كيف تتحكم قلة من الولايات في انتخابات الرئاسة الأميركية؟
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
يسرى عادل (أبوظبي)
يعتبر النظام الانتخابي الأميركي من أقدم الأنظمة الديمقراطية في العالم، وقد تم تطويره تدريجياً منذ صياغة الدستور الأميركي عام 1787، ويختلف هذا عن العديد من الديمقراطيات الحديثة بسبب خصوصيته المتمثلة في المجمع الانتخابي، مما يجعله موضوعاً دائماً للنقاش والجدل.
وفي الانتخابات الرئاسية، يتم انتخاب الرئيس ونائبه كل 4 سنوات عبر ما يُسمى نظام الانتخاب غير المباشر.
وعلى الرغم من أن الأميركيين يدلون بأصواتهم مباشرةً، إلا أن اختيار الرئيس لا يتم بشكل مباشر عبر التصويت الشعبي، بل من خلال المجمع الانتخابي الذي يتألف من 538 ناخباً يمثلون الولايات المختلفة بناءً على حجم سكانها.
ويتم إجراء التصويت الشعبي على مستوى الولايات، ويقوم كل ناخب بالتصويت لمرشح رئاسي.
ووفقاً للنظام الأميركي، يتم تخصيص عدد معين من النقاط لكل ولاية بناءً على عدد سكانها ومساحتها، مع تخصيص 3 مندوبين للعاصمة واشنطن، ومجموع هؤلاء النقاط هو 538، ويتطلب الفوز بالرئاسة حصول المرشح على 270 صوتاً انتخابياً على الأقل. يتم تخصيص الأصوات الانتخابية للمرشح الفائز في كل ولاية وفقاً لنظام «الفائز يحصل على الكل» باستثناء ولايتين «ماين ونبراسكا» اللتين تستخدمان نظاماً مختلطاً يوزع الأصوات بناءً على نتائج التصويت في المقاطعات.
وتظهر الفجوة بين التصويت الشعبي والنتائج النهائية، إذ يمكن لمرشح أن يخسر التصويت الشعبي الوطني، ولكنه يفوز بالانتخابات عبر المجمع الانتخابي.
هذا ما حدث في انتخابات عامي 2000 و2016، حيث فاز جورج دبليو بوش ودونالد ترامب على التوالي بالمجمع الانتخابي رغم خسارتهما التصويت الشعبي.
الولايات المتأرجحة
«الولايات المتأرجحة»، مصطلح سياسي يطلق على الولايات التي لا تحتوي على أغلبية سياسية جمهورية أو ديمقراطية، الأمر الذي يجعل مواقفها مُتغيّرة من دورة انتخابية إلى أخرى.
لذلك تتجه أنظار الحملات الانتخابية إلى تلك الولايات لمحاولة استمالتها والفوز بأصوات ناخبيها.
ويركز المرشحون على ولايات معينة تُعرف بـ «الولايات المتأرجحة» أو «الولايات الحاسمة» التي قد تميل لأي من الحزبين الرئيسيين.
وعلى سبيل المثال، ولايات «أريزونا، جورجيا، ميشيغان، بنسلفانيا وويسكونسن»، التي تحصل على اهتمام خاص لأن نتائجها تكون غير محسومة مسبقاً.وعلى خلاف الولايات المتأرجحة، هناك «الولايات الحمراء» التي تميل للحزب الجمهوري، و«الولايات الزرقاء» التي تميل إلى الحزب الديمقراطي.
أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأميركية الانتخابات الأميركية الولایات المتأرجحة التصویت الشعبی
إقرأ أيضاً:
"البطاقة الذهبية" الأميركية.. خطوة جريئة في سياسة الهجرة
أثار اقتراح الرئيس دونالد ترامب طرح تأشيرة "البطاقة الذهبية" للأثرياء بقيمة 5 ملايين دولار جدلا واسعا، لكن هناك أمرا واحدا واضحا، وهو إعلان قوي عن انفتاح الولايات المتحدة على أصحاب الثروات الكبيرة الذين يرغبون في الاستثمار والمساهمة في الاقتصاد الأميركي.
ويرى رياز جعفري المحامي المتخصص بالهجرة والمستشار في التنقل العالمي للعائلات فائقة الثراء، أن هذه المبادرة خطوة إيجابية إلى الأمام.
تاريخيا، كانت الولايات المتحدة الوجهة الأولى للموهوبين والأثرياء والطموحين الذين يبحثون عن الفرص الاقتصادية والأمن.
وكان برنامج تأشيرة المستثمر المهاجر EB-5، الذي تم إطلاقه في عام 1990، أحد هذه المسارات التي أتاحت للمستثمرين الأجانب الحصول على الإقامة من خلال ضخ رأس المال في الاقتصاد الأميركي.
ولكن مع مرور الوقت، غرق البرنامج في روتين البيروقراطية وادعاءات الاحتيال وعدم الكفاءة، مما جعله أقل جاذبية للمستثمرين.
لذلك، يمكن لاقتراح ترامب، إذا تمت هيكلته بشكل صحيح، أن يقدّم بديلا جديدا ويوفر تعزيزا مباشرا للاقتصاد.
نهج اقتصادي سليم
نظريا، يمكن لبرنامج تأشيرة "البطاقة الذهبية" الذي طرحه ترامب أن يولد تريليونات الدولارات من الإيرادات، "إذا قمنا ببيع مليون، فهذا يعني 5 تريليونات دولار"، هكذا صرّح ترامب من المكتب البيضاوي في 25 فبراير.
وبالرغم من أن احتمال الوصول إلى مثل هذه الأرقام محل جدل، فإن الفكرة نفسها تمثّل حجة مقنعة: لماذا لا ندعو أثرى أثرياء العالم للاستثمار في الولايات المتحدة مقابل الحصول على الإقامة الدائمة؟.
على عكس أنواع التأشيرات الأخرى التي تتطلب مبررات واسعة تستند إلى المهارات، أو إيجاد فرص العمل، أو لمّ شمل الأسرة، أو الأسباب الإنسانية، فإن برنامج "البطاقة الذهبية" بسيط: ادفع 5 ملايين دولار واضمن الحصول على مكان في الولايات المتحدة.
هذا يلغي المراحل البيروقراطية والذاتية التي عانت منها برامج الهجرة الأخرى لمدة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، عند مقارنة البرنامج مع نظم الهجرة الاستثمارية الأخرى في أماكن مختلفة من العالم، مثل مالطا أو البرتغال أو اليونان، فإن "البطاقة الذهبية" الأميركية تُعَدّ من بين أكثر البرامج المرموقة والمرغوبة.
انتصار للاقتصاد الأميركي
جلب الأفراد ذوي الثروات الفائقة لا يتعلق فقط بمبلغ الخمسة ملايين دولار المدفوع مسبقا، فهؤلاء المستثمرون يجلبون أعمالهم وشبكات علاقاتهم وإمكانيات خلق فرص العمل. يشترون المنازل، وينفقون على المنتجات الفاخرة، ويستثمرون في الشركات الناشئة، ويساهمون في الأعمال الخيرية. لذا، فإن التأثير الاقتصادي المضاعف للسماح لمزيد من الأثرياء بالاستقرار في الولايات المتحدة هائل.
في الوقت الذي تلوح فيه مخاوف الديون الوطنية في الأفق، فإن طرح برنامج يضخ المليارات، وربما حتى تريليونات الدولارات، مباشرة في الاقتصاد دون زيادة الضرائب هو حل عملي ومبتكر. وهذه سردية مختلفة بشكل ملحوظ عن تصريحات ترامب السابقة حول الهجرة، التي غالبًا ما ركزت على القيود والضوابط. فعوضًا عن ذلك، يرسل هذا البرنامج رسالة واضحة: أميركا ترحب بالأعمال التجارية.
رسالة أكثر إيجابية لإفريقيا والأسواق الناشئة
أثارت تصريحات ترامب الأخيرة، التي أشار فيها إلى إمكانية قدوم الأفارقة إلى الولايات المتحدة كلاجئين، انتقادات لكونها غير ملائمة ومتعالية. بدلًا من ربط الهجرة بالأزمات واليأس، قدّم برنامج "البطاقة الذهبية" مسارًا طموحًا للأفارقة ومواطني الأسواق الناشئة الأخرى.
في جميع أرجاء أميركا اللاتينية وآسيا وآسيا الوسطى وإفريقيا، هناك فئة متنامية من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة الذين يبحثون عن بيئات مستقرة للاستثمار فيها وتربية جيلهم القادم. لطالما كانت أميركا الخيار الأول، متقدمة على كندا والمملكة المتحدة وأوروبا وأستراليا في جذب هذه المجموعة، لكن الأفكار المسبقة حول أجزاء من عالمهم حالت دون منحهم الضوء الأخضر. يمكن لبرنامج "الإقامة الذهبية" المنظم بشكل جيد أن يغيّر هذه الديناميكية.
على سبيل المثال، يستثمر العديد من الأفارقة الأثرياء بالفعل في العقارات وشركات التكنولوجيا والشركات الناشئة في الولايات المتحدة. لذا، فإن توفير مسار مبسط لحصولهم على الإقامة الدائمة من شأنه أن يعزز التزامهم بأميركا كمركز لأعمالهم ووطن ثانٍ، كما أنه سيعاكس الروايات القائلة بأن الولايات المتحدة أصبحت أقل ترحيبًا بالأجانب.
التحديات والاعتبارات
بالطبع، هناك مخاوف مشروعة حول برنامج "الإقامة الذهبية". أحد الأسئلة الرئيسية هو كيفية تدقيق حكومة الولايات المتحدة للمتقدمين.
أشار ترامب إلى أنه لن يكون هناك الكثير من القيود على الطلبات بحسب الجنسية أو العرق، على الرغم من أن أشخاصًا محددين قد يواجهون التدقيق. في حين أن الانفتاح أمر يستحق الثناء، فإن ضمان عدم تحول البرنامج إلى باب لدخول الأموال غير المشروعة أو الأشخاص ذوي الأجندات المريبة يعد أمرًا بالغ الأهمية.
بالإضافة إلى ذلك، ستكون الاعتبارات الضريبية عاملًا مهمًا في تحديد نجاح هذا البرنامج. قد يحتاج العديد من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة إلى مساعدة قانونية إضافية إذا أصبحوا خاضعين للضرائب الأميركية في جميع أرجاء العالم.
إن هيكلة "البطاقة الذهبية" مثل التأشيرات الذهبية الشهيرة في أوروبا قد تكون تذكرة ترامب الرابحة. عندما أعلن ترامب عن "البطاقة الذهبية" في 25 فبراير، ألمح إلى أن هؤلاء الأفراد سيكونون معفيين من الضرائب الأميركية على الدخل غير الأميركي، تمامًا مثل نظام غير المقيم الملغى في المملكة المتحدة. إذا كانت المعاملة الضريبية الملائمة جزءًا من عرض "البطاقة الذهبية"، فسيكون ذلك بمثابة تغيير هائل، وبلا شك سيكون جذابًا جدًا لأثرى العائلات في العالم.
سواء على أساس الجدارة أم لا، فإن الحصول على جنسية ثانية ليس أمرًا جديدًا، ولكن خلال العقدين الماضيين تمت مناقشته بصورة أكثر علنية، وحتى الترويج له بهدوء في بعض "الوجهات المرموقة الأوروبية".
كوني ساعدت المئات من أصحاب الثروات الضخمة في الحصول على الإقامة والجنسية في جميع أنحاء العالم، أعتقد أن "البطاقة الذهبية" هي في الأساس فكرة جيدة جدًا. إنها تُقر بأن الهجرة ليست لعبة محصلتها صفر، بل هي أداة يمكن، عند استخدامها بشكل استراتيجي، أن تعزز صورة الاقتصاد وتخلق مجالات جديدة لفرص واعدة ومزدهرة.
بالنسبة للعائلات التي تبحث عن بيئة حديثة ومبتكرة مثل الولايات المتحدة، حيث يتوفر تعليم عالٍ من المستوى الأعلى إلى جانب الوصول إلى أسواق رأس المال لتوسيع أعمالهم، فإن هذا البرنامج يمثل دعوة متجددة. لطالما كانت أميركا أرض الفرص، وإذا تم تنفيذ هذا البرنامج بشكل جيد، فقد يعزز هذا الإرث بطريقة تعود بالنفع على كل من الولايات المتحدة وأولئك الذين اكتشفوا مؤخرًا مزايا الرأسمالية.
بدلًا من رفض هذه المبادرة بشكل قاطع، ينبغي على صناع السياسات العمل على تحسينها، وضمان أن تكون شفافة وعادلة ومتوافقة مع المصالح الاقتصادية طويلة الأجل لأميركا. وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فقد يمثل برنامج "البطاقة الذهبية" تحولًا جذريًا في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الهجرة ذات القيمة العالية، تحولًا يعزز مكانتها كوجهة رائدة لأفضل العقول والكفاءات في العالم.