الأسبوع:
2024-10-10@10:25:12 GMT

الشرق الأوسط الكبير ومسار طريق سيدنا إبراهيم ‏

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

الشرق الأوسط الكبير ومسار طريق سيدنا إبراهيم ‏

ما بين الماضي البعيد والحاضر الذي يحاول أن يتمخض عن مستقبل كما خطط له ذلك الماضي، تدور الحرب الحالية التي تقودها إسرائيل في الشرق الأوسط لتنفيذ ما تم التخطيط له علي يد الأب الروحي لذلك المخطط وهو برنارد لويس الذي يحمل الجنسية البريطانية الأمريكية والديانة اليهودية.. ولد عام 1916 وتوفي عام 2018 تخصص في تاريخ بلاد الشرق الأوسط، وتكلم العديد من اللغات منها العربية والعبرانية والفارسية والإنجليزية والفرنسية والآرامية.

وانتقل في السبعينيات إلى أمريكا، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 1982.

وتتلخص رؤيته عن "الشرق الأوسط الجديد» إن سكان تلك الدول قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم، وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم، واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان.. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم، أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال لديهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك: إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع من أن تكون مهمتنا المعلنة هي: تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ويجب أن تقوم أمريكا بالضغط على قياداتهم (دون مجاملة ولا لين ولا هوادة) ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الفاسدة، ولذلك، يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا وتدمر الحضارة فيهما.

ومن هنا نلاحظ إن مخطط برنارد لويس قد حقق العديد من أهدافه في دول المنطقة بعد أن سخرت الولايات المتحدة ومن ورائها دول الغرب كثير من الإمكانيات والأدوات عبر عشرات السنوات، ومن أهم الأدوات التي تم استخدامها هي العولمة الثقافية التي رمت إلي تهجين ثقافي لشعوب المنطقة أدت إلى توطين ثقافة مغتربة مرتبطة بالأيدولوجيات الدينية أو الأثنية أو القبلية التي حلت مكان الثقافة القومية الوطنية وفكت الكثير من ارتباط شعوب المنطقة بعمق هويتهم وتاريخ أوطانهم.

وطبقا للمتغيرات السياسية يتم تحديث مسميات مختلفة جميعها ترتبط ارتباطا كليا بأهداف المخطط ففي عام 1992 أصدر شيمو بيربز كتاب " الشرق الأوسط الجديد" والذي يعتبر امتداد لمخطط برنارد لويس فهو يجعل إسرائيل المحرك، والقائد، والموجه عن طريق التعاون الفيدرالي في مشروعات تنموية، وإقامة نظام إقليمي متكامل في المنطقة.

وإلحاقا لرؤية برنارد وشيمون هناك وثيقة صدرت في جامعة هارفارد عام 2013 سميت "مسار إبراهيم"، ووثيقة رسمية أخري صدرت عن جامعة فلوريدا الأميركية عام 2015 تتحدث عن "الاتحاد الفدرالي الإبراهيمي".، ففي عهد إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن عام 2004 تم طرح مصطلح "يهودية الدولة الإسرائيلية"، ثم إدارة سلفه باراك أوباما التي تحدثت عن دور القادة الروحانيين في المنطقة العربية، وظهرت حينها وثائق ومستندات عن "الديانة الإبراهيمية"، ثم جاء دونالد ترامب ليضع الأسس التطبيقية والعملية في إطار أوسع سمي "صفقة القرن"، وبعده جاء الرئيس الحالي جو بادين ليؤكد مثل هذه التوجهات.

وما بين مخطط الشرق الأوسط الجديد أو المسار الإبراهيمي والديانة الإبراهيمية وصفقة القرن، يأتي المسمى الحقيقي للمخطط وهو " مملكة داوود من النهر للفرات" وبالنظر إلي الدول التي نجح فيها مخطط برنارد لويس ومسار طريق سيدنا إبراهيم ارتباط وثيق جدا بتحقيق الحلم المزعوم لمملكة داوود، فمسار سيدنا إبراهيم جاء عبر العديد من الدول، التي نجح فيها المخطط، والآن الحرب بدأت منذ عام من غزة، ومن ثم في لبنان.. فهل تمتد إلي باقي دول مسار طريق سيدنا إبراهيم؟ لتحدث التغيير الديموغرافي والثقافي، والسياسي، والاقتصادي لكي تكون إسرائيل القائد والمحرك، ونربط ذلك كله بطريق الحرير الصيني الذي يمر ببعض دول مسار سيدنا إبراهيم ويكون مرتكزه الأهم في مصر على سواحل البحرين وقناة السويس، وهنا الصراع ما بين النظام العالمي القائم والتي تمثله إسرائيل ومخطط برنارد لويس، والنظام العالمي القادم والذي يمثله طريق الحرير الصيني وتمطيه روسيا والصين ومجموعة دول البريكس، وفي كل ذلك ما زالت مصر تمثل حجر الزاوية لذلك الصراع القوي، وستكون كلمة السر في تحديد الكثير من مما هو قادم لدول المنطقة.

مصطفى بكري: ما يحدث في السودان الحلقة الثانية لمخطط الشرق الأوسط الكبير

رغم ضعف الطلب.. أسعار النفط العالمية ترتفع بفعل توترات الشرق الأوسط

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: صفقة القرن دول البريكس الشرق الأوسط الكبير سیدنا إبراهیم الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

شيغيرو إيشيبا: المهندس الخفي للنفوذ الياباني في الشرق الأوسط

 

 

أ. د.  حبيب البدوي **

 

في عالم السياسة اليابانية المعاصرة، يبرز اسم شيغيرو إيشيبا كشخصية محورية ومثيرة للجدل، بخاصة في علاقته مع العالم العربي. ولد إيشيبا في الرابع من فبراير عام 1957، ونشأ في عائلة سياسية عريقة؛ حيث شغل والده منصب حاكم محافظة توتوري لسنوات عديدة.

هذه الخلفية العائلية مهدت الطريق لإيشيبا ليصبح أحد أبرز السَّاسة في اليابان، وليترك بصمته على السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، بما في ذلك علاقاتها مع العالم العربي.

بدأ إيشيبا مسيرته السياسية في سن مبكرة؛ حيث انتخب لعضوية مجلس النواب الياباني عام 1986 وهو في التاسعة والعشرين من عمره. منذ ذلك الحين، تدرج في المناصب السياسية، مكتسبًا خبرة واسعة في مجالات متنوعة، أبرزها الزراعة والدفاع. وقد تجلت هذه الخبرة في توليه منصب وزير الدفاع من عام 2007 إلى 2008، ثم منصب وزير الزراعة والغابات ومصايد الأسماك من 2008 إلى 2009. هذه المناصب الوزارية، إلى جانب دوره كأمين عام للحزب الليبرالي الديمقراطي من 2012 إلى 2014، منحته نفوذًا كبيرًا في صياغة السياسات اليابانية، بما فيها تلك المتعلقة بالشرق الأوسط والعالم العربي.

ولفهم تأثير إيشيبا على العلاقات اليابانية-العربية، من المهم أولًا إدراك السياق التاريخي لهذه العلاقات؛ فاليابان، كقوة اقتصادية عالمية، لطالما اعتمدت بشكل كبير على واردات النفط من الشرق الأوسط. هذا الاعتماد شكل محورًا أساسيًا في سياسة اليابان الخارجية تجاه المنطقة لعقود. ومع ذلك، فإن دور طوكيو في الشؤون السياسية للمنطقة ظل محدودًا نسبيًا، وذلك بسبب القيود الدستورية على استخدام القوة العسكرية والتزامها التقليدي بسياسة خارجية سلمية.

في هذا السياق، جاء صعود إيشيبا في السياسة اليابانية ليضيف بعدًا جديدًا للعلاقات مع العالم العربي. وخلال فترة توليه منصب وزير الدفاع، سعى إيشيبا إلى إعادة تعريف دور اليابان في الأمن الإقليمي للشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن اليابان لم تكن قادرة على المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية في المنطقة، إلّا أن إيشيبا دفع باتجاه زيادة التعاون الأمني مع الدول العربية، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب وأمن الملاحة البحرية.

وأحد أبرز إسهامات إيشيبا في هذا المجال كان دعمه لتوسيع مشاركة قوات الدفاع الذاتي اليابانية في مهام حفظ السلام الدولية. وعلى الرغم من أن هذه المشاركة كانت محدودة بالمهام غير القتالية، إلا أنها مثلت تحولًا مهمًا في السياسة اليابانية تجاه المنطقة. فقد ساهمت هذه الخطوة في تعزيز صورة اليابان كشريك فعّال في الأمن الإقليمي، وفتحت الباب أمام مزيد من التعاون مع الدول العربية في مجالات التدريب وتبادل الخبرات الأمنية.

لم يقتصر تأثير إيشيبا على الجانب الأمني فحسب؛ بل امتد ليشمل العلاقات الاقتصادية أيضًا. فخلال فترة توليه منصب وزير الزراعة والغابات ومصايد الأسماك، عمل على تعزيز التعاون الزراعي مع الدول العربية. وقد تجلى ذلك في زيادة الصادرات الزراعية اليابانية إلى المنطقة، خاصة المنتجات عالية الجودة مثل الفواكه والأرز. كما شجع على نقل التكنولوجيا الزراعية اليابانية المتقدمة إلى الدول العربية، مما ساهم في تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.

في مجال الطاقة، كان لإيشيبا دور في تشكيل سياسة اليابان تجاه مصادر الطاقة في الشرق الأوسط. فقد دعم تنويع مصادر الطاقة لليابان، مع الحفاظ على علاقات قوية مع الدول المصدرة للنفط في المنطقة. وقد انعكس هذا النهج في زيادة الاستثمارات اليابانية في مشاريع الطاقة المتجددة في بعض الدول العربية، إلى جانب استمرار الاعتماد على واردات النفط التقليدية.

وعلى الصعيد السياسي، اتسم موقف إيشيبا تجاه القضايا الرئيسية في العالم العربي بالحذر والدبلوماسية. ففيما يتعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي، حافظ على موقف اليابان التقليدي الداعم لحل الدولتين، مع التأكيد على أهمية الحوار والمفاوضات. وفي الوقت نفسه، سعى إلى توسيع دور اليابان كوسيط محتمل في عملية السلام، مقترحًا مبادرات اقتصادية لدعم التنمية في الأراضي الفلسطينية.

أما فيما يخص الأزمات في سوريا والعراق، فقد دعم إيشيبا نهجًا متوازنًا يجمع بين تقديم المساعدات الإنسانية ودعم الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار. وقد تجلى ذلك في زيادة المساعدات اليابانية للاجئين السوريين، والمساهمة في جهود إعادة الإعمار في العراق. هذا النهج عزز من صورة اليابان كقوة ناعمة في المنطقة، قادرة على المساهمة في حل الأزمات دون التورط المباشر في الصراعات العسكرية.

ويمتد تأثير إيشيبا ليشمل أيضًا مجال التبادل الثقافي والتعليمي بين اليابان والعالم العربي. فقد دعم بقوة برامج التبادل الطلابي، مشجعًا الطلاب اليابانيين على الدراسة في الجامعات العربية، وفي المقابل، استقطاب المزيد من الطلاب العرب للدراسة في اليابان. هذه المبادرات ساهمت في تعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافتين، وخلقت جسورًا للتواصل بين الشعوب تتجاوز العلاقات الرسمية بين الحكومات.

وفي مجال البحث العلمي والتكنولوجي، شجع إيشيبا على تعزيز التعاون بين المؤسسات البحثية اليابانية ونظيراتها في العالم العربي. وقد تجلى ذلك في زيادة عدد المشاريع البحثية المشتركة، خاصة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، وإدارة المياه، والزراعة في المناطق القاحلة. هذا التعاون لم يقتصر على نقل التكنولوجيا فحسب، بل امتد ليشمل تبادل الخبرات والمعرفة في مجالات حيوية لتنمية المنطقة العربية.

وعلى الرغم من هذه الإنجازات، واجه نهج إيشيبا تجاه العالم العربي بعض التحديات والانتقادات. فقد رأى البعض أن سياساته كانت حذرة للغاية، وأن اليابان كان بإمكانها لعب دور أكثر فعالية في حل النزاعات الإقليمية. كما انتقد آخرون ما اعتبروه تركيزًا مفرطًا على الجوانب الاقتصادية للعلاقات، على حساب القضايا السياسية والأمنية الأكثر إلحاحًا. ومع ذلك، يبقى إرث إيشيبا في العلاقات اليابانية-العربية محل تقدير واسع. فقد نجح في توسيع نطاق هذه العلاقات لتتجاوز الاعتماد التقليدي على النفط، وفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات متنوعة. كما ساهم نهجه المتوازن في تعزيز صورة اليابان كشريك موثوق وقوة إيجابية في المنطقة.

اليوم، وبينما تواصل اليابان تكييف سياستها الخارجية مع المتغيرات العالمية والإقليمية، يبقى تأثير رؤية إيشيبا واضحًا؛ فالنهج الذي اتبعه في التعامل مع العالم العربي- المزج بين الدبلوماسية الاقتصادية، والتعاون الأمني المحدود، والتبادل الثقافي- لا يزال يشكل إطارًا مرجعيًا للسياسة اليابانية في المنطقة.

في الختام، يمكن القول إن شيغيرو إيشيبا، رغم أنه لم يكن الشخصية الأكثر بروزًا في السياسة اليابانية تجاه العالم العربي، إلّا أنه ترك بصمة واضحة على هذه العلاقات. فمن خلال مناصبه المتعددة ورؤيته الاستراتيجية، ساهم في تشكيل نهج ياباني متميز تجاه المنطقة، نهج يجمع بين الحذر الدبلوماسي والطموح الاقتصادي والانفتاح الثقافي. وبينما تستمر العلاقات اليابانية- العربية في التطور، سيظل إرث إيشيبا عاملًا مؤثرًا في تشكيل مستقبل هذه العلاقات لسنوات مُقبلة.

** خبير في الدراسات اليابانية والعلاقات الدولية

ينشر بالتعاون مع مركز الدراسات

مقالات مشابهة

  • خطة إسرائيل.. «الشرق الأوسط الجديد» وهْم صهيوني وسط إقليم مشتعل
  • ما الذي تهدف إليه خطة نتنياهو لتغيير الشرق الأوسط ؟!
  • خطر نتنياهو على مصائر الشرق الأوسط!
  • شيغيرو إيشيبا: المهندس الخفي للنفوذ الياباني في الشرق الأوسط
  • وزير الخارجية البريطاني يزور الأردن اليوم
  • ما مدى توسع الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر؟
  • عاجل:- ترامب يتعهد بتحويل غزة إلى وجهة عالمية أفضل من موناكو
  • الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الصواريخ التي أطلقت على وسط إسرائيل
  • الاتحاد الأوروبي يطلق تحذيرا بشأن الوضع في المنطقة