التيار الإسلامي في السودان، خلال تجربته في الحكم منذ انقلاب 1989 بقيادة "الجبهة الإسلامية القومية"، قدّم نموذجًا متميزًا في تفاعل الدين مع السياسة، لكنه واجه إخفاقات كبيرة لا يمكن إغفالها. أحد الانتقادات الأساسية لهذا التيار يتعلق بفلسفة الدولة التي حاول تطبيقها، والتي شملت خلط الدين بالسياسة، مما أدى إلى تقويض أسس الحكم المدني الديمقراطي والابتعاد عن مبادئ التعددية السياسية.


النقد الفلسفي
التناقض بين الشمولية والإيمان بالتعددية: من الناحية الفلسفية، التيار الإسلامي في السودان حاول تقديم نموذج حكم يقوم على مبدأ "شمولية الإسلام" كنظام شامل للحياة، بما في ذلك السياسة. إلا أن هذا التصور يتناقض مع مبدأ التعددية السياسية والفكرية التي تتطلب احترام التنوع الثقافي والديني والسياسي في المجتمع. فرض رؤى دينية محددة على مجتمع متعدد الثقافات أدى إلى انقسامات سياسية ودينية وأعاق محاولات بناء مجتمع يتسم بالتسامح والمساواة.
لقد فشل في تحقيق العدالة الاجتماعية على الرغم من الشعارات التي رفعها الإسلاميون حول تحقيق العدالة الاجتماعية، إلا أن تجربتهم في الحكم كشفت عن فجوات كبيرة في هذا الجانب. الفقر والفساد والاستبداد كانت سمة بارزة في حكمهم. يمكن القول إن التيار الإسلامي فشل في تحقيق مبادئ العدل والمساواة التي يدعو إليها الدين الإسلامي ذاته. بدلًا من ذلك، تم استخدام الشريعة كأداة للسيطرة السياسية وليس لتحقيق المصلحة العامة.
إقصاء الآخر باسم الدين التيار الإسلامي في السودان اعتمد على خطاب ديني-سياسي يؤكد على حصرية الإسلام كمصدر للتشريع، مما أدى إلى إقصاء التيارات الفكرية والسياسية الأخرى. هذه الحصرية الفكرية تتعارض مع فلسفة الدولة الحديثة القائمة على الاعتراف بالتعددية والمساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين، بغض النظر عن دينهم أو انتمائهم السياسي. من هنا، يتبين أن التيار الإسلامي أوقع البلاد في أزمة هوية، حيث فرض نموذجًا واحدًا دون مراعاة تنوع المجتمع السوداني.
وهنا الإشكالية في مفهوم الحرية والديمقراطية: الفلسفة السياسية الإسلامية، كما طُبقت في السودان، قدمت مفهومًا مقيدًا للحرية والديمقراطية. حيث تم استخدام الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى السلطة، لكنها لم تُستخدم كآلية لترسيخ الحرية الفردية وحرية التعبير. تم قمع الصحافة، وقيدت الحريات المدنية تحت مسمى "حماية الشريعة"، مما أدى إلى إفراغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي.
قضية الاستقواء بالجيش
التجربة السياسية للتيار الإسلامي في السودان لم تقتصر فقط على هذه التحديات الفلسفية، بل تضمنت أيضًا الاستقواء بالجيش كأداة للحفاظ على السلطة. هذا الموقف يعكس استغلالًا متكررًا للمؤسسات العسكرية في الصراع السياسي، وهو ما يعبر عن مشكلة أعمق تتعلق بإدارة السلطة في السودان.
تسييس الجيش التيار الإسلامي استخدم الجيش كأداة للبقاء في السلطة، وهو ما تجلى بوضوح في فترة حكم البشير، حيث تم عسكرة السياسة السودانية بشكل كبير. هذا الربط بين الجيش والسياسة يؤدي إلى إضعاف المؤسسات الديمقراطية المدنية وتحويل الجيش من مؤسسة وطنية مستقلة إلى أداة سياسية تخدم مصالح فئة معينة.

إضعاف سلطة القانون المدني ولكن عندما يتدخل الجيش في السياسة بتشجيع من التيار الإسلامي أو غيره، يتم تقويض سيادة القانون وإضعاف النظام القضائي المدني. هذا التدخل يعزز ثقافة العنف السياسي ويضعف الحوار الوطني السلمي. ومن هنا، يتضح أن التيار الإسلامي في السودان ساهم في خلق بيئة سياسية متوترة غير مستدامة، بسبب اعتماده على القوة العسكرية بدلاً من الحلول السياسية الديمقراطية.
إعادة إنتاج الديكتاتورية ورغم الانتفاضة الشعبية في السودان والإطاحة بنظام البشير في 2019، لا تزال البلاد تواجه تحديات متعلقة بالانتقال الديمقراطي، ويرجع جزء كبير من ذلك إلى التاريخ الطويل لتدخل الجيش في السياسة. الإسلاميون الذين سعوا للتشبث بالسلطة عبر الجيش، ساهموا في ترسيخ نظام ديكتاتوري وليس نظامًا ديمقراطيًا تعدديًا، مما أدى إلى انحسار الحريات وتراجع التنمية.
تجربة التيار الإسلامي في الحكم بالسودان تكشف عن إخفاقات متعددة على مستوى الفلسفة السياسية والاجتماعية، فضلاً عن الاعتماد المتزايد على الجيش كأداة لحسم الصراع السياسي. هذه الإخفاقات أدت إلى إضعاف الدولة السودانية، وزيادة حدة الانقسامات الداخلية، وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية. من الضروري تبني مقاربة جديدة تعتمد على فصل الدين عن السياسة، وإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية بعيدًا عن تأثير الجيش، لضمان مستقبل أفضل للسودان.
الاستقطاب المفرط والسياسات التهديدية: خطاب التيار الإسلامي بعد الحروب عادة ما يكون مهددًا للتيارات المدنية واليسارية. هذه الاستراتيجية التي تعتمد على التخويف بدل الحوار تشكل خطرًا على أي محاولة لتحقيق الاستقرار أو التقدم السياسي. الإسلاميون يسعون للعودة إلى السلطة بأي ثمن، وهذا يُثير حفيظة القوى المدنية التي تؤمن بأن السلطة يجب أن تبنى على حوار وطني شامل، يضمن حقوق الجميع.
فشل تجربة الإسلاميين في الحكم: التاريخ السياسي للعديد من الدول العربية بعد الربيع العربي أثبت أن التيارات الإسلامية فشلت في تحقيق التنمية أو إرساء قواعد دولة القانون. تجربة الإخوان المسلمين في مصر مثلًا، تظهر كيف أن التيار الإسلامي واجه صعوبة في إدارة شؤون الدولة بطريقة عادلة ومنفتحة. هذا الفشل يعزز منطق اليسار في دعوة لعدم عودة التيارات الإسلامية للسلطة.
القيم الإنسانية و من منظور يساري، التيارات الإسلامية غالبًا ما تتعارض مع مبادئ الحقوق والحريات الشخصية. فاليسار يدافع عن قيم إنسانية أساسية مثل الحرية الفردية، المساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات. بينما تسعى التيارات الإسلامية لفرض أيديولوجية دينية قد تقيّد هذه الحريات وتضعف سيادة القانون. هذا يشكل نقطة أساسية للصراع الفكري، حيث يدافع اليسار عن مجتمع تعددي حر بينما يريد الإسلاميون فرض نموذج واحد.
التعددية السياسية و يركز اليسار على أهمية التعددية السياسية والديمقراطية. التيارات الإسلامية، رغم أنها قد تشارك في الانتخابات، إلا أنها تروج لفكرة أن الإسلام يجب أن يكون مصدرًا وحيدًا للتشريع. هذا يتعارض مع روح الديمقراطية التي تقتضي فصل الدين عن الدولة. ولذلك، يحذر اليسار من العودة إلى نموذج سياسي قائم على التفرد الديني.
الفساد والانقسامات و العديد من التيارات الإسلامية التي وصلت إلى السلطة أظهرت انقسامات داخلية وصراعات على النفوذ والسلطة، بالإضافة إلى اتهامات بالفساد. القوى المدنية ترى أن هذا يُعزز الحجة بعدم السماح لهم بالعودة للحكم دون مراجعة شاملة لأفكارهم وسياساتهم.
إن الدعوة لعدم عودة التيار الإسلامي إلى السلطة ليست فقط مسألة أيديولوجية، بل هي مبنية على دروس تاريخية ومخاوف عملية تتعلق بمستقبل الديمقراطية في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التیارات الإسلامیة التعددیة السیاسیة مما أدى إلى إلى السلطة أن التیار فی الحکم

إقرأ أيضاً:

اتفاق جوبا واستمرار الصراع على السلطة

تاج السر عثمان بابو اشرنا سابقا الي تصاعد الصراع على السلطة بين بعض قوى سلام جوبا، مع إعلان رئيس الوزراء كامل إدريس عن تشكيل حكومة جديدة من 22 حقيبة وزارية، أطلق عليها اسم “حكومة الأمل”، ما أثار تساؤلات بشأن الالتزام ببنود الاتفاق، خاصة المتعلقة بنسبة تمثيل الحركات المسلحة في السلطة التنفيذية. كما حاول محمد بشير ابونمو نفي حق بعض المسارات في السلطة، لكن قال مقرر لجنة الوساطة بدولة جنوب السودان ضيو مطوك، إن حديث كبير مفاوضي حركة تحرير السودان محمد بشير أبو نمو حول نسبة المشاركة بالسلطة في اتفاق جوبا للسلام “غير دقيق”. وأوضح مطوك في تصريح لصحيفة الشروق المصرية، أن اتفاق سلام جوبا تم تصميمه على عدة مسارات وأن اتفاق القضايا القومية يعطي الحق لجميع المسارات، وأضاف “مسارات دارفور والمنطقتين وشرق السودان تحدثت عن المشاركة في السلطة القومية، وقد تم لاحقًا تعديل جميع البروتوكولات لتلك المسارات لتشارك في الوزارات والهيئات والمفوضيات الاتحادية”. كما أوضحنا أن اتفاق جوبا تحول لمحاصصات ومناصب، ولم يسهم في تحقيق السلام العادل والمستدام وحل قضايا الجماهير التي رفعت الحركات مطالبها، فضلا عن مشاركة حركات جوبا في انقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي عطل الحكم المدني الديمقراطي، والغي الوثيقة الدستورية. نعيد فيما يلي نشر المقال أدناه الذي تم نشره بعد توقيع اتفاق جوبا بعنوان “اتفاق جوبا لن يحقق السلام المستدام” 1 صدرت وثيقة ” اتفاق جوبا لسلام السودان بين حكومة السودان الانتقالية وأطراف العملية السلمية “بعد التوقيع عليها بتاريخ 3 أكتوبر 2020 ، الوثيقة تتكون من 266 صفحة، شملت الديباجة والأبواب الآتية: – الأول : اتفاق القضايا القومية، الثاني : اتفاق سلام مسار دارفور ، الثالث : اتفاق سلام مسار المنطقتين، الرابع : اتفاق سلام الشرق ، الخامس : اتفاق سلام مسار الشمال ، السادس : اتفاق سلام مسار الوسط : السابع : اتفاق الترتيبات الأمنية بين حكومة السودان الانتقالية والجبهة الثالثة – تمازج ، الثامن : الأحكام الختامية ، التاسع : مصفوفات التنفيذ ، العاشر : ملاحق. الأطراف الموقعة على الاتفاق: الفريق أول محمد حمدان دقلو عن حكومة السودان ، وأطراف العملية السلمية عنها : خميس عبد الله أبكر عن التحالف السوداني ، الطاهر أبوبكر حجر عن تجمع قوى تحرير السودان ، منى أركو مناوي عن حركة جيش تحرير السودان ، مالك عقار اير عن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال / الجبهة الثورية ، خالد إدريس جاويش عن الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة ، أسامة سعيد عن مؤتمر البجا المعارض ، محمد داؤود بنداق عن حركة تحرير كوش السودانية ، محمد سيد أحمد سر الختم عن كيان الشمال، التوم الشيخ موسي هجو عن الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض / الجبهة الثورية، ومحمد علي قرشي عن الجبهة الثالثة / تماذج. أما الشهود فهم : الفريق أول عبد الفتاح البرهان و ممثلون عن دول : جمهورية مصر العربية ، دولة قطر ، الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة . الضامنون : الفريق أول سلفاكير ميارديت / رئيس جمهورية جنوب السودان، المشير/ إدريس ديبي أنتو / رئيس جمهورية تشاد ، دولة الإمارات المتحدة. أكدت الاتفاقية في أبوابها المبادئ التالية: – السودان دولة مستقلة ذات سيادة ديمقراطية فدرالية، يكون السيادة فيها للشعب ، وتمارسها الدولة وفقا لأحكام الوثيقة الدستورية واتفاق السلام ، وأي دستور لاحق يتفق عليه السودانيون. – الحفاظ على وحدة شعب السودان وأرضه من خلال التحول الي نظام جديد للحكم العادل والرشيد يهدف أساس التداول السلمي للسلطة في السودان. – الفصل التام بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين في السياسة ، ووقوف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان وكريم المعتقدات، علي أن يقنن في دستور البلاد وقوانينها ( الباب الأول : 7 – 1) – اقرار واحترام الهوّية السودانية والتنوع الأثني والديني والثقافي للشعوب السودانية دون أي تمييز ، وعكسها في نظام الحكم وسياساته من أجل بناء دولة تقوم على المواطنة المتساوية لجميع السودانيين. – تعتبر جميع اللغات السودانية لغات قومية ويجب احترامها وتطويرها والاحتفاء بها بالتساوي. – اقرار مبدأ الوحدة القائمة على الاعتراف والاحترام المتبادل بين المكونات البشرية والاجتماعية والسياسية والدينية والثقافية للدولة السودانية. – أهمية تمثيل المرأة في جميع مستويات السلطة ومراكز اتخاذ القرار بصورة عادلة وفعالة وبنسبة لا تقل عن 40 % ( الباب الأول: 20 – 1). – التقسيم العادل للسلطة والثروة والتمييز الايجابي لصالح المناطق المتأثرة بالحروب والنزاعات، والمناطق الأقل نموا ومعالجة قضايا التهميش والمجموعات المستضعفة والأكثر تضررا ضرورة لبناء دولة السلام المستدام والاستقرار والحكم الرشيد ( الباب الأول: 21 – 1). – العدالة والمساءلة والمحاسبة والمصالحة والعدالة الانتقالية متطلبات جوهرية لضمان السلام، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1593 لسنة 2005 والذي بموجبه تمت إحالة حالة دارفور الي المحكمة الجنائية الدولية، والتعاون غير المحدود مع المحكمة الجنائية الدولية بخصوص الأشخاص الذين صدرت بحقهم أوامر القبض ومثولهم أمام المحكمة الجنائية الدولية. إضافة لتخليد ذكرى الضحايا و التعويضات وجبر الضرر، وعودة النازحين واللاجئين لمناطقهم واعادة اعمار مناطقهم ، وتعويضهم عن الخسائر في الملكية والسكن والمزارع والقطعان، واسترداد الأراضي والحواكير . الخ. وتوفير الأمن بوقف اطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية النهائية. – دمج حركات الكفاح المسلح مسار دارفور في المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ( الفصل الثامن :26) ، ودمج كل القوات في جيش وطني مهني. – لا يسري نطاق العفو العام الوارد في هذا الاتفاق على جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجريمة الإبادة الجماعية وجرائم العنف الجنسي ، وجرائم استخدام الجنود الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة ، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني. – التحضير للمؤتمر الدستوري في مدة أقصاها 6 شهور من تاريخ توقيع اتفاق السلام . وتم تحديد أجندة المؤتمر في : الهوية وإدارة التنوع، المواطنة ، علاقة الدين بالدولة ، إصلاح وتطوير القطاع الأمني، قضايا الحكم والسلطة ، قضايا الثروة والتنمية والبيئة والاقتصاد ، السياسة الخارجية، كيفية إجازة الدستور القومي الدائم، أي موضوعات أخرى تحددها المفوضية. كما اتفق الطرفان على التزام الحكومة بتمويل المؤتمر الدستوري، والتمثيل العادل والمتكافئ فيه. – تم الاتفاق علي قيام مؤتمر لنظام الحكم الاقليمي، واستعادة نظام الأقاليم ، واصلاح المنظومة العدلية ، اجراء التعداد السكاني قبل فترة كافية من نهاية الفترة الانتقالية، إجراء الانتخابات العامة في نهاية الفترة الانتقالية بمساعدة ومراقبة دولية، وإصدار قانون الانتخابات والأحزاب. تمديد الفترة الانتقالية واستثناء: اتفق الطرفان على أن تكون الفترة الانتقالية 39 شهرا ( تسعة وثلاثون) شهرا على أن يبدأ سريانها من تاريخ التوقيع على اتفاق السلام. كما استثنت الاتفاقية الممثلين من أطراف العملية السلمية الموقعة على الاتفاق من نص المادة (20) من الوثيقة الدستورية في مجلس السيادة والوزراء دون أن يشمل ذلك ولاة الولايات / حكام الأقاليم علي أن يتقدموا باستقالاتهم قبل ستة أشهر من نهاية الفترة الانتقالية المتفق عليها ولتنظيماتهم الحق في اختيار من يخلفهم في تلك المواقع. إضافة لقيام مؤتمر شركاء السودان لدعم الفترة الانتقالية. – اتفق الطرفان على إدراج اتفاقيات السلام الموقعة في الوثيقة الدستورية ، وفي حالة التعارض يُزال التعارض بتعديل الوثيقة الدستورية. – تم الاتفاق علي تكوين الصندوق القومي للعائدات المؤسسة الوحيدة لايداع العائدات.، وتكوين المفوضية القومية لقسمة وتخصيص ومراقبة الموارد والإيرادات المالية . – السيادة الوطنية: حسم ملف حلايب والحفاظ على أراضي الفشقة.الخ. 2 المحاصصات في تمثيل أطراف العملية السلمية في السلطة: برغم ما ورد في الاتفاقية من بعض الأهداف والأفكار العامة المتفق حولها ، الا أنه تمّ هزيمة تلك الأهداف عندما غلُب على الاتفاقية المحاصصات غير المبررة في تمثيل الموقعين على الاتفاق في السلطة، مما ينسف ما جاء في الأهداف والمبادئ العامة التي جاءت في صدر الاتفاقية، ومبدأ معالجة قضايا المناطق المهمشة في إطار معالجة الأزمة العامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السودان، والتنمية المتوازنة في جميع أقاليم السودان، وقيام جهاز دولة قليل التكلفة المالية، وتخفيض منصرفات الأمن والدفاع والقطاعين السيادي والحكومي ، وزيادة ميزانية التنمية ومنصرفات التعليم والصحة والدواء وخدمات المياه والكهرباء، وتوفير الخدمات البيطرية، وحماية البيئة، والاستعداد لكوارث الفيضانات والسيول، إعادة وتأهيل وإعمار المناطق الأقل نموا و المتأثرة بالحروب. جاءت المحاصصات على النحو التالي: – في المجلس السيادي : تمثيل الموقعين على الاتفاق ب 3 (ثلاثة). – مجلس الوزراء : تمثيل الموقعين ب 5 ( خمس) وزارات، أي بنسبة 25%. – المجلس التشريعي الانتقالي: تمثيل الموقعين فيه بنسبة (25 %) والتي تساوي 75 ( خمسة وسبعون مقعدا) من عدد المقاعد الكلي البالغ ثلاثمائة (300 ) مقعدا. – في العاصمة القومية : مشاركة أطراف عملية السلام في أجهزة إدارة العاصمة القومية ، وذلك بعد إقرار وضعها في مؤتمر نظام الحكم. – المفوضيات واللجان والهيئات والمؤسسات القومية: يتم تمثيل أطراف عملية السلام فيها. – الخدمة المدنية : التمثيل في الوظائف القيادية بالخدمة المدنية بعد مراجعة التعيينات التي تمت فيها. – لجنة إزالة التمكين: مشاركة أطراف عملية السلام فيها. – مفوضية السلام : إعادة هيكلتها لمشاركة الأطراف الموقعة على الاتفاق. – مفوضية صناعة الدستور والمؤتمر الدستوري : مشاركة أطراف عملية السلام في أعداد القانون وتشكيل مفوضية صناعة الدستور والمؤتمر الدستوري. – تمثيل مسار الشمال بنسبة 10 % في السلطة، والتمثيل في ولايتي شمال وغرب كردفان بنسبة 10 % لاطراف اتفاق السلام. – مسار دارفور : تمثيل طرفي الاتفاق في السلطة في دارفور 40 % لمكونات مسار دارفور، 30 % لمكونات حكومة السودان الانتقالية، 10 % للحركات الأخري، 20 % لأصحاب المصلحة الذين يشرف على اختيارهما الطرفان. في الخدمة المدنية: تمثيل أبناء دارفور في الوظائف العليا والوسيطة بنسبة 20 % في السلطة القضائية : استيعاب 20 % في السلطة القضائية من أبناء دارفور، مع مراعاة الكفاءة والتأهيل . النيابة العامة: تعيين نسبة 20 % من أبناء وبنات دارفور ، وتمثيل أبناء دارفور في المجلس الأعلي للنيابة وفق النسب المتفق عليها. في المؤسسات التعليمية: 15 % من المقبولين في الجامعات في التخصصات العلمية لأبناء وبنات دارفور لفترة عشر سنوات. ، إعفاء طلاب دارفور الذين يدرسون في دارفور من الرسوم الدراسية في الجامعات لمدة عشر سنوات ، وإعفاء الذين يدرسون خارج دارفور من كافة التخصصات ( طب ، صيدلة، هندسة، الخ) من الرسوم لمدة 10 سنين من تاريخ التوقيع علي الاتفاق. تخصيص 20 % من المنح الدراسية والبعثات وفرص التأهيل والتدريب في الخارج والداخل لأبناء وبنات دارفور. تخصيص 40 % من صافي عائدات الدولة من الموارد المعدنية والنفطية في دارفور لصالح الإقليم لمدة عشر سنوات ، وتخصيص 3 % من الإيرادات المتأتية من الموارد الطبيعية للسكان المحليين في المناطق التي تستثمر فيها هذه الموارد. تلتزم حكومة السودان بدفع 750 مليون دولار( سبعمائة وخمسون مليون دولار أمريكي) سنويا ولمدة عشر سنوات لصندوق دعم السلام والتنمية المستدامة في دارفور، أي 7,5 مليار دولار في عشر سنوات) ، وتلتزم الحكومة بدفع 100 مليون دولار خلال 30 يوما من تاريخ التوقيع على الاتفاق. – في القوات المسلحة : تعيين عدد من ضباط حركات الكفاح المسلح من الرتب الرفيعة في القوات البرية والشرطة وجهاز المخابرات حسب حجم القوات التي يتم دمجها. – قوات حفظ الأمن في دارفور: تتكون من 12 ألف فرد قابلة للزيادة تكوينها كالآتي: 6 ألف من القوات المسلحة والدعم السريع، 6 ألف من قوات حركات دارفور مهامها: جمع السلاح، حفظ الأمن، المساعدات في الطوارئ والكوارث. الخ. – في اصلاح وتطوير وتحديث المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية: تحويل القوات المسلحة والدعم السريع والأجهزة الأمنية وقوات الكفاح المسلح لمسار دارفور الي قوات نظامية تخدم المصالح العليا للدولة السودانية. – مسار المنطقتين : 5 % من وظائف الخدمة المدنية القومية لأبناء جبال النوبا.، و 3,2% من مجمل وظائف الخدمة المدنية لأبناء ولاية جنوب النيل الأزرق ، التمييز الايجابي حسب الكفاءة والتأهيل. مسار الشرق : 14 / من وظائف الخدمة المدنية لأبناء الشرق ، ونسبة 3 % من صافي عائدات الحكومة لصالح ولايات الشرق لمدة سبع سنوات، وتخصيص مبلغ 348 مليون دولار للتنمية في الشرق.. مسار الشمال : نسبة من عائدات سد مروي للولايتين. 3 يتضح مما سبق الخلل في منهج السلام في جوبا الذي حذرنا منه منذ بدايته، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام، بل سيزيد الحرب اشتعالا قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد ما لم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع. – كان الخلل الأساسي هو عدم تكوين المفوضيات وأهمها مفوضية السلام التي تابعها مجلس الوزراء، لكن تمّ تغول مجلس السيادة علي عملية السلام ، وتكوين مجلس السلام الذي يخرق “الوثيقة الدستورية” التي أعطت مجلس الوزراء حق”العمل على إيقاف الحروب والنزاعات وبناء السلام”. كان من الأهداف تعطيل الفترة الانتقالية وتغيير موازين القوي ويتضح ذلك عندما وقع المكون العسكري اتفاقا مع الجبهة الثورية بتأجيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين، وجاءت الاتفاقية بشكلها الحالي لتغير موازين القوى لصالح قوى “الهبوط الناعم ” بإعطاء نسبة 25% في التشريعي للجبهة الثورية و3 في السيادي و5 في مجلس الوزراء ، مما يحقق أغلبية يتم من خلالها الانقلاب على الثورة.. – اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة على وحدة البلاد ، ورفضها أصحاب المصلحة أنفسهم. – السير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا جذور مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، فقد تمّ تجريب تلك المحاصصات في اتفاقات سابقة ( نيفاشا، ابوجا، الشرق،.الخ) وتحولت لمناصب ووظائف دون الاهتمام بمشاكل جماهير مناطق النزاعات المسلحة في التنمية والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب، من المهم الوقوف سدا منيعا لعدم تكرار تلك التجارب. – الحركات نفسها جزء من الثورة و ق.ح. ت ، فالجماهير طرحت شعارات متقدمة في الثورة مثل : ” يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور” ، ” من كاودا لأم درمان كل البلد سودان”، عليه من المهم الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة. – ليس هناك مبررا للتدخل الدولي الكثيف في شأن داخلي مثل: تدخل محور حرب اليمن، محور الدوحة، دول الترويكا وبقية الدول الأوربية وأمريكا في شأن داخلي يمكن أن يحله السودانيون ، علما بأن التدخل الخارجي إضافة لسياسات نظام الانقاذ كان سببا في فصل الجنوب. – ضرورة حضور الجميع للخرطوم والجلوس في مائدة مستديرة للتداول حول الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة، والتنمية المتوازنة ، ودولة المواطنة التي تسع الجميع. 4 ما هو البديل لما جرى في جوبا؟ – الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتغيير العملة ، وعودة كل شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والدعم السريع وشركات الماشية والمحاصيل النقدية والاتصالات لولاية المالية، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي بما يقوي الصادر والجنية السوداني وتوفير العمل للعاطلين من الشباب، ورفض السير في السياسة الاقتصادية للنظام البائد في رفع الدعم وتخفيض العملة والخصخصة،، وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتفكيك التمكين والانتقال للدولة المدنية الديمقراطية التعددية ، ورفض الحلول الجزئية في السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة. – إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وإلغاء قانون النقابات 2010، واجازة قانون نقابة الفئة الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، ورفع حالة الطوارئ ، وإطلاق سراح كل المحكمين ونزع السلاح وجمعه في يد الجيش وحل جميع المليشيات وفقا للترتيبات الأمنية، لضمان وقف الحرب والصدامات القبلية والنهب والاغتصاب الجاري الآن في دارفور والشرق. الخ، وتكوين جبش قومي موحد مهني. . – تسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الإنسانية. – عودة النازحين لقراهم وحواكيرهم ، وإعادة تأهيل وتعمير مناطقهم ، وعودة المستوطنين لمناطقهم ، وتحقيق التنمية المتوازنة. – السيادة الوطنية ووقف ارسال القوات السودانية لمحرقة الحرب في اليمن، فلا يمكن تحقيق سلام داخلي، والسودان يشارك في حروب خارجية لا ناقة له فيها ولا جمل، والخروج من المحاور العسكرية، وقيام علاقاتنا الخارجية مع جميع دول العالم على أساس المنفعة والاحترام المتبادل، وتصفية كل بؤر الإرهاب والحروب في السودان. – تكوين مفوضية السلام وإلغاء منهج السلام الحالي غير الدستوري، ومباشرة السلام بإشراف مجلس الوزراء حسب نص “الوثيقة الدستورية”. الوسومتاج السر عثمان بابو

مقالات مشابهة

  • اتفاق جوبا واستمرار الصراع على السلطة
  • منظمة التعاون الإسلامي تعزي السودان في حادثة انهيار منجم للذهب في شرق البلاد
  • ‏القناة 14 الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي أبلغ القيادة السياسية بتفضيله التوصل لاتفاق على احتلال قطاع غزة
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُعزّي جمهورية السودان في ضحايا انهيار منجم للذهب
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُعزّي السودان في ضحايا انهيار منجم للذهب
  • القيادات الإسلامية البريطانية تستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في المركز الإسلامي بلندن
  • جدل جديد بشأن حصة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان في السلطة
  • المخاطر والفرص
  • مشكلة السودان وليست مشكلة الشمال !!
  • رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف المتواصل ضد المدنيين في غزة والاعتداءات التي شنها مستوطنون على قرية كَفَر مالك