وول ستريت جورنال: ظهور جنرال يحظى برعاية الجيش الأميركي في انقلاب النيجر يصدم واشنطن
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
أورد تقرير "وول ستريت جورنال" الأميركية أن أكثر ما أحزن وصدم العسكريين الأميركيين في انقلاب النيجر هو ظهور العميد موسى سالاو بارمو من بين مدبري هذا الانقلاب، والذي كان الجيش الأميركي يرعاه ويتودد إليه منذ ما يقرب من 30 عاما.
وقالت الصحيفة -في تقرير أعده مراسلها من نيروبي مايكل فيليبس- إن القادة العسكريين الأميركيين شعروا بالفزع الشهر الماضي عندما استولت مجموعة من كبار ضباط الجيش على السلطة في النيجر الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب ضد "الجهاديين" الإسلاميين غرب أفريقيا.
وأضاف التقرير أن أكثر ما يلدغ العسكريين الأميركيين بشكل حاد هو الصور المتلفزة للعميد بارمو، من بين مدبري الانقلاب، مشيرا إلى أنه برز كقناة دبلوماسية رئيسية بين الولايات المتحدة والمجلس العسكري.
علاقات وثيقة بالأميركيينوقال التقرير إن بارمو يحتفظ بعلاقات وثيقة بالعسكريين الأميركيين، وإنه حصل على اهتمام أميركي خاص تمثل في إلحاقه بالعديد من الدورات العسكرية المتخصصة في أكاديميات أميركا العسكرية، وإنه دعا الضباط الأميركيين إلى منزله لتناول العشاء، وهو مسؤول عن قوات النخبة الحاسمة لوقف تدفق مقاتلي تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في جميع أنحاء غرب أفريقيا.
وذكر أن الضباط والدبلوماسيين الأميركيين يحملون رقم بارمو في هواتفهم المحمولة، ويعتقدون أنه أفضل فرصة لهم لاستعادة الديمقراطية ومنع حرب إقليمية فوضوية من شأنها أن تغرق واحدة من أفقر أجزاء العالم في أزمة أعمق.
محادثات محبطةوأشار إلى أن بارمو جلس في نيامي، عاصمة النيجر، لمدة ساعتين يوم الاثنين الماضي مع فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، مضيفا أن تلك المحادثات أثبتت، حتى الآن، أنها محبطة. لكن نولاند، الذي تعرف تقارب بارمو الطويل مع الولايات المتحدة، حثته على التوسط في صفقة تسمح للنيجر وحلفائها الغربيين منذ فترة طويلة بالعودة لمحاربة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية وجماعة بوكو حرام، ومنع هذا البلد من أن يصبح موقعا أفريقيا آخر لروسيا وجماعة فاغنر شبه العسكرية.
وقال اللواء المتقاعد في سلاح الجو الأميركي مارك هيكس، الذي ترأس قوات العمليات الخاصة في أفريقيا من 2017 إلى 2019 ويُعتبر بارمو صديقا شخصيا مقربا له، إن كثيرا من العسكريين الأميركيين الذين يحبونه يأملون أن يتمكن من المساعدة في توجيه ما يجري في النيجر إلى هبوط ناعم.
ومع ذلك -يقول التقرير- تظل الحقيقة أنه لا يوجد ما يشير إلى تحطم الآمال التي كانت معقودة على حملة مكافحة "الإرهاب" الأميركية غرب إفريقيا أكثر من بارمو.
عسكريون من النيجر وتشاد وفرنسا والولايات المتحدة بمكتب بارمو بالنيجر يوم 26 مارس/آذار 2015 (رويترز) إستراتيجية الساحلوأوضح التقرير أن بارمو، الذي تشكل قواته أفضل قوة قتالية في النيجر، هو محور النهج العسكري الأميركي في الساحل المتمثل بإرسال قوات الكوماندوز الأميركية لتدريب القوات الخاصة المحلية.
وقال اللواء هيكس إن فقدان معقل في النيجر، إذا كان ذلك نتيجة للانقلاب، فسيكون انتكاسة للمصالح الإستراتيجية الأميركية بالمنطقة "كانت النيجر جزيرة الاستقرار في بحر الاضطرابات الجهادية".
وحتى ترقيته من قبل المجلس العسكري للانقلاب إلى منصب رئيس أركان الدفاع، ظل بارمو يقود القوات الخاصة بالنيجر، وعملت عناصره جنبا إلى جنب مع القبعات الخضراء الأميركية حتى انقلاب 26 يوليو/تموز ضد الرئيس بازوم. ومثل بارمو، كان بازوم المفضل لدى الولايات المتحدة وطالبت إدارة بايدن على الفور بإعادته إلى السلطة.
وتتقاسم قوات الكوماندوز الأميركية المواقع العسكرية المتقدمة مع قوات بارمو في "أولام" حيث يقاتلون جماعات محلية تابعة لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وفي "ديفا" حيث تركز العمليات القتالية على مقاتلي بوكو حرام الذين يشنون هجمات حول بحيرة تشاد.
بعد الانقلابفي أعقاب الانقلاب، أوقفت الولايات المتحدة تدريبها للقوات النيجرية وقطعت بعض المساعدات العسكرية الأخرى. ويدرك بارمو جيدا أن الانقلاب قد يكلفه دعما قتاليا حاسما ولا مزيد من التدريب المشترك أو المشورة التكتيكية من القبعات الخضراء أو الطائرات الأميركية بدون طيار التي تراقب في الوقت الفعلي.
وذكر التقرير أن بارمو كتب ما يلي إلى صحيفة "وول ستريت جورنال" بعد أيام قليلة من الانقلاب "إذا كان هذا هو الثمن الذي يجب دفعه مقابل سيادتنا، فليكن" ولم يرد على أسئلة أخرى للصحيفة.
ويحاول المسؤولون الأميركيون معرفة ما إذا كان بارمو قد قرر أنه وزملاؤه الجنرالات هم أفضل أمل لتحقيق الاستقرار في النيجر، أو إذا كان على استعداد للمساعدة في التفاوض للعودة إلى الحكم المدني.
محادثات صريحة وصعبةووصفت نولاند محادثات الأسبوع الماضي مع بارمو في نيامي بأنها "صريحة للغاية وفي بعض الأحيان صعبة للغاية" وعلق التقرير بأن هذه العبارات هي لغة الدبلوماسية التي تعني أن المحادثات كانت ساخنة وغير ناجحة.
الفريق جوناثان بارغا يلتقي بارمو بالعاصمة نيامي في يونيو/حزيران 2023 لتعزيز حملة مكافحة "الإرهاب" (أسوشيتد برس)وقالت نولاند للصحفيين بعد الاجتماع إنهم حازمون تماما في وجهة نظرهم بشأن الكيفية التي يريدون بها المضي قدما "لكن ذلك لا يتوافق مع دستور النيجر". وخلال محادثاتها مع بارمو، لعبت نولاند على علاقاته الطويلة بالقوات الخاصة الأميركية، مذكرة إياه بأن النيجر تخاطر بفقدان المساعدة العسكرية الأميركية ما لم تتم استعادة النظام الديمقراطي.
هل تترك أميركا النيجر لفاغنر؟وأورد تقرير "وول ستريت جورنال" الأميركية أن مسؤولين أمنيين آخرين غرب أفريقيا يقولون إن نجاح واشنطن في جعل بارمو إلى جانبهم سيكون محوريا. وقال ضابط كبير بالجيش من المنطقة إن الجهود الدبلوماسية الأميركية لا تزال أفضل أمل في التوصل لنتيجة "دون إراقة أي دماء، وسيتعيُن على الولايات المتحدة أن تختار بين البقاء في النيجر أو مغادرة المكان إلى فاغنر".
ومضى التقرير يتحدث عن بارمو، قائلا إن الجيش كان مركز حياته منذ أن كان عمره 12 عاما، إذ غادر النيجر إلى المدرسة العسكرية في ساحل العاج، ثم انتقل إلى أكاديمية عسكرية بالكاميرون، وانضم إلى الجيش عام 1989، وربطه الجيش الأميركي في وقت مبكر كنجم صاعد واتخذ خطوات لجذبه إلى المدار الأميركي.
وقال بارمو في نوفمبر/تشرين الثاني "منذ البداية، كانت لدينا هذه الشراكة القوية مع أميركا، إنهم مهمون جدا بالنسبة لنا". وقبل أقل من 6 أسابيع من محاصرة القوات النيجرية بازوم في مقر إقامته، نشر الجيش الأميركي صورة لبارمو يبتسم ويحتضن قائد قيادة العمليات الخاصة بالجيش الأمريكي الفريق جوناثان براغا، في قاعدة نيامي الجوية المشتركة بين النيجر والقوات الأميركية. وكان هدف الزيارة مناقشة سياسة وتكتيكات مكافحة "الإرهاب".
اندماج المهني والشخصيفي بعض الأحيان، اندمجت تلك التحالفات المهنية في صداقات شخصية. فقد أحضر بارمو ذات مرة ماعزا مطبوخا إلى منزل آمن في نيامي لتناول العشاء مع هيكس قائد العمليات الخاصة الأميركية آنذاك وأفراد السفارة الأميركية.
ولم يكن هذا هو الحال مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في النيجر. وفي لقاءات مع النظراء الأميركيين، عبّر بارمو بحرية عن المشاعر المعادية لباريس. ففي عام 2021، استضاف حفلة ليلة رأس السنة الجديدة بمنزله في نيامي، حيث دعا ضباطا أميركيين وبريطانيين ولم يدع أي ضابط فرنسي. وقال أحد الضباط إن بارمو استاء من قيام فرنسا بعملياتها الخاصة ضد الجماعات المسلحة دون استشارة القادة النيجريين.
الاعتماد على بارمووعلى الرغم من البداية البطيئة للمحادثات بين الولايات المتحدة والمجلس العسكري، يأمل أصدقاء بارمو الأميركيون أن يكون لديه مساحة للمناورة السياسية وميل شخصي للضغط من أجل حل يبقي النيجر إلى جانب واشنطن.
لكن نولاند غادرت اللقاء مع بارمو دون وعد بمزيد من المحادثات. ورفض المجلس العسكري السماح لها بزيارة بازوم، أو الجنرال عمر تشياني الذي انتقل في غضون ساعات من قائد الحرس الرئاسي إلى بديل للرئيس.
وقالت نولاند "بقي لنا أن نعتمد على بارمو لنوضح، مرة أخرى، ما هو على المحك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة وول ستریت جورنال الجیش الأمیرکی فی النیجر فی نیامی إذا کان
إقرأ أيضاً:
السلطات الأميركية تدرس حظر أجهزة الراوتر الصينية في الولايات المتحدة
تحقق السلطات الأميركية في المخاطر الأمنية المحتملة لأجهزة "الراوتر"، التي تصنّعها شركة صينية وتلقى رواجا واسعا في الولايات المتحدة، وسط مخاوف من استغلالها في الهجمات السيبرانية التي تشنها بكين ضد الغرب.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير أعده هيذر سومرفيل وداستن فولز وأرونا فيسواناثا، إن شركة "تي بي لينك" الصينية تستحوذ على ما يقرب من 65% من سوق أجهزة الراوتر في المنازل والشركات الصغيرة داخل الولايات المتحدة، كما أنها تقدم خدمات الاتصال بالإنترنت لوزارة الدفاع وعدد من الوكالات الفدرالية الأخرى.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن محققين من وزارات التجارة والدفاع والعدل فتحوا تحقيقات بشأن الشركة الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى حظر بيع أجهزتها بالولايات المتحدة العام المقبل.
حظر متوقعوقد كشفت دراسة تحليلية أجرتها شركة مايكروسوفت في أكتوبر/تشرين الأول، أن كيانا صينيا متخصصا في القرصنة يحتفظ بشبكة كبيرة من الأجهزة المخترقة، تتألف في الغالب من آلاف أجهزة الراوتر من شركة "تي بي لينك".
وأضافت الدراسة أن العديد من الجهات الصينية استخدمت الشبكة لشن هجمات إلكترونية، واستهدفت هذه الجهات أهدافا غربية تتضمن مراكز أبحاث ومنظمات حكومية وغير حكومية وشركات تتعامل مع وزارة الدفاع الأميركية.
إعلانوأضافت الصحيفة، نقلا عن مصادرها، أن أجهزة الراوتر غالبا ما تحتوي على ثغرات بغض النظر عن الشركات المصنعة، لكن "تي بي لينك" لا تتواصل مع الخبراء الأمنيين لمعالجة هذه الثغرات.
وقالت متحدثة باسم "تي بي لينك" إن الشركة تقيّم المخاطر الأمنية المحتملة وتتخذ إجراءات لمعالجة الثغرات المعروفة.
وردا على طلب "وول ستريت جورنال" للتعليق على الإجراءات المحتملة ضد شركة "تي بي لينك"، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن ليو بينغيو إن الولايات المتحدة تستخدم ستار الأمن القومي "للتضييق على الشركات الصينية"، وأضاف أن بكين "ستدافع بحزم" عن الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية.
نمو كبيروحسب ما أكدته مصادر مطلعة للصحيفة، فإن أجهزة الراوتر الخاصة بشركة "تي بي لينك" ليست مرتبطة بشكل مباشر بما يتم تداوله عن اختراق مجموعة صينية تُعرف باسم "سولت تايفون" لثماني شركات اتصالات أميركية، لكن يبدو أن التحقيقات الأميركية التي تستهدف الشركة اكتسبت زخما في ضوء تلك الاختراقات التي كُشف عنها مؤخرا.
واعتبرت الصحيفة أن الحظر المحتمل لأجهزة الراوتر الخاصة بشركة "تي بي لينك" في الولايات المتحدة، سيكون أكبر عملية حظر لمعدات اتصالات صينية في البلاد منذ العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عام 2019 على شركة هواوي.
ووفق بيانات سوق الاتصالات الأميركي، فقد شهدت مبيعات شركة "تي بي لينك" نما كبيرا في الولايات المتحدة خلال جائحة كورونا، عندما كان الناس في أشد الحاجة إلى خدمة إنترنت عالية الجودة. وقد ارتفعت حصة الشركة في سوق أجهزة الراوتر في المنازل والشركات الصغيرة بالولايات المتحدة من حوالي 20 بالمئة في 2019، إلى حوالي 65 بالمئة في 2024، واستحوذت على 5 بالمئة إضافية من السوق في الربع الثالث من العام الجاري.
وحسب البيانات ذاتها، فقد تحققت هيمنة الشركة على السوق الأميركي بدرجة كبيرة من خلال انخفاض أسعار خدماتها، فأجهزة الراوتر الخاصة بها أقل تكلفة من أجهزة الشركات المنافسة بأكثر من النصف.
إعلان تحقيقات حكوميةوأوضحت الصحيفة أن وزارة العدل تحقق حاليا فيما إذا كان هذا التباين في الأسعار ينتهك قانونا فدراليا يحظر محاولات الاحتكار عن طريق بيع المنتجات بأقل من تكلفة صنعها. وقالت المتحدثة باسم "تي بي لينك" إن الشركة لا تبيع المنتجات بأقل من التكلفة، وأنها ملتزمة بالامتثال للقوانين الأميركية، بما في ذلك قوانين مكافحة الاحتكار.
وأضافت الصحيفة أن إدارة بايدن تدرس عددا من الإجراءات ضد "تي بي لينك" كجزء من الرد على سلسلة الهجمات الإلكترونية الأخيرة المرتبطة بالصين، وقد يشمل ذلك تطهير البنية التحتية للاتصالات في الولايات المتحدة بالكامل من معدات شركة "تشاينا تيليكوم"، وهي شركة اتصالات تسيطر عليها الحكومة الصينية وتُستخدم على نطاق ضيق في الولايات المتحدة.
وقد حظرت تايوان، التي تفرض قيودا واسعة النطاق على استخدام التكنولوجيا الصينية، أجهزة الراوتر الخاصة بشركة "تي بي لينك" من المنشآت الحكومية والتعليمية، وأصدرت الحكومة الهندية تحذيرا هذا العام بشأن شركة "تي بي لينك"، قائلة إن أجهزة الراوتر الخاصة بها تمثل خطرا أمنيا.
لكن المسؤولين الأميركيين لم يعثروا -وفقا للصحيفة- على أي دليل على أن شركة "تي بي لينك" متورطة في الهجمات الإلكترونية التي ترعاها الدولة الصينية، مقابل العثور على ثغرات واختراقات كبيرة في أجهزة الراوتر الأميركية، ومنها أجهزة راوتر قديمة من شركتي "سيسكو سيستمز" و"نتغير".
وأوضحت الصحيفة أن الهجمات السيبرانية الصينية سلّطت الضوء على نقاط الضعف التي تشكلها أجهزة الراوتر غير المحصنة، والتي تمنح القراصنة فرصة سهلة للهجوم، فضلا عن المخاطر المحتملة التي تشكلها أجهزة الراوتر المصنوعة خارج الولايات المتحدة.
وقد فتحت وزارة الدفاع تحقيقا في نقاط ضعف الأمن القومي بشأن أجهزة الراوتر الصينية في وقت سابق من هذا العام، وحثت "لجنة الحزب الشيوعي الصيني" داخل مجلس النواب الأميركي، وزير التجارة في أغسطس/آب على التحقيق في أجهزة شركة "تي بي لينك"، لأنها تمثل "درجة غير عادية من نقاط الضعف"، كما أقر مجلس النواب في سبتمبر/أيلول تشريعا يدعو إلى دراسة المخاطر التي تشكلها أجهزة الراوتر التي لها علاقة بدول أجنبية معادية على الأمن القومي.
إعلان