رصدت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، في عددها الصادر اليوم الخميس، مخاوف مسئولين غربيين وعرب من أن تحركات إسرائيل في لبنان قد تُشير إلى توغل أعمق وحربًا أكثر فتكًا مما أعلنت عنه في البداية بأنها تقوم بـ«عملية محدودة تستهدف مقاتلي حزب الله الموالي لإيران».

واستهلت الصحيفة مقالًا لها في هذا الشأن كتبته رئيسة التحرير رولا خلف: إلى متى ستستمر حرب إسرائيل في لبنان؟! وقالت إن حجم أوامر الإخلاء والتحولات في خطاب القيادة السياسية الإسرائيلية تشير إلى توغل أعمق في لبنان وربما حربًا أطول مدة وأكثر إرهاقًا من العملية المحدودة التي تم الإعلان عنها.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ أن دخل جنودًا من الفرقة 98 الإسرائيلية لبنان في أول غزو لهم للبلاد منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، نما حجم الهجوم البري الإسرائيلي على حزب الله بسرعة كبيرة، فضلًا عن انضمام ثلاث فرق أخرى إلى القتال، حيث تقدم الآلاف من الجنود الإسرائيليين إلى لبنان من مواقع تتراوح من رأس الناقورة في الغرب إلى مسكاف عام في الشرق. وتغطي أوامر الإخلاء العسكرية الآن أكثر من 110 منطقة في لبنان، تتراوح من القرى الواقعة على الحدود إلى المناطق الساحلية على بعد 60 كيلومترًا إلى الشمال، وفقًا لإحصاء أجرته الفاينانشال تايمز.

في الوقت نفسه، شدد القادة الإسرائيليون من لهجتهم بشأن ما ينتظرهم في المستقبل، فقد دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم أمس الأول اللبنانيين إلى الانتفاضة ضد حزب الله، محذرًا من أن البديل أمامهم هو «حرب طويلة» ستؤدي إلى الدمار والمعاناة كما نرى في غزة.

وقال أحد المسئولين الغربيين، في مقابلة مع الصحيفة: قبل أسبوعين كان الإسرائيليون يتحدثون عن غزو بري محدود ربما يستمر بضعة أسابيع، ولكن يبدو أن هذين الأسبوعين يمتدان طوال الوقت. هناك القليل من التفاؤل بشأن توقف إسرائيل عن ضرب لبنان قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر المقبل.

وفي الوقت الحالي، يظل المسئولون العسكريون الإسرائيليون متحفظين بشأن الطبيعة الدقيقة ونطاق الهجوم البري، تاركين معظم تفاصيله محاطة بضباب الحرب وتوجيهات الرقيب العسكري الإسرائيلي. ولكنهم يصرون، مع ذلك ووفقًا لما ذكرته الصحيفة، على أن العمليات مستهدفة وأن القوات الإسرائيلية تظل قريبة نسبيًا من "الخط الأزرق" الذي حددته الأمم المتحدة والذي يفصل بين البلدين ويمتد من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى التضاريس الجبلية حول المطلة حيث شنت القوات الإسرائيلية غزوها.

وأوضحت «فاينانشيال تايمز» في مقالها أن الصور عالية الدقة التي التقطتها الأقمار الصناعية للغزو الإسرائيلي للبنان غير متاحة على طول الحدود الممتدة لمسافة 100 كيلومتر. ولكن الصور الواردة من منطقة مارون الراس تظهر دبابات إسرائيلية ومركبات أخرى على مسافة قصيرة داخل لبنان، حيث كانت مجموعة من نحو 27 مركبة على بعد 250 مترًا من الحدود ومجموعة أخرى أصغر حجمًا على بعد نحو كيلومتر واحد داخل البلاد.

وأظهرت صور أخرى آثارًا عند نقاط اخترقت فيها القوات الإسرائيلية الحدود في مكان قريب، بما في ذلك بالقرب من قريتي أفيفيم وييرون الإسرائيليتين. ويقول مسئولون إسرائيليون إن الهدف من الهجوم هو إزالة التهديد بهجوم عبر الحدود من جانب حزب الله وإزالة خط إطلاق النار المباشر للأسلحة مثل الصواريخ المضادة للدبابات تجاه المجتمعات الإسرائيلية، مما يسمح للإسرائيليين النازحين بسبب القتال بالعودة إلى ديارهم.

مع ذلك، يخشى العديد من اللبنانيين أن تكون الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر لتصعيد الهجوم الإسرائيلي ضد حزب الله خاصة وأن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر قال هذا الأسبوع إن واشنطن تدعم "جهود إسرائيل لإضعاف قدرات حزب الله، ولكن في نهاية المطاف نريد أن نرى حلاً دبلوماسيًا لهذا الصراع.

جدير بالذكر، حسبما أشارت الصحيفة البريطانية، أن حزب الله بدأ إطلاق النار على إسرائيل في الأيام التي أعقبت هجمات حماس في السابع من أكتوبر من العام الماضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصًا وإجبار 60 ألف إسرائيلي على النزوح من منازلهم في الشمال.

وفي العام الجاري، قتلت الضربات الإسرائيلية في لبنان أكثر من 2100 شخص وشردت أكثر من 1.2 مليون شخص، معظمهم في الأسابيع القليلة الماضية، كما تسبب القصف في دمار هائل، مما أدى إلى تدمير مساحات من القرى والبلدات في محيط الحدود.

وقال إيهود يعاري، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مقابلة أجراها مع الصحيفة، إن الهجوم الإسرائيلي يمكن وصفه بأنه «مطحنة»، باستخدام القوات لمهاجمة أهداف كان من الأسهل تحديد موقعها على الأرض من الجو داخل شريط بعمق 2 كيلومتر على الجانب الشمالي من الخط الأزرق، فيما يزعم مسئولون إسرائيليون أن 500 مقاتل من حزب الله، وتسعة جنود إسرائيليين، قُتلوا في الأسبوع الأول من القتال.

وأضاف يعاري: إنهم يطحنون الأنظمة التي بناها حزب الله في منطقة الحدود، وتركز القوات على شيء واحد هو تدمير البنية التحتية العسكرية لحزب الله في هذه المنطقة، والتي كانت مفاجئة في مداها خاصة الأنفاق والمخابئ ومستودعات الأسلحة والذخيرة.

وتابع: بعض هذه الأنظمة موجودة داخل القرى، لكن بعضها الآخر موجود في مناطق ريفية مليئة بالشجيرات الكثيفة والأعشاب التي تستخدم لإخفاء هذه الأنظمة.

ووسعت إسرائيل هجومها الشهر الماضي حيث قصفت طائراتها مرارًا وتكرارًا المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، فضلًا عن أهداف أخرى في جنوب سوريا، كما قصفت أهدافًا لحزب الله في وادي البقاع، حيث يتمتع الحزب بحضور قوي. وفي يوم الجمعة الماضية، دمرت الطائرات الإسرائيلية نفقًا بطول 3.5 كيلومتر بين سوريا ولبنان.

قال مسئولون إسرائيليون إنه تديره وحدة حزب الله 4400، المكلفة بتنفيذ مثل عمليات تسليم الأسلحة، وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، قتلت إسرائيل قائد الوحدة، محمد جعفر قصير، في غارة جوية في بيروت.

وقال شلومو موفاز، مسئول استخبارات سابق في قوات الدفاع الإسرائيلية يرأس الآن مركز مائير أميت للاستخبارات ومعلومات الإرهاب: نحن نقطع سلسلة الإمداد من سوريا إلى لبنان، ومن العراق إلى سوريا.

وأخيرًا، أكدت الصحيفة البريطانية، استنادًا إلى تاريخ إسرائيل في شن عمليات مختلفة سرعان ما توسعت لاحقًا بما في ذلك غزوها للبنان عام 1982، والذي تحول بعد ذلك إلى احتلال دام 18 عامًا لجنوب البلاد والخسائر المحدودة التي يبدو أن قواتها تكبدتها، يتوقع مسئولون غربيون أن تتوغل القوات الإسرائيلية في نهاية المطاف في عمق لبنان.. واستشهدوا على طرحهم في هذا الشأن بلقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي يوم أمس الأول تظهر جنودًا إسرائيليين يرفعون أعلامهم في بلدة مارون الراس.

وقال مسئول غربي، تعليقًا على ذلك بشرط عدم ذكر اسمه: أعتقد أن الإسرائيليين يريدون إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بحزب الله وتطهير أكبر قدر ممكن من الأرض بين الحدود ونهر الليطاني. ولكن بعد ذلك لا يتضح بعد.نحن نريد منهم أن يتوقفوا الآن وأن يوافقوا على خطة سياسية متفق عليها بالفعل على نطاق واسع، ولكن يبدو أنهم، بسبب نجاحهم العسكري الكبير، سوف يستمرون في القتال حتى يشعروا بأنهم يحصلون على عوائد متناقصة.

اقرأ أيضاًباحث: التقدم الإسرائيلي في لبنان بطيء جداً.. وحزب الله مستعد للتعامل (فيديو)

الطيران الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على 3 بلدات جنوب لبنان

استشهاد 14 لبنانيا وإصابة 14 آخرين جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: سوريا العراق الاحتلال الإسرائيلي لبنان حزب الله أسلحة لبنان اليوم أخبار لبنان مارون الراس القوات الإسرائیلیة إسرائیل فی فی لبنان حزب الله أکثر من

إقرأ أيضاً:

الخولي: الانتهاكات الجوية الإسرائيلية حرب نفسية على كرامة لبنان

عقدت الهيئة الادارية لـ"التحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة" اجتماعها الدوري برئاسة  مارون الخولي وبحثت التجاوزات الجوية الإسرائيلية اليومية للبنان.   واعتبر الخولي في تصريح "أن التحليق اليومي المكثف لطائرات التجسس الإسرائيلية من نوع "MK" في الأجواء اللبنانية، واستمرار انتهاك سيادة لبنان الجوية، يمثلان اعتداءً صارخًا على القانون الدولي واتفاقية وقف إطلاق النار، ويشكلان استمرارًا للحرب النفسية التي تستهدف كرامة اللبنانيين واستقرارهم. فصوت هذه الطائرات لم يعد مجرد ضجيج عابر، بل تحوّل إلى أداة قمع يومية تذكّر الشعب اللبناني بفقدان سيادته، وتعزّز شعورًا بالإحباط والاستسلام".

ورأى أن "هذه الممارسات ليست انتهاكًا للقانون الدولي فحسب، بل هي اختبار صارخ لإرادة المجتمع الدولي في احترام مواثيقه. فاتفاقية وقف إطلاق النار (القرار 1701) لم تُوضع لتبقى حبرًا على ورق، بل لتحمي المدنيين وتضمن أمنهم. إلا أن التغاضي الدولي عن هذه الانتهاكات يُشجّع إسرائيل على المضي في سياسة التطبيع مع انتهاك السيادة، وهو أمرٌ لا يمكن قبوله".  

تابع: " نطالب الحكومة بتحريك أقصى درجات الديبلوماسية النشطة، عبر رفع الصوت في كل المحافل الدولية، بدءًا من مجلس الأمن والأمم المتحدة،والقمة العربية وصولًا إلى التحالفات الإقليمية والدولية الداعمة للعدالة. لا يجوز أن تتحوّل هذه الطائرات إلى "جزء من الواقع اليومي"، أو أن يُفرض على اللبنانيين الاختيار بين الحرب واحتضان داء فقدان السيادة. الكرامة ليست مساومة، والسيادة ليست رفاهية"  

ختم: "نذكّر بأن الصمت الرسمي يُكافئ العدوان ضمًناً. فالعيش تحت وطأة الحرب، وإن كان مرهقًا، قد يكون أكثر كرامة من الاستسلام لاحتلال جوي يُمهّد لتقبّل انتهاك الحقوق. إن استعادة الأجواء اللبنانية ليست قضية أمنية فحسب، بل هي معركة وجودية لضمان مستقبل يستحقّه أبناء هذا الوطن. ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته،ونحث سفراء الدول الاجنبية والعربية في لبنان الى نقل هذا الانتهاك الاسرائيلي اليومي لدولهم ومساعدة لبنان لاسترجاع اجوائه وكرامته، ونحذّر من تداعيات الاستمرار في تجاهل هذه الانتهاكات التي تُهدّد الاستقرار الإقليمي. فلبنان ليس ساحة مفتوحة للاختراقات، وشعبه ليس رهينة لسياسات القوة. الكرامة والسيادة خطان أحمران. والوقت ليس في صالح المنتظرين".

مقالات مشابهة

  • ماذا تعني المناطق الإسرائيلية في لبنان وسوريا وغزة؟
  • هيئة البث الإسرائيلية: منفذ عملية حيفا شاب درزي من مدينة شفا عمرو
  • الخولي: الانتهاكات الجوية الإسرائيلية حرب نفسية على كرامة لبنان
  • الشرطة الإسرائيلية: تم تحييد منفذ عملية الطعن في حيفا
  • الجيش الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أكثر من 900 مرة
  • فضل الله: ألم تتعب الدولة من العدوان عليها وانتقاص سيادتها؟
  • عون في الرياض: سلفة محدودة بانفراجات اقتصادية وسياسية!
  • إحباط عملية تهريب أموال من ايران عبر تركيا
  • إسرائيل تهدّد مجدداً... وسلام في الجنوب: ملتزمون اعادة الاعمار وتأمين العودة
  • ظاهرة مقلقة على الحدود الإسرائيلية: أسلحة مقابل مخدرات