نيو إنغلاند: باحث وكاتب ليبي يسلط الضوء على التاريخ الاستعماري الايطالي المخفي لليبيا
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
ليبيا – سلط تقرير ميداني نشرته جامعة “نيو إنغلاند” الأميركية على السيرة العلمية للأستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة “نيو إنغلاند” الأميركية علي احميدة.
التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد تناول أحدث كتاب لـ احميدة “الإبادة الجماعية في ليبيا.. الشر تاريخ استعماري مخفي” فضلًا عن زيارته إلى وطنه الأم ليبيا لأول مرة منذ 10 سنوات خلال الصيف الفائت لرؤية أسرته وتلبية دعوات لإلقاء 3 محاضرات.
ونقل التقرير عن احميدة مؤسس برنامج درجة العلوم السياسية في الجامعة قبل 24 عامًا قوله :” لقد كانوا ممتنين حقًا لأنني كرست كل تلك السنوات فمنحتي الدراسية إنسانية وكانت عن أشخاص حقيقيين وأنا أميركي فقد قضيت معظم حياتي في الولايات المتحدة ولكن الأمر احتاج باحثًا أميركيًا من أصل ليبي”.
وأضاف احميدة قائلًا:”هذا الباحث كرس كل تلك الأعوام لفك رموز تلك الجريمة الرهيبة وتقديمها للعالم وقلت لهم كما تعلمون هذا أكثر أهمية بالنسبة لي من أي شيء آخر بصفتي باحثًا أميركيًا من أصل ليبي وهذا حقًا هو ما يدفعني إلى التحرك”.
وبحسب التقرير استخدم احميدة في كتابه شهادات الشفوية ومواد أرشيفية من ناجين لكشف فظائع خفية وغير مبلغ عنها حدثت في معسكرات الاعتقال الإيطالية في ليبيا بين العامين 1929 و1934 وقتلت أكثر من 60 ألفًا فالقصة عمرها ما يقرب من قرن من الزمان ولا تزال ذات صلة باليوم على حد تعبيره.
وقال احميدة:” أسميها عقلية الإنكار وعبء التاريخ وحاولت الحكومة الفاشية الإيطالية اختيار ما يجب أن تقوله وتعلمه وأمضيت ما يقرب عقدين من الزمن في الكتابة عما حدث قبل 90 عامًا لكن إسكات هذه الفظائع وإنكارها والرقابة عليها أمر مهم أيضًا لذا أحاول إشراك الناس في معرفة سبب وجوب الاهتمام بها”.
ووفقًا للتقرير تحدث احميدة أثناء وجوده في ليبيا عبر 3 محاضرات باللغة العربية في مقر حزب “السلام والازدهار” بالعاصمة طرابلس ومركز الدراسات الليبية المتقدمة في جامعة بنغازي وفي جامعة عمر المختار في مدينة البيضاء وهي ثالث أكبر جامعة في البلاد.
وأوضح التقرير إن حديثه في العاصمة طرابلس ركز على عقلية الإنكار وعبء التاريخ وفي مدينة بنغازي تحدث عن البحث في الإبادة الجماعية في ليبيا وإيطاليا وبعد ذلك حصل على درع التميز من مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة الذي كرمه على مساهمته في المنح الدراسية والبحث في ليبيا الحديثة مع الامتنان.
وأضاف التقرير أن حديثه في مدينة البيضاء مكنه من رؤية مدى أهمية روايته لمعسكرات الاعتقال الإيطالية الفاشية في ليبيا بالنسبة لأبناء الطبقة العاملة والمتوسطة فقد كان عنوان محاضرته “أسس البحث النقدي في العلوم الإنسانية والاجتماعية”.
وبين التقرير إن منطقة شرق ليبيا تجتذب الليبيين الذين اعتقل آباؤهم وأجدادهم في معسكرات الاعتقال، مشيرًا إلى بقاء السكان المحليين والطلاب لمدة ساعتين لطرح الأسئلة بعد محاضرته ناقلا عن احميدة قوله:” لقد كان الأمر مثيرًا ومجزيًا وأرادوا أن يعرفوا كيف تحملت البحث في مثل هذا الموضوع البغيض لسنوات عديدة”.
وأضاف احميدة قائلاً:” كانت تلك المحاضرة الأكثر حميمية فهناك حاجة وهدف ومعنى في إشراك وتثقيف الجمهور وخاصة الناس العاديين الذين يناضلون من أجل الحقوق الديومقراطية والطبقة العاملة فهؤلاء يأملون في نظام أفضل يضمن سيادة القانون والحقوق الديموقراطية للجميع”.
وأشار التقرير إلى حصول احميدة على جائزة “كارل براون” للكتاب من “الجمعية الأميركية لدراسات شمال إفريقيا” بعد نشر كتابه في العام 2021 ليستخدمه في جامعته منهجا لتدريس دورة “التاريخ والإبادة الجماعية” المزدحمة بسرعة في كل عام قبل أن يصل الحد الأقصى لها إلى 25 طالبًا.
واختتم التقرير بالإشارة لقول احميدة:” معظمهم ليسوا حتى من طلاب العلوم المتعددة التخصصات وأحاول أن أحقق التوازن كأميركي بمعنى ما ولكن أيضا من أصل ليبي وأحاول بناء الجسور والتدريس هو وسيلة ذلك وأحاول دائمًا الانخراط في ما هو مماثل”.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
للتاريخ وللسياسة وللممكن!
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"نحن في حاجة إلى رؤية للقوة، تكون أشمل من الرؤية التقليدية التي تركز على القدرة على كسب الحرب" يورغ سورنسن.
***
عندما تتفكر فيما يحدث من تطورات في تمكن والتزام ومسببات ومقتضيات ومتحركات السياسة الدولية تجد التطور هو الثابت الأكثر تحركا بها، تطورت حوادث الحياة السياسية المعاصرة بحسب وجود السيد الأقوى على سدة القرار، وهنا القصد بالسيد الأقوى من يملك إمكانات تخطيط وتنظيم وصنع وتنفيذ القرار السياسي، وعلى أثر ذلك ستلاحظ بما يتدثر به من مبادئ وقيم، وأخلاق ووفاء، ومعاهدات واتفاقيات، وهل تصب في صالح النظام العام أم متسقة فقط مع نظامه الأحادي، وهل يتغير رئيس وتبدل نظام تذهب مبادئ وتأتي أخرى؟
التاريخ وبصفحاته وضح كل شيء، ومن لا يقرأ التاريخ ليس تكون خطواته على ورود، بل سيكون الشوك عنوانها، القوة إن لم تقودها العقلانية والمصلحية العامة وسط إطار يضع المصالح بجانب القيم التي تعبئ مصالحها بمبادئ القوة المتمكنة من تحقيق الأهداف بإمكانات فعالة قد تفضي إلى تحقيق هدف وأكثر لكنها لن تستطيع الصمود لفترات طويلة، ولن تتحمل الضغط العالي لإن الأساس أصبح هشا، فهل هناك من يستطيع بناء الدور الثالث من مبنى دون بناء أساسات ودور أرضي؟
لنرجع قليلا إلى ماض قريب عندما كف ميخائيل غورباتشيف عن مساندة الديكتاتوريات الشيوعية في أوروبا الشرقية، فتساقطت واحدة بعد الأخرى، وفي بلده هو انتهت سياستا غلاسنوست glasnost وبيريسترويكا perestroika إلى انهيار الاتحاد السوفييتي (1)، هنا يتبين دور القوة المساندة في تحديد مسارات الإطار العام للسياسات المنظمة بين الدول؛ فالدول التي تضع اعتماديتها الكاملة أو الشبه كاملة في يد دول أخرى فدرب ابتزازها وطريق طلب فواتير سياسية واقتصادية باهظة كونها لا تتحكم في كل خيوط اللعبة، الأقوى هومن يملك تحريك الخيوط وقيادتها وإيقافها كذلك، تصور لولم تجمع الأقوى مصالح مع طالبي المساندة، فكيف سيكون الوضع ؟
في العلاقات الدولية قواعد أخلاقية لعملية اتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية للدول أهمها قاعدتين: على الدول الوفاء بالتزاماتها وعهودها + للدول الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجي (2)، ومن الصعب على أية وحدة سياسية الصمود وسط تيارات المتغيرات السياسية الدولية دونما وجود أساس متين تتكأ عليه من استقرار سياسي وقوة عسكرية، ونهضة اقتصادية، زائد تحالفات مع دول موثوقة تملك قيما ومبادئ مشتركة، وربط هذه التحالفات بشبكة مصالح طويلة المدى كمصالح اقتصادية مثلا.
في دول الديمقراطيات العريقة قد يتبدل فكر إدارة الدولة بمن توصله صناديق الاقتراع، وهنا على الحلفاء مراقبة أوضاع المتنافسين وخلفياتهم السياسية والقيم التي بسببها قد يصلون لسدة القرار، ودراسة هذه القيم ومدى مناسبتها للقيم المطلوبة، وكيف التعامل معها ومواجهتها بما يحقق الصالح العام، وهذا يتطلب وجود مستشارين على درجة عالية من التبصر في مراقبة ما يحدث، ويملكون بصيرة معرفة التاريخ، ومكر أهل السياسة، وتبدل أحوال الدول .
من أهم أسباب جودة السياسة لأي وحدة سياسية (دولة) هي وجود حدود ثابتة لا غبار حولها، وقيادة سياسية مستقرة، وأمن داخلي وخارجي راسخ، واقتصاد لدبه مرونة القدرة للتطور، وانخفاض نسبة البطالة، وأنظمة صحية وتعليمية تحقق حد جيد من الإطار العام المطلوب، وتعزيز ذلك بشبكة تحالفات إقليمية ودولية موثوقة قائمة على مصالح مشتركة طويلة المدى، هنا سيكون الوضع معقولا إلى حد ما، في عالم تتقاذفه العواصف من كل جانب، ولا بقاء به إلا للأقوى والأدهى!
للتحليلات السياسية مناهج ومخرجات وأنواع منها: تقييم حالة، وتقدير موقف، وتنبيه سياسي، واستشراف سياسي (3)، ولكل منهج نظرية وتفاعل وأسلوب، والجدل حول التحليل السياسي لأي لم ولن يتوقف وهذه طبيعة الأمر، في العلوم الإنسانية يعتبر الجدل عاملا مهما للوصول لقناعة ما، وهذا فارق العلوم العقلية عن النقلية، العلوم التي يلعب بها الفكر دورا مهما قد تتبدل أفكارها من حين لآخر مع بقاء ثوابتها. في السياسة- التي هي جزء من العلوم الإنسانية- قد تتبدل قيم وتتغير مبادئ بحسب المصلحة، والمصلحة هي تعبر عن طبيعة الإنسان الناظرة للأعلى وللأكثر وللأقوى، وطبيعة النفس البشرية قد تحدد أحيانا ماهي السياسة القادمة للدولة "س" عندما يأتي الرئيس فلان، وكيف تواجه سياستها الدولة "ص"؟
السياسة بحر غبه عميق جدا لا يجيد السباحة فيه سوى الماهر ومن يلبس على ظهره أوكسجين يكفي في حال الغوص إلى غب المحيط!
قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60).
**************
بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أتقدم لكم بخالص التهنئة، ومبارك عليكم الشهر، وعساكم من عواده. وأسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجعلنا فيه من المقبولين.
مراجع:
كتاب: "إعادة النظر في النظام الدولي الجديد"، تأليف يورغ سورنسن، ترجمة أسامة الغزولي، الفصل الخامس، ص 147 و148، سلسلة عالم المعرفة 480 يناير 2020م. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت. كتاب: "قواعد اللعبة". الكتاب الرائد في العلاقات الدولية، تأليف مارك أمستيوز. الفصل الثامن، ص 296 و297، الطبعة الثانية، دار الفاروق للاستثمارات الثقافية، جمهورية مصر العربية. كتاب: "أصول التحليل السياسي" تأليف د. فوزي حسن الزبيدي. المبحث الثالث ص 31، طبعة أولى 2018م. دار ثقافة للنشر والتوزيع. أبوظبي، بيروت. رابط مختصر