طبعت آلاف النسخ من إنجيل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي طبع عليه شعار "ليبارك الرب أمريكا" في دولة اتهمها في السابق مراراً وتكراراً بسرقة الوظائف الأمريكية، والانخراط في ممارسات تجارية غير عادلة، هي الصين.

وحسب وكالة "أسوشيتد برس" طبعت شركة في مدينة هانغتشو بشرق الصين، ما يقرب من 120 ألف نسخة من كتاب ترامب المقدس إلى الولايات المتحدة بين أوائل فبراير(شباط وأواخر مارس (آذار) وبلغت القيمة التقديرية للشحنات الثلاث نحو 342 ألف دولار، أي 3 دولارات لكل نسخة  تقريباً.

Trump has long blasted China's trade practices. His 'God Bless the USA' Bibles were printed there https://t.co/ph7Yofripu

— CTV News (@CTVNews) October 9, 2024

ويكشف ارتباط إنجيل ترامب بالصين الذي لم يبلغ عنه سابقاً، تناقضاً عميقاً بين خطاب الرئيس السابق القاسي المناهض للصين، واندفاعه للاستفادة منها  أثناء الحملة الانتخابية.

ترامب: الكتاب يساعد البلاد

ووصلت أكبر وأحدث شحنة من 70 ألف نسخة من إنجيل ترامب على متن سفينة حاويات إلى ميناء لوس أنجليس في 28 مارس(آذار) بعد يومين من إعلان ترامب في مقطع فيديو عبر  "تروث سوشيال" أنه تعاون مع مغني الكاونتري لي غرينوود للترويج للكتاب.

وقال ترامب: "هذا الكتاب هو تذكير بأن أكبر شيء يجب أن نعيده إلى أمريكا، وأن نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، هو ديننا" وأضاف أن القيم اليهودية المسيحية تتعرض للهجوم، ربما أكثر من أي وقت مضى".

لم يذكر ترامب أين يطبع إنجيل "ليبارك الرب أمريكا" أو كلفته، والذي تُباع النسخة الموقعة بخط يده بـ 1000 دولار. ولم يكشف ترامب أيضاً المبلغ يكسبه من بيع كل نسخة.

ويخلد "كتاب ترامب المقدس" ذكرى محاولة اغتيال الرئيس السابق في 13 يوليو(تمَّوز) في بنسلفانيا، ويظهر اسم ترامب على الغلاف فوق عبارة "اليوم الذي تدخلت في المشيئة  الإلهية".وقال ترامب، السبت، إن الذي حاول قتله فشل بسبب "العناية الإلهية وفضل الله" ويباع الكتاب حصرياً عبر موقع إلكتروني، يؤكد أنه لا يتبع أي حملة سياسية، ولا يملكه ترامب أو يتحكم فيه.

وحسب "أسوشيتد برس" انتقد ترامب طيلة سنوات بكين لأها عقبة أمام النجاح الاقتصادي لأمريكا، وفرض تعريفات جمركية باهظة على الواردات الصينية أثناء رئاسته، وهدد بإجراءات أكثر صرامة إذا انتُخب مرة أخرى. ولام الصين على تفشي وباء كورونا وقال أخيراً، دون دليل، أن آلاف المهاجرين الصينيين يتدفقون على الولايات المتحدة لبناء جيش، ومهاجمة أمريكا".

وقالت مؤسسة مركز الأخلاق وسيادة القانون غير الحزبي، وأستاذة القانون في جامعة بنسلفانيا كلير فينكلشتاين، إن بيع المنتجات بأسعار، تتجاوز قيمتها يُعتبر مساهمة في الحملة الانتخابية للمرشح.

صراعات المصالح

سيكون ترامب في وضع يسمح له بالتأثير على السياسات والأسواق لصالح الشركات التي يملك فيها هو وعائلته حصصاً، وأثناء توليه الرئاسة، أعفت إدارته الكتب المقدسة، والنصوص الدينية الأخرى من الرسوم الجمركية المفروضة على مليارات الدولارات من السلع الصينية.

وتذكر"أسوشيتد برس" أن هناك فرصة مربحة محتملة لترامب من بيع 55 ألف نسخة من "ليبارك الرب أمريكا" إلى أوكلاهوما بعد أن أمر المسؤول التعليمي الأعلى في الولاية المدارس العامة بدمجه في الدروس من الصف الخامس إلى الصف الثاني عشر، وتخطط أوكلاهوما لإنفاق 3 ملايين دولار على الكتب المقدسة التي تطابق إصدار ترامب

وتعتبر الصين واحدة من أكبر طابعي الإنجيل في العالم، لذلك ليس غريباً أن طبع النسخة التي وضعها ترامب هناك.

وقالت ممثلة المبيعات في "نيو أدي" تامي تانغ إن "جميع الشحنات الثلاث كانت نسخًا من كتاب "بارك الله امريكا" مشيرة إلى الشركة تلقت الطلبات عبر خدمة واتس أب وأكدت أنها من "فريدوم بارك ديزان". 

وفقاً لموقع الشركة على الإنترنت، فإن غرينوود عميل لشركة "غرييتف16" وأطلق الكتاب المزدان بالعلم الأمريكي في  2021 كما أطلقت أغنية غرينوري بعنوان الكتاب، وهي عنصر أساسي في مسيرات ترامب، كما ظهر غرينوود أيضاً في أحدث حملة للرئيس السابق.

Trump launches a new business venture during his campaign: $100,000 watcheshttps://t.co/BjO8nVblKT pic.twitter.com/o5LROXvFJO

— The Washington Times (@WashTimes) September 27, 2024 مزيج سام وبدعة

إن نسخة الملك جيمس المستخدمة في نسخة ترامب من الكتاب المقدس هي ملك عام. لكن غرينوود خطط في البداية لاستخدام النسخة الدولية الجديدة الأكثر مبيعاً المرخصة في أمريكا الشمالية من دار نشر هاربر كولينز المسيحية.

لكن الناشر تخلى عن الترتيب بعد ضغوط من متخصصين في الدين والمؤلفين الذين أدانوا دمج الكتاب المقدس والوثائق الحكومية باعتباره "مزيجاً ساماً" من شأنه أن يغذي مشاعر القومية المسيحية في الكنائس الإنجيلية.

ووصف منتقدون آخرون نسخة ترامب  بـ "تجديف" بالإشارة إلى أن ترامب أخذ ما كان يُفهَم منذ فترة طويلة على أنه رسالة عالمية دينياً، وختمها بعلم دولة واحدة، وهو ما يطلق عليها علماء الدين منذ قرون مصطلح "البدعة".

وقال القس المعمداني تيم وايلدسميث، المتخصص في مراجعة الكتب المقدسة على قناته على يوتيوب إنه لاحظ بسرعة علامات كتاب رخيص الصنع عندما وصل "ليبارك الرب أمريكا" ملفوفاً بالبلاستيك داخل مغلف مبطن وله غلاف من جلد صناعي، وكانت الكلمات متشابكة على الصفحات، ما يجعل من الصعب قراءتها.

ووجد القس وايلدسميث صفحات متلاصقة تمزقت عند فصلها، ولم تكن هناك صفحة حقوق طبع ونشر أو معلومات عن الذي طبع الكتاب المقدس أو أين، وقال وايلدسميث: "صدمت من  رداءته إنه عن حب المال أكثر من حب بلدنا".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية 70 ألف الصين نسخة ترامب حب المال ترامب الانتخابات الأمريكية الصين

إقرأ أيضاً:

الصين تستعِدُّ لمرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية

ترجمة: قاسم مكي -

فيما يعكف باقي العالم على تقييم الأثر الذي يمكن أن يترتب عن فوزِ دونالد ترامب أو كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر سيفرض انتصار أي منهما تحدياتٍ خطيرة على الصين. يقينا لا يريد أيٌّ من المرشَّحَين كما يبدو صراعا مفتوحا بين القوَّتين العُظمَيَيْن والذي يمكن أن يعجِّل بانحدارٍ كارثي نحو فوضى عالمية. لكن واضعي السياسات في الصين يتوقعون نزاعات مريرة مع الولايات المتحدة حول التجارة والتقنية وتايوان بصرف النظر عن الفائز في الانتخابات.

تستعد الصين لمزيد من العواصف باعتماد مقاربة شاملة لعلاقاتها مع الولايات المتحدة تشارك فيها مؤسسات البلد بأكملها. يعني ذلك عدم الاقتصار على مجال الشؤون الخارجية والتنسيق مع صانعي السياسات الاقتصادية والمسؤولين العسكريين والقادة التقنيين الى جانب حشد الموارد في أرجاء الصين. مثل هذه المقاربة تستهدي باستراتيجية الاحتواء الأمريكية والتي شملت في السنوات الأخيرة جهودا لا هوادة فيها للحفاظ على التفوق التقني الأمريكي والحدَّ من قدرة الصين على الوصول الى السوق العالمية الى جانب بناء تحالفات سواء في آسيا أو غيرها للتعامل مع "تحدي الصين."

في ظل شعورها بأنها تحت الحصار تُعِدُّ الصين نفسَها لعداء طويل الأمد مع أكبر اقتصاد في العالم. وبناء على ملخص الاجتماع الأخير بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان يبدو أن بكين تخلت عن آمالها في المزيد من روابط التعاون مع الولايات المتحدة. بل التركيز الآن بدلا عن ذلك على تحديد شروط وقواعد المنافسة بين العملاقين.

كجزء من هذه العملية نقلت الصين نموذجها الاقتصادي من الركض وراء النمو مهما كلف ذلك الى بناء اقتصاد مَرِن يقوده الابتكار ويستطيع التكيف مع توترات جيوسياسية متطاولة.

بتسريع الابتكار المحلِّي يهدف الرئيس الصيني شي جينبينج أيضا الى إعادة هيكلة الاقتصاد والمساعدة على تقليل الاعتماد المفرط على القطاع العقاري. والمؤتمر الثالث للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني الذي اختتم مؤخرا أعلن عن مباركته النهائية لهذا الإصلاح الكبير.

التقدم العلمي والبراعة التقنيَّة من بين الأهداف الاستراتيجية والمفتاحية الأخرى للرئيس شي. لقد أوْلَت الصين أهمية كبيرة لتطوير قدرتها على الابتكار. وهي عازمة على أن تصبح الدولة المهيمنة عالميا في قطاعات تكنولوجية معينة. لكن العقوبات الأمريكية التي تستهدف شركات التقنية الصينية والأفراد أحبطت هذه الجهود.

تقليديا تعتبر التجارة والاستثمارات قوَى استقرارٍ في العلاقات الصينية الأمريكية. لكن القادة الصينيين الآن يركزون بقدر أقل عليها لأن منافعها الملموسة للعلاقات الثنائية تراجعت بقدر كبير. يعود ذلك الى تزايد التنافسية التجارية وتحول الصين من نموذج النمو الذي تقوده الصادرات ويعتمد على السلع الرخيصة الى الاقتصاد الذي تقوده التقنية ويعتمد على المنتجات الغالية وعالية الجودة.

بدلا عن ذلك فاقم تقدمُ الصين السريع في تصنيع السيارات الكهربائية وأشباه الموصلات التوتراتِ التجارية مع الولايات المتحدة. ومن المستبعد أن تتخلى بكين عن طموحها بالتحول الى رائد عالمي في مجال الصناعة المتقدمة بهدف إصلاح اقتصادها. لذلك ستظل الاحتكاكات بين البلدين حتمية.

لاتزال تايوان وإلى حد بعيد القضية الأشد حساسية في العلاقات الأمريكية الصينية. وعلى الرغم من عدم وجود تغيير رسمي في الصياغة اللغوية لسياسة الصين إلا أن الاستراتيجيين الصينيين يعتبرون الوضع الحالي حَرِجا بالنظر الى أن حكومة تايوان الجديدة تناصر الاستقلال. ومن المرجح أن يقود ذلك في الصين الى تحول نحو تنشيط الردع ضد قيادة تايوان وبالتالي الولايات المتحدة. ومع تعزيز واشنطن بنفس القدر تدابيرَ الردع ضد الصين تتوافر عناصر المواجهة بين البلدين في مضيق تايوان.

للحيلولة دون تحقق السيناريو الأسوأ على الرئيس شي إجراء محادثات منتظمة ومباشرة مع أي من المرشحين الرئاسيين الذي يختاره الناخبون الأمريكيون في نوفمبر.

الهدف الرئيسي للصين هو ضمان ألا يعرقل أي تدهور آخر في العلاقات الصينية الأمريكية النموَّ الاقتصادي والذي يشكل أساس شرعية نظام الحكم. وهكذا حاول واضعو السياسة الصينية تقليل خسائر الصين التي تترتب عن خلافها مع الولايات المتحدة بتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي في باقي العالم وخصوصا في جنوب العالم. هذا يمكن أن يتيح للصين وقتا لبناء المرونة الاقتصادية وتسريع خطى التنمية التقنيَّة.

مع تنافس ترامب وهاريس على أيهما سيبدو الأكثر تشددا ضد الصين قبل الانتخابات لا تنتاب واضعي السياسات الصينيين أية أوهام بأن العلاقات المضطربة مع الولايات المتحدة ستتحسن بطريقة سحرية في المستقبل القريب.

لكن يجب عدم النظر الى العلاقات الصينية الأمريكية بتشاؤم مفرط. فسياسة الصين تجاه الولايات المتحدة ظلت دائما وستظل نتاجا لدراسة متوازنة تضع في حسابها الوضع الدولي وتُقيِّم الحاجات الخاصة بالبلد. ذلك الوضع لم يتغير على الرغم من التحولات الكبرى في المشهد السياسي في ظل زعامة شي.

ما يبشر بخير أن كلا الجانبين الصيني والأمريكي أبديا مؤخرا المزيد من الاهتمام بإدارة علاقاتهما بمسئولية. ورغم أن التنافس الصيني الأمريكي لن يختفي بين ليلة وضحاها إلا أن أكبر اقتصادين في العالم يمكنهما تجنب الصراع والعواقب الكارثية التي يُرجَّح أن تترتب عنه بصرف النظر عن المرشح الذي سيدخل البيت الأبيض في العام القادم.

•الكاتبة يو جيا زميل أول أبحاث برنامج الصين ومنطقة المحيط الهادي الآسيوية بالمعهد الملكي للشؤون الدولية (شاتام هاوس).

• ترجمة خاصة لـ عمان.

مقالات مشابهة

  • في العراق.. موطئ قدم الصين تهدده الطموحات الأمريكية
  • بكين: مستعدون لإعادة العلاقات الصينية - الأمريكية إلى مسارها الصحيح
  • بكين: مستعدون لإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسارها الصحيح
  • ما الذي تخفيه إسرائيل عن أمريكا في ردها على إيران؟
  • أمن أمريكا في مهب الريح: »عاصفة الملح« الصينية تخترق أنظمة التنصت الأمريكية
  • هيئة الكتاب تناقش «إبراهيم بك الهلباوي.. النجم الذي هوي» في معرض دمنهور
  • هيئة الكتاب تناقش «إبراهيم بك الهلباوي النجم الذي هوى» لـ بهاء المري بمعرض دمنهور
  • مسؤول في الاستخبارات الأمريكية: نعتقد أن الصين لا تسعى للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة
  • الصين تستعِدُّ لمرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية