أليكسي فيليبوف، رئيس التطوير العالمي في يانغو روبوتيكس
يواصل مشهد الخدمات اللوجستية والمستودعات في دول مجلس التعاون الخليجي في التحول بفضل تقنيات الأتمتة المتطورة، حيث بادرت العديد من المستودعات بتبنّي آلية الأتمتة بصورة جزئية مع تسخير الروبوتات لإنجاز مجموعة من المهام المرتبطة بتعزيز العمليات اللوجستية مثل الانتقاء وتتبع المخزون.

ومع ذلك، لا يزال التدخل البشري ضرورياً لاتخاذ القرارت والتعامل مع المواقف المعقدة أو غير المتوقعة، مما يحد من الإمكانيات الكاملة لأتمتة المستودعات. ولكن، مع التقدم المستمر الذي تشهده منظومة الروبوتات والذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن استشراف مستقبل تصبح فيه المستودعات المؤتمة بالكامل واقعاً ملموساً عن قريب جداً.

من المتوقع أن ينمو قطاع الخدمات اللوجستية وأتمتة المستودعات في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير بدعم من تقنيات الأتمتة وأن تبلغ قيمته السوقية 1.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025. تتصدّر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مشهد مناولة المواد والاستثمار في المناطق المتخصصة مما يجعلها مراكز رئيسية للخدمات اللوجستية والتخزين. وفي ظل الطلب المتزايد من المستهلكين على التجارة الإلكترونية والتسليم السريع، أصبح من الضروري أن تعزز الشركات من قدرتها على التكيف مع حلول المستودعات الآلية.

أبرز التطورات في مشهد الخدمات اللوجستية والمستودعات

تشهد المستودعات في جميع أنحاء المنطقة تطورات هائلة وسريعة لتلبية متطلبات التجارة الإلكترونية المتزايدة، والتي من المتوقع أن تصل إلى 57 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026. لمناولة الصناديق والكراتين واختيار المنتجات وتنفيذ الطلبات، يتم استخدام الأذرع الروبوتية والروبوتات المتنقلة والمركبات الموجهة آلياً بشكل متزايد، خاصة وأن توقعات المستهلكين باستلام طلباتهم في غضون ساعة واحدة يدفع من ضرورة توافر بنية تحتية مرنة، مما يساعد الشركات على البقاء قادرة على المنافسة في السوق.

ساهمت التطورات المشهودة في الرؤية الحاسوبية وتكنولوجيا الاستشعار والتعلم الآلي بالارتقاء بالقدرات الروبوتية بشكل كبير، مما يسمح للروبوتات بالتنقل في البيئات الديناميكية بدقة أكبر. يعزز تكامل الذكاء الاصطناعي مع أنظمة إدارة المستودعات من تحسين عملية اتخاذ القرار في الوقت الفعلي وإدارة المخزون والتحليلات التنبؤية، وكذلك من تحسين عمليات الاختيار، وأتمتة عمليات إعادة الطلبات، وتبسيط مراقبة الجودة. تعمل هذه التطورات على تقليل تكاليف الخدمات اللوجستية، وتحسين مستويات الخدمة، وتعزيز إدارة المخزون، مما يجعل الذكاء الاصطناعي بمثابة حجر الزاوية في أتمتة المستودعات.

الذكاء الاصطناعي والتعلم المستمر

أحد التحدّيات الرئيسية التي تقف في وجه الأتمتة الكاملة هو تحسين براعة الروبوتات وقدرتها على التكيف في البيئات غير المتوقعة، إذ تحتاج الروبوتات إلى خوارزميات تعلّم متقدمة لتتمكن من صقل مهاراتها وتحسين قدراتها على الحركة. كما أن التواصل السلس بين الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي يعد أمر ضروري أيضاً لتنفيذ العمليات بسلاسة، إلى جانب التصدّي للمخاوف التنظيمية والسلامة والأخلاقيات المتعلقة بالمستودعات المستقلة بالكامل.

مواصلة التعلّم أمر ضروري لأنظمة الذكاء الاصطناعي في مستقبل المستودعات المستقلة بالكامل. ومع نمو سوق الذكاء الاصطناعي العالمي، ستتكيّف الروبوتات ذاتياً من خلال التعلم الآلي، مما يمكنها من التعرف على الأنماط المختلفة، التنبؤ بالطلبات، الارتقاء بالأداء، تحسين سير العمل واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي من خلال خبراتها المكتسبة، دون الحاجة للتدخل الخارجي.

في الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بما لا يقل عن 320 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، بادرت المستودعات بتبني التقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يسهل التعلم الذاتي، ويسمح للروبوتات بالعمل بأقل قدر من التدخل البشري ويحدّ من وقت التوقف عن العمل. تستفيد الشركات بشكل متزايد من البيانات الضخمة وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لدفع الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وخاصة في المستودعات التي تحتوي على طوابق عالية لتوزيع المنتجات الموزعة على المنصات.

دور الأتمتة في تعزيز الربحية

تعمل المستودعات المستقلة بالكامل على خفض التكاليف التشغيلية، تعزيز الكفاءة العامة وتحسين السلامة من خلال تقليل التدخل البشري في المهام الخطرة. تساعد الأتمتة على تنفيذ الطلبات بسرعة، وزيادة الكفاءة، وتبسيط العمليات. لقد نجحت الشركات التي تبنّت منظومة سلاسل التوريد التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي مبكّراً في خفض تكاليف الخدمات اللوجستية بنسبة 15%. تساهم حلول الأتمتة القابلة للتخصيص والتطور بمساعدة الشركات على تحسين التخزين، وتحسين الدقة، والتكيف مع تقلبات القوى العاملة، وتلبية الطلب المتزايد من المستهلكين على التوصيل السريع، وتعزيز جاهزية رواد القطاع لتحقيق النجاح على المدى الطويل في سوق اليوم شديدة التنافسية.

مستقبل أتمتة المستودعات

سيصبح المستودع المستقل بالكامل منظومة مستدامة تنجز فيها الروبوتات مختلف المهام مثل التقاط البضائع وفرزها ونقلها، بينما يدير الذكاء الاصطناعي العمليات الإجمالية، ومن المتوقع نشر أكثر من 4 ملايين روبوت في أكثر من 50,000 مستودع على مستوى العالم بحلول عام 2025، وأن تدير الروبوتات ما يصل إلى 50% من طلبات التجارة الإلكترونية، مما يقلل بشكل كبير من أوقات التنفيذ ويعزز رضا العملاء. ومن المتوقع أيضاً أن يتجاوز سوق أتمتة المستودعات العالمي 30 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026، مدفوعاً بقدرة الذكاء الاصطناعي على توفير الصيانة التنبؤية، وتبسيط عملية اتخاذ القرار، وتقديم حلول مخصصة، ووضع الشركات التي تعتمد هذه التقنيات كقادة في القطاع.

مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة، أصبحت المستودعات المؤتمتة بالكامل ممكنة بشكل متزايد. تسمح هذه التقنيات للشركات بتحقيق مستويات جديدة من الكفاءة والسلامة والربحية، بينما يؤدي تأخر أي شركة في تنفيذها إلى تخلفها عن الركب، ناهيك عن التكاليف الخفية المرتبطة بالعمليات اليدوية. ومع زيادة تطور الأتمتة وسرعة تبنّيها، ستكون هناك حاجة إلى الحد الأدنى من التدخل البشري في المستودعات، مما يشكل نقلة نوعية في مشهد الخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الخليجي ويضع الشركات في وضع يسمح لها بالنجاح على المدى الطويل ويجعل المستودعات المؤتمتة بالكامل أقرب إلى الواقع.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

خبراء: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للبشر

أكد خبراء خلال مشاركتهم في فعاليات "ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي"، أهمية التركيز على الإنسان باعتباره محور التحول في استخدام التكنولوجيا وتبنيها، مع ضرورة إعطاء الأولوية لتعزيز التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي على جودة الحياة ورفاه المجتمعات، والعمل على الارتقاء بقدرات الأفراد بدلاً من استبدالهم.
جاء ذلك ضمن فعاليات "ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي" في "أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي"، الذي ينعقد برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل.

وأجمع المشاركون في جلسة بعنوان "الذكاء الاصطناعي التوليدي بين النمو المتسارع والتصميم الواعي" انعقدت ضمن الملتقى في منطقة 2071 في أبراج الإمارات بدبي، على أهمية القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي والتي تكمن في التكاملية، أي تحقيق التوازن بين كفاءة الآلة والقيم الإنسانية.
فمن جهته قال بانوس ماداموبولوس، المستثمر في موريس آنجل، والمدير التنفيذي والمؤسس السابق لبرامج الصناعة والشراكات، ستانفورد اتش ايه آي، إن الذكاء الاصطناعي يجب أن يستلهم من الدماغ البشري، مشيراً إلى أن التقنيات الذكية ستُعيد تشكيل الوظائف وتغيّر ملامح قطاعات المستقبل، لكن الهدف منها ليس إلغاء العنصر البشري، بل تمكينه.

وأضاف سيشهد جيلنا تحولاً حقيقياً نحو فرق العمل الهجينة التي يقودها الإنسان ويعززها الذكاء الاصطناعي، لذا يتوجب علينا الاستثمار في أدوات تعزز الإبداع والتعاطف والقرارات السليمة باعتبارها مهارات إنسانية أساسية لا يمكن للآلة تقليدها، ودعائم حقيقية لبناء عالم أفضل.
وشدد على أن التحول الحقيقي في مجال الذكاء الاصطناعي لا يبدأ بالتكنولوجيا، وإنما بالنهج القيادي القادر على إعادة تصور العمليات والأساليب والأدوات المتبعة وتحديد دورها في تشكيل حياتنا ومستقبلنا ، ولا يتطلب ذلك تبني الذكاء الاصطناعي فحسب، وإنما فهمه وتوجيهه وتشكيله وفقاً لاحتياجاتنا ، مشيرا إلى أنه مما لا شك فيه بأن المؤسسات التي ستحقق نمواً وازدهاراً في العصر الجديد لن تكون الأسرع في الأتمتة، بل الأقدر على قيادة التحول الهادف والمسؤول.
من جانبه اعتبر سيرجي لوتر، الرئيس التنفيذي للبحث العالمي، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الإعلانية في شركة "يانغو"، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرّد تطور تقني، بل هو تغيير جذري في طريقة التفكير.

وأضاف لا نعمل على تصميم تقنيات عامة للجميع، بل نطور حلولاً ذكية تناسب كل سوق حسب لغته وثقافته واحتياجاته الخاصة، ونسعى إلى تقديم تقنيات ذكاء اصطناعي أسهل وأكثر كفاءة وتأثيراً، من خلال دمج التكنولوجيا المتقدمة مع فهمنا للأسواق المحلية.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور الإبداع البشري، بل يعيد تشكيله، لافتاً إلى أن دور الإنسان لم يعد يقتصر على تنفيذ المهام، بل أصبح يتعلق بالفهم والتفكير الإبداعي.

أخبار ذات صلة رعاية كاملة لكبار المواطنين في الإمارات.. و«بركتنا» أحدث المكتسبات روبوت "Grok".. يرى العالم من حولك!

وقال لوتر إنه من يعرف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة ذكية ومؤثرة ستكون له الريادة في المستقبل، فالأمر لا يتعلق باستبدال البشر، بل بتمكينهم من العمل بطرق أسرع وأكثر ذكاءً وابتكاراً.

ويتواصل "ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي" ضمن فعاليات "أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي" على مدى أربعة أيام في منطقة 2071 بأبراج الإمارات بدبي بحضور آلاف المسؤولين والخبراء وصناع القرار والمتحدثين العالميين المتخصصين في قطاع الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مؤثرين عالميين وقادة التكنولوجيا.

ويشهد الملتقى مشاركة وفود من 25 دولة حول العالم، و25 شركة عالمية و18 جهة حكومية و60 شركة ناشئة تستعرض حلولها ومشاريعها النوعية في مختلف مجالات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مشاركة 20 جامعة ومؤسسة بحثية في جلسات وفعاليات الملتقى.
 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • مجموعة يانغو تستعرض أبرز حلولها وابتكاراتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي في قمة Machines Can See”” ضمن فعاليات أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
  • بتشويه «فوضى الذكاء الاصطناعي» للواقع يمضي العالم إلى كارثة
  • «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» تعقد النسخة الأولى من مؤتمر «أبوظبي للذكاء الاصطناعي والروبوتات»
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للبشر
  • هل يمكن أن يطوّر الذكاءُ الاصطناعي خوارزمياته بمعزل عن البشر؟
  • إطلاق أول برنامج دكتوراه في الذكاء الاصطناعي في دبي