كتب محمد شقير في " الشرق الاوسط": يسجّل عدد من أصدقاء «حزب الله» عتبه على نائب أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، لتأييده «الأخ الأكبر»، رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، في حراكه الذي يقوده بعنوانه الأساسي «وقف النار»، وأن «لا محل، قبل وقفه، لأي نقاش بالنسبة إلينا»، من دون أن يتبنّى حَرفية الموقف الذي توصّل إليه برّي في اجتماعه بميقاتي، وجنبلاط، الذي أرفقه بطلب نشر الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، وتطبيق القرار 1701؛ كونه يشكّل الآلية المطلوبة دولياً لعودة الهدوء إلى الجنوب.


فقاسم لم يكن مضطراً لحصر تأييده لبرّي بوقف النار، ولم يكن ليلقى إحراجاً داخل الحزب ما دام أن أمينه العام حسن نصر الله، قبل اغتياله بساعات، كان وافق على هذه الآلية لعودة الاستقرار إلى الجنوب، والتي شكّلت الضوء الأخضر الذي شجّع ميقاتي للسفر إلى نيويورك، وأن يتلاقى في خطابه مع النداء الأميركي - الفرنسي المدعوم دولياً لوقف النار، برغم أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو هو من أردى هذا النداء أرضاً، مستعصياً على إرادة المجتمع الدولي، بانقلابه على موافقته، بعد أن قطع وعداً للرئيس الأميركي جو بايدن بتأييده.
وبرغم أن نتنياهو هو من تصدى للنداء، ولم يسمح له بأن يرى النور، فلا مجال، كما يقول هؤلاء الأصدقاء، لترف الوقت، وكان الأفضل لنعيم قاسم تدعيم الموقف اللبناني بتأييده - بلا شروط - ثلاثيةَ: وقف النار، ونشر الجيش، وتطبيق القرار 1701، في ضوء ما يُنقَل على لسان السفيرة الأميركية لدى لبنان، ليزا جونسون، بأن النداء لم يَمُت ولا يزال مطروحاً على الطاولة، وأن الرئيس بايدن يواصل ضغطه على نتنياهو؛ للعودة عن تعطيل تطبيقه، الذي يحظى بتأييد لبناني كان موضع إشادة من قِبلها، حسبما أبلغته إلى كبار المسؤولين الذين التقتهم في الساعات الأخيرة.
ومع أن قاسم تجنّب استحضار إسناد الحزب حركة «حماس» في غزة، في إطلالته الثانية على جمهور المقاومة وبيئته، مكتفياً بالقول إن جبهة لبنان مسانِدة لغزة، واستنزفت العدو 11 شهراً، مدافعاً عن إيران في دعمها للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، فإنه في المقابل أغفل الإشارة إلى الربط بين جبهتَي غزة والجنوب، بخلاف البيان الصادر عن غرفة عمليات «المقاومة الإسلامية»، الذي جاء بعد انقضاء ساعات على خطاب قاسم، وورد فيه حرفياً: «أمّا لغزة
الحبيبة فنقول: نحن على العهد والوعد، ولن نتخلى عن دعمنا وإسنادنا لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة ومقاومته الباسلة والشريفة، وهذه وصية سيد شهداء طريق القدس، وهي أمانة في أعناقنا ونحن أهل الأمانة».
لذلك، تبقى الكلمة للميدان في الجنوب، وإسناد «المقاومة الإسلامية» لـ«حماس» ما هو إلا ورقة سياسية لم يَعُد لها دور في ظل التراجع الملحوظ لـ«حماس» في تصدّيها لإسرائيل.
وعليه، فإن تجنّب قاسم الإشارة إلى الربط بين الجبهتين يأتي ترجمةً لانسجامه مع المداولات التي دارت بين برّي وميقاتي وجنبلاط، وانتهت إلى صرف النظر عن التلازم بين غزة والجنوب.
وبكلام آخر، هل تتريث «المقاومة الإسلامية» في حسم أمرها حيال الفصل بين الجبهتين إلى ما بعد قيام إسرائيل بالرد على إيران، ليكون في وسع الأخيرة تحديد المسار العام للمواجهة التي يمكن أن تتوسّع من الجنوب نحو الإقليم.
لكن هناك من يدعو إلى عدم الذهاب بعيداً في الاجتهاد بتقديم التباين بين قاسم و«المقاومة الإسلامية»، حول الربط بين الجبهتين وكأنه قائم حُكماً، ويتعامل معه على أنه مجرد تبادل لوجهات النظر على قاعدة توزيع الأدوار، وبالتالي لن يكون حاضراً في حسابات الحزب الذي قطع شوطاً على طريق استيعابه للصدمة التي هزّته باغتيال نصر الله، وهو يكاد الآن يستعيد عافيته بملء الشواغر في الميدان التي نجمت عن اغتيال أبرز قياداته وكوادره العسكرية.  
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

هذا ما كشفته كلمة نعيم قاسم اليوم.. دلالات مهمة جداً!

نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً تحت عنوان "خبراء: كلمة الأمين العام لحزب الله رسمت خارطة المعركة والمفاوضات"، وجاء فيه:    ألقى الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، اليوم الأربعاء، كلمة شاملة، تناول فيها رؤية الحزب للوضع الراهن في لبنان، ودرات الكلمة حول 3 محاور رئيسية: المعركة، والتفاوض، وما بعد الحرب، وتضمنت رسائل متعددة المستويات، وجهت بشكل خاص إلى إسرائيل، والمفاوضين على الساحتين المحلية والدولية، إضافة إلى الداخل اللبناني.

تحدث قاسم عن المعركة في المحور الأول من كلمته، وأشار بوضوح إلى أن "على العدو أن يتوقع الرد على وسط تل أبيب إذا استهدف بيروت"، وأوضح أن المقاتلين مستعدون لخوض معركة طويلة، مع الحفاظ على القدرة على الوصول إلى الخطوط الأمامية، وإجراء التبديلات، وتوفير السلاح، وقال "سنظل في الميدان ونقاتل مهما ارتفعت الكلفة، وسنجعلها عالية باهظة، وسنرد اعتداء العدو ونحن في موقع الدفاع".

وفي المحور الثاني، تناول قاسم مسألة المفاوضات، مشيرا إلى استلامهم المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار، والذي قدموا ملاحظاتهم عليه، وأكد أن الحزب قرر عدم الخوض في تفاصيل الاتفاق عبر وسائل الإعلام، كما أوضح أن هناك تطابقا بين ملاحظات لبنان الرسمي وتلك التي قدمها الحزب، وأضاف أن "التفاوض يتم تحت سقفين رئيسيين: الأول هو وقف العدوان بشكل كامل وشامل، والثاني ضمان الحفاظ على السيادة اللبنانية".

وفي المحور الثالث، قدم قاسم رؤية الحزب وخارطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب، موضحا مواقفه من خلال 3 رسائل أساسية:

الرسالة الأولى: أكدت استمرار حزب الله في تبني موقفه السابق قبل الحرب وهو سياسة المقاومة.
الرسالة الثانية: أعادت التأكيد والتذكير على ثلاثية "الجيش، الشعب، المقاومة"، مع الإشارة إلى أن الحزب معني بتسهيل انتخاب رئيس جمهورية ضمن الأطر الدستورية وتحت سقف اتفاق الطائف.
الرسالة الثالثة: التزام الحزب بالمشاركة في إعادة الإعمار.

مواقف حاسمة قال المحلل السياسي قاسم قصير، للجزيرة نت، إن كلمة نعيم قاسم جاءت لتأكيد مواقف حزب الله والمقاومة على الأصعدة العسكرية والسياسية والتفاوضية، موضحا أن "الكلمة حملت رسالة واضحة لكل من الداخل والخارج حول قوة الحزب وقدرته على الصمود، واستعداده لما بعد وقف الحرب، خاصة في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتمسك باتفاق الطائف، والمضي قدما في جهود إعادة الإعمار".

وأشار قصير إلى أن قاسم شدد على أن "فشل العدو في تحقيق أهدافه يعد انتصارا"، وأكد على قاعدة تكاتف الجيش اللبناني والشعب والمقاومة.

وفي ما يخص المفاوضات، أشار المحلل إلى أن الأمين العام لحزب الله ربط نجاحها برد فعل إسرائيل والجدية التي يظهرها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، مشددا على ضرورة التفاوض تحت سقف وقف العدوان بشكل كامل وشامل، وحفظ السيادة اللبنانية.

وأضاف قصير أن قاسم توجه إلى النازحين معبرا عن تقديره لتضحياتهم، وأوضح أن الحزب سيقوم بواجبه قدر الإمكان، داعيا إياهم إلى الصبر، وأكد على أن عملية إعادة الإعمار ستتم بالتعاون مع الدولة فور وقف العدوان.

التفاوض والنار يرى المحلل السياسي توفيق شومان، في حديثه للجزيرة نت، أن خطاب نعيم قاسم يمكن قراءته من 3 زوايا رئيسية، أولها تتعلق بالميدان وتجديد بنك الأهداف بصورة يومية، وهو ما تعكسه عمليات المقاومة المستمرة التي تستهدف مستوطنات جديدة ومواقع عسكرية متنوعة، تشمل الأعمال الأمنية، والتقنية، والاستخبارية، والعسكرية، واللوجستية، وصولا إلى تل أبيب.

يشير شومان إلى أن هذه العمليات تعكس قبول المقاومة بمعادلة "التفاوض تحت النار"، التي يسعى العدو الإسرائيلي إلى فرضها، إلا أن الخطاب يبرز بوضوح استعداد المقاومة لمواجهة هذه المعادلة بكل السبل الممكنة، بهدف إفشال مساعي إسرائيل لتوظيف العدوان لتحقيق مكاسب سياسية في المفاوضات.

أما الزاوية الثانية فترتبط بالمفاوضات الجارية، التي تجري بالتنسيق والتناغم مع الدولة اللبنانية، ويوضح شومان أن خطاب قاسم اتسم بالتحفظ في التعليق على هذه المفاوضات، انتظارا لما ستسفر عنه زيارة آموس هوكشتاين إلى تل أبيب والرد الإسرائيلي المرتقب، وتأكيد قاسم استعداد المقاومة لخوض حرب طويلة إذا اختار العدو الإسرائيلي هذا السيناريو.

وبخصوص الزاوية الثالثة والمتعلقة بالوضع السياسي الداخلي، يشير المحلل إلى أن قاسم أكد التزام حزب الله باتفاق الطائف والعمل تحت سقفه، باعتباره عقدا سياسيا واجتماعياً وطنياً جامعاً، في إشارة واضحة إلى تمسك الحزب بالشراكة الوطنية المتوازنة والمتساوية، ويرى شومان أن هذا الموقف ينفي أي نية لاستثمار الخطاب السياسي داخليا، كما يُشاع في بعض الأوساط اللبنانية.

الميدان والسياسة من جهته، اعتبر الباحث والكاتب السياسي علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن كلمة الشيخ نعيم قاسم تحمل دلالات مهمة تركز على محورين رئيسيين هما الميدان والمفاوضات، بالإضافة إلى رسائل مرتبطة بإدارة المشهد السياسي في لبنان بعد الحرب.

ففي الجانب الميداني، يوضح مطر أن الشيخ قاسم قدم شرحاً مفصلاً لنمط عمل المقاومة، مشيرا إلى اعتمادها أسلوب الدفاع المتحرك عوضا عن الدفاعات الثابتة التقليدية، كما بيّن قاسم أن المقاومة نجحت خلال شهرين في إحباط محاولات العدو الإسرائيلي لتحقيق أي تقدم ميداني، مستشهدا باستمرار إطلاق الصواريخ والتصدي لمحاولات التوغل في مناطق مثل الخيام، وشمع، وأطراف بنت جبيل.

ووفقاً لمطر، تحمل هذه الرسالة تأكيدا على أن "العدو الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق أهدافه الإستراتيجية في القضاء على البنية العسكرية لحزب الله، التي ما زالت فاعلة ومستمرة في المواجهة".

وعلى صعيد المفاوضات، يشير الباحث مطر إلى أن الشيخ قاسم أكد حرص المقاومة على الوصول إلى اتفاق ينهي العدوان ويحفظ سيادة لبنان، بشرط عدم المساس بالتضحيات اللبنانية أو إخضاعها لشروط إسرائيلية، وأضاف أن القوة العسكرية على الأرض تُعتبر ورقة أساسية لتحسين شروط التفاوض لصالح المقاومة.

وفي سياق آخر، يلفت الباحث إلى أن قاسم حرص على الإشارة بشكل غير مباشر إلى قضايا حساسة، مثل طرح إسرائيل مفهوم "الدفاع عن النفس"، وهو ما يراه مطر تدخلا خطيرا في الشأن اللبناني، وانتهاكا للسيادة اللبنانية وللقانون الدولي.

يختم مطر تحليله للكلمة بالإشارة إلى أنّ حزب الله، كما أوضح أمينه العام، يعتزم استئناف حياته السياسية بشكل طبيعي بعد الحرب، مع العمل على تطوير قدراته بما يخدم المصلحة الوطنية وإعادة الإعمار. (الجزيرة نت)

مقالات مشابهة

  • ميقاتي بذكرى الاستقلال: الجيش الذي يستعد لتعزيز حضوره في الجنوب يقدم التضحيات زودا عن ارض الوطن
  • هذا ما كشفته كلمة نعيم قاسم اليوم.. دلالات مهمة جداً!
  • "المقاومة الإسلامية في العراق" تعلن مهاجمة هدف عسكري إسرائيلي
  • الشيخ قاسم: تفاوضنا ليس تحت النار ولدينا القدرة على الاستمرار وهناك حرب استنزاف على العدو
  • حزب الله: المقاومة هي الخيار الوحيد لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الخروج
  • "قاسم": سنرد على استهداف بيروت في وسط تل أبيب
  • نعيم قاسم: حزب الله استرد عافيته ولن تهزمنا إسرائيل
  • نعيم قاسم يؤكد: يجب أن يدفع العدو الثمن
  • شاهد | تل أبيب مقابل بيروت معادلة نارية بتوقيع المقاومة الإسلامية في لبنان
  • من هو القسام الذي بدأ المقاومة.. وماذا ورثت عنه الكتائب في غزة؟