولانى عن نيته إلغاء الخدمة الإلزامية فى الجيش وتسريح أفراد الجيش الحالى.. وبكل بجاحة، أعلن أن الجيش سيعاد تشكيله من ميليشات جماعته وبعض الجماعات الأخرى، ليتحول من جيش وطنى إلى جيش إرهابى.. ويمكننا أن نربط تصريحه هذا بتصريح سابق رأى فيه أن التنظيم منهك وليس على استعداد لخوض حرب جديدة، بينما دمرت إسرائيل معظم أسلحة ومعدات الجيش السورى وقضت على أكثر من ٨٠٪ منها وسط صمت مريب، إن لم يكن مباركة من أطراف عديدة لا تريد إلا الشر للأمة العربية مهما ذرفت من دموع التماسيح على سوريا والإدعاء بالحرص على وحدتها.
الخطر يحدق بسوريا من كل جانب، وهناك جيران يضمرون الشر ويجدونها فرصة للتخلص من قوى فاعلة وكان لها دور أساسى فى محاربة داعش وطرده من معظم الأراضى السورية، ومازالوا حراسًا أمناء على آلاف الدواعش السجناء في المخيمات وسط أوضاع قلقة للغاية فى مواجهة تلك الجارة التى تسعى لفرض هيمنتها وتعادى سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها ولا تعنيها إلا مصلحتها ومن بعدها الطوفان.
نحاول أن نطلق صرخة تحذير فكوني كما عهدناكِ يا سوريا قوية وصامدة. وسوف تظل قلوبنا تنظر إليكِ كل لحظة مرددين مع أمير الشعراء أحمد شوقى:
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقّ
وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي
جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ
بَني سورِيَّةَ اطَّرِحوا الأَماني
وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقوا
وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ
يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ