شبكة اخبار العراق:
2025-03-10@03:20:22 GMT

النقد الجمالي والنقد الثقافي

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

النقد الجمالي والنقد الثقافي

آخر تحديث: 10 أكتوبر 2024 - 11:30 صمحمد صابر عبيد شغلت قضية العلاقة الإشكاليّة بين النقد الجمالي والنقد الثقافي مساحة واسعة من الدرس النقدي الحديث بأشكاله المتعددة والمختلفة، وربما تحوّل كلّ منهما إلى ما يشبه التيّار النقدي الذي يرتبط بأسس وقيم ومرجعية نظرية وفكرية معينة، ولا سيما النقد الثقافي الذي اقترح شبكة من الإجراءات النقدية الجديدة التي افترض أنها يجب أن تقوم على أنقاض النقد الجمالي، من خلال دعوة صريحة تقول بموت النقد الأدبي لأنه أصبح عاجزا عن الإيفاء بمتطلبات الوعي النقدي الحديث، وصار من الضروري بحسب رأي دعاة النقد الثقافي الانتهاء من النقد الأدبي والانفتاح على هذا النقد الجديد الذي يستجيب للرؤية الجديدة في المشار النقدي.

عرض المسألة على هذا النحو المثير الناقد عبد الله الغذامي في كتابه (النقد الثقافي) وفي كتب أخرى لاحقة كثيرة له، حيث يقول في دعوته هذه: (لقد أدّى النقد الأدبي دوراً مهماً في الوقوف على (جماليات) النصوص، وفي تدريبنا على تذوّق الجمالي وتقبّل الجميل النصوصي، مع هذا وعلى الرغم من هذا أو بسببه أوقع نفسه وأوقعنا في حالة من العمى الثقافي التام عن العيوب المختبئة من تحت عباءة الجمالي، وظلّت العيوب نموذجا سلوكيا يتحكّم فينا ذهنيا وعمليا، وحتى صارت نماذجنا الراقية – بلاغيا- هي مصادر الخلل النسقي)، ثم يواصل العرض بقوله: (وبما أن النقد الأدبي غير مؤهّل لكشف هذا الخلل الثقافي فقد كانت دعوتي بإعلان موت النقد الأدبي، وإحلال النقد الثقافي مكانه)، ويسترسل في إيضاح فكرته وبسط مقصديته من الجانب العملي الميداني بقوله: (ليس القصد هو إلغاء المنجز النقدي الأدبي، وإنما الهدف هو تحويل الأداة النقدية من أداة في قراءة الجمالي الخالص وتبريره (وتسويقه) بغض النظر عن عيوبه النسقية، إلى أداة في نقد الخطاب وكشف أنساقه، وهذا يقتضي إجراء تحويل في المنظومة المصطلحية)، وهو يسخّر كثيرا من الأفكار التي تخدم رؤيته في هذا المجال وتهيئ لمشروع نقدي جديد مغاير تماما لمفهوم النقد الأدبي.
 ولا شك في أن هذه القضية أثارت كثيرا من النقاش والسجال بين المتخصصين في الشأن الثقافي والفكري النقدي وعلى أنحاء مختلفة، وخضعت للكثير من النظر النقدي المعمّق على المستويات النقدية كافة. وعلى الرغم من أن ما طرحه الغذّامي يتوفر- في منظوره العام- على قدر كبير من الأهمية؛ بما يتكشّف عنه من عمق وبعد نظر ورؤية حضارية في خلق تصوّر جديد حرّ ومحطّم للتابوهات الثقافية، تلك التي هيمنت على أفكارنا وتسلّطت على رؤيتنا زمناً طويلاً، إلا أن العنف النظري الذي حفلت به طروحاته عكست حماسة زائدة تتجاوز حدود الرؤية الثقافية الطبيعية القائمة على الحوار والسجال والنقاش الحرّ، وتجور بذلك على سلامة المفاهيم وعلى صلاحية التاريخ الحافل للنقد الأدبي بكل تياراته ومدارسه وانجازاته، ولا يترك مجالا رحبا لقبول الآخر والتفاهم معه معرفياً.
 إن النقد الثقافي بالمستويات التي قدّمها الغذامي مهمة وضرورية جداً ضمن رؤيتها التي سخّر لها جهداً نظرياً في أكثر من مسار، ولا سيما فيما يتعلق بمعاينة النقد الأدبي ومستقبله إذ يمكن – بحسب رأيه- أن تسهم إسهاماً فاعلاً في ضبط إيقاع النقد الأدبي ومنعه من السقوط في الرجعية والتخلّف، وحثّه على المضي قُدُما في مشروعه الحضاري الجمالي لتعزيز الذوق الأدبي ودعمه، في سبيل حيوي أوسع وأعمق يخصّب آليات الفهم والتحليل والتفسير والتأويل. إلا أن الدعوة إلى الإلغاء في سياق آخر من سياقات هذه الدعوة إنما تنطوي ضرورةً على رؤية دكتاتورية لمحو الآخر، وهو ما يهدّم منطلقا مركزياً وجوهرياً انطلق منه الغذامي أساساً لدعم فكرته، إذ لا بأس من تجاور الأفكار وتصالحها واجتهادها وحتى تنافسها وتضادّها، والبقاء للأصلح كما يقال دائماً، إذ إن تاريخ النقد الأدبي لا يمكن شطبه بهذه السهولة لإحلال النقد الثقافي محلّه بلا قيد أو شرط، عبر فكرة وحيدة اخترقت الوسط وطلبت أن تتسيّده بلا منازع في دائرة لا تتعدى مجالاً ضيّقاً ومحدوداً جداً. والآن وبعد ما يقرب من سنوات عديدة مرّت على دعوة الغذامي لإحلال النقد الثقافي محل النقد الأدبي، لا يوجد ما يشير إلى أنها حققت النتائج التي كان يطمح إليها على الرغم من تعميق صورة النقد الثقافي عن طريق مزيد من التنظير له في كتب لاحقة كثيرة، فضلا عمّا تُرجم للنقد الثقافي من الثقافة النقدية الغربية، التي لم نجد في طروحاتها إجمالاً ما يشير إلى أنه بديل نهائي للنقد الأدبي كما طرح الغذامي ذلك.
   ونحسب- قدر تعلّق الأمر بآليات العمل النقدي وإجراءاته في فضاء النقد الأدبي العام- أن الرؤية التي يرتكز عليها النقد الثقافي مهمة جداً، ولا يمكن التغاضي عن خطورتها وأهميتها وجدواها في المجال النقدي وكيفياته الثقافية والحضارية، ويمكن تفعيلها بجانب النقد الأدبي الذي يشتغل على الجماليات التي لا غنى للذوق الإنساني الحضاري عنه، على النحو الذي يمكن أن يقوم النقد الثقافي بتوجيه النقد الأدبي من أجل تفادي السقوط في العيوب النسقية والتشعرن؛ على النحو الذي يقود إلى إنتاج قيم سلبية تخلخل بينة الشخصية العربية؛ واِنقاذه من هذه العيوب وتكييف أدواته للعمل بعيدا عن حضور النسق المضمر الذي يشتغل بآلية مضادة للنسق الظاهر في بعده النقدي الجمالي.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: النقد الثقافی النقد الأدبی

إقرأ أيضاً:

مكتبات "ديوان" تحتفل بـ23 عاماً من الإبداع والعطاء الثقافي

احتفلت مكتبات ديوان بمرور 23 عاماً على تأسيسها في حدث مميز أقيم في أحدث فروعها داخل مجرة بمدينة الشيخ زايد على أطراف مدينة القاهرة.

وشهد الاحتفال حضور عدد كبير من الشخصيات الأدبية، والكتاب، والمثقفين، والنقاد، بالإضافة إلى مجموعة من الصحفيين والإعلاميين توافدوا للاحتفال بهذه المناسبة البارزة في تاريخ الدار.

تأسيس ديوان.. ارتباط وثيق بيوم المرأة العالمي

تأسست مكتبات "ديوان" منذ 23 عاماً، واختير تاريخ التأسيس ليتزامن عن قصد مع اليوم العالمي للمرأة، تأكيداً على دور المرأة في الإبداع والثقافة.
أقيم الاحتفال مشتركاً بين ديوان للنشر التي تأسست في يناير 2022 ومكتبات ديوان، حيث تحتفلان معاً بهذا الإرث الثقافي، وبكل كاتبة أثرت المكتبة العربية والعالمية بأعمالها، وبكل امرأة ساهمت في رحلة ديوان، سواء من فريق ديوان أو من خلال الفن، الكتابة، الترجمة، المراجعة، أو ورش العمل، على مدار سنوات..
بهذا، تحتفل ديوان للنشر بمكتبات ديوان، وبكل امرأة كانت جزءاً من هذه المسيرة الثقافية الملهمة.

رؤية نسائية ملهمة وراء تأسيس ديوان

وتعليقاً على اختيار يوم المرأة العالمي تاريخاً لتأسيس ديوان قالت نهال شوقي إحدى مؤسسات ديوان: "كنا مجموعة من النساء اخترنا هذا اليوم لدعم النساء ومشاركتهن في هذه الرحلة الملهمة من الإبداع والعطاء. كانت رؤيتنا أن تكون ديوان مساحة آمنة للنساء في المكتبة والمقهى".

رحلة 23 عاماً من التحدي والإلهام

وقالت أمل محمود الرئيس التنفيذي لديوان: "الـ23 عاماً رحلة مذهلة لم تكن سهلة ولكنها ملهمة وتركيزنا بالأساس على الشباب لأنهم المستقبل".

ديوان.. شريك نجاح الكتّاب

وقالت الكاتبة رشا زيدان: "لديوان مكانة خاصة في قلبي لأنها المكتبة التي شاركتني كل نجاحاتي الأدبية فقد عقدت فيها أنجح توقيع لثلاثية "روح" كما أن آخر رواياتي "حواء آدم" اخترت أن تصدر عن ديوان للنشر لتظل الدار شريكة نجاحي".

رحلة ديوان.. من مكتبة محلية إلى منارة ثقافية عربية

وخلال الحفل، تم تسليط الضوء على رحلة مكتبات ديوان التي بدأت منذ أكثر من عقدين، لتصبح واحدة من أبرز المكتبات ودور النشر في العالم العربي، حيث ساهمت في تقديم مجموعة كبيرة من الكتب المميزة التي أغنت المكتبة العربية بنتاج أدبي رفيع.

كما تم التحدث عن الرؤية المستقبلية للدار، وخططها لتوسيع أنشطتها في السوق الأدبية، وتعزيز حضورها في المشهد الثقافي العربي والعالمي.


وكان الحفل أيضاً فرصة للاحتفاء بأحدث إصدارات الدار، حيث تم عرض مجموعة متنوعة من الكتب التي تغطي مجالات الأدب، الشعر، الرواية، والنقد، لاقت إعجاب الحضور.
وفي ختام الحفل، عبر مؤسسو ومديرو الدار والمكتبات عن امتنانهم وشكرهم لكل من دعم الدار طوال هذه السنوات، مؤكدين على استمرارية التزامهم بتقديم المحتوى الأدبي الرفيع والمساهمة في نشر الثقافة العربية بشكل أوسع.

مقالات مشابهة

  • صالون الملتقى الأدبي.. ثلاثة عقود من الإبداع والتأثير الثقافي
  • أحمد موسى يحذر على الهواء: سأقاضي الصفحات التي روجت لأكاذيب ضدي
  • مركز الإبداع الثقافي بجامعة طنطا ينظم دورة تدريبية بعنوان «كيف تكون إعلاميا متميزاً»
  • مكتبات "ديوان" تحتفل بـ23 عاماً من الإبداع والعطاء الثقافي
  • أميرة بو كدرة: إثراء المشهد الثقافي
  • ظاهرة المؤثرين: بين التغيير الثقافي وهدم الهوية الوطنية .
  • البنك المركزي: 47.4 مليار دولار حجم الاحتياطي النقدي بنهاية فبراير 2025
  • محافظ مطروح يتابع النشاط الثقافي خلال شهر رمضان
  • «ثقافة وسياحة أبوظبي» تعلن برنامجها الثقافي خلال رمضان
  • ثقافة وسياحة أبوظبي تعلن برنامجها الثقافي خلال رمضان