سوريا.. ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات وأزمة سكن تواجه النازحين
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
دمشق- باتت ظاهرة ارتفاع أسعار إيجارات الشقق السكنية مألوفة ومتكررة في المدن والمناطق التي يقصدها النازحون من الحرب، نتيجة تزايد الطلب على الشقق السكنية وانخفاض المعروض منها، مما تسبب بأزمة سكن تثقل كاهل النازحين والمقيمين معا، وفق مراقبين.
وأضحت هذه هي حال مدن وبلدات في حمص ودمشق وريفها وعدد من مناطق سيطرة النظام السوري، بعد موجة النزوح اللبناني والنزوح العكسي لآلاف العائلات السورية إلى تلك المناطق، على خلفية العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان منذ أسبوعين.
وفي وقت تشهد فيه تلك المناطق أزمات خدمية واقتصادية وإنسانية متفاقمة ومركبة، أضيفت إليها أزمة غلاء إيجارات الشقق السكنية لتزيد من معاناة سكانها.
تراوحت نسب الزيادة في أسعار الإيجارات في دمشق وريفها بين 25% و 100% (الجزيرة) معاناة مضافة"فوق الموت.. عصّة (ضيق) القبر" بهذه اللازمة الشعبية السورية يختصر محمد (44 عاما) الواقع الأليم لخبر الزيادة الطارئة على سعر إيجار شقته، في ضاحية قدسيا في محيط دمشق، قبل بضعة أيام.
ويصف الموظف الأربعيني لدى شركة لصناعة وتوزيع المنظفات في دمشق حاله للجزيرة نت "كأنه لم يكن يكفينا كل ما نعيشه من تعتير وقلة حيلة في تدبر أمور الحياة منذ نزوحنا"، ويقول "أعمل 10 ساعات يوميا عدا يوم الجمعة، ومع ذلك لا يغطي مدخولنا إلا مصاريف نصف الشهر، وبعد هذه الزيادة الأخيرة على إيجار شقتي، فإن الدخل لن يكفي لأكثر من أسبوع".
ويضيف محمد "لست وحدي في هذه المحنة، فمعظم سكان البناء ارتفعت إيجارات شققهم اعتبارا من هذا الشهر، ومنهم من سيبقى في شققه، ومنهم من قرر تركها والانتقال إلى مناطق تكون الإيجارات فيها أرخص".
ومنذ نزوحها قبل 8 سنوات من دير الزور إلى دمشق، تعيش عائلة محمد المكونة من 6 أفراد على الكفاف، في ظل أوضاع معيشية وخدمية متردية، فراتبه البالغ 900 ألف ليرة سورية (61 دولارا)، ورواتب ابنيه (14 و17 عاما) البالغة مليونا و200 ألف (81 دولارا) هي المصادر الوحيدة لدخل العائلة الشهري، في حين أن إيجار شقتهم وحده قد ارتفع لمليون و150 ألفا (78 دولارا) بدلا من 800 ألف (55 دولارا) الشهر الماضي.
أحياء دمشق وضواحيهاتشهد إيجارات الشقق السكنية في أحياء دمشق وضواحيها وريفها ارتفاعا ملحوظا، تزامنا مع توافد الآلاف من النازحين إلى سوريا خلال الأسبوعين الماضيين، وتراوحت نسب الزيادة في أسعار الإيجار في تلك المناطق بين 25% و100% بحسب عدد من أصحاب المكاتب العقارية هناك.
وتراوح متوسّط الإيجارات للشقق المكونة من غرفتين وصالة في مناطق دمشق وريفها بين مليون و500 ألف ليرة و3 ملايين ليرة (100-200 دولار) للشقة غير المفروشة، في حين بلغ متوسط الإيجار للشقق المفروشة بين 3 ملايين و5 ملايين ليرة (200-340 دولارا)، بينما تجاوزت بعض الأحياء أيضا هذه الأسعار لتبدأ قيمتها من حيث انتهت الأسعار المذكورة بحسب نوع الشقة.
وفي ريف دمشق وحمص وطرطوس، تراوح متوسط الإيجار فيها للشقق غير المفروشة بين مليون ومليوني ليرة (65-135 دولارا)، والشقق المفروشة بين مليونين و3 ملايين (بين 135 و200 دولار) بحسب الفرش والإكساء، حيث كانت تلك المحافظات هي الأكثر استقبالا للنازحين من لبنان منذ بدء العدوان الإسرائيلي عليه، قبل أسبوعين.
استغلاليستغل بعض سماسرة العقارات في دمشق وريفها موجة النزوح الراهنة للضغط على المستأجرين لرفع الإيجارات بنسب كبيرة، أو إجبارهم على إخلاء الشقق، لاستبدالهم بالمقتدرين من النازحين مؤخرا من لبنان، بحسب مراقبين.
ولا يقتصر مكسب السماسرة وأصحاب المكاتب العقارية والمؤجّرين على القيمة المضافة على الإيجارات، بل ينسحب أيضا على "عمولة" السمسار أو صاحب المكتب، و"مبلغ التأمين" على الشقة؛ حيث تعادل العمولة قيمة إيجار شهر كامل، في حين تبلغ قيمة التأمين نحو نصف قيمة الإيجار الشهري للشقة.
وبناء على هذا الحال، قد يضطر من ينتقل إلى شقة جديدة، يبلغ إيجارها الشهري مليونا و500 ألف ليرة (100 دولار) على سبيل المثال، إلى دفع مبلغ 3 ملايين و750 ألفا (250 دولارا) دفعة واحدة عند استلامه للشقة، إلى جانب تكلفة نقل الأثاث، التي تضاعفت مؤخرا على خلفية أزمة شح المحروقات.
كما يستغل بعض المؤجّرين حالة النقص الحاد بالشقق المعروضة للإيجار في بعض أحياء العاصمة وريفها، باشتراط الحصول على إيجار 3 أو 6 أشهر أو سنة مقدما من المستأجر النازح مؤخرا من لبنان، بذريعة "ضمان حقهم" في حال قرر المستأجر الخروج خلال فترة شهر أو اثنين من الشقة، ويشترطون أحيانا حصولهم على المبلغ بالدولار.
وتقول إنصاف (51 عاما)، وهي أم لـ3 أطفال ونازحة لبنانية من قضاء صور (جنوبي لبنان) إلى دمشق، إنها مكثت أسبوعا عند أحد أقربائها في العاصمة قبل أن تتمكن من تدبير شقة للإيجار في مدينة صحنايا بريف دمشق، لكن صاحب المكتب العقاري اشترط على إنصاف دفع 3 أشهر مقدّما وبالدولار، إلى جانب العمولة والتأمين.
وبلغ الإيجار الشهري لشقة إنصاف المفروشة (مكونة من غرفتين وصالة) مليونين و300 ألف ليرة (156 دولارا)، لكنها دفعت 10 ملايين و350 ألفا (700 دولار) مبلغا إجماليا عند استلام الشقة، متضمنا إيجار الأشهر الثلاثة المتفق عليها، وعمولة المكتب العقاري، والتأمين.
كما بات السؤال عن جنسية المستأجر قبل الإفصاح عن قيمة إيجار الشقة الشهري، لازمة من لوازم السماسرة وأصحاب المكاتب العقارية، عند سؤالهم عما يتوفر لديهم من شقق معروضة للإيجار.
تعاني مناطق العاصمة ومحيطها أساسا من اكتظاظ شديد بالسكان بسبب موجات النزوح المتكررة للسوريين إليها منذ عام 2012 (الجزيرة) أزمة سكنيقول إلياس.م (32 عاما)، وهو صاحب مكتب عقاري في دمشق، للجزيرة نت، إنه من المؤسف أن معظم العاملين في مجال السمسرة وتأجير العقارات يجدون في هذا النزوح فرصة لجمع أكبر قدر ممكن من المال قبل أن تستقر الأوضاع مجددا، "فهم يعتقدون أن النازحين اللبنانيين، أو القادمين من لبنان عموما، لديهم مخزون كبير من الدولارات التي يجب أن يستفيدوا منها".
ويضيف إلياس في حديثه للجزيرة نت "إن ما يجري اليوم من استغلال، يذكّرنا بما حدث عام 2003 مع توافد مئات الآلاف من العراقيين إلى سوريا، ثم في حرب يوليو/تموز 2006 مع نزوح الآلاف من اللبنانيين أيضا، فالاستغلال يتكرّر وبالوسائل نفسها".
ويشير صاحب المكتب العقاري إلى أن ما يسمى اليوم في السوق بـ"التأمين على الشقة" لم يكن شائعا قبل توافد العراقيين إلى سوريا، حيث إن هذه الفكرة جاءت نتيجة "سيل لعاب" السماسرة مع رؤيتهم للمال العراقي في حينها.
وقدّرت وحدة إدارة مخاطر الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية أن أكثر من 400 ألف شخص عبروا من لبنان إلى سوريا، غالبيتهم سوريون، في غضون أسبوعين، أي منذ أن كثفت إسرائيل غاراتها على مناطق مختلفة في لبنان.
وقالت الوحدة، في تقرير الاثنين الماضي، إنه من تاريخ 23 سبتمبر/أيلول الماضي لغاية الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري سجل الأمن العام اللبناني عبور 300 ألف و774 مواطنا سوريا و102 ألف و283 مواطنا لبنانيا إلى الأراضي السورية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشقق السکنیة دمشق وریفها إلى سوریا ألف لیرة من لبنان فی دمشق
إقرأ أيضاً:
WSJ: هذه هي التحديات التي تواجه حكام سوريا الجدد
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن سيل الزوار الدبلوماسيين العرب والغربيين لحكام سوريا الجدد هو لغاية واحدة هي معرفة كيف يخطط أحمد الشرع لحكم الدولة التي مزقتها الحرب والتي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة؟
وتضيف الصحيفة، بحسب تقرير لمراسلها في الشرق الأوسط جاريد مالسين، أن الشرع وزعماء هيئة تحرير الشام بالإضافة إلى جماعات الفصائل المتحالفة، يواجهون قرارات تفتح الباب لإعادة البناء السلمي بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية أو جولات جديدة من القتال الطائفي الذي غذته تدخلات القوى الخارجية.
التحدي الفوري الذي يواجه الشرع هو الحفاظ على النظام والخدمات الحكومية. كانت مجموعته، هيئة تحرير الشام، تدير مدينة واحدة في جيب يسيطر عليه المتمردون ويسكنه خمسة ملايين شخص. إن حكم البلاد بأكملها مهمة شاقة.
وصف عضو مكتب الشؤون السياسية في هيئة تحرير الشام محمد خالد في إحاطة مع الصحفيين قائمة المهام التي يتعين على المجموعة القيام بها: دمج الجماعات المسلحة في جيش وطني، وإعادة اللاجئين السوريين، وكتابة دستور وتشغيل الوزارات الحكومية.
قال خالد إنه والشرع يتصوران انتقالا لمدة عام لوضع الإطار للحكومة الجديدة. وقالا إنه سيتم مناقشة القضايا الاجتماعية الساخنة مثل قواعد لباس المرأة، ومعاملة المثليين جنسيا واستهلاك الكحول، وسيتعين على الانتخابات الانتظار.
على نطاق أوسع، سيشكل مسار سوريا نفوذ روسيا، التي لديها قواعد عسكرية في البلاد تعمل كموطئ قدم لها في الشرق الأوسط، وإيران، التي أرسلت قوات ميليشيا لدعم نظام الأسد واستخدمت سوريا منذ فترة طويلة كساحة لممارسة النفوذ الإقليمي.
لا تزال الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة تسيطر على نحو ثلث الأراضي السورية في الشمال الشرقي، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة من تركيا، التي تتحالف إلى حد كبير مع الحكومة الجديدة.
في الجنوب، أرسلت "إسرائيل" قوات إلى منطقة عازلة بالقرب من مرتفعات الجولان واستولت على أرض مرتفعة تتحكم في الاقتراب من دمشق. سعى الشرع إلى تجنب الاحتكاك مع "إسرائيل"، حتى بعد الغارات الجوية الإسرائيلية الكثيفة.
قالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي التي التقت بالشرع، الجمعة، إنها سمعت "بعض التصريحات البراغماتية والمعتدلة للغاية حول قضايا مختلفة من حقوق المرأة إلى حماية الحقوق المتساوية لجميع المجتمعات".
قالت ليف: "كان أول لقاء جيد. سنحكم على الأفعال، وليس فقط بالأقوال".
تقول دارين خليفة، المستشارة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية التي أجرت مقابلات مع الشرع عدة مرات: "في نهاية المطاف، هم براغماتيون، ومفيدون، وسياسيون، ولا يمكن مقارنتهم بالنظام من حيث سياساتهم. ولكنهم إسلاميون محافظون."
ويجادل بعض المسؤولين والمحللين الغربيين بضرورة إزالة تصنيف الولايات المتحدة للجماعة كمنظمة إرهابية. وقال روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا الذي دفع في البداية لإضافة جماعة الشرع إلى قائمة الإرهاب، إن الجماعة ربما لم تعد مستحقة لذلك التصنيف.
وقال: "بناء على ما يفعلونه الآن، سيكون من الصعب كتابة مبرر لوضعهم على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، مشيرا إلى أن مقاتلي الجماعة قاتلوا وماتوا في معركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وسمحوا لسنوات لجمعية خيرية طبية مقرها الولايات المتحدة بإدارة مستشفى في إدلب".
وقال فورد: "لا أعتقد أن لديهم خطة مفصلة بعد. أعتقد أنهم، جزئيا، يرتجلون الأمر على الطريق".
اكتسب الشرع شعبية مع النجاحات العسكرية ضد نظام الأسد والخدمات الاجتماعية التي تقدمها مجموعته، وفقا لأرون زيلين، محلل أمني في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى.
عندما أعلن البغدادي إنشاء الدولة الإسلامية في عام 2013، انشق الشرع وجدد ولاءه لتنظيم القاعدة. وقد ضمن له زعيم القاعدة أيمن الظواهري الاستقلال. ووصف الشرع لاحقا الأمر بأنه زواج مصلحة.
قطع الشرع علاقاته مع القاعدة في عام 2016 وشرع في التوحد مع الجماعات المسلحة الأخرى. وضع جانبا الجهاد العابر للحدود الوطنية الذي دعا إليه تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وقال إن هدفه كان الإطاحة بنظام الأسد وتخليص سوريا من النفوذ الروسي والإيراني والسماح بعودة النازحين السوريين.
خلال عقد الحرب الذي أعقب ثورة سوريا عام 2011، دفع نظام الأسد بدعم من القوة الجوية الروسية والمقاتلين المتحالفين مع إيران هيئة تحرير الشام والمتمردين الآخرين إلى جيب جبلي في شمال غرب سوريا يتركز حول مدينة إدلب.
كانت إدلب تُعرف بأنها واحدة من أكثر مدن البلاد محافظة قبل الحرب وتضخمت بتدفق ما يقدر بنحو مليوني شخص نزحوا بسبب الحرب من أجزاء أخرى من سوريا. أصبحت المدينة دويلة يديرها المتمردون وتحكمها الشريعة الإسلامية. كانت جميع النساء تقريبا يرتدين الحجاب، ولم تسمح هيئة تحرير الشام بأي معارضة لحكمها.
وقد شكلت الجماعة المعارضة حكومة يقودها إسلاميون وتضم محاكم ونظاما مدرسيا في إدلب، وأطلقت حملة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وفتحت المنطقة أمام المنظمات غير الحكومية الأجنبية. وعلى مدى سنوات، حاولت هيئة تحرير الشام أن تنأى بنفسها عن حلفائها السابقين في عالم التطرف العنيف وحظرت الهجمات في الخارج.
ويقول الشرع ومساعدوه، الذين يتولون المسؤولية الآن، إنهم بحاجة إلى احترام تنوع سوريا.
وقال خالد، مسؤول مكتب الشؤون السياسية، الأسبوع الماضي: "الناس لديهم ثقافات مختلفة". وفي الوقت نفسه، قال: "هوية سوريا سورية، ومعظم سكانها مسلمون".
بعد فرار الأسد من دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، نقلت حركة الشرع وهيئة تحرير الشام الكثير من إدارتها من إدلب. وقال الشرع للصحفيين: "لقد أحضرت معي مؤسسات كاملة"، بما في ذلك القوات المسلحة والوزراء والمخططات لنظام التعليم.
وبعد فرار أجهزة الأمن التابعة للأسد، وصلت سيارات الشرطة التي تحمل شعار حكومة الإنقاذ التي يقودها الإسلاميون. واستولى مقاتلو هيئة تحرير الشام مرتدين ملابس قتالية وبنادقهم الهجومية على أكتافهم، على القصر الرئاسي والمباني العسكرية والاستخباراتية.
وقال أبو رضا خالد، وهو عضو في القوات الخاصة يبلغ من العمر 21 عاما أثناء سيره في المسجد الأموي في دمشق: "الهدف الرئيسي هو الأمن، من أجل السماح بتشكيل الحكومة الجديدة والشرطة".
أعادت الحكومة الجديدة فتح المدارس وأعادت الموظفين الحكوميين إلى العمل. وهي تسيطر على التلفزيون الحكومي ووكالة الأنباء التي تسيطر عليها الدولة. وقال مسؤولون في هيئة تحرير الشام إنه على الرغم من أن القادة الجدد قاموا بتفكيك الأجهزة العسكرية والأمنية للنظام، إلا أنهم قرروا الحفاظ على العديد من مؤسسات الدولة.
وقال خالد: "لم يكن لدينا خيار. إنهم يفهمون أسرار الدولة". وعندما شكلت هيئة تحرير الشام حكومة جديدة، نقلت المجموعة رئيس الوزراء من حكومة الإنقاذ التي تتخذ من إدلب مقرا لها.
يتفق المسؤولون الغربيون على نطاق واسع على أن القادة الجدد في سوريا أظهروا إتقانا للتفاصيل التكنوقراطية لإدارة المسؤوليات الوطنية مثل توليد الطاقة واحتياطيات العملة. وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، الذي تحدث مع الشرع هذا الشهر، إنه يتوقع أخطاء من الحكومة الجديدة. وقال الدبلوماسي إن السؤال بالنسبة للغرب هو أي الأخطاء يجب التسامح معها.
وقال العديد من السوريين في المنفى إنهم يخططون للعودة إلى ديارهم، بما في ذلك أولئك الذين يأملون في بدء أعمال تجارية أو جمعيات خيرية أو مؤسسات إعلامية. وقال كثيرون في دمشق إنهم غير مبالين بهيئة تحرير الشام لكنهم يتمتعون بحرية التعبير الجديدة.
لقد أغلق نظام الأسد منذ فترة طويلة ساحة المسجد الأموي ذات الحجارة البيضاء التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن، والتي تقع في وسط دمشق. لقد كانت مصدر فخر وطني للسوريين، ووجهة سياحية قبل الحرب الأهلية ورمزا عاطفيا لملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم.
في منتصف كانون الأول/ ديسمبر، فتح المتمردون الساحة، ودخلت حشود من الناس إلى المجمع. ولوح العديد منهم بأعلام الثورة السورية الخضراء والبيضاء والسوداء التي تم خياطتها حديثا، والتي كانت محظورة في ظل نظام الأسد. وفي الساحة، وقف المقاتلون المتمردون والسكان على حد سواء لالتقاط الصور.
قالت زويا عبد الله، وهي طالبة اقتصاد تبلغ من العمر 22 عاما في جامعة دمشق: "الآن يمكنني أن أفعل شيئا لمساعدة البلاد. من قبل، لم أكن أستطيع ذلك. نشعر بمزيد من الاسترخاء الآن".
لقد نجح الشرع ومجموعته كمحررين ولكنهم لم يثبتوا أنفسهم بعد كقادة. بعد فترة وجيزة من تغيير أيدي البلاد، تجمع مئات الأشخاص في ساحة بدمشق وهم يهتفون "العلمانية" و"لا للحكم الديني".
جاء الاحتجاج بعد أن صرح المتحدث باسم الحكومة الجديدة، عبيدة أرنوت، لقناة إخبارية لبنانية أن النساء "بطبيعتهن البيولوجية والنفسية" غير مناسبات "لجميع الأدوار داخل الدولة، مثل وزارة الدفاع".
وقفت غزل بكري، 23 عاما، من مدينة السويداء، في الساحة وهي تحمل لافتة عليها أسماء ناشطات سوريات بارزات.
وقالت بكري: "لا نريد أن تذهب السنوات الـ13 الماضية سدى. نطالب بفصل الدولة عن الدين".
وفي لقاء مع صحافيين أجانب، سُئل خالد عن كيفية تعامل حكومته مع القضايا الاجتماعية مثل حقوق المثليين جنسيا وبيع الكحول في الحانات.
قال خالد: "الأمر مفتوح للنقاش. ستكون هناك لجان، وسيكون هناك دستور، وكل هذا سيقرره القانون".
وقال إن هذا الانتقال سيستغرق بعض الوقت مع كتابة القوانين والدستور. وأضاف أنه حتى ذلك الحين لن تكون هناك انتخابات.