ميلتون وهيلين.. لم باتت الأعاصير الأميركية أشد تدميرا؟
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
ضرب إعصار ميلتون ولاية فلوريدا الأميركية في نطاق الفئة الثالثة يوم الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول برياح بلغت سرعتها 160 كيلومترا في الساعة، الأمر الذي ضغط بشدة على الساحل الذي لا يزال مدمرًا بسبب إعصار هيلين.
ولا يزال الوضع يشكل حالة طوارئ كبرى حيث سجلت مناطق عدة كميات شديدة من الأمطار دفعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية إلى التحذير من حدوث فيضانات مفاجئة، وانقطع التيار الكهربائي عن أكثر من مليوني منزل وشركة في ولاية فلوريدا.
لم يعلن عن عدد القتلى بسبب الإعصار ميلتون بعد، لكن على الجانب الآخر كان إعصار هيلين مدمرًا بشكل لا يصدق، حيث وصل إلى في الفئة الرابعة برياح بلغت سرعتها 210 كيلومترات في الساعة، وتسبب في فيضانات هائلة، ولقي ما لا يقل عن 45 شخصًا حتفهم، وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 4.5 ملايين شخص في 6 ولايات، مع أضرار بقيمة مليارات الدولارات.
بالطبع، ذلك هو موسم الأعاصير في تلك المنطقة من العالم، لكن قبل سنوات سجلت مراكز بحوث الأعاصير رقمًا قياسيا جديدًا، إذ حدث لأول مرة أن اجتمع إعصاران معًا تتخطى سرعة كل منهما 240 كيلومترا في الساعة، إنهما إعصارا إيرما وخوسيه اللذان ضربا سواحل المحيط الأطلسي في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
كان إيرما قد سجل منفردًا رقمًا قياسيا جديدًا بالاستمرار في الضرب بسرعة تقترب من 300 كيلومتر في الساعة لمدة تزيد على 65 ساعة متواصلة، وهو بذلك يكسر رقما كارثيا سابقا لإعصار ألين في المكسيك بالاستمرار في مرحلة الذروة لمدة 18 ساعة فقط.
وقد ارتفع عدد الأعاصير من المقياس 4 و5 -تلك التي ترتفع سرعة الرياح فيها عن 200 إلى 250 كم في الساعة- من معدل 10 أعاصير في السنة في سبعينيات القرن الفائت ليصل في التسعينيات إلى 18 إعصارًا في السنة.
لكن لم تتطور الأعاصير فتصبح أشد قوة وتدميرا؟ يعتقد العلماء أن التغير المناخي له دور كبير في هذا الأمر، فلا يمكن بالطبع التحديد إن كان إعصار بعينه قد تأثر بالتغير المناخي، لكن في المجمل يبدو أن هذا هو ما يحدث.
ويجري ذلك على كل المناطق التي تضربها الأعاصير في العالم وبشكل خاص شمال غربي المحيط الأطلسي (الولايات المتحدة) ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا الوسطى، وكذلك شمال غربي المحيط الهادي، بما في ذلك دول مثل اليابان والصين والفلبين، إلى جانب عدد آخر من المناطق المتفرقة التي تطل على محيطات العالم.
هناك 3 عوامل أساسية تربط بين التغير المناخي وشدة الأعاصير، أولها ذو علاقة بارتفاع درجة حرارة سطح الماء في بحار العالم ومحيطاته، وما يربطه بالأعاصير هو ببساطة أن أي إعصار يستقي طاقته من تلك الحرارة حيث يستخدمها لتغذية ماكينته الضخمة.
لذلك أصبح من المؤكد لنا أنه كلما ارتفعت متوسطات درجة الحرارة في العالم (درجة الاحتباس الحراري)، أصبحنا عرضة لأعاصير، لأن مياه المحيطات تصبح أسخن، وربما يشرح ذلك التأثير التدميري المتعاظم للإعصار إيرما تحديدا الذي نشأ في منطقة من المحيط ترتفع درجة حرارة سطحها بمقدار درجة مئوية واحدة عن المتوسط.
أما العامل الثاني الذي يتدخل في تلك العلاقة فيرتبط بارتفاع مستوى سطح البحر، وتشير دراسة نشرت في دورية "بي إن إيه إس" إلى ارتباط وثيق بين ارتفاع مستوى سطح البحر ودرجة قوة الأعاصير وكارثيتها في أماكن عدة.
يحدث ذلك لأن ارتفاع مستويات سطح البحر يسمح للأعاصير بأن تدفع مزيدا من المياه إلى الشاطئ أثناء العواصف، مما يؤدي إلى فيضانات أشد. ومع ارتفاع مستويات سطح البحر، يمتص المحيط مزيدا من الحرارة، ومن ثم ترتفع درجات حرارة المحيط.
يرفع ذلك من معدلات الأعاصير الكبيرة التي تحدث بمعدل "مرة في القرن" لتصبح "مرة كل 10 سنوات"، كذلك مع زحف البحر والمحيط على المدن الساحلية ترتفع خطورة ضرب تلك السواحل بأعاصير كارثية بمعدلات كبيرة.
أما العامل الثالث الذي يساعد في رفع كم الفيضانات المحتملة بسبب الأعاصير إلى أرقام كارثية فيتعلق بارتفاع درجة حرارة الهواء، إذ إن ارتفاع درجة حرارة الهواء يساعد على تحمل درجات أكبر من الرطوبة. فحسب معادلة "كلاوزيوس-كلابيرون"، يرتفع متوسط نسبة الرطوبة بمعدل 3% مع كل ارتفاع بمعدل 0.5 درجة مئوية في حرارة الطقس، وذلك يعني أكثر من 7% تقريبًا بالنسبة للوضع العالمي الحالي الذي ارتفعت فيه الحرارة بمقدار أكبر من درجة.
ويعني هذا الارتفاع في نسبة الرطوبة ارتفاعا مماثلًا في كم الأمطار الساقطة أثناء الإعصار والتي تتسبب في فيضانات غير مسبوقة.
في هذا السياق، رصد العلماء عددا من الظواهر المقلقة، فمثلا أصبحت الأعاصير الآن أكثر عرضة للتكثف السريع، مما يعني أنها يمكن أن تشتد بسرعة تزيد على 56 كم/ساعة في أقل من 24 ساعة، هذا التكثف السريع للإعصار يجعله أخطر لأنه يمنح المجتمعات وقتًا أقل للاستعداد للظروف القاسية.
أصبحت هذه الظاهرة أكثر شيوعًا لأن المياه الأكثر دفئًا والظروف الجوية المواتية توفر زيادة في الطاقة، مما يتسبب في تطور العواصف إلى أعاصير قوية بسرعة كبيرة.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الأعاصير تتحرك بشكل أبطأ مما كانت عليه في السابق، أي إنها تقضي وقتًا أطول في مكان واحد، مما يؤدي إلى هطول مزيد من الأمطار والتسبب في فيضانات مطولة.
إلى جانب ذلك، يؤثر الاحتباس الحراري العالمي على أنماط الرياح في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يسمح بتكوين مزيد من الأعاصير وزيادة قوتها، واستمرارها مدة أطول.
ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يبدأ موسم الأعاصير مبكرًا عن المعتاد، ويستمر مدة أطول، مما يمنح العواصف مزيدا من الوقت للتكون والقوة.
في النهاية، وعلى الرغم من أن الفرق البحثية قد تختلف في قوة هذا العامل أو ذاك في التأثير على الأعاصير، فإنهم يتفقون جميعا على أن الأعاصير أكثر قوة في المقام الأول لأن المحيطات أصبحت أكثر دفئًا بسبب تغير المناخ ومعها الغلاف الجوي، ويشكل ذلك تهديدا متزايدا للمجتمعات الساحلية ويتطلب تخطيطًا أفضل وإستراتيجيات تكيف للحد من التأثيرات المحتملة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات درجة حرارة فی الساعة سطح البحر
إقرأ أيضاً:
تغييرات مفاجئة في درجات الحرارة.. حالة الطقس الآن بالمدن والمحافظات
الطقس.. تشهد العديد من محافظات مصر تغييرات مفاجئة في حالة الطقس، حيث توقعت هيئة الأرصاد الجوية اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة على أغلب الأنحاء، مما يسبب طقسًا شديد الحرارة خلال فترات النهار على معظم مناطق الجمهورية، بينما يتحول الطقس إلى معتدل ليلاً.
وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص درجات الحرارة، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.
ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارةسجلت الهيئة درجات حرارة مرتفعة في مختلف المدن، حيث وصلت درجات الحرارة في القاهرة الكبرى إلى 39 درجة مئوية، بينما تجاوزت درجات الحرارة في بعض مناطق جنوب البلاد، مثل أسوان والأقصر، حاجز الـ 43 درجة مئوية. وتستمر الحرارة المرتفعة اليوم لتشمل معظم المناطق، مع انخفاض تدريجي في درجات الحرارة بدءًا من شمال البلاد في اليومين القادمين.
- القاهرة: سجلت الهيئة درجة حرارة عظمى تبلغ 39 درجة مئوية، مع صغرى 27 درجة مئوية.
- الإسكندرية: درجات حرارة معتدلة نسبيًا، حيث وصلت العظمى إلى 34 درجة مئوية، والصغرى 21 درجة مئوية.
- أسوان: سجلت أعلى درجة حرارة 43 درجة مئوية، مع صغرى 27 درجة مئوية.
- الإسماعيلية: سجلت درجة حرارة عظمى بلغت 41 درجة مئوية، وصغرى 25 درجة مئوية.
الرياح المثيرة للأتربة والرمالوتتوقع الهيئة أيضًا نشاطًا في الرياح على معظم الأنحاء، خاصة في المناطق المكشوفة والصحراوية، مما قد يؤدي إلى إثارة الرمال والأتربة وتدني الرؤية. ويُتوقع أن تتأثر بعض الطرق الرئيسية، خاصة في سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر، بهذه الرياح، مما يستدعي توخي الحذر أثناء القيادة في هذه المناطق.
ونصحت هيئة الأرصاد الجوية المواطنين بضرورة اتخاذ احتياطات الأمان خلال هذه الموجة الحارة، وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة في ساعات الذروة، التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة. كما شددت على ضرورة شرب كميات كافية من الماء للحفاظ على ترطيب الجسم، وارتداء الملابس المناسبة للأجواء الحارة.
حالة البحرفيما يخص الأحوال البحرية، أشارت الهيئة إلى أن البحر المتوسط سيكون معتدلًا إلى مضطرب، حيث يتراوح ارتفاع الأمواج بين 1.50 و2.25 متر، وهذا يسمح لحركة الملاحة البحرية، وخاصة للمراكب الصغيرة والمتوسطة، بالاستمرار بشكل طبيعي.
اقرأ أيضاًإغلاق ميناء نويبع البحري بسبب الطقس السيئ
الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الثلاثاء.. بيان بدرجات الحرارة