فيصل بسمة
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
و لقد تنامت ظاهرة الأخبار و الأحاديث الكاذبة و المفبركة (الإفك الإلكتروني) المبثوثة/المطلوقة في أسافير الشبكة العنكبوتية من و عبر الهواتف و الأجهزة الذكية بصورة مذهلة حتى صارت السمة الأساسية للعالم المعاصر...
و تشير الشواهد و الدلآئل على أن بعض/كثير من المتعاملين مع هذه النوعية من الأخبار و حين يلتقطونها/يلتقفونها/يتلقفونها فإنه سرعان ما يتغلب في أنفسهم حب الإثارة و الرغبة و العجلة في إعادة النشر و التوزيع و الإنتشار و اللهفة على المشاركات و الحصول على الإستحسانات على حكمة التفكير و التأني/التروي و الفحص و التمحيص في محتوى الخبر ، و يبدوا أنهم لا يكلفون أنفسهم بالنظر فيما قبل الخبر و محتواه و ما ورآءه ، و يبدوا أنهم لا يبذلون أي جهد في التمعن في المغزى و الهدف من نشره و إذاعته ، أو إلى ما يترتب على ذلك.
أما ما قد يترتب على الخبر فقد يتراوح ما بين اللاشيء و التفاعل العابر الذي لا يثير الإنتباه و الأثر الوخيم المدمر الذي يؤدي في بعض/كثير من الأحيان إلى ردود أفعال عظيمة و نتآئج بالغة الخطورة فيها من الأذى الكثير و من الضرر البليغ ، و خير مثال للنوعية الأخيرة من الأخبار ما حدث في صيف هذا العام في مدن عديدة في أنحآء متفرقة من المملكة المتحدة عندما قامت جماعات من اليمين المتطرف و الغوغآء بتظاهرات عنيفة و أقدمت على إحداث حرآئق و تخريب و مهاجمة أماكن إقامة طالبي اللجوء و المهاجرين و الإعتدآء على قوات الشرطة ، و قد طال الدمار الأسواق و متاجر مسلمين و مساجد و سيارات و ممتلكات أصحابها من ذوي البشرة السودآء ، و قد حدث كل ذلك جرآء إنتشار خبر كاذب و مفبرك في الوسآئط الإجتماعية مفاده أن شاب مهاجر أسود مسلح ، فُبرِكَ له إسمٌ ”إسلامي“ ، قد هاجم تجمع لطفلات في حصة غنآء و رقص في إستوديو للرقص في مدينة سَاوثبُورت Southport ، و قتل منهن ثلاث (٣) ، و أصاب ثماني (٨) أخريات و رَاشِدَين (٢) بإصابات بالغة ، إستعدت جراحات عاجلة و حجز و عناية في المستشفيات...
و إذا كان هذا أنموذج لما قد يترتب على نشر الأخبار الكاذبة المفبركة و المضللة فليس من المستغرب أن يزداد القلق من تفاقم ظاهرة الإفك الإلكتروني ، خصوصاً إذا علمنا أن أجهزة الإتصالات الذكية المتطورة و تقنيات أسافير الشبكة العنكبوتية الممتدة و تطبيقات الوسآئط الإجتماعية المتعددة و المتجددة قد أتاحت دقة و سرعة في التواصل ربما تقارب مهارة و سرعة عفريت سيدنا سليمان عليه السلام ، هذا إن لم تتفوق عليه!!! ، و إذا ما كان الأمر كذلك فإنه من الطبيعي أن تقفز إلى الأذهان العديد من الأسئلة مثل:
- و ما العمل حيال ظاهرة الأخبار الإلكترونية المفبركة المتنامية؟...
- و ما هي الكيفية/الطريقة التي يتم التعامل بها معها؟...
- و كيف يُحَدُّ من آثارها الضارة؟...
و ما الذي يترتب على إنتشارها الواسع و السريع؟...
- و هل بالإمكان منعها؟...
- و هل يمكن مراقبتها و ضبطها؟...
- و هل يمكن محاسبة و معاقبة مروجيها إن هي تسببت في أضرار و أذى لأخرين؟...
- و من هو الذي سوف يتكفل بأتعاب التعويضات عن الأضرار و الأذى؟...
و أسئلة أخرى عديدة...
في الأوضاع المثالية تكون بداية التعامل مع الأخبار في التقصي و معرفة مصدر الخبر (صاحب الخبر) ، و التأكد من مؤهلاته و مصداقيته ، و كذلك الإجابة على أسئلة أساسية: أهو مصدرٌ محترمٌ و موثوقٌ به؟ ، أم أنه كَشَىَٰ مَشَىَٰ ساكت و كَتَبلَاص سَاي؟ ، أم أنه و كما تقول المصارنة في شمال الوادي أَيِّ كلام؟ ، أم أنه خبرٌ صادرٌ من الجهات إياه؟!!! ، الجهات صاحبة منصات و غرف الجِدَاد (الدجاج) الإلكتروني و الصقور الأسفيرية التي تمتلك المقدرات العجيبة على التحليق و الهجرة الإسفيرية و الدخول إلى مصارين و بيوت كلاوي الأجهزة الذكية و العَشعَشَة فيها ثم الشروع في ممارسة التصنت و التجسس و اللعب بالذاكرات الإلكترونية ، الجهات التي تمتلك الإمكانيات و المؤهلات و القدرات على السيطرة من على البعد و قرآءة و سلب المحتويات و مونتاجها و إعادة إنتاجها و بثها/نشرها ، أو حجبها ، أو إدخارها و إستخدامها عند الضرورة و الحاجة في اليوم الأسود أو عند اللزوم!!!...
و إذا ما عُلِمَ/عُرِفَ المصدر سَهُلَت عملية التحري من المصداقية ، و كذلك معرفة الغرض من الفبركة و التلفيق و المغزى من البث ، و لماذا النشر في هذا التوقيت أو ذاك ، و معرفة صاحب الخبر ليست بالأمر السهل لكنها أيضاً ليست بالعسيرة ، و تبدأ في الإجابة على السؤال عن من هو المستفيد من بث و إنتشار الخبر؟ ، و من سريان أثره/مفعوله في جمهور المتلقين/المتلقفين؟ ، و هذه الإجابات تستدعي/تستلزم إجرآء الإتصالات و التحريات الأولية عن المصدر: الملكية و التمويل و الإتجاهات الفكرية/الدينية/السياسية و أي معلومات أخرى إضافية...
أما الإجابة على بقية الأسئلة أعلاه فترتكز في المقام الأول على إعمال العقل و التفكير و التدبر و التدقيق في سياق الخبر ، و التمحيص في الكيفية و البيئة التي تمت فيها صياغة الخبر و إعداده ، و من المفترض أن تقود هذه التمارين إلى معرفة المعاني و المفاهيم المصاحبة للخبر و ما حولها و ما ورآءها ، و من الواضح إن مثل هذه التمارين تتطلب زمناً و جهداً يُبذلُ في نقد الخبر نقداً حرجاً ، مما يعني تفكيك الخبر حرف حرف و كلمة كلمة و جملة جملة و سطر سطر و فقرة فقرة و تمحيصه تمحيصاً دقيقاً ، و المرجو من مثل هذه التمارين هي أن تفضي/تخلص إلى قرآءة الخبر قرآءةً صحيحةً توضح المضامين و تكشف الملابسات المحيطة بالخبر و الهدف منه و الجهات من ورآءه ، و كذلك تلك المستهدفة و الأخرى المستفيدة من نشره و إنتشاره...
الوقاية من الآثار الضآرة المترتبة من أحاديث الإفك و الأخبار المفبركة تتطلب/تستلزم التوعية الجماهيرية و تنوير جمهور المتلقين/المتلقفين و تنبيههم إلى خطورة ظاهرة الإفك الإلكتروني المتعاظمة ، و ذلك حتى تستبين لهم حقيقة أمر جماعات الأفاكين المفبركين و زيفهم و ضلالهم ، و قد تفلح عمليات التوعية في الإجابة على بعض/كثير من الأسئله المطروحة ، لكن تبقى/تظل الإجابات على أمور المراقبة و الضبط و الحساب و العقاب عسيرة و معقدة ، فقد دلت التجارب و الشواهد على أن الأفراد و الشركات و الجهات التي تمتلك: الإمكانيات و التقنيات و المهارات و المنصات و حقوق التطبيقات و العضلات لها رؤى و أهداف ربما لا تتوافق مع الأرآء و الأفكار التي تساند المصلحة العامة و حقوق و سلامة و أمن جماهير المتعاملين (الزبآئن) مع الأجهزة الذكية و تطبيقاتها...
الخلاصة:
علاج ظاهرة الإفك الإلكتروني يكمن في التفكير و التدبر و التمحيص ، و في (تَروِيق المَنقَة) ، مما يعني التروي و عدم الإندفاع في الترويج للإفك و الأكاذيب عن طريق النقل و المشاركات و إعادة النشر...
أما الإجابة النهآئية فهي ضرورة إستخدام الذكآء الشخصي عوضاً عن الإعتماد التآم و الوثوق الكامل في الهواتف و الأجهزة الذكية و الذكآء الإصطناعي...
الختام:
و سوف يجد الراغبون في معرفة و قياس قدراتهم على فحص و تمحيص الزيف و الكذب و الضلال و قرآءة و تحليل الأخبار المفبركة و دراسة ظاهرة الإفك الإلكتروني و نقدها في المنشورات الصادرة من أفراد و منصات الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أبواقهم من الإعلاميين و أذنابهم من الناشطين و الأرزقية حقول و جبال بل كنوز من مواد الإفك يمكنهم إجرآء جميع تمارين المصداقية عليها...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأجهزة الذکیة الإجابة على یترتب على
إقرأ أيضاً:
بدء التسجيل الإلكتروني للمقبولين بالجامعة الافتراضية السورية لعدد من البرامج
دمشق-سانا
أعلنت الجامعة الافتراضية السورية البدء بالتسجيل الإلكتروني للمقبولين في مفاضلتها لفصل خريف 2024، لبرامج الحقوق والإعلام ودبلوم التأهيل التربوي وبرامج الماجستير، للذين قاموا بتسليم أوراقهم الثبوتية، دون الحاجة إلى مراجعة مقر الجامعة أو مراكز النفاذ.
وبينت الجامعة في صفحتها على فيسبوك اليوم، أن التسجيل وعمليات الدفع للطلاب تبدأ اعتباراً من اليوم ولغاية نهاية التسجيل في الخامس والعشرين من شباط الجاري.
وأوضحت أنه يمكن للطلاب داخل سورية والمقيمين خارجها دفع رسوم التسجيل عن طريق قنوات الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية، وبنك الشرق، والمؤسسة العامة للبريد في جميع المحافظات، بينما يمكن للطلاب المقيمين خارج سورية أو من غير السوريين الدفع المباشر باليورو والدولار، عن طريق المصرف التجاري وبنك الشرق أو شركة الفؤاد.
ووفق الجامعة فإن الطلاب الشرطيين الذين يتم تدقيق طلباتهم خلال الأسبوع المقبل يقومون بالتوجه إلى مراكز النفاذ لتسليم الأوراق الثبوتية خلال الأسبوع الذي يليه، عندما تصبح حالتهم Register وسيتم الإعلان عن مواعيد استلام الأوراق بالنسبة لهم.
ولفتت الجامعة إلى أنه بالنسبة لطلاب بقية البرامج سيتم الإعلان عن مواعيد استلام الأوراق الثبوتية الخاصة بهم ومواعيد التسجيل، كما سيتم إعلان نتائج مفاضلة منح المتفوقين وذوي الاحتياجات الخاصة وحملة الشهادات الثانوية من عام 2007 / 2008 وما قبل خلال الأسبوع المقبل.