انهيار نورثفولت.. كيف تحطت آمال أوروبا بإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية؟
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
نشرت وكالة "بلومبيرغ" تقريرا يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها أوروبا في مجال بطاريات السيارات الكهربائية، خاصة مع هيمنة الصين على السوق، مشيرًا إلى أن الطموحات الأوروبية في مجال التكنولوجيا الخضراء تواجه خطر الفشل، مما يؤكد على ضرورة تحسين الإستراتيجيات الأوروبية لمواجهة التحديات العالمية.
وقالت الوكالة في التقرير الذي ترجمته "عربي 21"، إن طموحات أوروبا في مجال التقنيات الخضراء في العالم مهددة بالفشل أمام هيمنة الصين؛ حيث لا تبدو التوقعات مبشرة خاصة فيما ببطاريات السيارات الكهربائية، وهي محرك مهم للاقتصاد منخفض الكربون.
وكانت شركة "نورثفولت إيه بي" السويدية المنافس الأوروبي المحتمل للشركات الصينية العملاقة التي تصنع معظم خلايا الطاقة للسيارات الكهربائية في العالم، لكنها تعاني الآن للاستمرار بعد سلسلة من الأخطاء التشغيلية الفادحة التي دمرت خطط نموها.
كيف انهارت خطط نورثفولت؟
وكانت شركة نورثفولت تحتاج إلى النمو بسرعة حتى يكون لديها فرصة للمنافسة مع عمالقة البطاريات الصينيين.
وقد جمعت الشركة مليارات الدولارات من الديون والأسهم التي بلغت قيمتها مليارات الدولارات، وتم تأمينها باستخدام عقود بقيمة 55 مليار دولار من بعض أكبر شركات صناعة السيارات والشاحنات في أوروبا، وفي أوائل سنة 2022، وقبل أن يبدأ أول موقع لها في السويد في الإنتاج التجاري، كان مديرو الشركة يخططون بالفعل لإنشاء مصنع جديد في ألمانيا، وتم الإعلان عن إنشاء مصنع آخر في كندا في السنة التالية وفق التقرير.
وذكر أن جعل هذه الإستراتيجية عالية المخاطر تؤتي ثمارها يتطلب تنفيذًا مثاليًا، لكن المصنع السويدي الرائد عانى من انتكاسات تشغيلية وتحديات في محاولة زيادة الإنتاج مع الحفاظ على التكاليف.
وتضاعفت خسائر الشركة ثلاث مرات لتصل إلى 1.03 مليار دولار بعد سنة من بيع أول خلايا بطارياتها في سنة 2022، وحاولت الشركة استمالة المستثمرين في تلك السنة بخطط لإدراج أسهمها في سوق الأسهم بتقييم قدره 20 مليار دولار، لكن استراتيجية النمو الخاصة بها كانت تتداعى بالفعل.
وأعلنت شركة نورثفولت عن تقليص حجم أعمالها في تلك السنة؛ حيث أوقفت منشأتين لإنتاج مواد الكاثود في السويد، وأغلقت شركة تابعة لها في كاليفورنيا، وبحثت عن مستثمرين جدد لمشروع في بولندا.
وأشارت بلومبرغ إلى أن ذلك لم يكن كافيًا لطمأنة مستثمريها؛ حيث أعلنت الشركة بعد أسبوعين أنها ستستغني عن 20 بالمئة من قوتها العاملة، وستحد من عمليات البحث والتطوير، كما خفضت أيضا من أعمالها الأساسية المدرة للإيرادات من خلال إيقاف توسعة المصنع السويدي الرئيسي مؤقتًا وإعلان إفلاس تلك الوحدة، ويواجه المصنعان الألماني والكندي تأخيرات أيضاً.
كيف حدث هذا الخطأ؟
وأشار الموقع إلى أن قرار شركة نورثفولت بالنمو بسرعة أدى إلى ظهور عدد مذهل من العقبات التشغيلية، ولم تقتصر الخطط على التوسع السريع في تصنيع الخلايا المعقدة فحسب، بل شملت أيضاً إنتاج مكونات مثل مواد الكاثود، وبناء مصانع جديدة ومشروع مشترك مع شركة فولفو للسيارات، حتى أن الشركة كانت تعمل على تطوير بطاريات الليثيوم المعدنية للطائرات الكهربائية.
ولعب سوء الحظ دورُا في ذلك؛ فقد وردت تقارير عن وجود مشاكل في الآلات المستوردة من الصين، ويبدو أن سرعة النمو جعل الشركة تتنازل عن الجودة، مما أدى إلى وجود عدد كبير من الخلايا المعيبة التي لا يمكن استخدامها، وفي حزيران/يونيو الماضي، ألغت شركة "إم دبليو إيه جي" طلبية بقيمة 2 مليار يورو بسبب مشاكل في الجودة، كما اشتكت وحدة صناعة الشاحنات التابعة لشركة فولكس فاجن من بطء عمليات التسليم من قبل شركة نورثفولت في بداية سنة 2024.
وواجهت شركة نورثفولت أيضًا سلسلة من المشكلات المتعلقة بالصحة والسلامة، بما في ذلك إصابات العمال وتقارير عن تسرب مواد كيميائية سامة.
هل يتحمل مديرو شركة نورثفولت المسؤولية الكاملة؟
وأفاد الموقع أنه يمكن القول إن هذه الأزمة من صنع شركة نورثفولت نفسها، إلا أن الرئيس التنفيذي بيتر كارلسون ألقى باللوم على حالة القطاع الأوسع نطاقًا.
ومن المؤكد أن هناك فائض في الطاقة الإنتاجية العالمية في هذا القطاع: فقد أعلنت الشركات عن استثمارات بقيمة 1.1 تريليون دولار في إنتاج خلايا البطاريات ومكوناتها بين سنتي 2024 و2030، وهذا المبلغ يتجاوز أربعة أضعاف المبلغ المطلوب لتلبية الطلب المتوقع.
ويشير هذا التفاوت إلى أن الأسعار ستنخفض بالنسبة للموردين ذوي التكلفة الأقل، ويؤدي الفائض في الطاقة التصنيعية إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات قياسية في السوق المحلية الصينية؛ حيث يمكن شراء خلايا بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم بما يقارب نصف متوسط السعر العالمي البالغ 95 دولارًا للكيلوواط/ساعة، وهناك أيضًا وفرة في المعروض من المواد المستخدمة في تصنيع البطاريات.
ما أهمية نورثفولت بالنسبة للسياسة الصناعية الأوروبية؟
وأوضح الموقع أن شركة نورثفولت ليست المنتِج الوحيد للبطاريات في أوروبا، فالشركات الكورية الجنوبية والصينية لديها مصانع لخدمة مصانع التجميع الأوروبية التي يتم إعادة تجهيزها لتصنيع السيارات الكهربائية، لكن القادة الأوروبيين أوضحوا أنهم يريدون أن تكون المنطقة مركزًا للتقنيات النظيفة، وليس مركزًا للشركات التي تعيد الأرباح إلى سيئول وشنغهاي.
وقد كانت شركة نورثفولت أفضل فرصة لهم لبناء شركة كبيرة ومزدهرة للبطاريات الكهربائية مقرها في أوروبا.
وقالت بلومبرغ إن فشل الشركة يجعل التقدم المستمر في تكنولوجيا البطاريات صعبًا على أي شركة أوروبية أخرى؛ حيث توظف شركة كاتل الصينية 21,000 مهندس في مجال البحث والتطوير وحده، وهذا الرقم أكبر بثلاث مرات من القوى العاملة في شركة نورثفولت بأكملها.
وتوفر الصين حوالي 80 بالمائة من بطاريات الليثيوم في العالم، وهي موطن لستة من أكبر 10 شركات مصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، كما تهيمن الشركات الصينية على مكونات البطاريات، مثل الكاثودات والأنودات والفواصل والإلكتروليتات بحسب التقرير.
وذكرت الوكالة في تقريرها، أن الصين لا تعد هي المشكلة الوحيدة التي تواجه أوروبا؛ فالولايات المتحدة وكندا واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا يتطلعون أيضًا إلى جذب الاستثمارات لتطوير صناعات البطاريات لديهم.
ماذا عن شركات تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية الأوروبية الأخرى؟
وأكد الموقع أن صناعة بطاريات السيارات الكهربائية الأوروبية بأكملها تواجه لحظة حساسة بعد أن بدأت الحكومات في تقليص الحوافز المالية التي قدمتها لتشجيع السائقين على شراء أول سيارة كهربائية.
وقد أدى ذلك إلى تباطؤ نمو مبيعات السيارات الكهربائية، وبدأت صناعة السيارات تعيد التفكير في بعض الخطط الاستثمارية التي كانت تعتمد على التحول السريع نحو السيارات الكهربائية.
فقد توقفت شركة بريتيش فولت البريطانية الناشئة للبطاريات عن العمل في سنة 2023 قبل أن تتمكن من افتتاح موقع لها بقيمة 3.8 مليارات جنيه إسترليني، وخفضت إيطاليا مؤخرًا تمويل مصنع بطاريات مدعوم من شركة ستيلانتيس إن في ومجموعة مرسيدس-بنز إيه جي بسبب تراجع الطلب على السيارات الكهربائية.
واختتم الموقع التقرير بالقول إنه إذا لم تتمكن شركة نورثفولت من استعادة مكانتها، فستتعرض حكومات الاتحاد الأوروبي لضغوط للإقرار بالهزيمة وفتح الباب أمام الشركات الصينية لإنشاء المزيد من المصانع في أوروبا من أجل الحفاظ على التحول في المنطقة في مجال السيارات الكهربائية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي أوروبا بطاريات السيارات الكهربائية الصين اقتصاد الصين أوروبا بطاريات السيارات الكهربائية المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بطاریات السیارات الکهربائیة فی العالم فی أوروبا فی مجال إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب وزيلينسكي.. انهيار سريع في العلاقات
تدهورت العلاقات بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بسرعة، بعد أن اتهم الأخير أول أمس الثلاثاء، بأنه يعيش في "فضاء من التضليل" الروسي، في وصف ترامب نظيره الأوكراني بأنه "ديكتاتور بدون انتخابات"، في تصريحات ستعقد جهود إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
كما قال زيلينسكي إنه "يود أن يكون فريق ترامب أكثر صدقاً"، في أول رد منه على سلسلة من الاتهامات التي وجهها له ترامب في اليوم السابق، بما في ذلك تحميل كييف مسؤولية نشوب الحرب التي ستدخل عامها الرابع في الأسبوع المقبل.
Ukraine President Zelenskyy said U.S. President Trump is living in a Russian “disinformation space” regarding his previous day’s comments about the Ukrainian leader’s approval rating.
Trump said at Mar-a-Lago that Zelenskyy’s rating stood at 4%. https://t.co/jqiXZyQQro
وجاءت هذه التصريحات كهجمات متبادلة بين زعيمي دولتين، كانتا حلفيتين وثيقتين في السنوات الأخيرة في ظل حكم الرئيس السابق جو بايدن، الذي زود أوكرانيا بالأسلحة الأمريكية المطلوبة للتصدي للغزو الروسي، واستخدم نفوذه السياسي للدفاع عن أوكرانيا وعزل روسيا على الصعيد الدولي.
ولكن إدارة ترامب تبنت نهجاً مختلفاً، وتواصلت مع روسيا وقررت السعي للتوصل إلى اتفاق سلام. وعقد وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة ومسؤولون كبار في الدولتين، محادثات في المملكة العربية السعودية لتحسين العلاقات الثنائية والتفاوض على إنهاء الحرب، مع احتمال الإعداد لعقد اجتماع بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد سنوات من العلاقات السيئة بين موسكو وواشنطن.
وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد ترامب زيلينسكي، وأشار إلى حقيقة أن أوكرانيا أرجأت الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في أبريل (نيسان) 2024 بسبب الغزو.
كما وصف ترامب زيلينسكي بأنه "كوميدي ناجح إلى حد ما، أقنع الولايات المتحدة الأمريكية بإنفاق 350 مليار دولار، للدخول في حرب لا يمكن كسبها، ولم يكن من المفترض أن تبدأ أبداً، لكنها حرب لن يتمكن أبداً من تسويتها بدون الولايات المتحدة وترامب".
وواصل الرئيس الأمريكي منشوره بالقول، إن "الشيء الوحيد الذي كان زيلينسكي جيداً فيه، هو التلاعب ببايدن"، ونصحه "بالتحرك بسرعة وإلا فلن يتبقى له بلد".
وكانت روسيا قد بدأت غزو أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022، حيث قال بوتين إن هدف الغزو كان حماية المدنيين في شرق أوكرانيا. كما اتهم الولايات المتحدة وحلفاءها بتجاهل طلب روسيا منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتقديم ضمانات أمنية لروسيا. لكن أوكرانيا وحلفاؤها نددوا بالهجوم الروسي باعتباره عدوان غير مبرر.
وفي المقابل، قال بوتين اليوم إن الرئيس ترامب أبلغه في الاتصال الهاتفي بينهما، بأن الولايات المتحدة ستتحرك انطلاقاً من افتراض أن عملية المفاوضات ستشمل روسيا وأوكرانيا "ولا أحد سيستبعد أوكرانيا منها".
وأكد بوتين الخط الرسمي لحكومته، بأن روسيا لا ترفض إمكانية الدخول في محادثات مع كييف أو حلفائها الأوربيين. وقال "الأوربيون أوقفوا اتصالاتهم مع روسيا. الجانب الأوكراني يحظر على نفسه التفاوض"، في إشارة إلى إعلان زيلينسكي عام 2022 رفضه أي محادثات مع موسكو.
وفي الوقت نفسه، تعرب أوكرانيا والدول الأوروبية الداعمة لها عن قلقها من عدم دعوتها إلى المحادثات بين كبار مسؤولي الدبلوماسية الأمريكية والروسية في السعودية، في ظل مخاوف أكبر من أن يكون الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه في غير صالح كييف.
وفي مؤتمر صحفي أمس، لم يبد ترامب تجاوباً مع اعتراضات أوكرانيا على استبعادها من المفاوضات مع روسيا. كما قال دون الكشف عن المصدر إن "نسبة تأييد زيلينسكي تبلغ 4% فقط، وأنه لم يكن يجب أن تبدأ أوكرانيا الحرب، وكان بإمكانها عقد صفقة لمنع نشوبها".
ورد زيلينسكي على هذه التصريحات قائلاً "نحن نرى هذا التضليل. ونفهم أنه يأتي من روسيا، وترامب يعيش في هذا الفضاء من التضليل". وقال إنه يأمل أن يمشي المبعوث الأمريكي للحرب الروسية الأوكرانية كيث كيلوغ في شوارع كييف، ويسأل الأوكرانيين إذا ما كانوا يثقون في رئيسهم؟ وهل يثقون في بوتين؟
ورداً على القول بأن 90% من المساعدات التي حصلت عليها أوكرانيا جاءت من الولايات المتحدة، قال زيلينسكي إن 34% من أسلحة الجيش الأوكراني صناعة محلية، وإن أكثر من 30% من الدعم يأتي من أوروبا.
وأخيراً، فإن تبادل التصريحات السلبية بين ترامب وزيلينسكي يأتي في الوقت الذي تحمل فيه أنباء جبهة القتال في الشهور الأخيرة، المزيد من المشكلات للرئيس الأوكراني. فالهجوم المستمر في المناطق الشرقية من قبل الجيش الروسي الأكبر حجماً يسحق القوات الأوكرانية، التي يتم دفعها ببطء ولكن بإطراد إلى الوراء في بعض النقاط على خط المواجهة الذي يمتد لمسافة ألف كيلومتر.