سودانايل:
2025-02-03@11:39:19 GMT

هل اكتملت حرب الوكالة في السودان؟

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

*إلى أي مدى يمكن القول إن صراع جيش الحركة الإسلامية والدعم السريع قد خرج من بين إرادتهما، وأصبح حرب وكالة تشارك فيها جهات إقليمية ودولية؟ (-) الحقيقة أنه حتى قبل الحرب كانت هناك أطراف خارجية متورطة في التدخل عند فترة ما بعد نجاح ثورة ديسمبر. شاهدنا دول مصر، وإثيوبيا، والإمارات، تحاول قدر المستطاع التأثير في الجيش، وكذلك في قادة المدنيين.

وأثناء حكومة حمدوك لاحظنا أن واشنطن دخلت على الخط بطرق متعددة، وكذلك الاتحاد الأوروبي، خصوصا دول الترويكا. وبعد الحرب حاولت أنجمينا، وجوبا، التأثير، وكذلك استمرّت محاولات التأثير من الدول التي تدخلت منذ بدايات الانتقال، ولاحقاً تركيا، وإيران، وروسيا، ودول أخرى. هناك وجهات نظر سودانية، وخارجية، تقول بأن الحرب قد فلتت من الطرفين، وبالتالي ما دامت تحتاج إلى الدعم العسكري المتواصل من الدول المالكة للمال، والسلاح، فإن الطرفين سوف يستجيبان لشروطها في الحاضر، والمستقبل. السودان منذ استقلاله ظل محط أنظار دوله المجاورة الطامعة، وكذلك العالم الرأسمالي الإمبريالي. بل إنه هو ذاته يتدخل ليغير أنظمة في الدول المستضعفة من حوله. إنه يتدخل لتغيير حكومات تشاد، وإثيوبيا، وإريتريا، ويوغندا، وأفريقيا الوسطى. ولا ننسى أنه حاول تغيير القيادة المصرية بمحاولة لاغتيال حسني مبارك. العالم متداخل بمصالح استراتيجية في المنظور القريب، والبعيد. وبالاقتصاد، والثقافة، والمذهب الديني أحياناً، يتكتل، ويحترب. ولذلك بخلاف أن أوضاعنا السياسية تأثرت منذ الاستقلال بالأوضاع الجيوبوليتيكية فإن الحرب الدائرة الآن ليست بدعاً. فالسلاح، والمال، اللذان تحتاج اليهما الحرب يتطلب من الطرفين السماح باستمرار هذين التدخلين الإقليمي والدولي. الموارد الاقتصادية الكثيفة للسودان، وتنوعه الديني والإثني، تعد من المحفزات الأساسية لأسباب التوتر الذي جعل الحروب سمة أساسية لطبيعة الدولة المركزية السودانية. والآن مع اشتداد حاجة الأطراف الخارجية لهذه الموارد، والاستقطاب الأيديولوجي، الذي تتورط فيه بعضها بعضاً، تسير حرب السودان نحو مرحلة جديدة من التصعيد في ظل غياب الدور الوطني المجمع عليه سودانياً. *إلى أي مدى تستطيع نخبنا توظيف الزمن لخلق معادلة جديدة في الحرب لتوقفها؟ (-) سؤال لا تستطيع النخب السودانية اعتماد الصدق التام للإجابة عليه. فمن ناحية يغرق اليمين واليسار في تفتت حزبي عقيم لا علاقة له بالقواعد المدينية، والريفية، ولا حتى بمجموع القواعد الطبقية، أو الثقافية، أو الدينية المذهبية. فالمطروح لمعالجة الحرب في وسائل الإعلام الكلاسيكية، ووسائط الميديا الحديثة، نوع من التفاف أبناء الطبقة الوسطى، ورموزها حول القضايا الملحة التي أفضت إلى الحرب. وبالتالي يحاولون دفع الرأي العام إلى الاحتماء بتقوقعاته الجغرافية، والأيدلوجية، والمذهبية. أما الجدية المطلوبة لمقاربة قضايا الحرب وافتراض حلول نظرية موضوعية تصطدم دائماً بالاحتيال المتعالم على الرأي العام في الإنترنت. أما القيادات الحزبية في اليمين، واليسار، والوسط، ونسبة لافتقارها إلى طرح فكري يستجيب لكل تطلعات القواعد السودانية تاريخياً، فإن طرحها لحلول الحرب يصطدم بحيثيات غير جوهرية لا تحرك ساكن الفشل الحزبي المركزي المستدام. الجوهري لحل معضلة الحرب، واستعادة المبادرة السودانية، في مقابل المبادرات الخارجية بتدخلاتها الواضحة، والمستترة، هو توحيد الرأي العام. والحال هكذا فإن اكتمال كل متطلبات حرب الوكالة سيقسم الرأي العام. وبالتالي سوف يكون تفضيله لهذا المعسكر، أو ذاك، نمطاً جديداً من الولاء الجديد للسودانيين نحو الخارج. ذلك بعد أن أصبح الداخل لا نفع كثير فيه، ومكبل بانحيازاته الإثنية. على أن الحل المفتاحي للحرب سيبدأ بتوحيد الرأي العام. وللأسف لا توجد أي بوادر في هذا المنحى غير عراك معظم السودانيين في الإنترنت عند كل ثانية

suanajok@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الرأی العام

إقرأ أيضاً:

هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟

هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟

فيصل محمد صالح

شهدت الساحة السودانية تطورات كبيرة خلال الأسبوعين الماضيين، بخاصة على المستوى العسكري؛ إذ حققت قوات الجيش انتصارات كبيرة على «قوات الدعم السريع» في ولايتَي الجزيرة والخرطوم، تغيرت بسببها موازين القوى العسكرية.

بدأت قوات الجيش والمجموعات المتحالفة معها، ومنها قوات «درع السودان» بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«كتائب البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبعض كتائب القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة، هجومها الواسع لاستعادة مدينة ود مدني الاستراتيجية، عاصمة ولاية الجزيرة من محاور عدة، واستطاعت دخولها بسهولة تشبه احتلال «قوات الدعم السريع» لها قبل نحو عام.

كان المظهر المتكرر لكل المناطق التي استعاد الجيش السيطرة عليها، بما فيها مدينة ود مدني، هو تراجع «قوات الدعم السريع» وانسحابها قبل وصول قوات الجيش، بحيث لم تدر معارك كبيرة إلا في المحاور الخارجية عند تقدم قوات الجيش نحو المدينة، لكن عند وصوله للمدينة دخلها بشكل سريع وبلا مقاومة. هذا الانسحاب المتكرر لا يقلل من أهمية انتصار قوات الجيش، ولا يقلل من الهزيمة التي تلقتها «قوات الدعم السريع»؛ فالانسحاب لم يكن عملية طوعية، لكنه تم تحت وطأة هجوم قوات الجيش من محاور متعددة، والتأكد من الهزيمة المتوقعة.

تكرر السيناريو ذاته في بعض مناطق ولاية الخرطوم، حيث حقق الجيش انتصارات كبيرة في منطقة وسط الخرطوم بحري؛ إذ التقت القوات القادمة من شمال المدينة مع قوات «سلاح الإشارة» المتخندقة منذ بدء الحرب في ثكناتها على ضفاف النيل الأزرق، ثم انطلقت نحو القيادة العامة للقوات المسلحة ومنطقة وسط الخرطوم. ويمكن القول الآن إن كل منطقة وسط الخرطوم بحري صارت في قبضة القوات المسلحة، وكذلك أجزاء من منطقة وسط الخرطوم، وتبقت مناطق ومواقع محددة لن تصمد طويلاً في يد «قوات الدعم السريع». لكن ما سر الانهيار السريع لـ«قوات الدعم السريع»؟

السبب الأساسي له علاقة بالانتشار الواسع الذي تورطت فيه «قوات الدعم السريع»، بحيث لم تستطع تأمين المناطق التي تحتلها، وكان رهانها الأساسي، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023، هو افتقاد الجيش قوات مشاة قادرة على الحركة السريعة وحرب المدن بسيارات سريعة وخفيفة تلتف على المدرعات والدبابات البطيئة الحركة. نتيجة لهذا التفوق سيطرت «قوات الدعم السريع» خلال أيام على كل ولاية الخرطوم باستثناء مواقع عسكرية محدودة، ثم امتدت للسيطرة على ولاية الجزيرة، مثلما سيطرت على كل إقليم دارفور، عدا مدينة الفاشر، وأجزاء من ولاية كردفان.

في خلال هذه الفترة استوعبت قوات الجيش آلاف المقاتلين، كما حصلت على كميات كبيرة من الآليات والأسلحة، وسجلت تفوقاً كبيراً باستخدام سلاح الطيران بعد حصولها على طائرات حديثة من دول صديقة. ويبدو أن تفوق سلاح الطيران لعب الدور الأساسي في تحطيم قدرات «قوات الدعم السريع»، وفتح الطريق أمام قوات المشاة لتتقدم على جبهات عديدة.

الموقف الآن يقول إن قوات الجيش استعادت السيطرة على معظم محليات أم درمان، عدا الجزء الجنوبي حتى جبل أولياء، وكذلك الأمر في منطقة بحري، حيث لم تتبقَّ إلا منطقة شرق النيل، وتحتاج قوات الجيش لأيام قليلة لتبسط سيطرتها على منطقة وسط الخرطوم، وتتبقى الأحياء الجنوبية في يد «قوات الدعم السريع».

واقع الحال يقول إن بقاء «قوات الدعم السريع» في بعض مناطق ولايتَي الخرطوم والجزيرة لم يعد ممكناً، إلا إذا دفعت بمجموعات جديدة، وهذا لا يبدو ممكناً في الوقت الحالي. وبالتالي، فإن التركيز سيبقى على إقليم دارفور وبعض مناطق ولايات كردفان، وهو ما يبدو مطابقاً لتوقعات سابقة بأن تتركز قوات كل طرف في مناطق معينة ويبقى واقع تقسيم السودان ماثلاً، سواء تكونت حكومة موالية لـ«قوات الدعم السريع» أو لا.

هذه الانتصارات العسكرية على الأرض لا تتجاهل إمكانية الوصول لتسوية سياسية لإنهاء الحرب، بخاصة مع وصول دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وإعلانه أنه سيعمل لوقف كل الحروب، وبدأ بحرب غزة. تتوقع كل الأطراف ضغوطاً أميركية كبيرة خلال المرحلة القادمة لإنهاء الحرب، تشمل أطراف الحرب والدول الداعمة والممولة للحرب. لهذا تبدو هذه التحركات والانتصارات العسكرية مهمة لتعديل موازين القوى وتحسين المواقف التفاوضية، وقد نشهد خلال فترة قصيرة بدء جولات تفاوضية في منبر جدة أو منابر جديدة؛ فما بدأته الحرب ستكمله السياسة.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومأم درمان الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان بحري فيصل محمد صالح

مقالات مشابهة

  • السودان.. ندوات وشاشات تفاعلية وإصدارات من المطبعة لمعرض الكتاب
  • تفشي وباء «جنون القتل» في السودان
  • البراءة من الدماء ورفض الوحشية- الحرب السودانية وصراع المصالح
  • المستشار العام لسفارة السودان “فعاليات الخرج” رسمت الفرح على الجالية السودانية
  • الإعيسر: زيارة البرهان لأم روابة تجسيدا لروح الانتماء للوطن في الذاكرة الجمعية، وتساهم في تعزيز الهوية السودانية المتكاملة
  • برعاية سفارة السودان بالقاهرة ومبادرة من كُلِّيتي الإمام الهادي وأمدرمان للصحافة انعقاد ورشة إعادة إعمار الجامعات السودانية
  • الرأي العام..لقاء رشيد بزوجة ( رئيسي) يؤكد على ضعف العراق أمام إيران
  • هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟
  • عادل الباز يكتب: سياسة ترمب تجاه السودان
  • جامعة الخرطوم تستأنف مسيرة العطاء