النقد الجمالي والنقد الثقافي
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
آخر تحديث: 10 أكتوبر 2024 - 11:30 صمحمد صابر عبيد شغلت قضية العلاقة الإشكاليّة بين النقد الجمالي والنقد الثقافي مساحة واسعة من الدرس النقدي الحديث بأشكاله المتعددة والمختلفة، وربما تحوّل كلّ منهما إلى ما يشبه التيّار النقدي الذي يرتبط بأسس وقيم ومرجعية نظرية وفكرية معينة، ولا سيما النقد الثقافي الذي اقترح شبكة من الإجراءات النقدية الجديدة التي افترض أنها يجب أن تقوم على أنقاض النقد الجمالي، من خلال دعوة صريحة تقول بموت النقد الأدبي لأنه أصبح عاجزا عن الإيفاء بمتطلبات الوعي النقدي الحديث، وصار من الضروري بحسب رأي دعاة النقد الثقافي الانتهاء من النقد الأدبي والانفتاح على هذا النقد الجديد الذي يستجيب للرؤية الجديدة في المشار النقدي.
عرض المسألة على هذا النحو المثير الناقد عبد الله الغذامي في كتابه (النقد الثقافي) وفي كتب أخرى لاحقة كثيرة له، حيث يقول في دعوته هذه: (لقد أدّى النقد الأدبي دوراً مهماً في الوقوف على (جماليات) النصوص، وفي تدريبنا على تذوّق الجمالي وتقبّل الجميل النصوصي، مع هذا وعلى الرغم من هذا أو بسببه أوقع نفسه وأوقعنا في حالة من العمى الثقافي التام عن العيوب المختبئة من تحت عباءة الجمالي، وظلّت العيوب نموذجا سلوكيا يتحكّم فينا ذهنيا وعمليا، وحتى صارت نماذجنا الراقية – بلاغيا- هي مصادر الخلل النسقي)، ثم يواصل العرض بقوله: (وبما أن النقد الأدبي غير مؤهّل لكشف هذا الخلل الثقافي فقد كانت دعوتي بإعلان موت النقد الأدبي، وإحلال النقد الثقافي مكانه)، ويسترسل في إيضاح فكرته وبسط مقصديته من الجانب العملي الميداني بقوله: (ليس القصد هو إلغاء المنجز النقدي الأدبي، وإنما الهدف هو تحويل الأداة النقدية من أداة في قراءة الجمالي الخالص وتبريره (وتسويقه) بغض النظر عن عيوبه النسقية، إلى أداة في نقد الخطاب وكشف أنساقه، وهذا يقتضي إجراء تحويل في المنظومة المصطلحية)، وهو يسخّر كثيرا من الأفكار التي تخدم رؤيته في هذا المجال وتهيئ لمشروع نقدي جديد مغاير تماما لمفهوم النقد الأدبي.
ولا شك في أن هذه القضية أثارت كثيرا من النقاش والسجال بين المتخصصين في الشأن الثقافي والفكري النقدي وعلى أنحاء مختلفة، وخضعت للكثير من النظر النقدي المعمّق على المستويات النقدية كافة. وعلى الرغم من أن ما طرحه الغذّامي يتوفر- في منظوره العام- على قدر كبير من الأهمية؛ بما يتكشّف عنه من عمق وبعد نظر ورؤية حضارية في خلق تصوّر جديد حرّ ومحطّم للتابوهات الثقافية، تلك التي هيمنت على أفكارنا وتسلّطت على رؤيتنا زمناً طويلاً، إلا أن العنف النظري الذي حفلت به طروحاته عكست حماسة زائدة تتجاوز حدود الرؤية الثقافية الطبيعية القائمة على الحوار والسجال والنقاش الحرّ، وتجور بذلك على سلامة المفاهيم وعلى صلاحية التاريخ الحافل للنقد الأدبي بكل تياراته ومدارسه وانجازاته، ولا يترك مجالا رحبا لقبول الآخر والتفاهم معه معرفياً.
إن النقد الثقافي بالمستويات التي قدّمها الغذامي مهمة وضرورية جداً ضمن رؤيتها التي سخّر لها جهداً نظرياً في أكثر من مسار، ولا سيما فيما يتعلق بمعاينة النقد الأدبي ومستقبله إذ يمكن – بحسب رأيه- أن تسهم إسهاماً فاعلاً في ضبط إيقاع النقد الأدبي ومنعه من السقوط في الرجعية والتخلّف، وحثّه على المضي قُدُما في مشروعه الحضاري الجمالي لتعزيز الذوق الأدبي ودعمه، في سبيل حيوي أوسع وأعمق يخصّب آليات الفهم والتحليل والتفسير والتأويل. إلا أن الدعوة إلى الإلغاء في سياق آخر من سياقات هذه الدعوة إنما تنطوي ضرورةً على رؤية دكتاتورية لمحو الآخر، وهو ما يهدّم منطلقا مركزياً وجوهرياً انطلق منه الغذامي أساساً لدعم فكرته، إذ لا بأس من تجاور الأفكار وتصالحها واجتهادها وحتى تنافسها وتضادّها، والبقاء للأصلح كما يقال دائماً، إذ إن تاريخ النقد الأدبي لا يمكن شطبه بهذه السهولة لإحلال النقد الثقافي محلّه بلا قيد أو شرط، عبر فكرة وحيدة اخترقت الوسط وطلبت أن تتسيّده بلا منازع في دائرة لا تتعدى مجالاً ضيّقاً ومحدوداً جداً. والآن وبعد ما يقرب من سنوات عديدة مرّت على دعوة الغذامي لإحلال النقد الثقافي محل النقد الأدبي، لا يوجد ما يشير إلى أنها حققت النتائج التي كان يطمح إليها على الرغم من تعميق صورة النقد الثقافي عن طريق مزيد من التنظير له في كتب لاحقة كثيرة، فضلا عمّا تُرجم للنقد الثقافي من الثقافة النقدية الغربية، التي لم نجد في طروحاتها إجمالاً ما يشير إلى أنه بديل نهائي للنقد الأدبي كما طرح الغذامي ذلك.
ونحسب- قدر تعلّق الأمر بآليات العمل النقدي وإجراءاته في فضاء النقد الأدبي العام- أن الرؤية التي يرتكز عليها النقد الثقافي مهمة جداً، ولا يمكن التغاضي عن خطورتها وأهميتها وجدواها في المجال النقدي وكيفياته الثقافية والحضارية، ويمكن تفعيلها بجانب النقد الأدبي الذي يشتغل على الجماليات التي لا غنى للذوق الإنساني الحضاري عنه، على النحو الذي يمكن أن يقوم النقد الثقافي بتوجيه النقد الأدبي من أجل تفادي السقوط في العيوب النسقية والتشعرن؛ على النحو الذي يقود إلى إنتاج قيم سلبية تخلخل بينة الشخصية العربية؛ واِنقاذه من هذه العيوب وتكييف أدواته للعمل بعيدا عن حضور النسق المضمر الذي يشتغل بآلية مضادة للنسق الظاهر في بعده النقدي الجمالي.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: النقد الثقافی النقد الأدبی
إقرأ أيضاً:
1400 جنيه للفرد سنوياً.. مفاجأة بشأن الدعم النقدي وموعد تطبيقه
يبحث الكثير عن تفاصيل الدعم النقدي الجديد، بعد تصريحات وزير التموين بشأن هيكلة منظومة الدعم، وحديثه السابق عن عزم الوزارة التحول إلى الدعم النقدي لما له من فوائد للمواطن والدولة، إذ أنه يضمن في المقام الأول وصول الدعم لمستحقيه ، في ظل وجود مناقشات داخل الحوار الوطني بشأن التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي.
موعد تطبيق الدعم النقديويهتم المواطنون بالتعرف على تفاصيل الدعم النقدي ومميزاته بعد الحديث عنه من قبل الحكومة، وتوجه الدولة للتحويل إليه بدلا من العيني؛ لضمان حصول المواطن على حقه وتقليل فرص الفساد المرتبطة بتوزيع السلع العينية، حيث يتم التحويل المالي بشكل مباشر، مما يقضي على البيروقراطية.
بعد تصريحات وزير التموين|تطبيق الدعم النقدي تدريجيا بداية 2025.. و200 جنيه نصيب الفرد موعد تطبيق الدعم النقدي والفئات المستحقة..التموين توضح بعد إلغاء الدعم العيني والتحول إلى النقدي.. قيمة المبلغ الشهري المقترح للفرد والأسرة|تفاصيل عدد الأفراد والدخل.. معايير تطبيق الدعم النقدي وموعد إقراره حال الموافقة عليه موعد تطبيق الدعم النقدييأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه الدكتور شريف فاروق، وزير التموين، أن تطبيق النظام الجديد لـ الدعم النقدي سيبدأ بشكل تدريجي مع بداية العام المالي 2025، بعد اكتمال التجارب الميدانية، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى لتحقيق التوازن بين تلبية احتياجات المواطنين وضمان استدامة النظام الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
من جانبه، قال الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الدعم النقدي أكثر حوكمة من الدعم العيني، لأنه يصل إلى المستحق مباشرة دون تصرف خارج المنظومة.
وأضاف الفقي، فى تصريحات خاصة لـ"صدى البلد": “لدينا 98 مليار جنيه قيمة دعم الخبز فى الموازنة العامة للعام المالي الحالي، أغلبها 90 مليار جنيه لدعم رغيف الخبز، بخلاف ما يقرب من 2.5 مليار جنيه نقاط لا يحصل فيها المواطن على الخبز كله على بطاقة التموين، حيث إن ما يتم توفير من خبز على بطاقة التموين يحصل بها على نقاط تبلغ قيمتها 10 قروش، وهذا يعنى أنه دعم أيضا”.
1400 جنيه فى العاموأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: “حينما نقسم 98 مليار جنيه قيمة دعم الخبز على 70 مليون مواطن مستحق للدعم، فإن كل فرد سيحصل على 1400 جنيه فى العام، ولو قسمنا 1400 جنيه على 12 شهرا سيحصل كل فرد على 100 جنيه، وإذا كانت هناك بطاقة تموين بها 4 أفراد ستحصل الأسرة كلها على 400 جنيه”.
وكشف عن أنه فى حال التحول من الدعم العيني إلى دعم نقدي، وكل فرد يحصل على زيت وسكر فى بطاقة التموين 50 جنيها، فإن كل فرد سيحصل على دعم نقدي بقيمة 200 جنيه، وإذا كانت هناك أسرة مكونة من 4 أفراد ستحصل الأسرة كلها على دعم نقدي بقيمة 800 جنيه.
وتابع: “آلية التحول من الدعم العيني إلى دعم نقدي على بطاقة التموين وقيمة الدعم الدعم النقدي ستكون متروكة لإدارة الحوار الوطنى لتحديدها، بالتنسيق مع الحكومة، للتوصل إلى أفضل شيء للمواطن، بحيث يصل الدعم إلى كل المستحقين
موعد تطبيق الدعم النقدي636 مليار جنيهفي لقاء تليفزيوني سابق، تحدث الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، عن أهمية إيصال الدعم إلى مستحقيه، مشيرا إلى أن قيمة الدعم الدعم بصورته الكبيرة الذي توجهه الدولة للمواطنين يفوق 636 مليار جنيه، وفيما يخص الدعم السلعي والخبز فإنه يتخطى 135 مليار جنيه.
وتابع وزير التموين والتجارة الداخلية، أن في سنوات سابقة كان هناك مبلغ خرج في صورة دعم نقدي 50 جنيها للسلعة، لكن المواطن ظل يحصل على مبلغ أكبر من ذلك.
وأوضح الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن المواطن ظل يحصل على مبلغ 50 جنيها على بطاقة التموين وسكر بـ12.5، بالإضافة إلى زجاجة زيت، وبالتالي هو رقم أقل من السوق.
موعد تطبيق الدعم النقدي وإلغاء دعم السلعوأشار الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، إلى أن فاتورة الدعم 135 مليار جنيه بالإضافة إلى كانت 63 مليار جنيه تحملتها الدولة في فرق توفير هذه السلع، مستدركا أن الدولة لم ترفع يدها عندما حصل المواطن في السابق على جزء من السلع وبالتالي لن ترفع يدها.
وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الحكومة لديها إصرار على أن يصل الدعم لمستحقيه.
موعد تطبيق الدعم النقديوزير التموين الدكتور شريف فاروق، قال إنه سيجري البدء في تطبيق نظام الدعم النقدي في مناطق معينة على نحو تجريبي، مع بداية الموازنة الجديدة لعام 2025، وستكون هذه الخطوة خطوة أولى نحو تنفيذ النظام على مستوى أوسع، بعد مراجعة نتائجه ومدى استجابة المواطنين له.
وأكد الوزير أن هذه الخطوة تتضمن التركيز على تنفيذ النظام وفق خطط مدروسة تستجيب لاحتياجات المواطنين المختلفة.
بعد إلغاء بطاقات التموين .. 10 فئات محرومة من الدعم النقديوأشار الوزير إلى وجود عدة أشكال للدعم النقدي، تشمل الدعم النقدي المشروط والدعم النقدي الكامل، وسيتحدد شكل الدعم بناءً على قواعد البيانات المتاحة والقدرة الاستيعابية للدولة في تقديم الدعم.
وأكد أنه على الرغم من التحديات، فإن المبلغ المرصود للدعم في العام المالي الجاري أكبر من المبلغ الذي جرى رصده في العام المالي السابق، ما يعكس التزام الحكومة بتحسين أوضاع المواطنين.
موعد تطبيق الدعم النقديوكشف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي سابق،: “ما نأمله أن نبدأ بدايات مراحل أولى من تطبيقه خلال العام المالي القادم إذا حدث توافق عليه، مؤكدا أن تفاصيل التنفيذ هي الأهم؛ لضمان عدم حدوث أي مشاكل قد تؤثر على فعالية الفكرة".
وقبل إلغاء بطاقات التموين، سيجري حرمان عدد من الفئات من هذا الدعم، بحسب ما أعلنت وزارة التموين، إذ تعكف الحكومة حاليًّا على تطبيق الدعم النقدي بدلا من الدعم العيني المعمول به، وتجري مناقشة هذا الملف تمهيدًا لتطبيقه خلال الفترة المقبلة، بعد انتهاء مناقشته في الحوار الوطني.
بعد إلغاء بطاقات التموين .. 10 فئات محرومة من الدعم النقديفوائد التحول للدعم النقديهناك عدة فوائد للتحول إلى الدعم النقدي بدلا من العيني بعد تصريحات وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور شريف فاروق أمام مجلس النواب حول دراسة وزارة التموين آليات التحول إلى الدعم النقدي الكامل أو المشروط.
1- يتميز الدعم النقدي بتقليل فرص الفساد المرتبطة بتوزيع السلع، إذ يتم التحويل المالي بشكل مباشر، ما يعزز العدالة بين المواطنين.
2- الدعم النقدي من خلاله تضمن الدولة وصول المساعدات إلى الفئات المستحقة مباشرة، ما يقلل من فرص الفساد والتسرب في منظومة الدعم العيني.
3- يتميز بمنح المواطنين خيارات متعددة عند اقتناء السلع التي يرغبون في شرائها، ولا يلزمهم بمنتجات بعينها من خلال الدعم النقدي.
4- يعمل الدعم النقدي على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والارتقاء بمستوى المعيشة.
5 - الدعم النقدي يعزز الاستقرار المالي للدولة، ما يؤدي إلى تقليل الأعباء عليها.
6 -تحقيق العدالة الاجتماعي حيث يتيح الدعم النقدي توجيه المساعدات بشكل أكثر عدالة، حيث يمكن للأسر الأكثر احتياجًا استخدام الدعم بالطريقة التي تناسبهم سواء كانت غذاءً، أو سكنًا، أو خدمات صحية.
7- رفع كفاءة منظومة الدعم من خلال تخصيص الموارد الحكومية حيث يتم توجيه الدعم بشكل أكثر دقة وفعالية.
8- تحفيز الاقتصاد، إذ يتيح الدعم النقدي حرية الإنفاق، يتم تشجيع الطلب على السلع والخدمات، مما يعزز الاستهلاك الداخلي ويساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي.