كتبت سابين عويس في" النهار": ما بين الخطاب الأول لنائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم غداة اغتيال الأمين العام السيد حسن نصرالله، وخطابه الثاني بعد أسبوع تقريباً، مبادرة أطلقها رئيس المجلس نبيه بري بعد لقاء أول مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عاد فأكدها في اللقاء الثلاثي الذي انضم إليه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.



ومحور المبادرة أمران أساسيان: وقف النار تمهيداً للمباشرة بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم ١٧٠١، والمبادرة إلى دعوة المجلس النيابي إلى الانعقاد لانتخاب رئيس توافقي. 
أخذ قاسم من مبادرة بري الذي وصفه بـ"الأخ الأكبر" الشق المتعلق بوقف النار، طالباً إليه بما يشبه التكليف العمل السياسي والديبلوماسي من أجل الوصول إلى الاتفاق على وقف للنار، مسقطاً في الشق الثاني من التكليف المبادرة الرئاسية التي وضعها، من دون أن يسمّيها، في إطار التفاصيل الصغيرة الأخرى. 

بهذه المواقف المستجدة للحزب، التي فصل فيها مسار لبنان عن مسار غزة خلافاً لما نادى به وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال زيارته لبيروت، يكون المسؤول الأعلى اليوم في الحزب قد فتح، بتكليفه بري ملف الحرب مع إسرائيل، باب التفاوض على وقف للنار، واستطراداً على ترتيب سياسي وعسكري، في ظل استحالة الوصول إلى وقف للنار غير مشروط. والمعلوم أن الشروط الإسرائيلية باتت اليوم أصعب وأعجز عما كانت عليه قبل بدئها الحرب على لبنان. 

أن ينفصل المسار اللبناني عن مسار غزة يعني عملياً أن حرب الإسناد قد سقطت وانتهت مفاعيلها، وبات الحزب اليوم أمام البحث عن الحل الديبلوماسي الذي يُفترض أن يشكل المخرج للنزول عن شجرة التصعيد. ولكن السؤال اليوم، في ظل غياب أي جهود أو مبادرات ديبلوماسية واضحة المعالم، باستثناء المقترح الأميركي الفرنسي لوقف موقت للنار، وفي ظل قرار تل أبيب المضيّ في ما قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسميته حرب القيامة، هل لا يزال هناك أفق لمثل هذا القرار، وهل يكفي أن يعلن لبنان أحادياً التزامه وقف النار لكي يدخل القرار حيز التنفيذ؟

الأكيد وفق المعطيات والمعلومات الواردة من الخارج أن نتنياهو لن يتوقف أو يرتدع. وهو طلب من واشنطن إمهاله ما بين أسبوعين وأربعة أسابيع لإنهاء ما بدأه، أي تصفية "حزب الله"، وهذا يعني أن باب التفاوض لم يعد مفتوحاً كما كان في المرحلة السابقة، وإن بهامش ضيّق جداً، بعدما تكشفت النيّات الإسرائيلية بالإجهاز على الحزب بأيّ ثمن، وأن مرحلة جديدة بدأت ترتسم معالمها، تخطّها إسرائيل بالدم. 

وفي هذا السياق، تؤكد المعلومات أن إسرائيل لا يزال لديها بنك أهداف لم تكشف عنه بعد، وسط مخاوف من أن يستدرج ذلك العالم إلى فتح مواجهة أوسع مع إأيران التي لا تزال تترقب الرد الإسرائيلي، علماً بأن الرد المرتقب من شأنه أن يبلور خريطة الطريق للمرحلة المقبلة، وما إن كانت هذه المرحلة تتحمّل انزلاقاً إلى حرب أكبر أو البقاء ضمن حدود اللعبة المدمّرة للأذرع العسكرية لطهران في المنطقة، ولا سيما أن هناك خشية لدى البعض من توجّس تل أبيب من الاتفاق الأميركي الإيراني. 

من هنا، يستبعد أن يصار إلى أي تحرك لوقف نار في المدى المنظور، علماً بأن المفارقة اللافتة في طلب الشيخ نعيم قاسم تكليف أخيه الإكبر نبيه بري إدارة التفاوض على هذا الأمر، وهو الجهة الوحيدة اليوم في البلاد التي تمتلك الصفة الشرعية الكاملة في ظل شعور موقع الرئاسة والحكومة المستقيلة، أن الحزب الذي امتلك قرار الحرب، سلم مفاتيح قرار السلم إلى الدولة، بما يمثله بري بتنسيقه وتعاونه مع ميقاتي من سلطة. 


أما الملف الرئاسي فيبقى معلقاً بعدما أقفل قاسم الباب أمام مبادرة بري، كاشفاً عن الوجه الحقيقي والفعلي للتعطيل المستمر منذ عامين لانتخاب الرئيس!
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وقف النار

إقرأ أيضاً:

ثبات المقاومة والعلاقة مع بري ورسائل أخرى في خطاب قاسم

بيروت- أطلّ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله بكلمة مسجلة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعث فيها مجموعة رسائل إلى جهات متعددة، مشددا على أن الحزب يتمتع بوضع قوي على الصعيدين السياسي والعسكري.

وبهذه الكلمة يكون قاسم قد ظهر مرة ثانية خلال 8 أيام فقط، إذ كانت الأولى بعد اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول الماضي بغارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث أكد في خطابه الأول استمرار مسيرة الحزب بقوة أكبر، في حين ركز في خطابه الثاني على تجاوز الضربات المؤلمة وتأمين بدائل في جميع المواقع دون استثناء.

كما تناول قاسم في خطابه عدة قضايا تتعلق بعملية "طوفان الأقصى" وفتح جبهة جنوب لبنان دعما لغزة، مرورا بالتشكيك في دور إيران، وما يعانيه النازحون من الجنوب والبقاع والضاحية، وتحدث عن العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ودوره السياسي.

وأفاد قاسم بأن هذه الحرب لم تؤثر على إرادتهم وتصميمهم على المقاومة، موضحا أنه تم تأمين بدائل في جميع المواقع، وأشار إلى أن بعض البدائل والنواب للقادة الشهداء هم من الرعيل الأول المؤسس لحزب الله عام 1982، وبعضهم الآخر قريب منهم، وأكد أن كل ما كان لدى القائد الشهيد موجود لدى نائبه ومساعده.

في ختام كلمته، أشار قاسم إلى أنهم سيعملون على انتخاب الأمين العام وفق الآليات التنظيمية، مؤكدا أن إسرائيل لن تحقق أهدافها وأنهم سيلحقون بها الهزيمة. واعتبر أن الحل الوحيد بالنسبة لهم هو المقاومة والصمود، مع أهمية التفاف أهلهم حولهم، وخلص إلى القول إن خيارهم للنصر هو المقاومة، مبينا أنهم سيسببون للعدو الإسرائيلي خسائر كبيرة قد تكون مقدمة لإنهاء الحرب.

ثبات المقاومة

يعتبر المحلل السياسي توفيق شومان أن تصريحات قاسم لها أهمية كبيرة، إذ تعكس ثبات المقاومة وقوة إمكانياتها العسكرية والسياسية، وأوضح أن هذه التصريحات تشير أيضا إلى قدرة المقاومة على القيادة والسيطرة، مستشهدا بما يحدث في الجنوب من تصدٍ لمحاولات التوغل البري الإسرائيلي، بالتزامن مع قصف المدن الإسرائيلية.

في هذا السياق، أكد شومان أن قاسم كان حاسما في تأكيده أن "استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان سيؤدي إلى زيادة عدد المهجرين من مستعمرات الشمال، وليس العكس"، وهذا التصريح يعكس بوضوح قوة البنية العسكرية للمقاومة في ظل هذه الظروف الحساسة.

علاوة على ذلك، تطرق شومان إلى الجدل الدائر حول دعم إيران للمقاومة اللبنانية، حيث أشار إلى تأكيد قاسم القاطع على أن إيران لم تكتفِ بدعم المقاومة بالكلام فحسب، بل قامت أيضا بقصف إسرائيل بنفسها.

كما طرح قاسم تساؤلا بشأن موقف المشككين في هذا الدعم، مشجعا إياهم على اتخاذ خطوات مشابهة لما فعلته إيران، وهنا أوضح شومان أن العلاقة بين إيران وحركات المقاومة هي علاقة ثابتة لا تقبل الشك.

أما فيما يتعلق بالعلاقات الداخلية، فقد أشار شومان إلى تأكيد قاسم على متانة العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وتثمينه الدور السياسي الذي يقوم به، كما أكد أن العلاقة مع حركة أمل قوية جدا، موضحا أنه يمكن مناقشة جميع القضايا، ولكن يجب أن تتم هذه المناقشات بعد وقف إطلاق النار، الذي يعتبر أولوية قبل البحث في أي قضايا أخرى ضمن إطار وطني شامل.

رسائل متعددة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية في حديثه للجزيرة نت أن الرسالة السياسية الأبرز في خطاب نائب الأمين العام لحزب الله، كانت موجهة إلى الداخل، وتحديدا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقد وصفه بـ"الأخ الأكبر" للحزب وقيادته، مما يوحي بأن بري مفوض من قبل الحزب في الشؤون السياسية والدبلوماسية، خاصة إذا ظهرت إمكانية لحل دبلوماسي للأزمة.

ويضيف قمورية أن هذا الموقف يعارض ما كان يشاع سابقا عن قرار بري التنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، بشأن الموافقة على البيان الأميركي البريطاني الفرنسي الأوروبي العربي حول وقف إطلاق النار.

ويوضح أن كل ما أشيع عن هذا الموضوع من اختلافات في وجهات النظر يعد أمرا قائما، في حين يظل السؤال الأهم هو التوقيت، إذ نص البيان على أن وقف إطلاق النار في لبنان سيستمر لمدة 21 يوما، على أن يتم بحث الوضع في غزة لاحقا.

ويضيف قمورية أن حزب الله يبدو موافقا على مواقف نبيه بري، مما يشير إلى عدم وجود خلافات بين الطرفين، كما يُستشف من هذا الموقف أن الحزب لا يمانع وقف إطلاق النار إذا توفرت الظروف المناسبة، ومع ذلك، يشير قمورية، من خلال تحليل خطاب قاسم، إلى أن سلوك إسرائيل في الوقت الراهن لا يوحي بوجود نية حقيقية لوقف التصعيد أو السعي للتوصل إلى هدنة.

وفيما يتعلق بالرسائل الأخرى التي أرسلها نعيم قاسم، يشير قمورية إلى أن الحزب أعاد ترتيب صفوفه واستعاد السيطرة، مما يعكس تصميمه على مواصلة القتال حتى آخر لحظة، كما بعث برسالة واضحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مفادها أن محاولته إعادة المستوطنين إلى المناطق الشمالية باءت بالفشل، وأن استمرار الحرب سيؤدي إلى زيادة أعداد المستوطنين الذين سيغادرون تلك المناطق.

وعن حديث قاسم عن استحالة الوصول إلى حل طالما أن الحرب لا تزال مشتعلة، يشير قمورية إلى أن ذلك يعني أن الخيار الوحيد المتاح أمام حزب الله هو الصمود والدفاع عن الأرض، ورغم أن الجيش الإسرائيلي قد يحرز تقدما في بعض المناطق، فإن ذلك لا يعني حدوث تغيير في الخرائط أو تراجعا في قوة المقاومة، بل إن ذلك سيزيد من ثبات المقاومة في وجه أي محاولة لإعادة احتلال أو التقدم في الأراضي اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • أسئلة حول حصر تكليف قاسم لـ«الأخ الأكبر» بوقف النار؟
  • نعيم قاسم: بمجرد تثبيت وقف إطلاق النار سنبدأ مناقشة جميع التفاصيل الأخرى واتخاذ القرارات بشكل تعاوني قال نعيم قاسم نائب الأمين العام، إن بمجرد تثبيت وقف إطلاق النار، ستبدأ مناقشة جميع التفاصيل الأخرى
  • نعيم قاسم يؤكد دعم جهود تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان
  • حزب الله يدعم الهدنة في لبنان: موقف جديد من نعيم قاسم
  • حزب الله لا يزال غائباً عن السمع!
  • حزب الله اللبناني يوافق على وقف إطلاق النار دون شروط.. (تفاصيل)
  • بعد تصدره التريند.. من هو نعيم قاسم؟
  • ثبات المقاومة والعلاقة مع بري ورسائل أخرى في خطاب قاسم
  • الشيخ نعيم قاسم لـ"رئيس أركان العدو": ستفشل في الحرب