د. صبرى محمد خليل / أستاذ فلسفة القيم الإسلامية فى جامعة الخرطوم

تيار وموقف الإستسلام والتخاذل الوطنى والقومى: هو تيار فكرى يضم مذاهب فكرية، قد تختلف فى المقدمات النظرية - الى درجة التناقض - ولكن يلزم منه - موضوعيا وبصرف النظر عن الشعارات التى يرفعها، والنوايا الذاتية لأنصاره- مواقف عملية ' سلبية' مضمونها عدم مقاومة العدوان الخارجى على الأمة، على كل المستويات " الرسمية او الشعبية ، المسلحة او السلمية.

.. " ، او السعى لإسترداد الحقوق الوطنية والقومية.

خصائصه : هذا التيار - الموقف يتصف بالخصائص التالية:

السلبية : فكما أشرنا أعلاه فإن مضمونة الكف عن الفعل " المقاوم والمطالب بالحقوق " .

التفكير السلبى " الجنائزى " : فهو احد أنماط التفكير السلبى " الجنائزى " ، الذى مضمونه- المنهجى - البقاء فى المرحلة الأولى ، من مراحل منهج حل المشاكل " اى مرحلة المشكلة " ، دون تجاوزها إلى مرحلة تالية " وضع الحل النظرى ، ثم تنفيذه فى الواقع بالعمل ". و إختلافة مع انماطه الأخرى، أنه نمط يتصل بالتعامل مع قضايا الجماعة " الوطن والأمة" ، وليس الفرد .

التخاذل الوطنى والقومى: وهو تيار - موقف مضمونة عدم التزام بالواجب" الوطني والقومي والديني" ، فى الحفاظ على الحقوق " الوطنية وااقومية والدينية " والدفاع عنها.

العمالة : وهو تيار يخدم موضوعيا - وبصرف النظر عن عن الشعارات المرفوعه والنوايا الذاتية - أهداف أعداء الأمة - واهمها سلب ثرواتها الطبيعية والاقتصادية - فهو يلزم منه العمالة " سواء بالوعى او بدون وعى".
صنيعة الاستعمار: فقد دعم الاستعمار " القديم والجديد " النخب التى تتبنى هذا التيار - الموقف ، عبر تاريخها، لأنة يفتك بقدره الأمة على مقاومة العدوان الخارجى ، ويخدم مصالحة بأدوات محلية.

الدعاوى التى يستند اليها والرد عليها : ويستند هذا التيار - الموقف إلى العديد من الدعاوى " اى الحجج غير السليمه منطقيا 'المتناقضه'، وغير الصادقه واقعيا ' تخالف الواقع ' ".

الفهم الخاطئ لقاعده "عدم الاستطاعة ": إن هذه القاعدة لا يلزم منها سقوط التكليف بالفعل " الواجب "- كما يفترض خطأ هذا التيار - الموقف ، فواجب الجهاد مثلا - وبتقرير النصوص - " ماضى إلى يوم القيامة "، ولا يسقط بعدم الإستطاعه.ولكن يلزم منها إعاده ترتيب كيفيات هذا الفعل ،حسب الوسع والطاقة " من راى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ".

عدم التمييز بين القوة الكمية والقوة الكيفية : فضلا عن أن هذا التيار- الموقف لا يميز بين القوة الكمية " العددية او المادية لمغتصب الحق " ، والقوة الكيفيه "القوه الكمية " المعنوية والاخلاقية لصاحب الحق ".

الخلط بين السلام والاستسلام: كما أن هذا التيار - الموقف يخلط بين السلام " الحقيقى " الذى لا يمكن أن يتحقق إلا بإسترداد الحقوق،اى بالربط بين قيمتى السلام والعدل ، والإستسلام او السلام الزائف ،الذى يفصل بينهما.

تيار فكرى محدود" : وهذا التيار - الموقف مهما إرتفع صوته ، وهو محدود فى نخب " اى شلل تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، ولو على حساب مصالح الأمة "، توجد - على وجه الخصوص - فى اوساط المتعلمين وسكان الحضر " المدن" ، وهو معزول مجتمعيا - وفى الغالب يستند الى أفراد او جماعات تضعف عندها علاقه الانتماء إلى مجتمعاتهم لاسباب متعدده - و لا يستمد قوته من تعبيره عن الإرادة الشعبية للأمة، ولكن من مصادر أخرى ، اهمها دعم القوى الخارجية له. فالمقصود بكونه "تيار فكرى" ، انه يضم مذاهب فكريه متعددة - كما اشرنا سابقا - وليس كون له انتشار واسع بين جماهير الأمة.

تيار وموقف المقاومة الشعبية " الأصيلة " : هو تيار فكرى شامل، يتحقق فى الواقع العملى ، فى مواقف بالغة التنوع، يعبر عن الإرادة الشعبية للأمة ، فى مقاومة اى عدوان خارجى،او اغتصاب لحقوقها.

خصائصه :

الشمول " الوطنى والقومى " وعدم الإحتكار " الحزبى او القبلى او الطائفى": فهذا التيار الفكرى يشمل جميع المذاهب والتيارات الفكرية التى يلزم منها موضوعيا تفعيل المقاومة - على المستوى النظري- وكل فئات الأمة "شعوبها وقبائلها وطوائفها"-على المستوى الإجتماعى ، فلا يجوز حصره فى حزب او طائفة او قبيله، فكل مقاومة قد تقوم بها هذه الوحدات الجزئية، تكون مقبولة من باب الإشتراك لا الإنفراد.

ضوابط المقاومة الشعبية :

مقاومة شعبية غير متطابقة او متناقضة مع المقاومة الرسمية : والأصل فى المقاومة ، التى تعبر عن إرادة الأمة، فى هذه المرحلة هى المقاومة الشعبية، غير المتطابقة مع المقاومة الرسمية " التى تقوم بها المؤسسات العسكرية الوطنية "، حتى لا تصبح اداه بيد نظام سياسى معين.وفى ذات الوقت غير المتناقضة معها،حتى لا تتحول إلى مليشيا حزبية او طائفية او قبلية.

التمييز بين المقاومة الشعبية الأصيلة والمقاومة المصطنعة: ويجب التمييز بين المقاومة الشعبية الأصيلة ، التى تعبر عن الإرادة الشعبية للأمة، والمقاومة الشعبية المصطنعة، اى التى تكونها أنظمة سياسية معينه " وطنية او اقليمية ". هذا التمييز يعنى أن الأولى هى الاصل، وان الموقف الصحيح من الثانية ليس القبول او الرفض المطلق، بل موقف تقويمي يقبلها متى ما اتسقت مع إرادة الأمة، ويرفضها متى ما تناقضت معها.

وطنية وقومية المقاومة: فالأصل أن المقاومة " الشعبية والرسمية " للعدوان الخارجى، تقع على عاتق الأمة وشعوبها المتعددة، وليس الأمم الأخرى، وإن كانت تشترك معها فى الدين ، وإذا كانت بعض هذه الأمم تدعم المقاومة الشعبية فى الأمة ، فإنه مشروط بعدم التعارض مع اهدافها ومصالحها الخاصة. وقبولنا لهذا الدعم "المشروط "، لا يلغى رفضنا لاى سياسات او ممارسات تقوم لها ضد إرادة الامة ، كإنتهاك السيادة الوطنية والقومية للامة، لأنها فى هذه الحالة تتحول إلى شكل اقليمى من أشكال الأستعمار.

الممكن: وهدف المقاومة الشعبية فى هذه المرحلة هو الانتقال مما هو كائن، إلى ما هو ممكن فقط، اى رد العدوان بما هو متاح ، أما الانتقال مما هو ممكن إلى ما ينبغى أن يكون ، اى التحرير التام للامة، واسترداد كافه حقوقها المغتصبه فهو هدف المقاومة الرسمية فى مرحله تاريخية تاليه.

نشاة المقاومة الشعبية المعاصره للامة: مشروع الشرق الأوسط الجديد " الإمبريالى - الصهيونى "، الذى يطبق فى منطقتنا العربية منذ العقد السابع من القرن الماضى ، هو مؤشر على بداية الحرب العالمية الثالثه - على الاقل فى المنطقة العربية -وقد نجح فى تعطيل إرادة الأمة على المستوى الرسمى ، من خلال الارتداد به من مرحله التجزئة على أساس شعوبى ( سيكس بيكو ١٩١٦)، إلى مرحلة التفتيت على أساس طائفى- قبلى( محاولة إقامة دويلات طائفية - قبلية )،مع بقاء الكيان الصهيونى كحارس لهذا التفتيت ، كما كان فى المرحلة السابقة حارس للتجزئة، لكن هذا المشروع فشل فى إلغاء إرادة الأمة، فقد اتاح تعطيلها على هذا المستوى" الرسمى " تفعيلها على المستوى الشعبى، ومن مظاهره
نشوء المقاومة الشعبية- السلمية والمسلحة- ضد مراحل ومظاهر وأدوات تطبيق هذا المشروع.

ضرورة الإرتقاء من التفعيل التلقائي إلى التفعيل القصدى : ونجاح المقاومة الشعبية فى الهزيمة التامه لهذا المشروع واهدافه ، يتوقف على ارتقائها من مرحلة التفعيل التلقائي " رد الفعل العفوى ، التلقائي، المؤقت "، إلى مرحلة التفعيل القصدى " الفعل المخطط ، العقلانى ، المستمر ' المؤسسى ' "

sabri.m.khalil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المقاومة الشعبیة إرادة الأمة على المستوى هذا التیار

إقرأ أيضاً:

غزة: "الأشغال" والدفاع المدني تطالبان سكان هذه المباني والأبراج بالإخلاء

طالبت المديرية العامة للدفاع المدني ووزارة الأشغال العامة في قطاع غزة ، اليوم السبت، المواطنين النازحين داخل المباني والأبراج السكنية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي سابقا، وتصنف بأنها خطرة بضرورة إخلائها، والتوجه إلى مراكز إيواء وأماكن سكنية آمنة.

وأكدت وزارة الأشغال العامة، في تصريح وصل وكالة سوا، أن فرقها المختصة أجرت جولات ميدانية للمباني المرتفعة والأبراج السكنية التي استهدفها جيش الاحتلال الإسرائيلي سابقا في محافظة غزة، وصنفت جزء منها بأنها خطرة آيلة للسقوط وغير صالحة للسكن.

وأضافت أنها أخطرت المواطنين الذين يسكنون هذه المباني والأبراج بضرورة إخلائها، والتوجه إلى أقرب مركز إيواء في منطقتهم.

وطالبت سكان "برج زهرة المدائن" بمنطقة الشاليهات غرب مدينة غزة، وسكان أبراج الكرامة شمالي محافظة غزة بوجوب إخلائها والتوجه إلى أماكن سكنية آمنة، نظرا لخطورة السكن فيها وهي آيلة للسقوط، محذرة أيضا السكان المقيمون في محيط هذه الأبراج وتطالبهم بإخلائها والتوجه إلى أماكن آمنة.

وأكدت وزارة الأشغال أنها تنسق حاليا مع الدفاع المدني لإزالة الأخطار من أبراج ومباني سكنية أخرى تم تصنيفها ضمن المباني الصالحة للسكن لكنها تحتاج إلى إزالة خطر كتل وحوائط اسمنية.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية معروف: إسرائيل قتلت 24 صحفية خلال حرب الإبادة على غزة صحة غزة: وصل مستشفيات القطاع 7 شهداء خلال 48 ساعة الماضية غزة: الإيجاز الأسبوعي لعمل طواقم الطوارئ الحكومية والخدمات المقدمة الأكثر قراءة إسرائيل تكشف تفاصيل إعادة جثمان أورون شاؤول من قطاع غزة – عملية خاصة الاحتلال يجرف منزلا شرق القرارة شمال خان يونس الاحتلال يقتحم بلدة قصرة جنوب نابلس الدفاع المدني ينشر ارشادات السلامة في المطاعم والمطابخ الشعبية خلال شهر رمضان عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الحراك الجنوبي يؤيد ويبارك إعلان قائد الثورة بشأن المهلة وإسناد غزة
  • مصطفى بكري: ما أحوجنا إلى روح العاشر من رمضان «روح القيم الأصيلة والتضحية والفداء»
  • المقاومة الشعبية بمحلية قلى تعلن جاهزيتها للمشاركة فى قافلة النصر الكبري المتوجهة لمحلية الجبلين
  • التيار سيطعن في الموازنة
  • المباسط في المدينة المنورة.. نكهة رمضان الأصيلة
  • نتنياهو والعودة إلى الحرب
  • مقتل 340 مدنيا علويا على يد قوات الأمن السورية منذ الخميس
  • غزة: "الأشغال" والدفاع المدني تطالبان سكان هذه المباني والأبراج بالإخلاء
  • ضبط 4 آلاف قضية سرقة تيار كهربائى فى 24 ساعة
  • اللاذقية.. هجوم على قيادة القوات البحرية والدفاع السورية تعلن استعادة السيطرة